«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المراقب يطرح ثلاثة مشاريع عملاقة بإمكانها تغيير وجه الحياة في مصر
نشر في المراقب يوم 20 - 06 - 2011

لا ينقطع الحديث في مصر عن العديد من الأزمات اليومية التي تعكر صفو الحياة اليومية للمصريين ما حديث عن أزمة غذائية مقبلة وارتفاع جنوني لأسعار المواد الغذائية، وطوابير الخبز التي تطل برأسها من آن إلي آخر.
أيضا أزمة في الكهرباء، تفاقمت الصيف الماضي وعاني فيها المواطنون من انقطاع مستمر للتيار الكهربائي، وتسببت في خسائر اقتصادية عديدة، واختيار الضبعة موقعا لإنشاء أول محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية.
وبجانب هاتين الأزمتين، توجد أزمات ومشاكل أخري تعاني منها مصر، سواء الزيادة السكانية وتركز السكان في الوادي والدلتا وترك باقي مساحة مصر صحراء خالية من الحياة، وزيادة في أسعار المباني وتآكل الأراضي الزراعية نتيجة البناء عليها بما يهدد بانقراضها خلال 50 عاما فقط، وأزمات ومشاكل أخري ليس هذا مجالا لسردها.
لكن ماذا لو قلنا أن لكل تلك المشاكل هناك مشاريع قدمتها عقول مصرية للخروج بمصر إلي آفاق التنمية, ومنها مشروع تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح والذي نفذته الدكتورة زينب الديب في الفترة من 1990 وحتى 1997 وأثبت نجاحا في مراحله الأولي التجريبية حيث نجح المشروع في استنباط تقاوي تعطي إنتاجية للفدان تبلغ 35 إردبا وهو أمر بشر بتحقيق الاكتفاء في عام 1998، ولكن ولأسباب مجهولة حتى اليوم، اختفت أمهات القمح التي تم استنباطها وتوقف المشروع في ظروف غامضة.
وإذا كانت مصر تعاني من مشكلة كهربائية وقامت بإحياء المشروع النووي، أما آن الوقت لإحياء مشروع منخفض القطارة في شمال مصر، والذي يقوم على شق قناة من البحر المتوسط إلي المنخفض لإنتاج طاقة كهربائية رخيصة إلي جانب العديد من المنافع الأخرى.
وأخيرا.. لماذا لا نخرج من الوادي الضيق والدلتا إلي الصحراء لنغزوها وننفذ مشروع ممر التنمية، الذي قدمه الدكتور فاروق الباز منذ 20 عاما وإلي اليوم ينتظر التنفيذ. ولنبدأ في هذا التحقيق حديثنا عن تلك المشاريع الثلاث.
المشروع الأول: منخفض القطارة
يقع منخفض القطارة في الصحراء الغربية، عند منطقة العلمين، تبلغ مساحته نحو 26 ألف كيلو متر مربع، ويبلغ طوله حوالي 298 كم وعرضه نحو 80 كم، وينخفض عن سطح البحر بنحو 134 متر.
ومنذ بداية العقد الثاني من القرن العشرين وقد اتجهت أنظار العلماء إلي منخفض القطارة من أجل الاستفادة منه في توليد الطاقة الكهربائية، من خلال شق قناة تربط بين البحر المتوسط والمنخفض، والاستفادة من قوة اندفاع المياه في توليد طاقة كهربائية رخيصة، تصل إلي 2500 كيلووات/ساعة، هذا بجانب إنشاء مجتمع عمراني جديد حول البحيرة الصناعية الوليدة ينتج كميات كبيرة من السمك، ويستخدم المطر الناتج عن بخر المياه في زراعة المحاصيل التي تحتاجها مصر، وهو أمر سيؤدي في النهاية إلي خلق فرص عمل ومجتمع عمراني يخفف الضغط على الوادي والدلتا.
البداية كانت في عام 1916 مع البروفيسور هانز بنك أستاذ الجغرافيا في جامعة برلين، ومن بعده البروفيسور جون بول وكيل الجمعية الملكية البريطانية الذي نشر دراسة عنه في عام 1931، وفي ذات العام عرض حسين سري باشا وكيل وزارة الأشغال المشروع أمام المجمع العلمي المصري.
