أكد الدكتور صلاح فوزي، عضو لجنة الخبراء العشرة لصياغة دستور 2014، أستاذ القانون الدستوري، أن التعديلات الدستورية تأتي في سياق مرحلة وظرف سياسي حالي يحتاج إلي ضرورة الوصول إلي أفضل الأوضاع لمستقبل مصر السياسي، وأن التعديلات الدستورية ظاهرة طبيعية، لأنها تشير للاحتياجات المتجددة والملحة من فترة لأخري، وأن عدم إجرائها يؤدي إلي زعزعة الأمور داخل الدولة، وأشاد أستاذ القانون الدستوري في حواره ل»آخرساعة» بالاحترافية العالية التي مارسها مجلس النواب في مناقشة التعديلات مطالباً المواطنين بالمشاركة في التعديلات الدستورية لأنها تعد أداة للتعبير عن مستقبل الدولة. هل تري أن الوقت كان مناسبا لإعادة النظر في بعض مواد الدستور؟ لابد أن نعترف أن التجربة أثبتت أن الدستور الحالي به أمور غير منطقية، وإجمالاً الموضوعات الدستورية والقانونية، ليست كتبا المقدسة، وطالما هي صناعة بشرية، فمن الممكن تعديلها، نحن تحملنا قدرا من المسؤولية أمام الله والشعب وقيادة الدولة التي منحت لنا الثقة، بعد ثورة عظيمة ثورة 30 يونيو. ما تقييمك لأداء البرلمان في المناقشات الدستورية؟ إجراءات التعديلات الدستورية التي قام بها مجلس النواب دستورية وصحيحة مائة في المائة حيث تم مراعاة الإجراءات الدستورية حيال طلب التعديلات الدستورية الذي تقدم به خُمس النواب، وأنه لم يتم مخالفة الدستور خلال مناقشة تلك التعديلات. واقتراح تعديل مواد الدستور حق أصيل لأعضاء مجلس النواب، وتقع ضمن سلطاتهم، بجانب تشريع القوانين والرقابة علي الجهات التنفيذية، وهذا الحق مقرر لجهتين فقط، هما رئيس الجمهورية وخُمس أعضاء البرلمان علي الأقل، ولا يحق للحكومة اقتراح تعديل دستوري. وهناك إجراءات قانونية تم اتباعها من قبل مجلس النواب بحرفية لإجراء التعديلات الدستورية، بدءًا من تقدم الأعضاء بطلب يوضح أسباب التعديلات ومبرراتها إلي رئيس المجلس، ومن ثم إحالة الطلب إلي اللجنة العامة المشكلة برئاسة رئيس مجلس النواب والوكيلين ورؤساء اللجان النوعية، إضافة إلي 5 أعضاء مستقلين، وبعد تَثبت اللجنة العامة من الطلب، عُرض علي الجلسة العامة للموافقة علي مبدأ التعديل الذي يشترط موافقة الأغلبية المطلقة، أي ثلثي الأعضاء، وعملية الاقتراع في هذا الحالة مناداة باسم كل نائب علي حدة، وأحيل إلي لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لدراسة المواد المطلوب تعديلها وإعداد صيغة كاملة لها. كيف تري تعديل مدة الرئاسة من 4 سنوات ل6 سنوات؟ أراها مطالب مشروعة ومناسبة خاصة أن الدستور تم كتابته في ظروف صعبة، وبما أني كنت »عضوا» في لجنة الخبراء فأنا أري بعد مضي أكثر من 4 سنوات، أن الوضع كان يحتم علينا أن نقوم بتعديل بعض مواده الآن، خاصة أن أننا أكثر استقرارا والموقف الدولي لمصر متميز جدا، ومن الناحية الاقتصادية نجد الاحتياطي النقدي ارتفع وتجاوز ال36 مليار دولار، والسيطرة الأمنية أفضل مما كانت عليه. فالمادة 140 الخاصة بمدة فترة رئاسة الجمهورية وهي ال4 سنوات غير كافية لتنفيذ البرنامج الرئاسي وبالتالي كان لابد من تعديلها حتي يتسني تنفيذ البرنامج، كما أن تعديلها جائز دستورياً. بعض المغرضين تحدثوا عن أن وجود مجلس أعلي للقضاء برئاسة رئيس الجمهورية من شأنه النيل من استقلال القضاء ما رأيك؟ القنوات المفضوحة الممولة للهجوم علي مصر هي من تقول ذلك والرد عليهم أن المجلس الأعلي للجهات والهيئات القضائية مقرر دستوريًا في الدستور المصري منذ عام 64، ثم دستور 71 نص في مادته 173 علي وجود مجلس أعلي للجهات والهيئات القضائية وصدر القانون 192 لسنة 2008 النافذ حتي هذه اللحظة بإنشاء مجلس أعلي للجهات القضائية. الأصل أن رئيس الجمهورية ليس فقط رئيس السلطة التنفيذية وإنما هو رئيس الدولة وحينما يرأس أي مجلس أعلي لأي جهة يرأسه بصفته رئيسا للدولة كاملة وليس رئيسا للسلطة التنفيذية. ما الهدف من التعديل الذي جري علي المادتين 243 و244 من الدستور؟ المادة 244 بنصها الحالي، تعطي تميزًا إيجابيًا للشباب والمسيحيين والأشخاص ذوي الإعاقة والمصريين المقيمين في الخارج في مجلس النواب الحالي فقط، حيث جاء بها ما نصه: »تعمل الدولة علي تمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوي الإعاقة والمصريين المقيمين في الخارج، تمثيلاً ملائماً في أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور..»، فتم حذف جملة »في أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور»، حتي يظل هذا التمييز دومًا، وهو بالتأكيد أمر محمود، لأن هذه الفئات تحتاج بالفعل لتميز إيجابي بشكل دائم، وليس في المجلس الحالي فقط، ونفس الأمر ينطبق علي المادة 243 الخاصة بالعمال والفلاحين. أشير لك إلي أن التعديل الذي جاء في الفقرة الثالثة من المادة 102 بحذف »والتمثيل المتكافئ للناخبين» في غاية الأهمية، لأن حساب الوزن النسبي للمقعد، يحتاج لعملية حسابية شاقة ومعقدة، حيث يتم حساب الوزن النسبي للمقعد من خلال »عدد سكان الجمهورية + عدد الناخبين»، والناتج تتم قسمته علي 2، والناتج تتم قسمته علي عدد مقاعد مجلس النواب الخاصة بالفردي، ولحساب المقاعد الفردية للمحافظة، يتم جمع عدد سكان المحافظة، وعدد الناخبين، والناتج تتم قسمته علي 2، ثم يقسم الناتج علي الوزن النسبي للمقعد الناتج عن المعادلة الأولي، وهو أمر يحتاج لقدر كبير من المشقة وهو ما دفع المحكمة الدستورية إلي إصدار حكم بعدم دستورية المادة 3 من القانون رقم 202 لسنة 2014 بشأن تقسيم الدوائر والجداول الانتخابية بالنظام الفردي، بسبب ذلك. ما تقييمك لفكرة وجود مادة تتحدث عن تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية؟ تعيين نائب لرئيس الجمهورية، يضمن استمرارية سير المرافق، خاصة في حالة وجود أي مانع مؤقت. ويشترط فيمن يشغل نائب رئيس الجمهورية، أن يكون مصريًا من أبوين مصريين، وألا يكون قد حمل، أو أحد والديه أو زوجته جنسية دولة أخري، وأن يكون متمتعًا بحقوقه المدنية والسياسية، وأن يكون قد أدي الخدمة العسكرية أو أعفي منها قانونًا، وألا يقل سنه يوم فتح باب الترشح عن أربعين سنة ميلادية، ويحدد القانون شروط الترشح الأخري، كما سيؤدي القسم أمام مجلس النواب، حيث تسري عليه ذات الأمور الموجودة في المواد 141 و144 و145 و173. وفيما يتعلق بالنص علي طريقة تعيين رؤساء الهيئات القضائية في الدستور؟ طريقة التعيين مشابهة لما هو موجود بالفعل في التعديلات القانونية، التي أجريت منذ ما يقرب من عامين، وأري أن يتم ترشيح أقدم سبعة نواب لرئاسة كل هيئة قضائية علي أن يختار رئيس الجمهورية من بينهم، وليس أقدم 5 نواب فقط. ما رأيك في مقترح عودة مجلس الشيوخ؟ التجربة أثبتت أننا في حاجة لعودة مجلس الشيوخ »الشوري سابقا» وأن تكون للبرلمان غرفة ثانية، وكنت أتمني أن تكون له صلاحيات تشريعية، وألا ينحصر دوره علي الدراسة وإبداء الرأي فقط. هل التصويت سيتم علي كل مادة علي حدة أم علي التعديلات مجتمعة؟ هذا استفاء دستوري، يعرض علي الشعب، وتكون الإجابة عنه بنعم أم لا، شريطة أن تكون نعم واحدة أو لا واحدة، وأري أنه لا يجوز القياس علي حكم المادة 157 من الدستور، التي نصت علي أنه لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وذلك فيما لا يخالف أحكام الدستور، وإذا اشتملت الدعوة للاستفتاء علي أكثر من مسألة، وجب التصويت علي كل واحدة منها. ولا يجوز القياس علي هذه المادة، لأننا بصدد تعديل لمواد دستورية وليس عرضا لمسائل وموضوعات، فالخلاف هنا خلاف بين المحل والغاية، ثم إن العرف الدستوري العالمي، والعرف الدستوري المصري جريا دومًا علي أن يكون الاستفتاء علي المواد الدستورية جملة واحدة، وهذا الدستور نفسه الصادر في 2014، تم الاستفتاء عليه حزمة واحدة، وبالتالي فصحيح الأمر أن الاستفتاء سيتم حزمة واحدة، وأن الهيئة الوطنية للانتخابات ستتولي إدارة علمية الاستفتاء. ما هي الرسالة التي توجهها للمصريين من أجل المشاركة في الاستفتاء؟ المشاركة في التعديلات الدستورية تعد أداة للتعبير عن مستقبل الدولة وأطالب كل مواطن حر أن يذهب إلي صناديق الاستفتاء ويقول رأيه بكل حرية ولابد أن يكون كل مواطن شريك أساسي في الحياة السياسية مصر الآن تحتاج إلي كل وطني مخلص.