فى حواره مع "بوابة الوفد" أكد د.محمد مجاهد الزيات الخبير الاستراتيجى ونائب رئيس المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط أن مبادرة الرئيس محمد مرسى لحل الأزمة السورية هى مجرد مبادرة إعلامية. كما أشار "الزيات" إلى أن الضغوط الشعبية ستدفع النظام المصرى إلى تعديل كامب ديفيد، وأوضح الزيات أن قمة عدم الانحياز كانت تظاهرة إيرانية من الدرجة الأولى..وإلى نص الحوار ما تداعيات مشاركة مرسى فى قمة عدم الانحياز بطهران؟ - فى البداية يجب أن نؤكد أن الزيارة كما أعلنت مؤسسة الرئاسة كانت زيارة بروتوكولية لمدة 5 ساعات فقط، لكن فى تقديرى أنها تطور كبير فى مستوى العلاقات المصرية - الإيرانية، فلأول مرة منذ إبرام اتفاقية كامب ديفيد أن يقوم رئيس مصرى بزيارة إيران. ورغم أن الزيارة كانت تتعلق بحضور قمة عدم الانحياز إلا أن مجرد لقاء الرئيس المصرى بالرئيس الايرانى وكبار المسئولين الإيرانيين يعد نقلة فى مستوى العلاقات بين البلدين أعتقد أنه ستعقبه تطورات لاحقة. هل نجحت إيران فى استخدام قمة عدم الانحياز لتحقيق مصالحها؟ - فى تقديرى أن قمة عدم الأنحياز هى تظاهرة إيرانية بالدرجة الأولى ، وما أهتمت به إيران هو عدم الانحياز ضد المصالح الأيرانية وبيانات القمة كانت تتبنى وجهة النظر الأيرانية فى الأزمة السورية وفيما يتعلق بالعقوبات ما رأيك فى اقتراح مرسى بتكوين هيئة اتصال من أربع دول لحل الأزمة السورية؟ - مبادرة الرئيس مرسى لحل الأزمة السورية هى مبادرة إعلامية بالدرجة الأولى وتفتقد للفهم الأستراتيجى العميق، تركيا أضحت طرف رئيسى فى الأزمة لأنها تدعم المعارضة والجيش الحر وبالتالى فهى ليست وسيط مقبول ، وأيضاً إيران متحالفة أصلاً مع النظام السورى لذلك فهى ليست وسيطاً مقبولاً ، اما السعودية وقطر داعمتان للمعارضة السورية ، لذلك لا تصلح السعودية أن تكون وسيط لأن كل هؤلاء الأطراف متورطون بشكل أو بأخر فى الأزمة السورية ،وبالنسبة لمصر فلا تملك أدوات للحركة بالأزمة السورية ، والوساطة تحتاج إلى وصول الأزمة إلى درجة التعادل ان يشعر الطرفان أن إستمرار الحرب خطر عليهما ، لكن النظام السورى يرى فى المعارضة إرهابيين والمعارضة ترى أن النظام السورى لابد أن يرحل والأطراف الأقليمية تسعى لمصالحها . ما تأثير عودة العلاقات بين مصر وإيران على دول مجلس التعاون الخليجى ؟ - هناك أمور تحكم عودة العلاقات السياسية والدبلوماسية بين مصر وإيران أهمها علاقة القاهرة بدول مجلس التعاون الخليجى ، وهناك نقاط أساسية يجب أن توضح للطرف الخليجى ، أولها أنه من حق مصر أن تقيم علاقتها الدبلوماسية مع أى طرف بشرط ألا تكون هذه العلاقات على حساب علاقتها مع دول أخرى ، فليس من المعقول أن تكون مصر ثالث دولة فى العالم بعد إسرائيل وأمريكا ليس لها علاقات مع إيران فى الوقت الذى ترتبط فيه دول الخليج كاملة بعلاقات مع إيران بل إن هناك إتفاقيات أمنية بين دول خليجية وإيران ولم تمنع الخلافات بين دول الخليج وإيران بأن تكون هناك علاقات سياسية بينهما ، ولكن القلق من جانب دول الخليج أن تصبح العلاقات المصرية الأيرانية على حساب علاقة مصر بدول الخليج وهذا أمر غير وارد لأن هناك أولوية فى علاقة مصر بدول الخليج عن علاقتها بإيران ، فأمن الخليج جزء من الأمن القومى المصرى بالدرجة الأولى ، ودول الخليج لا ينبغى أن تحمل مصر على سياسة خارجية معينة . ما المحاذير التى يجب أن تتخذها مصر فى علاقتها مع إيران؟ - يجب أن نعلم أن هناك بعثة رعاية مصالح متبادلة بين الطرفين ورئيس البعثة تقريباً بدرجة سفير ولا ينقص سوى وضع لافتة بإسم السفارة ، لذلك لابد من تحديد ضوابط لعودة العلاقات بين مصر وإيران ، أن القاهرة ترفض الهيمنة الأيرانية على منطقة الخليج ، وترفض فرض الوصاية من جانب إيران على دول الخليج ، وترفض موقف إيران من الثورة السورية ، وترفض الدور الأيرانى على حدود مصر فى غزة ، كل هذه ضوابط للعلاقات يجب أن تنتبه مصر لها . هل مصر ستدعم إيران إذا تم توجيه ضربة عسكرية إليها؟ -لا يجب أن تقف مصر موقف المتفرج فى حال أن ضربت إيران وإذا كان من حق إسرائيل إمتلاك السلاح النووى فمن حق طهران أيضاً أن تمتلك سلاح نووى ، إلا أن يتم الأتفاق على إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل ، فالخلاف النووى الأيرانى مع الولاياتالمتحدة هو أنه يهدد الأمن القومى الأسرائيلى فقط وإذا ماحدث تحسن فى العلاقات أو قام النظام الأيرانى بتغيير سياسته العدائية تجاه إسرائيل فسيسمح لأيران بإمتلاك السلاح النووى . ودعنى أكرر لك مقولة قالها مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق لماذا سمحتم لباكستان وهى دولة إسلامية بإمتلاك السلاح النووى ولم تسمحوا لإيران، قال بوضوح لأن باكستان لا تهدد الأمن القومى لأسرائيل . ما أثر زيارة مرسى لإيران على العلاقات المصرية الأسرائيلية ؟ - مصر لم تكن طرفاً فى الصراع الأيرانى الأسرائيلى حتى فى العهد السابق ، ولا شك أن القطيعة بين القاهرةوطهران تصب فى المقام الأول فى صالح إسرائيل ، وعندما تتجه مصر إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع إيران هذا يعنى تخفيف الحصار على إيران وهذا ليس فى صالح السياسة الأسرائيلية ، لكن مصر لن توافق على توجيه ضربة عسكرية لأيران ، وبالتالى إسرائيل قلقة من مجرد تخفيف الحصار عن إيران والتقارب بينها وبين مصر وزيادة الحضور الأيرانى فى الملفات الأقليمية وتخشى أن تكون عودة العلاقات بين مصر وإيران على حساب علاقة مصر بإسرائيل وهذا أمر طبيعى . وبالتالى فإسرائيل وأمريكا تمارسان بالفعل ضغوط على مصروقد ظهر هذا فى تصريح المتحدثة بإسم الخارجية الأمريكية والتى قالت أن زيارة مرسى لأيران فى هذا التوقيت لا تصب فى صالح المصالح الأمريكية وهو ما يعكس عدم رضا من جانب إسرائيل وأمريكا على زيارة مرسى لأيران . ما النتائج السياسية والاقتصادية التى ستنعكس على مصر فى حالة ضرب إيران؟ - أنا من الذين يؤمنون أنه لن تحدث ضربة عسكرية لأيران وأن ما يحدث حالياً هو نوع من الحصار وممارسة ضغوط إقتصادية لتقويم النظام الأيرانى وأن قضايا الأشتباك الأمريكى الأيرانى فى قضايا أخرى ، ولكن بفرض أن تم توجيه ضربة عسكرية لأيران أعتقد أن كل الملفات الأقليمية ستشهد نوعاً من الخلط وستحدث مأساة فى المنطقة وبالتالى مصر معنية بهه المسألة فنتائج الحرب ستنعكس بالتأكيد على دول الخليج التى بالتأكيد ستتدهور إقتصاديا وبذلك ستعانى مصر من عمالة نازحة وزيادة معدل البطالة ، وتتوقف الأستثمارات ، وينعكس ذلك على تدهور الأوضاع فى لبنان وكذلك قطاع غزة . هل وصول تيار الإسلام السياسى لحكم مصر سيؤثر على اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل ؟ -إجابة هذا السؤال جاءت فى حوار الرئيس مع وكالة رويترز وفى حديث وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسى لأيهود باراك الأسبوع الماضى ، أنه لا مساس بإتفاقية السلام ولا تغيير فى سياسة مصر تجاه إسرائيل ، ولا أعتقد تعديل لكامب ديفيد خلال النظام السياسى الحالى ، وقد زارت مصر عدة وفود أمريكية وكلها عادت للكونجرس لتؤكد مقولة واحدة أن تغيير النظام السياسى فى مصر لن يمس ثلاث نقاط أساسية تمثل المصالح الأستراتيجية للولايات المتحدةالأمريكية ألا وهى معاهدة السلام مع إسرائيل ، وحقوق الأقليات ، وإقتصاد السوق . لذا لا أتصور أن هناك توجهات لتعديل كامب ديفيد مع أن الفرصة سانحة ومناسبة لممارسة ضغوط وتعديل الأتفاقية بما يسمح بزيادة القوات المصرية فى سيناء وبسط السيطرة المصرية عليها . كيف تواجه مصر التهديدات الأمنية فى سيناء مستقبلاً؟ - هناك شىء خطير يلوح فى الأفق ، الولاياتالمتحدةالأمريكية تحاول القفز على المطالب الشعبية التى تطالب بتعديل كامب ديفيد بنسج منظومة أمنية تشرك مصر فيها مع إسرائيل بحجة مكافحة الأرهاب والتطرف فى سيناء وعرضت الويات المتحدةالأمريكية حزمة من العروض تتضمن تكثيف أمنى وعسكرى فى مناطق سيناء وطائرات بدون طيار وإعتراض الأتصالات التليفونية إلى آخره وهذا أمر خطير للغاية، لأنه لا يجب أن تشارك أمريكا وإسرائيل فى أى ترتيبات أمنية أو تأمين مناطق، لأنها ستزيد من نزع السيادة المصرية وهى تقفز بذلك أن تطالب مصر بتعديل كامب ديفيد ، ولكن أعتقد أن الضغوط الشعبية ستنجح فى تعديل الأتفاقية بما يسمح ببسط السيطرة المصرية على المنطقة الحدودية ج وهنا ستنتهى الأزمات الأمنية فى سيناء.