المشروع يستوعب 200 مليون نسمة ويوفر 4.5 تيرا وات سنويا من الكهرباء النظام السابق تجاهل الفكرة وأعطي أولوية للقري السياحية والمشاريع الترفيهية منذ أن أعلن الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء عن البدء في تنفيذ المشروعات القومية التي حاول النظام السابق إجهاضها حتي لاح في الأفق مشروع منخفض القطارة، ذلك المشروع الحيوي الذي توقف العديد من المرات ووجهت الاتهامات إلي المخابرات الأمريكية أنها المسئولة عن توقفه لحرمان مصر من دخول العصر النووي وتهديد كيانها وحل محله القري السياحية الترفيهية التي ابتلعت الساحل الشمالي كله، فهل تعمد نظام مبارك توقيف المشروع الذي تبنته كل الأنظمة المصرية بدءا من الملك فاروق حتي السادات والذي أسماه هرم مصر الرابع إرضاء لعيون أمريكا؟ العناصر الأساسية في المشروع هي شق قناة من البحر إلي المنخفض من قرب "الضبعة" بطول يتراوح بين 73 و75 كيلو مترا، تسمح بمرور 16 مليار متر مكعب من المياه سنويا تشق في هضبة ارتفاعها حوالي 5.51 متر فوق سطح البحر ثم تندرج إلي كنتور 100 متر فوق سطح البحر، وهو الجزء الأكبر من طول القناة. ثم ترتفع الهضبة بالقرب من المنخفض إلي كنتور 200 متر فوق سطح البحر وفي هذا الجزء يبدأ حفر 15 نفقا، يتفرع كل منها عند المصب إلي نفقين لإدارة 30 توربينة كهربائية ولأن سقوط الماء إلي المنخفض سيكون بارتفاع 50 60 مترا، فاننا يمكن أن نحصل علي حوالي 80 مليار كيلو وات في السنة. قبل حرب أكتوبر عاد المشروع يبرق في عين أنور السادات فوضعته وزارة الكهرباء علي رأس سياساتها وفي 25 يوليو 1973 قرر مجلس الوزراء اعتبار المشروع مشروعا قوميا يستحق الأولوية حتي أنه أسماه بهرم مصر الرابع وجري توقيع اتفاقية مالية وفنية مع حكومة ألمانياالغربية لدراسة المشروع، وقدم بنك التعمير في بون 3.11 مليون مارك منحة لتمويل الدراسات النهائية، وفي عام 1975 شكلت لجنة عليا للمشروع من 12 عضوا، نصفهم من المصريين والنصف الآخر من الألمان، وبعد مناقصة عالمية رست الدراسات علي بيت خبرة ألماني هو (لاماير) لكن قبل أن تنتهي الدراسات رفع البيت تقديراته المالية للدراسات إلي 28 مليون مارك وذلك بإيعاز من المخابرات الأمريكية لأن إسرائيل خافت من أن تكون القنابل المستخدمة ستستخدم ضدها في يوم من الأيام. كانت الدراسات المطلوبة وقتها تدور عن التفجيرات النووية وتأثيرها علي الزلازل وعلي المياه الجوفية والمناخ والبيئة وضمان استمرار توليد الطاقة بجانب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسكانية المتوقعة، في ذلك الوقت وصل وفد من هيئة الطاقة النووية في فيينا، وشاهد موقع المشروع علي الطبيعة، وشعر بجدية مصر في تنفيذه، لكن كان من بين أعضائه من قدم تقريرا للمخابرات الامريكية عن خطورة امتلاك مصر لتكنولوجيا نووية تفجر بها المجري المائي الذي يوصل البحر المتوسط بالمنخفض. وقررت مصر أن تقاضي بيت الخبرة الألماني لاماير أمام لجنة التحكيم الدولية في باريس لتراجعه عن تنفيذ الدراسات المتفق عليها وذلك في عام 79 وسافر وفد من الدبلوماسيين والقانونيين، لكنه قبل