كنا نخشي أن يرتمي الرئيس مرسي في أحضان الملالي الإيرانيين خاصة بعد أن الاخوان كانوا أول من أيدوا الثورة الإسلامية الخومينية. لكنهم لم يعادوا السادات الذي تصدي لمحاولة تصدير هذه الثورة لمصر والعالم العربي لأن السادات هو الذي أخرج الاخوان من سجون ومعتقلات عبدالناصر.. وتم قطع العلاقات بين القاهرةوطهران في عام 9791 بعد توقيع السادات لاتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل واستضاف شاه إيران واسرته في القاهرة واستمرت القطيعة 33 عاما من حكم السادات ومبارك إلي ان جاء الرئيس مرسي فكان أول رئيس مصر يزور إيران. بعد ثورة 52 يناير طالب البعض باعادة النظر في هذه القطيعة باعتباران إيران سيصبح حليفا نوويا للعرب في مواجهة اسرائيل النووية بما يتوازن معه نظرية الرعب النووي بين اسرائيل والعرب والعالم الإسلامي في المنطقة والخروج من دائرة الارتباط بالسياسة الأمريكية المعادية لإيران لحماية اسرائيل.. لكن هذه الجهود توقفت بعد اختيار نبيل العربي وزير الخارجية المصري امينا عاما للجامعة العربية خلفا لعمرو موسي إلي أن جاء الرئيس مرسي إلي الحكم الذي يريد اقامة علاقات متوازنة مع جميع دول العالم بما يحقق المصلحة الوطنية المصرية ورغم ايماننا الكامل بأهداف ثورة 52 يناير ومنها حرية العقيدة والمذهب لكننا في مصر نرفض انتشار الشيعة فيها لأن هذا سيؤدي إلي صراع ديني طائفي في مصر في المستقبل بين أهل السنة والشيعة كما يحدث في العراق وبعض الدول الخليجية. الرئيس مرسي لم يرفض زيارة طهران او يكلف نائب رئيس الجهورية أو رئيس الوزراء بحضور قمة مجموعة دول عدم الانحياز في طهران بل أراد ان يذهب بنفسه ويسلم رئاسة المجموعة إلي الرئيس الايراني نجاد الذي أراد ان يكسر الحصار الدولي بقيادة امريكا وإسرائيل لايران بسبب برنامجها النووي. بذهاب مرسي الي هذه القمة فإنه يمثل الزعامة التاريخية للرئيس عبدالناصر احد الرؤساء الآباء المؤسسين لمجموعة دول عدم الانحياز في باندونج نهرو »الهند« وتيتو »يوغوسلافيا« السابقة التي قسمتها الحرب العقائدية والدينية والطائفية بعد رحيل تيتو إلي عدة دول اوروبية وفي طريق عودته من زيارته للصين قام الرئيس مرسي بزيارة خاطفة لطهران استمرت 6 ساعات. وبعث برسائل مصرية قوية من خلال كلمته في جلسته الافتتاحية في عقر دار الايرانيين.. في رسالته الاولي عبر الرئيس مرسي بقوة عن موقف مصر القومي تجاه الدور المحوري القومي لمصر كقوة اقليمية تلعب دورا رئيسيا في توازن القوي والامن الاقليمي في المنطقة وحفظ السلام والحد من محاولات الهيمنة والاطماع الايرانية في دول الخليج والحد من نشر المذهب الشيعي في بلاد العالم العربي. كانت أقوي كلمات الرئيس مرسي التي نالت اعجاب العالم حينما طالب في عقر دار طهران بقوة بأن تتضامن دول عدم الانحياز مع الشعب السوري في ثورته ضد النظام القمعي الذي فقد شرعيته بحمامات الدم وأكد ان هذا التضامن واجب اخلاقي وضرورة سياسية وعلينا ان نعلن دعمنا الكامل للشعب السوري برؤية سياسية واضحة تدعم الانتقال السلمي للسلطة في سوريا بما يعكس رغبات الشعب السوري في الحصول علي حريته والعدالة والمساواة ويحفظ لسوريا الدخول في دائرة الحرب الاهلية او هوية التقسيم. وأكد الرئيس بقوة علي وقف نزيف الدم السوري وان هذا الدم في رقابنا جميعا ولن يتوقف بغير تدخل فاعل منا لوقفه.. كانت كلمات الرئيس قوية وواضحة وذات دلالة لموقف مصر من ثورة الشعب السوري الذي كان ينتظره العالم الحر من زعيمة العرب لوقف نزيف الدم السوري الغالي وحقن الدماء العربية. ولم يتوقف الرئيس عند هذه الكلمات العلانية بل في لقائه بالرئيس الإيراني نجاد طالبه بالتدخل باعتباره حليفا لنظام الاسد القمعي لوقف حمامات الدم في سوريا والانتقال السلمي للسلطة فيها.. ولم يطلب الرئيس سرعة عودة العلاقات مع طهران رغم اننا نتوقع علاقات قوية مع إيران في المستقبل لكن في الوقت الحالي فإن عودة العلاقات مشروطة بملفات شائكة بسبب الدور الايراني للهيمنة علي دول الخليج واحتلال ثلاث جزر اماراتية ووقف نشر المذهب الشيعي في مصر والعالم العربي ووقف الدعم المالي لهم حتي لا تحدث اضطرابات طائفية بين الشيعة وأهل السنة وحتي لا يحدث صراع ديني بين المذهبين كما اكد مرسي علي دعم المبادرة الرباعية »مصر والسعودية وتركيا وإيران« لوقف نزيف الدم في سوريا وعدم التدخل الاجنبي فيها ودعم الانتقال السلمي للسلطة فيها ومساندة فلسطين في طلب عضوية الاممالمتحدة ودعم المصالحة الفلسطينية. وقد نالت كلمات الثناء علي الصحافة في وسط ملالي الشيعة صدي كبيرا في العالم العربي والاسلامي وترحيبا عربيا بالرئيس مرسي والتي قد اثارت غضبا مكتوما في نفوس ملالي ايران الذين يهاجمون الصحابة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والسيدة عائشة رضي الله عنهم. لقد حددت الدبلوماسية المصرية ان اساس عودة العلاقات بيننا هو الموقف الايراني الحليف لنظام الاسد من الثورة السورية وان يعود الاسري المصريون في إيران الذين تم اسرهم أثناء الحرب مع صدام حسين. كان الرئيس مرسي في طهران مصريا أكثر من كونه اخوانيا وعبر عن رغبات جميع المصريين في إحياء دور مصر المحوري الاقليمي في المنطقة وتحديد اولويات الامن القومي المصري بعد ثورة 52 يناير وثورات الربيع العربي. اعجبت واحترمت موقف الرئيس مرسي في طهران وشعرت بالفخر لاستقلال القرار المصري عن التبعية الامريكية والارتماء في احضان الولاياتالمتحدة لاكثر من ثلاثين عاما كان القرار السياسي فيها منقوص الارادة.