قرب نهاية شهر رمضان الكريم، يعود الحديث عن مقدار الزكاة الواجبة قبل حلول عيد الفطر المبارك، والسبل التي يمكن إنفاقها فيها، لكي يستفيد منها أكبر قدر من الفقراء والبسطاء، بما يضمن وصول أموال الزكاة لمستحقيها، إذ تعد الزكاة واحدة من أهم الحلول التي قدمها الإسلام لعلاج الفقر في المجتمعات الإسلامية، فهي العلاج الرباني للكثير من مشاكل المجتمعات الإسلامية، علي أن تنفق في مصارفها الشرعية التي أقرها سبحانه في قوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) "التوبة:60". دار الإفتاء حددت قيمة زكاة الفطر لهذا العام بما لا يقل عن 12 جنيها عن كل فرد، وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، إن قيمة زكاة الفطر تعادل 2 كيلو ونصف الكيلو من الحبوب عن كل فرد، حيث يقدر مجمع البحوث الإسلامية القيمة وفقا لأقل أنواع الحبوب سعرا وهو القمح. وأضاف المفتي في بيان رسمي، أن تقدير قيمة زكاة الفطر لهذا العام، جاءت بالتنسيق مع مجمع البحوث الإسلامية برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ب 12 جنيها كحد أدني عن كل فرد، وأشار علام إلي أن دار الإفتاء مالت إلي الأخذ برأي الإمام أبي حنيفة في جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقودًا بدلا من الحبوب، تيسيرًا علي الفقراء في قضاء حاجاتهم ومطالبهم. وشدد مفتي الجمهورية علي ضرورة إخراج زكاة الفطر قبل موعد صلاة العيد لنيل أجرها، وحتي يتيسر للمحتاجين الاستفادة منها، وأنه من الضروري إخراج زكاة الفطر قبل موعد صلاة العيد لنيل أجرها، وحتي يتيسر للمحتاجين الاستفادة منها، وشدد علي أن إخراج زكاة الفطر بعد صلاة العيد يعد صدقة من الصدقات، ولا تُجزئ عن زكاة الفطر، وأشار إلي ضرورة إخراج الزكاة في مصارفها الشرعية التي بينها الله سبحانه وتعالي في كتابه العزيز خاصة للفقراء والمساكين، لقول النبي صلي الله عليه وسلم: "اغنوهم عن السؤال في هذا اليوم". وعن مصارف زكاة الفطر، يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة بجامعة الأزهر، ل "دين ودنيا": "المقصود بزكاة الفطر أن يخرجها الإنسان عن نفسه وعمن تلزمه نفقته، وتقدر ب 2.5 كيلو من الطعام الذي يغلب علي أهل البلد، أو ما يساويه من الأموال، والأنفع في رأي غالبية الفقهاء إخراجها في صورة أموال لأنها أنفع للناس في وقتنا هذا، ويفضل التعجيل بإخراج زكاة الفطر لإغناء الفقراء والمحتاجين عن السؤال في يوم العيد، الذي هو يوم فرح وسرور علي جميع المسلمين، وهي كفارة للذنوب وستر للعيوب". وأشار كريمة إلي أن رأي الإمام أبي حنيفة النعمان هو أرجح الآراء وأكثرها يسرا علي المسلمين، لذلك أخذ به الكثير من العلماء كما يعمل به الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية والعديد من دور الإفتاء في العالم، وذلك لأن مؤسس المذهب الحنفي أجاز إخراج زكاة الفطر أموالا لأنها أنفع للفقير وأيسر له، وهاجم بعض المتشددين الذين يرفضون إخراج الزكاة مالا، قائلا إنهم لا يفقهون شيئا في أمور دينهم، ويثيرون الفتن بجهلهم، مشددا علي أن الزكاة لا تجوز علي الأب والأم لكنها تجوز علي الأخ أو الأخت. أما عن مفهوم الزكاة في الإسلام، فيري الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر الشريف، في تصريحات ل "دين ودنيا"، أن زكاة الفطر هدفها تطهير الصائم من اللغو والرفث وأي فعل غير صواب اقترفه خلال شهر الصيام من ناحية، وتوفير مدخل مالي لرعاية الفقراء والمساكين في المجتمع الإسلامي، لكي يعود المجتمع صحيحا سليما من الأمراض التي يخلفها الفقر فيه من حسد وحقد وصراع بين أبناء المجتمع الواحد، لذلك جاء التشريع العظيم بالزكاة لكي تعالج كل هذا، ومن الملاحظ أنه لا يوجد أمة من الأمم استطاعت أن تقدم حلا بمثل حكمة وبراعة الحل الرباني المتمثل في الزكاة. وأشار الأطرش إلي أن الزكاة ليست مجرد مبالغ نقدية يخرجها الفرد المسلم، لكنها درس في كيفية تحرر الفرد من خصلة البخل والحرص وتكنيز الأموال، فالهدف منها هو تطهير النفوس لقوله سبحانه وتعالي: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) "التوبة: 103"، وشدد الأطرش علي أن الزكاة علاج أكيد للفقر، ولكن المشكلة في التطبيق بسبب رفض البعض إخراج زكاتهم سواء كانت زكاة الفطر أو الزكاة المقررة بشكل عام، محذرا هؤلاء من التفريط في واحدة من أصول الإسلام الخمسة، مذكرا بقوله تعالي: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) "الحشر: 9".