يوم الخميس الماضي استقبلت العاصمة الايرانيةطهران اول رئيس مصري منذ اكثر من ثلاثين عاما.حيث شارك الدكتور محمد مرسي في اعمال الجلسة الافتتاحية لقمة عدم الانحياز وقام بتسليم رئاسة القمة الي ايران. ورغم قصر مدة الزيارة والتي لم تزد علي خمس ساعات ولم تتضمن اي انشطة اخري بخلاف الجلسة الافتتاحية. الا ان الزيارة احدثت دويا هائلا خاصة فيما يتعلق بالكلمة التي القاها الرئيس والتي تضمنت شيئين في غاية الاهمية.الاولي حين قام الدكتور مرسي بالسلام علي صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم ابو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعا وكما هو معروف فان هذا الامر حساس جدا خاصة لدي المتشددين من الشيعة.والامر الثاني هو الهجوم الحاد علي نظام بشار الاسد والتنديد بمجازر الاسد في سوريا.وهو الامر الذي دفع الوفد السوري برئاسة وليد المعلم الي الانسحاب من الجلسة واعتبار الكلمة تحرض علي سفك الدم السوري.وكما هو معروف فان ايران هي الحليف الاقوي حاليا للنظام السوري. وان كانت الشواهد تشير الي قرب تخلي طهران عن الاسد خاصة مع قرب سقوط نظامه في سوريا. الزيارة وماتضمنته من احداث تطرح سؤالا مهما: هل تكون هذه الزيارة مقدمة لعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين والتي انقطعت لمدة تزيد علي ثلاثون عاما وهو الامر المرحب به جدا في طهران سواء علي مستوي قادة الدولة او علي المستوي الشعبي- وهو الامر الذي لمسته بنفسي من خلال زيارتين قمت بهما الي طهران مؤخرا أم سيزداد الوضع سوءا بعد هجوم الدكتور مرسي علي نظام الاسد؟ هذا السؤال احاول الاجابة عليه من خلال هذا التقرير.وبداية دعوني اصحبكم الي بعض المشاهدات من قلب العاصمة الايرانيةطهران والتي سيكون لها دور مهم في الاجابة علي السؤال. فلاشك ان هناك العديد من الاشياء التي ربما لايعرفها الكثير منا عن هذه الدولة. خاصة وان النظام السابق عمل علي الترويج لها وكأنها دولة شيطانية متشددة تعيش في عصور الجاهلية. وحين يسمع احد انك مسافر الي ايران تجده وقد ارتسمت علي وجهه جميع علامات الاندهاش والتعجب. حين وطأت قدماي العاصمة طهران للمرة الاولي لمست من اول لحظة حب هذا الشعب الكبير لمصر وللمصريين. فهم ينظرون الي مصر باعتبارها قائدة هذه الامة وانها حين تتعافي فان الامة كلها تتعافي. ويضعون عليها امالا كبيرة في قيادة هذه الامة الي استعادة مجدها وعزتها وهو الامر الذي تراه في اي مناقشات او حوارات سواء مع مسئولين او مواطنين. ونظام الحكم في طهران قائم علي مايسمي ولاية الفقيه او ولاية رجال الدين حيث ان المنصب الاعلي في البلاد هو مرشد الثورة وهو المنصب الذي تولاه الامام الخميني وخلفه فيه الامام خامنئي وهو منصب يتم بالانتخاب من بين مجموعة من كبار رجال الدين. ثم منصب رئيس الجمهورية والذي يكون بالانتخاب المباشر من افراد الشعب. ومنذ عدة سنوات والولايات المتحدةالامريكية تفرض حصار قاسيا علي ايران بسبب برنامجها النووي. ورغم التأثير السلبي للحصار علي بعض المجالات الا ان هناك مقولة يرددها الشعب الايراني وهي ياليت الحصار يستمر عشر سنوات اخري حتي نستطيع اكمال كل احتياجاتنا. فالحصار جعل الشعب الايراني يقوم بتصنيع كل شئ حتي اصبح لديهم نهضة صناعية ضخمة تمثلت في صناعات التعدين والسيارات والصناعات البترولية وغيرها من الصناعات الثقيلة. وفي لقاء مع وزير الصناعة الايراني قال ان ايران لديها استعداد كامل لمساعدة مصر في المجالات الصناعية. والشئ اللافت للنظر في طهران هي نظافة وتنظيم الشوارع التي تكاد تكون متشابهة تماما من حيث الشكل والاتساع والنظافة العامة.