لا أعرف لماذا ذكرتني محاكمة القرن وحكم القضاء فيها بالنكتة التي كنا نرددها جميعا ونحن صغار السن: »في مدرسة النجاح لم ينجح أحد«! استقبلت افتتاحية المستشار العظيم أحمد رفعت استقبالا حسنا، ولو أنه كاد يبكينا جميعا علي مصر وما حدث فيها وعلي ظلم الحاكم لنا علي امتداد الثلاثين السنة السابقة وما صنعوه بنا وبأبنائنا حتي انتهوا بقتل المئات منهم علي رؤوس الأشهاد وشوهوا الآلاف أيضا إما بفقء العين وإما بإتلاف الرأس والصدر ليبقي علي امتداد الزمن علامة علي ظلم ذلك الزمان. قلت في نفسي وأنا في مكاني من غرفة التليفزيون بالبيت ياخبر أبيض ده أحمد رفعت قرر أن ينتقم لكل شهيد ولكل أب وأم انتظروا طويلا حتي ترتاح صدورهم وتهدأ نفوسهم فها هو سوف ينطق بحكم القصاص لكل الذين ذهبوا وكل الذين لم يذهبوا أيضا.. ثم وبعد انتظار لم يطل حقيقة لم يطل بدأ يقرأ الأحكام وبعد الحكمين الأولين علي مبارك والعادلي راح يقرأ البراءات نعم براءة كل الذين أهانوا وعذبوا وأضاعوا الحاضر والمستقبل وانتهوا بقتل أبنائنا عيانا جهارا.. نعم راحوا يقتلون المئات من أبنائنا في قلب القاهرة في ميدان التحرير.. براءة؟! ليه ؟ لأن المستندات ضاعت وكنا جميعا ونحن نتابع أيام الثورة وأيام القتل والإبادة نكاد نلمس بأيدينا أوراق الإدانة صور الإدانة سواء بكاميرات التحرير أو كاميرات الشوارع المحيطة أو بالذين رأوا وشاهدوا وعاشوا أيام القتل ونجوا منها أو بالذين كانوا في موقع المسئولية أو حتي قلوب الآباء والأمهات وهي تنفطر خوفا وألما وحزنا علي أبنائهم الذين كانوا يتساقطون..! أوراق الإدانة راحت لكن القتلة هم هؤلاء الذين يقبعون أمامكم في القفص هؤلاء الستة الذين أذلوا أبناءنا وأبناءكم وقتلوا أبناءنا وأبناءكم وأجهضوا عظمة الثورة بأن فتحوا السجون وحرروا المجرمين والبلطجية فأشاعوا الخراب والفساد بدلا من إشاعة الأمن والطمأنينة والغد الذي كان مقررا أن يصبح أفضل. نعم.. نعم.. الذي حدث أنه: تمخض الجبل فولد فأرا.. ياخسارة!!