أكد المفكر القبطي جمال أسعد أن ما حدث في ماسبيرو مذبحة بكل المقاييس سببه الحقيقي هو الفهم المغلوط. وأن وجود تصعيد من جانب الأقباط في الفترة الأخيرة أمر لا نقاش فيه وسبب ذلك غياب الحل الجذري للمشكلات ووجود متغيرات سمحت بحدوث ذلك فضلاً عن استغلال ورقة الأقباط من الداخل والخارج. وأكد في حواره ل "عقيدتي" أن مشكلات الأقباط عميقة والمسكنات التي تطرح من قانون دور العبادة أو ما علي شاكلته أمور لم يعد لها مكان بل حان الوقت لإزالة الاحتقان الطائفي الذي هو سبب كل هذه المشكلات.. مطالبا بالحزم في مواجهة مثل هذه المشكلات وتطبيق القانون كحل عملي للحفاظ علي هيبة الدولة والتواصل الثقافي بين المسلمين والأقباط لكسر حاجز العزلة النفسية والجسدية. أضاف: الاستقواء بالخارج مرفوض شكلاً وموضوعاً وإن كانت أمريكا تملك الحل لمشكلاتنا فأهلاً بها ولكنها تسعي فقط لحماية مصالحها.. عارضا إلي أن توقيت حدوث هذه الفتنة متعمد بلا شك للنيل من استقرار البلاد ونشر الفوضي التي تعد الفتنة الطائفية أولي أدواتها.. حول كل هذه القضايا تدور هذه السطور. * بداية ما هي رؤيتكم لأحداث ماسبيرو الأخيرة؟ ** ما حدث مذبحة بكل المقاييس وشيء يؤلم ويغضب وسيترك آثاراً سلبية لدي أبناء الوطن الواحد بسبب الفهم المغلوط والفتنة يرفضها كل المصريين لأن ضحاياها من الجانبين. * ولكن كيف تري حمل الأقباط للسلاح لأول مرة في تاريخ احتجاجاتهم علي قرارات وأمور تهمهم في مواجهة الدولة؟! ** هناك تصعيد من جانب الأقباط وهذا أمر لا نقاش فيه. وإن كان هذا التصعيد ربما جاء رداً علي ما حدث في نجع حمادي أو في العمرانية في الجيزة ثم في أطفيح والتي كم راح ضحيتها من أقباط.. إذن نحن في طريق التصعيد لأنه حينما نترك مشكلة بلا حل وتجد عليها أمور في ظل وجود متغيرات ولو لم يكن المناخ الآن هكذا لما تشجع هؤلاء للمطالبة بحل هذه المشكلات ثم أن استغلال ورقة الأقباط من الداخل ومن الخارج وضعهم كجزء من اهتمام خاص فيما بعد ثورة 25 يناير والكل يتمني أن يضع النظام الجديد حلاً لمشكلة الأقباط وأن يضعها في بؤرة اهتمامه لكن هذا لم يحدث. تظاهرات طائفية * ما سبب وجود تلك الحزازية الشديدة وعدم حل المشكلة من وجهة نظرك؟! ** الأزمة الحقيقية في الأقباط الآن هي أن تظاهراتهم كلها أخذت شكلاً طائفياً مما جعلها بعيداً عن الشارع السياسي ولذا فمشكلاتهم أضحت أزمات تبحث عن حلول لكن بلا جدوي. استخدام السلاح * ما تفسيركم لحمل الأقباط للسلاح أولاً علي الجيش في مواجهات ماسبيرو وبحسب ما تم رصده إعلامياً للمواجهات التي حدثت؟! ** استخدام السلاح أولاً من قبل الأقباط أو من قبل الجيش لا يمكن أن أحدده أنا ولا أنت بل هو مسألة قيد التحقيق الآن والقضاء وحده هو الذي سيقرر حقيقة ذلك ولكن ما يجب طرحه من تساؤل هو: هل استعمل الأقباط السلاح؟!! أو إن كانوا قد حملوا السلاح بالفعل فالظروف التي دفعتهم لهذا؟ وهل هناك من استغل التظاهرة ممن يريدون التدخل الأجنبي والاستعانة بالخارج؟! وكل هذه التساؤلات تبحث عن إجابات لايجاد حلول عملية وليس مسكنات مؤقتة لا تنفع علي الاطلاق. مسكنات وليس حلولاً * في ظل طرح الدولة لقانون دور العبادة الموحد خلال أسبوعين.. وهل تري في ذلك حلاً مناسباً علي أرض الواقع؟ ** مشكلات الأقباط عميقة وذات جذور تاريخية وجاءت من خلال تراكم. والحل لن يكون إلا بالتراكم أيضا ولذلك لا نستطيع طرح عوامل التهدئة علي أنها حل للمشكلة لأن كل الأنظمة السابقة لم تحل المشكلة من جذورها واكتفت بالمسكنات والحلول الأمنية والتي لا يمكن أن تقدم حلاً للمشكلات الطائفية ولا التمييز بل إن كل هذه الأمور ليست هي المشكلة وإنما الأزمة الأساسية هي الاحتقان الطائفي الذي زاد المشكلات تعقيداً ومهما كانت القوانين والقرارات دونما وضع حل للاحتقان الطائفي فلن يمكن اطلاقا حل المشكلة. هيبة الدولة * وما الحل من وجهة نظرك؟ ** الحل الفعلي والشامل بعد هذا التصعيد وهذه المذبحة الخطيرة يبقي تطبيق القانون الفوري والتعرف علي من المحرض ومن الفاعل الحقيقي؟ واستعادة هيبة الدولة وتطبيق القانون علي الجميع ومواجهة استفزاز البعض. والأزهر والكنيسة والمؤسسات الدينية يجب أن تتحمل المسئولية والمشكلة هنا في البشر وضرورة إحداث تواصل حقيقي من خلال أعمال ثقافية مشتركة لمسلمين ومسيحيين في الكنيسة والحوار والتلاقي وهناك أعمال مشتركة تكسر العزلة النفسية والجسدية والهجرة النفسية والسيكولوجية. * هناك مبادرات عديدة منها لجنة الحوار بالأزهر ومبادرة بيت العائلة وغيرها من المحاولات لكسر تلك الحواجز النفسية.. ما تقييمك لذلك؟! ** هناك محاولات منذ 40 عاما لعمل حوارات ولجان ومؤتمرات ووثائق. ولكن نفس النظرية كما يتم إصدار قانون أو قرار ولا تنفذ وكلها محاولات نظرية وليست عملية ولا ترقي لحيز التنفيذ. * هناك وثيقة الأزهر التي طرحت حلاً عمليا لمعظم الاشكاليات الوطنية.. ما تقديركم لها؟ ** عندما يشترك الجميع في الحل مع تقديرنا الكامل لوثيقة الأزهر التي التقيت شيخ الأزهر وأعلنت تقديري الكامل لها ولكن كيف تفعل وكيف يمكن أن نتضامن لتفعيلها.. فالإيمان بالحل ثم التحرك لبناء حل عملي والذي لن يكون "بالميديا" وانما فقط يكون الحل مع الجماهير في الشارع السياسي. * وهل هذا ممكن واقعاً؟! ** رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة ويجب أن نبدأ من الآن مع وجود إرادة حقيقية والشعوب إرادتها من إرادة الله وعندما نستشعر الخطر الحقيقي الذي يتهدد الوطن سيكون الحل العمل الشامل والواقعي والمتعاون لانجازه من قبل الجميع. * دعت بعض القوي القبطية إلي الاستقواء بالخارج في هذه القضية.. فكيف تري ذلك؟! ** الاحتماء بالخارج مرفوض شكلاً وموضوعاً ونرفض وجود أي أجندات والتي يعمل لها بعض المستغلين والمستفيدين منها وأقول للجميع لو أمريكا هتحل مشكلاتنا فأهلاً بها وسهلاً ولكن تقول لنا "إزاي"؟! فمسيحيو العراق قتلوا علي أيد الأمريكان. وأمريكا تبحث عن مصالحها هي فقط. * وهل تري ربطا بين حادث ماسبيرو قبل ليلتين فقط من موعد فتح باب الترشيح لأول انتخابات برلمانية بعد الثورة؟! ** بالتأكيد هناك من له مصلحة في إثارة الفوضي في مصر وهناك من يستهدف ثورتي مصر وتونس. والنظم الاستعمارية تسعي لاستغلال هذه الثورات ونريد الاطمئنان علي رؤية هذه الدول لعلاقة هذه الدول بأمريكا فضلا عن العلاقة مع إسرائيل ورؤية مصر لكامب ديفيد وكل الدول الاستعمارية تسعي لنشر الفوضي في المنطقة العربية وتنفيذ سيناريو تقسيم الدول العربية في السودان لأربع دول والعراق لثلاث دول وليبيا إلي فوضي ليستغل البترول وتونس إلي فوضي ومنع حدوث استقرار وأول شيء في الفوضي وعدم الاستقرار هو الفتنة الطائفية.