حتي انك تخجل ان تلقي ورقة واحدة علي الارض . والمرأة في ايران مشارك كامل في الحياة العامة فهي تعمل في مختلف الوظائف. وتسير في الشارع بأمان كامل فظاهرة المعاكسات غير موجودة ابدا في ايران. وهي ترتدي زيا اسلاميا معتدلا جدا وبدأت الملابس الغربية تعرف طريقها للمرأة الايرانية فهي ترتدي الجينز والاسترتش اسفل العباءات التي قد تكون قصيرة او طويلة والشئ الذي ادهشني بشكل كبير ان النقاب لاوجود له اطلاقا علي- الاقل في المناطق التي زرتها- ولكنه لايعتبر ثقافة عامة في ايران.وحتي عندما زرت مدينة مشهد وهي مدينة مقدسة لدي الشيعة حيث يوجد بها مقام الامام علي الرضا لم اجد النقاب لا داخل الحرم ولا خارجه. اما ما ادهشني واضحكني في نفس الوقت حين قمنا في الزيارة الثانية لايران في مايو الماضي بزيارة الي مايعرف باسم حدائق الشاه وهي منطقة ضخمة كانت مخصصة للشاه الايراني وبها قصوره الغناء وحاليا تحولت الي متنزهات كبري وبها مطاعم عدة ادوار وكافيهات. والمفاجأة هي انك تجد سيدات وفتيات ايرانيات يشربن الشيشة في مشهد اقرب مايكون الي مقاهي حي الحسين بالقاهرة. ومن ضمن الامور التي ينظر اليها الايرانيون بحزن شديد هي انقطاع الاتصالات التليفونية بين مصر وطهران فلا يمكنك من مصر اجراء اي اتصال تليفوني بايران في حين انك من الممكن ان تتصل من ايران بالقاهرة. كذلك عدم وجود خطوط طيران مباشر بين البلدين رغم انه لايوجد اي قرار رسمي بالمنع. ومن المعالم الكبيرة في طهران برج ميلاد وهو واحد من اعلي عشرة ابراج اتصالات في العالم ومن ضمن مشتملات البرج عدة قاعات ضخمة وفخمة للغاية مجهزة بكل الامكانيات وهي قاعات ضخمة للمؤتمرات وقد احتضنت احداها الجلسة الافتتاحية لقمة عدم الانحياز التي القي فيها الدكتور مرسي كلمته التاريخية. الشيخ تاج الدين حامد الهلالي الامين العام للتقريب بين المذاهب بطهران وواحد من الداعين بقوة لعودة العلاقات بين مصر وايران يري ان عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين وبسرعة هي مكسب لجميع الاطراف. ويمنح قوة للعالم الاسلامي. في مواجهة المخططات الداعية لتقسيم الامة الي دويلات صغيرة واعطي نموذجا بما حدث في السودان من تقسيم. واضاف. ايران لديها مقومات صناعية كبيرة يمكن لمصر الاستفادة منها. كما ان السياحية الدينية الي مصر من الممكن ان تتدفق اليها لان شعب ايران محب وعاشق لال البيت. ويقول اوفي ريان رئيس الجالية المصرية في طهران. اتصور ان معوقات كبيرة تقف في وجه عودة العلاقات بين مصر وايران من بينها دول الخليج التي تقف في وجه عودة العلاقات الطبيعية مع ايران خاصة وانها قدمت مساعدات مالية لمصر مؤخرا وهو مايعرض مصر لضغوط خليجية. واضاف ايضا فان الملف السوري عائق كبير امام عودة العلاقات خاصة مع الدعم الايراني الكبير للنظام السوري. كما لا اتصور ان تسمح امريكا بمثل هذا التقارب. ويقول الدكتور ابراهيم الدسوقي متخصص في الاعلام واحد افراد الوفود الشعبية التي سافرت الي طهران. للاسف الشديد استطاع النظام السابق واعلامه الموجه ان يصنع من ايران دولة شيطانية فهي في نظر معظم افراد الشعب دولة دينية متشددة يتم فيها قطع رقاب الناس علي اتفه الاسباب وانها دولة تعيش في العصور الوسطي.ولكن الحقيقة انها دولة متقدمة حضاريا جدا. وبها صناعات ثقيلة ومتقدمة. وهي علي استعداد لمساعدة مصر صناعيا واقتصاديا.