رغم أن المشروع بدأ في 1916، إلا أنه لم ينل حظه من الاهتمام الكافي حتى جاء عبد الناصر في الخمسينات وأراد إحياء المشروع، ليكون المشروع التالي بعد مشروع السد العالي في جنوب مصر. وبالفعل استدعت مصر خبراء ألمان لدراسة المشروع، وقدرت تكاليفه حينها على مدي 15 عام بنحو 4600 مليون دولار، على أن يكون حفر القناة باستخدام التفجيرات النووية السلمية.
لكن تعطل المشروع، بسبب الظروف التي أحاطت بمصر في ذلك العهد، وما دخلته من حروب في فلسطين، وحرب السويس، اليمن، الجزائر، الكونغو، وأخيرا جاءت هزيمة 1967 لتضع النهاية الحقيقة لأي مشروع طموح، حيث بدأ كل مجهود مصر يتجه إلي تحرير أراضيها.
قبل حرب أكتوبر 1973، وبالتحديد في شهر يوليو عاد المشروع من جديد، وبالتحديد خلال اجتماع مجلس الوزراء في 25 يوليو 1973، حيث اعتبر المشروع مشروعا قوميا، ومرة ثانية لجأت مصر إلي ألمانيا لدراسة المشروع، لكن تدخلت بالطبع الولايات المتحدة لتعطيل المشروع، خشية أن تستغل مصر التفجيرات النووية التي ستستخدم في شق القناة بين البحر والمنخفض في أي أغراض عسكرية. وكانت النتيجة أن توقف المشروع فجأة في عام 1977، ودون إبداء أسباب واضحة من جانب الحكومة المصرية حول دوافع الموت الفجائي لفكرة المشروع.
لكن المشروع، لم ينتهي إلي الأبد، ويظهر حلم تنفيذه كل فترة، خاصة أن مصر تحتاج إلي مزيد من الطاقة الكهربائية لسد حاجات القطاعات الاقتصادية، وسد حاجة السكان الذين يتزايدون يوما بعد آخر، كما أن مشروع منخفض القطارة سيفتح الباب على مصراعيه لإقامة مجتمع عمراني في الساحل الشمالي يوفر الملايين من فرص العمل، ويعيد استصلاح ملايين الأفدنة في تلك المنطقة، مما يساهم في الحد من الأزمة الغذائية في مصر.
وإلي اليوم تظهر اعتراضات على تنفيذ المشروع، فوزارة السياحة تري في المنطقة أرضا سياحية ممتازة، تصلح لكي تكون منشأ للعديد من القرى السياحية، ووزارة البترول تؤكد أن المنطقة غنية بالنفط، وخبراء البيئة يؤكدون أن المنخفض يحوي حفريات بيئية هامة.
وبجانب ذلك، ظهرت مخاوف من تأثير إنشاء بحيرة صناعية في المنخفض، تمثل ضغطا على القشرة الأرضية بما يمثله ذلك من إمكانية حدوث زلازل خاصة أن الصور الملتقطة للمنخفض تؤكد وجود شق أرضي في قاع المنخفض، إضافة إلي احتمال تسرب المياه المالحة إلي الدلتا وتهديدها للأراضي الزراعية.
ورغم تلك الاعتراضات إلا أن المشروع مازال صامدا، ويدافع عن نفسه بقوة، فقد اقترح البعض استبدال شق قناة من البحر المتوسط إلي المنخفض، بشق قناة جديدة وتوصيل مياه النيل إلي المنخفض.
الدكتور محمد عبد العزيز (الخبير في مجال البيئة) يقول بأن مشروع منخفض القطارة من المشاريع التي شارك في الدارسة التي تم إعدادها للمشروع في نهاية السبعينات وأوائل الثمانيات، مؤكدا أن الاعتراض الأساسي الذي ظهر في ذلك الوقت من جانب رجال البيئة هو وجود حفريات هامة في منطقة المنخفض، كما أن رجال البيئة اظهروا اعتراضهم على الطريقة التي كانت معروضة لحفر القناة من البحر إلي المنخفض باستخدام مواد نووية، بسبب إمكانية أن تؤثر تلك المواد على البيئة المصرية.