أن يدخل في مفاوضات التحكيم صدرت تعليمات رئاسية بأن يعود للقاهرة ولا أحد يعلم لماذا أصدر السادات هذا القرار ولمصلحة من؟. وآخر محاولة لإحياء مشروع منخفض القطارة كانت اوائل عام 2005 عندما رفع الدكتور يوسف والي نائب رئيس الحزب الوطني الديمقراطي آنذاك رسالة إلي مبارك أكد فيها أن الاهتمام بالمشروع منذ 90 عاما وتمت دراسات عديدة بشأنه وذكر بإيجاز فوائده وأشار إلي تدخل لجهات أمنية من جهات عديدة لتعطيله لكن الزيادة الهائلة في أسعار البترول والتي شهدتها مصر في ذلك الوقت تحتم علينا البحث جديا في هذا المشروع خاصة شق ترعة توصيل المياه من البحر إلي المنخفض لم يعد ضروريا عملها بواسطة التفجير النووي فقد أصبحت لدينا تكنولوجيات أخري. وقبل سقوط مبارك بفترة قليلة تقدم المستشار فتحي رجب وكيل اللجنة التشريعية في مجلس الشوري بطلب مناقشة حول مشروع منخفض القطارة لمعرفة أسباب توقفه والدعوة إلي عودته مرة أخري لتوفير احتياجات مصر من الطاقة الكهربية النظيفة الرخيصة. وبعد ثورة يناير تغير الوضع إلي حد ما فبعد تصريح الدكتور شرف بالاهتمام بالمشروعات القومية تبادرت إلي الأذهان المشروعات التي توقفت عمدا ومنها هذا المشروع وقامت وزارة الإسكان بإدراج هذا المشروع في أجندتها فأقامت الهيئة العامة للتخطيط العمراني ورشة عمل تحت عنوان »آفاق وتحديات تنمية منطقة جنوب الساحل الشمالي الغربي ومنخفض القطارة كأحد المشروعات القومية« وقد صرح وزير الإسكان الدكتور فتحي البرادعي بأن الهدف من الورشة دراسة الإمكانات والمقومات التنموية لمنطقة منخفض القطارة وشمال الصحراء الغربية. وعن فوائد المشروع يقول الدكتور حسين الجمال الأستاذ الزائر بجامعة هارتفورد شير بإنجلترا والأمين العام الأسبق للصندوق الاجتماعي : يقوم المشروع علي جلب المياه من البحر المتوسط من خلال قناة مكشوفة أو أنفاق مياه وتدفق تلك المياه خلال توربينات مائية إلي قاع المنخفض لاستغلال تلك الطاقة المتولدة الناتجة عن فرق المناسيب بين مياه البحر والمنخفض حيث ستتكون بحيرة داخل المنخفض يصل منسوبها إلي 50 أو 60 متراً تحت سطح البحر، وهو المنسوب الذي تتساوي عنده كمية المياه المناسبة من البحر مع كمية المياه المتبخرة من البحيرة. أشار الجمال إلي أن المشروع سيوفر إجمالي طاقة 4.5 تيراوات سنويا خلال العشر سنوات الأولي و2.6 تيراوات خلال العشرين عاما التالية بعد أن تصل البحيرة المتكونة بالمنخفض إلي 50 متراً، الأمر الذي سيؤدي إلي ازدياد الثروة السمكية وإنتاج ملح الطعام، فضلا عن أنه يمكن إنشاء المصانع الكيماوية مثل غاز الكلور والصوديوم والبروم واليود والماغنسيوم، لافتا إلي أن هناك عددا من المآخذ التي جعلت المشروع مرفوضا في الثمانينيات مثل ضخامة التكلفة وانخفاض الجدوي الاقتصادية مقارنة بالطاقة الكهربائية المنتجة بالطرق التقليدية، يمكن إعادة النظر بها في ظل المتغيرات التي حدثت خلال العشرين عاما الماضية، مطالبا بتنفيذ المشروع في إطار المبادرات الإقليمية وخطة الدولة للوصول إلي الطاقة المنتجة من مصادر متجددة بنسبة 20٪ من إجمالي الطاقة المنتجة في مصر عام2020.