وأضاف د. عبد العزيز أنه بسبب ارتفاع مخاطر تنفيذ المشروع توقف العمل به، إلي جانب أن إنشاء بحيرة صناعية في المنخفض يمكن أن يسبب ضغط على القشرة الأرضية وبالتالي تظهر إمكانية حدوث زلازال في المنطقة.
وأشار عبد العزيز إلي أنه بسبب مخاطر توصيل مياه البحر إلي المنخفض اقترح البعض توصيل مياه النيل، غير أن الاعتراض هنا ظل موجودا بسبب وجود حفريات في المنطقة، إلي جانب وجود مخاوف من تحول القطارة إلي بحيرة تلاقي نفس مصير بحيرة مريوط وبحيرة المنزلة.
وأوضح أن تنفيذ مشروع منخفض القطارة يحتاج إلي دراسات عديدة في جميع الجوانب التي ترتبط به، سواء دراسات في مجال الزلازل، والحفريات، والثروة السمكية المحتملة من إنشاء بحيرة صناعية، ودراسات حول تأثير تلك البحيرة على مناخ المنطقة.
وشن د. عبد العزيز هجوما على الحكومة المصرية وأسلوب تعاملها مع العلماء، فالحكومة لا تريد أن تستمع إلي رأي العلم والعلماء، وضرب مثالا على ذلك بأن بعض رجال الأعمال اعترضوا على تخصيص منطقة الضبعة لإنشاء أول محطة نووية في مصر لتوليد الطاقة الكهربائية، وقد تعطل المشروع بسبب هذا الاعتراض لعدة سنوات بزعم أن المحطة ستؤثر على القرى السياحية في المنطقة، وبالفعل استمعت الحكومة لهذا الرأي، بينما لو كان هذا الرأي مثلا أحد العلماء فلن يستمع إليه أحدا بمثل القدر من الأهمية.
وقال أن المشاريع المعدة لنهضة مصر عديدة والدراسات متوافرة والكوادر العلمية على أتم استعداد للقيام بمهمتها، لكن للأسف تنفذ الحكومة ما يحلو لها فقط، فما تراه الحكومة صحيح يكون هو الصحيح وما تراه خطأ فلابد أن يكون خطأ، ومثال على ذلك أنه حينما غرق صندل في مياه النيل وهو يحمل زيوت، خرج علينا المسئولون ليقولوا أن المياه آمنة, هكذا ببساطة دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتأكد فعلا من عدم تأثر مياه النيل، وهذا القول يعد دليلا على عدم حيادية جهاز شئون البيئة.
وأكد د. عبد العزيز أن مصر الآن تحتاج إلي تعاون كل أبنائها من أجل النهوض بها وتنفيذ المشروعات الطموحة التي يمكن أن تخرجنا من حالة الركود التي نحياها، وحتى نصل إلي قرار نهائي في جدوي كل المشروعات المطروحة يمكن أن نشكل لجنة علمية محايدة، ويشترط في أعضائها أن يكونوا من الوطنين، ليدرسوا مشروع منخفض القطارة، ليصلوا إلي القرار الذي يحقق مصلحة مصر.
المشروع الثاني: ممر التنمية.. لمصلحة من التأخير؟!
ممر التنمية, فكرة طرحها العالم الدكتور فاروق الباز، أحد أبناء مصر المشهود لهم في العلم. وتتلخص فكرة المشروع في إنشاء طريق طولي؛ يمتد من ساحل البحر المتوسط في شمال مصر إلى بحيرة ناصر في الجنوب، يطول 1200 كم، وعلى مسافة تتراوح بين 20 و30كم من حافة هضبة الصحراء الغربية بالتوازي مع نهر النيل ومناطق التجمع السكاني، أي إنشاء طريق تنموي يسير موازيا لنهر النيل, و12 محور عرضي لربط المحور بالتجمعات السكانية في الوادي والدلتا.
ويتضمن الطريق إنشاء شريط سكة حديد وطريق دولي بمواصفات عالمية يستوعب 8 حارات وأنابيب مياه لتغذية المدن والتجمعات العمرانية التي ستنشأ على جانبي الطريق. وقد جمع الدكتور الباز الدراسات التي قدمها والصور الطبوغرافية والفضائية للطريق والمحاور الجانبية، في كتاب صدر تحت عنوان "ممر التنمية والتعمير.. وسيلة لتأمين مستقبل الأجيال القادمة في مصر". وقد صدر الكتاب في طبعة شعبية ضمن مشروع القراءة للجميع عام 2009.
وقد عدد الباز مزايا المشروع في كتابه، ومنها الحد من التعدي على الأراضي الزراعية في الوادي والدلتا، وفتح مجالات عمرانية جديدة تخفف الضغط على الوادي والدلتا، واستصلاح أراضي زراعية جديدة، وتوفير الملايين من فرص العمل أمام المصريين، والإقلال من الزحام في وسائل المواصلات وتوسيع شبكة الطرق الحالية، وتأهيل حياة هادئة ومريحة في بيئة نظيفة تسمح للبعض بالإبداع في العمل، وتنمية مواقع جديدة للسياحة والاستجمام في الصحراء الغربية بالشريط المتاخم للنيل.
والآن ونحن في عام 2010 يكون قد مر 20 عاما على بدء طرح الدكتور الباز للمشروع، ورغم كل هذه السنوات مازال يحتاج إلي الاهتمام الرسمي والشعبي في مصر، باعتباره الملاذ للخروج بمصر من الوادي الضيق. وتبلغ تكلفة المشروع الآن –كما قدرها الباز في كتابه– بملايين الدولارات، وربما تصل إلي 20 مليار دولار، وهذه القيمة ليست بالكثير في الوقت الحالي لا سيما أنها تؤمن مستقبل شعب بأكمله وتنقذ مصر من الوضع الاقتصادي المتردي.
وفي شهر إبريل الماضي أعاد الدكتور الباز طرح مشروعه مرة أخري، باعتباره الحل المتاح أمام مصر حاليا للخروج من حالة التردي التي تعاني منها، مقدرا تكاليف المشروع ب23 مليار دولار، ويستغرق في تنفيذه 10 سنوات، رافضا اعتبار مشروع ممر التنمية مشروعا بديلا لتوشكي، مؤكدا أن فكرته تساهم في إنقاذ مشروع توشكي الذي يعاني من نقص الاتصال بالمجتمع العمراني في الوادي والدلتا ولأن مشروعه يمر في توشكي فإنه بالتالي سيحل جزءا كبيرا من مشكلته.
واقترح الباز أن يتم عمل اكتتاب عام يبدأ بعشرة جنيهات لإنشاء مشروع ممر التنمية في الصحراء الغربية.
وتري مؤسسة "فاروق الباز للتنمية والتعمير" ان تمويل هذا المشروع يمكن أن يعتمد على كل من القطاع الخاص والاكتتاب الشعبي والحكومة، من خلال صندوق خاص يديره مجلس أمناء مستقل تحت إشراف رئيس الجمهورية.
وعن مشروع ممر التنمية أكد الدكتور محمد عبد العزيز أن هذا المشروع؛ رغم أهميته لم ينل الاهتمام الحكومي، والسبب تجاهل الدولة للعلم والعلماء، وعدم رغبة المسئولين في العمل، والظهور بأن هناك من يفوقونهم في العلم. فالوزير يخشي أن يستعين بعقلية مثل فاروق الباز، حتى لا يظهر أمام رئيس الدولة بأن هناك من يفوقه أو يقدم دراسات أفضل مما يقدم هو، ولذلك يسعى المسئولون والوزراء إلي تطفيش العلماء.
وقال إن الحكومة في مقابل تجاهلها لمشروع حيوي مثل ممر التنمية نجدها تهتم بالمشروعات التي قد تخدم فئات معينه أو طبقة رجال الأعمال، بل ونجد همة ونشاط في التنفيذ، وقال إنه خلال إحدى سفرياته إلي الإسكندرية لاحظ أن مشروع تحويل طريق مصر–إسكندرية الصحراوي إلي طريق حر تعمل به شركات كبرى، فشركة مثل المقاولين العرب تعمل في وصلة مداها 30 كم فقط، وتستعين في ذلك بجيش من العمال والآلات. أي أن الحكومة إذا رأت تنفيذ مشروع فإنها تستطيع تنفيذه وفي فترة قصيرة، لكن للأسف القائمين على أمورنا لا يراعوا مصالح الوطن.
وانتقد د. عبد العزيز تأخير مشروع ممر التنمية، رغم شدة الحاجة إليه، خاصة مع تزايد عدد السكان عاما بعد عام، وتكدس كل هذا العدد في الوادي والدلتا، حتى أصبحت كل حياتنا محصورة في غرفة واحدة من بناية ضخمة، نأكل ونشرب ونعيش في تلك المساحة الضيقة، مضيفا أن التأخير في تنفيذ مشروع ممر التنمية يعني ارتفاع تكلفة التنفيذ عاما بعد آخر، فالسد العالي تكلف حوالي 400 مليون دولار، وهذا لا يساوي شيئا أمام التكلفة التي يمكن أن يأخذها في حالة إنشاء سد مشابه له في الوقت الحاضر.
وأضاف أن إنشاء ممر التنمية يعني إنشاء رئة جديدة لمصر تتنفس منها وبها، فنحن نتكدس في الدلتا بشكل مخيف، متسائلا: إلي متى ننتظر؟ ولمصلحة من تأجير المشروع؟ ولمصلحة من نضغط على المصريين لكي يهاجروا ويتركوا أرضهم ويسافروا إلي بلاد أخري لا تحترم أدميتهم؟ مضيفا أنه رأي في حرب العراق كيف أن الأردنيين كانوا يحصلون على وجبات من الكباب، بينما المصريون ينظرون إليهم في حسرة.
وأشار إلي أن عدم تنفيذ المشروعات الكبرى ربما يكون سببه تخلف الوزراء الذين يصلون إلي كراسي الوزارة بسبب اختيارات لا تراعي الكفاءة، وبالتالي يحاول الوزير أو المسئول أن ينسب كل عمل إليه، ويحارب في نفس الوقت كل من يحاول ان يقدم بحثا علميا يفيد البلاد، كما أن النظام الحاكم حاليا يريد أن يظل المصريون تحت ضغط، مستغلا حاجة الناس إلي لقمة العيش، وبالتالي تتحول حياة الناس إلي صراع من أجل الحياة والحصول على الطعام والشراب، ولا يلتفتوا إلي أمور السياسة.
وقال إنه إذا كانت المشروعات تحمل جوانب إيجابية وسلبية، فالأفضل هنا هو تشكيل لجان علمية متخصصة، تدرس المشروع من جميع الجوانب، وتقارن بين الإيجابيات والسلبيات لتتخذ في النهاية القرار الذي يحقق مصلحة مصر، فالسد العالي على سبيل المثال كانت له جوانب سلبية، لكنه حمى مصر من العديد من المخاطر وأثبت أنه المشروع القومي الرئيسي لمصر في القرن العشرين.
قنديل: هي حرب على العلم والعلماء
الدكتور عبد الحليم قنديل (الكاتب الصحفي) يؤكد أن توقف مشروعات التنمية في مصر، سواء كان مشروع منخفض القطارة أو ممر التنمية أو تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وغيرها من المشروعات ليس لها تفسير إلا أننا بصدد نظام لا يهتم بالعلم والعلماء والثروة المصرية والشعب المصري، بل نحن أمام مجموعة من المنتفعين تخصصت في النهب العام، والاستيلاء على الأراضي بابخس الأسعار من أجل خدمة مصالح طبقة محددة من الأفراد، تفرغت تماما لخدمة مصالحها، وليس لديها وقت لكي تفكر في خدمة هذا الوطن.
وأضاف قنديل أن هناك مشروعات عديدة توقفت لأسباب لم تعلنها الحكومة، لكن السبب يبدو واضحا وظاهرا للقاصي والداني، أنها لا تريد أن تخدم مصر، علي سبيل المثال، في الثمانيات عزمت مصر على زراعة ملايين الأفدنة في السودان لتحقيق الاكتفاء الغذائي، وبعد أن أوشك المشروع على البدء تراجعت الحكومة بسبب ضغوط أمريكية، والمثال الثاني موجود في قصة إنشاء الجسر البري بين مصر والسعودية على خليج العقبة، فقد عرضت السعودية أن تتحمل هي إنشاء الكوبري على نفقتها، لكن للأسف رفضت مصر المشروع، رغم أنه كان سيحقق العديد من المزايا، منها الربط بين الجناح الشرقي الآسيوي والجناح الغربي الأفريقي من العالم العربي، كما سيخدم حركة التبادل التجاري بين مصر والسعودية، والسياحة الدينية إلي مكة والمدينة المنورة. لكن، وللأسف رضخت مصر للضغوط الخارجية ورفضت المشروع الذي رأت القوى الإسرائيلية والأمريكية أنه يتعارض مع فكرة إنشاء إسرائيل لتكون حاجزا بين العالم العربي في آسيا وأفريقيا.
وقال د. قنديل إن نفس الأمر ينطبق على مشروع منخفض القطارة، والذي ظهرت دراساته منذ بداية القرن العشرين، وقد رفضت الحكومة تنفيذه، والسبب أن المسئولين ليس لديهم وقت، ومشغولون بأمورهم الشخصية، ويريدون لمصر أن تظل غارقة في مشاكلها، مضيفا أن تنفيذ تلك المشروعات يحتاج إلي إرادة وطنية قوية، مثلما حدث في مشروع السد العالي، والذي يعد بحق آخر المشاريع العملاقة في مصر، حيث وقفت الإرادة الوطنية خلف المشروع، والتف الشعب من أجل تنفيذه، وخاضت مصر حربا من أجل توفير التمويل للمشروع.
وأكد أن طبقة الأغنياء هي التي تضع أولويتها في المقام الأول عند النظر في أي مشروع، دون أن تراعي أو تأخذ في الاعتبار أي اعتبارات علمية، وهذه النظرة هي التي تجعل الحكومة تتعامل مع مصر بإتباع "سياسة اليوم بيوم" فلا يوجد أي تخطيط مستقبلي.
وقال إن القضية هنا ليست الديمقراطية؛ لنقول بأن النظام ديكتاتوري أو ديمقراطي حتى ينفذ أو لا ينفذ المشروعات الكبرى المفيدة لمصر، والدليل على ذلك أن الصين نهضت رغم أنها دولة ليست ديمقراطية، لكنها حققت تقدما اقتصاديا في أقل من قرن يقابل ما حققه الغرب في خمسة قرون، وعندنا في مصر محمد علي باشا، الذي نفذ العديد من المشروعات الطموحة دون أن نقول عنه أنه رجل ديمقراطي.
وأشار د. قنديل إلي أن انخفاض ميزانية المركز القومي للبحوث تعد أحد أسباب تخلفنا علميا، فمخصصات البحث العملي تبلغ 0.2% من الدخل الإجمالي.
المشروع الثالث: تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح
خلال الفترة بين عامي 1990 و1997 قامت الدكتورة زينب الديب بتنفيذ مشروع مصري طموح يهدف إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح في مصر، حيث قامت باستخدام سلالات من القمح وصلت بإنتاجية الفدان إلي 35 إردبا مقارنة ب18 إردبا تغلها الأراضي المصرية للفدان الواحد.
وتؤكد د. الديب أن المشروع القومي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح كان من المشروعات الناجحة، والتي كان بمقدورها تحقيق اكتفاء مصر من القمح في عام 2000.
ورغم أن المشروع حقق نجاحا في مراحله الأولي، إلا أن د. الديب اتهمت وزير الزراعة الأسبق بتدمير المشروع، وتحويله من أيدي الحكومة إلي القطاع الخاص، كما أكدت أن الأصناف التي استنبطها علماء مركز البحوث الزراعية وسلمتها إلي وزارة الزراعة قد اختفت في ظروف غامضة، ولا تستعبد أن يكون ذلك لصالح دول معادية لمصر ترى مصلحتها في القضاء على الزراعة في مصر ومشروعاتها الزراعية.
وقد شنت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد حملة صحفية في "الأهرام" من أجل الكشف عن الأسباب وراء توقف المشروع، واختفاء أمهات القمح حتى اليوم.
وقالت سكينة فؤاد في برنامج "مانشيت" إن عام 1998 كان العام المقدر لكي تحقق مصر والسودان الاكتفاء من القمح، يليهما اكتفاء 22 دولة عربية، متسائلة: من قتل المشروع؟ ومن أوقفه؟ وأين ذهبت دراساته؟ وكيف لم يتم حساب مرتكبي الجريمة؟ لعل في العمر بقية لنكمل بعض تفاصيل قصة أو جريمة إطلاق الرصاص علي القمح الذي يتباكون عليه الآن!
وأكدت سكينة فؤاد أنها تملك أوراقا ومستندات وأفلام مصورة عن المشروع وبشهادة شخصيات حية قائلة، وقد تم تقديم مئات الوثائق الدالة علي الحرب القذرة التي تدار في الخفاء لحرمان مصر من ثمار عقول وعلم أبنائها.
محمد عبد المجيد برغش (أمين الفلاحين في جمعية مواطنين ضد الغلاء) يقول إنه حضر منذ ثلاثة سنوات أو أكثر مؤتمرا في نقابة الصحفيين استمر خمسة ساعات كاملة، وقد انقسم الحاضرون فيه إلي فريقين، فريق يؤيد الدكتورة زينب الديب، وفريق يعارضها باعتبار أنها في الأصل ليست دكتورة في الزراعة، وليست متخصصة في الزراعة، وإنما هي عالمة انثربولوجي، مضيفا أنه منذ شهر تقريبا خرج الدكتور عبد السلام جمعة، والذي يلقب ب"أبو القمح"، بتصريح قال فيه إن البذور التي اعتمدت عليها الدكتورة زينب الديب كانت من بذور المركز القومي للبحوث الزراعية. وأكد د. جمعة أنه أول من توصل إلى أصناف جديدة من القمح المصري وصلت بإنتاجية الفدان إلى 35 إردباً خلال الفترة ما بين عامي 1973 وحتى 1985, مؤكدا رفضه لأي ادعاءات بتوصل علماء آخرين لهذه الأصناف.
وقال برغش إن مشروع الدكتورة زينب تم تنفيذه بالفعل، ثم توقف فجأة في عام 1997 لأسباب مجهولة، وقد تبنت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد حملة صحفية للدفاع عن المشروع.
وأكد برغش أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح هو حلم كل مصري، ولابد من دعم هذا الحلم وتحقيقه، خاصة أن مصر تمتلك القاعدة العلمية القادرة على تحقيق ذلك، مضيفا أن تحقيق اكتفاء ذاتي من القمح يحتاج إلي عدة أمور، أولها قرار سياسي، لأن توافر الإرادة السياسية سيساعد على توفير الإمكانيات المادية والعلمية والفنية، واستنفار الهمم، إلي جانب توفير الأراضي والمياه.
وأضاف أن الأمر يحتاج أيضا إلي الارتقاء بالغلة الرئيسية للفدان، وهذا يتحقق من خلال عدة محاور منها إدخال تكنولوجيا "النانوتكنولوجي" وهناك في معامل البيوتكنولوجي في كلية الزراعة جامعة القاهرة يعمل الباحثون جاهدين على استنباط تقاوي "رباعية الكربون" تضاعف إنتاجية الفدان بمعدل 100% كما يمكن زراعة التقاوي في الأراضي الملحية، وبالتالي تزيد المساحة الرأسية، كما يوفر القمح رباعي الكربون فيتامينات أكثر 150% عن المتوافرة في القمح ثلاثي الكربون المتوفر حاليا، كما سيعمل أيضا على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون مما يؤدي إلي التقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجات حرارة الأرض.
وشدد برغش أيضا على أن الأمر يحتاج إلي تطوير منظومة الري، من الري بالغمر إلي استخدام الري بالتنقيط، والري بالرش، والري بالرشح والذي يستخدم في الأماكن الحارة، مع ضرورة الارتقاء ببحوث القمح الذي لا يستهلك كمية كبيرة من المياه.
وأكد برغش أن تحديد موعد زمني لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح لا يمكن تحديده بتوقيت محدد، لأن الأمر يتوقف على قرار سياسي، وتوافر القاعدة العلمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.