شهدت عدة مناطق في جميع أنحاء الجمهورية انقطاعات متكررة للكهرباء خلال شهور الصيف الحارة, حيث سجل شهر يوليو الماضي أكبر معدلات انقطاع الكهرباء وتوقع الكثيرون توقف هذه الانقطاعات مع بداية شهر رمضان, خصوصا بعد تصريحات وزير الكهرباء التي أفادت بعزم الوزارة تجنب حدوث ذلك في رمضان, ولكن علي غير المتوقع فمع حلول شهر رمضان بدت الانقطاعات أكثر حدوثا حتي تأزم الموقف لكثرة شكاوي المواطنين من جانب ولتحميل الوزير مسئولية الانقطاعات للمواطنين أنفسهم بدعوي أنهم لا يرشدون استخداماتهم للكهرباء, حتي وصل الأمر الي اعتصام المواطنين ببعض المحافظات, ومحاولة بعض المواطنين قطع الطريق علي المجلس المحلي بالفيوم لاحتجاجهم علي الانقطاعات المستمرة والمفاجئة للتيار, هذا قبل أن يتبادل كل من وزيري الكهرباء والبترول الاتهامات بهذا الشأن.ولأننا نثق أن مسئولي شركات الكهرباء لم يتعمدوا العكننة علي الناس في شهر رمضان بهذه الانقطاعات التي وصل متوسطها في بعض الاحيان الي8 ساعات, فإننا نحاول قراءة الموقف خلال السطور التالية. في تقرير صادر عن وزارة الكهرباء إشارة إلي أن القاهرة الكبري صاحبة الرصيد الأعلي في زيادة الاحمال لارتفاع حائزي أجهزة التكييف وارتفاع مستوي معيشة قاطنيها, تليها محافظة الاسكندرية أكثر المحافظات استهلاكا للكهرباء نتيجة زيادة الأحمال التي وصلت الي380 ميجا وات وان معدلات استهلاك الكهرباء خلال الموجة الحارة وصلت الي2500 ميجا وات وهو ما يعادل ضعف إنتاج السد العالي, وفيما يخص دعم الكهرباء الذي يزيد علي7 مليارات جنيه أشار التقرير الي أن الدعم لا يذهب لمستحقيه حيث أكد التقرير أن دعم الحكومة لأسعار الكهرباء تلتهمه تكييفات الاثرياء. عكننة في أوقات الراحة في البداية يقول صبري عبدالعزيز من سكان القاهرةالجديدة مشكلة انقطاع التيار المتكرر تسببت في إتلاف الأجهزة الكهربائية وفساد الأطعمة وانقطاع المياه مما حول الشهر الكريم الي مأساة يومية, والغريب أن التصريحات الحكومية تؤكد أن مصر تقوم بتصدير الكهرباء الي الدول المجاورة, فكيف نصدر للخارج والداخل يعيش في الظلام. ويؤيده في الرأي سيد حسين موظف محال علي المعاش ويقطن بالعمرانية قائلا يتكرر انقطاع الكهرباء يوميا علي فترات متباعدة واستمر مع قدوم شهر رمضان خاصة في وقت صلاة التراويح فأصبحت الكهرباء مصدر عكننة علينا كل يوم ويسأل هل سيستمر الوضع علي ذلك طوال الشهر؟ ويقول أحمد سليمان محاسب تكرار انقطاع الكهرباء يكون خلال فترات النهار وتحديدا في ساعات الظهيرة في أكثر الأوقات التي يحتاج فيها المواطن إلي الكهرباء لتشغيل الأجهزة الكهربائية التي تلطف من هذا الجو شديد الرطوبة لتتحول ساعات الراحة التي أقضيها بالمنزل إلي ساعات من العذاب تجعلني لا أقوي علي مواصلة عملي ليلا. وتقول علا هاشم ربة منزل امتنعت اخيرا عن وضع الكثير من الاطعمة في الثلاجة بسبب تكرار الانقطاع الأمر الذي جعل كثير من الاشياء المنزلية تفسد بسبب هذا الانقطاع, ويجب أن تكون أوقات الانقطاع معلنة بمحطات التليفزيون ليأخذ الناس احتياطاتهم. لا لغلق المحلات وعن تدابير الحكومة التي اعلنتها مثل اغلاق المحال مبكرا لتوفير الطاقة أعرب احمد صابر موظف عن اعتراضه بشدة علي فكرة الإغلاق قائلا التسوق في أوقات الظهيرة صعب جدا خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة الشديدة ولو طبق هذا القرار سيخسر التجار بالطبع وسيطول الضرر المستهلكين ايضا ومن باب أولي أن تغلق الاعمدة المنارة نهارا أولا قبل مطالبة التجار بخسارتهم. ومعه يقوم عصام مسلم صاحب محل لعب أطفال قرار إغلاق المحال التجارية لن يفيد بشيء في ترشيد استخدام الكهرباء وسيؤثر علي التجار جميعا وسيصيب حركة التجارة بالشلل التام ولا يمكن تقييد حركة البيع والشراء بهذه الطريقة لأن ما يعلنه المسئولون كل يوم يؤكد أن مصر لديها ما يكفيها من الطاقة, فعليهم بحث المشكلة بعيدا عن رزقنا. ويؤيده في الرأي ياسر قدري صاحب محل أدوات كهربائية حيث يقول السوق تعاني من حالة ركود وكساد واضحة ولسنا في حاجة الي قرارات جديدة تؤثر علي القوة الشرائية والموعد المقترح لإغلاق المحال هو بداية إقبال الزبائن خاصة بعد انتهاء مواعيد أعمالهم وهناك ألف طريقة أخري ولا شك أن الكهرباء تعاني من أزمة حقيقية ونحن كمواطنين نعاني منها يوميا في منازلنا ولكن هذه مسئولية وزارة الكهرباء وليست مسؤليتنا. وتقول صفية محمد بائعة بأحد محال الملابس الجاهزة معظم المحال التجارية الآن تعمل طوال أيام الاسبوع دون اجازة أسبوعية في محاولة منهم لزيادة المبيعات خاصة أن أوكازيون هذا العام بلا زبائن نتيجة تزامنه مع شهر رمضان ثم قدوم المدارس فكيف تطلبون منا إغلاق المحال في وقت يشهد ذروة البيع والشراء. ويوضح فتحي خليل عضو مجلس الشعب أنه من الأفضل إغلاق أعمدة الانارة التي تضيء الطرق الصحراوية ليلا ونهارا مطالبا وزارة الكهرباء بدراسة الاخطاء التي وقعت فيها لتلافيها في الفترة القادمة. من يدفع الفاتورة ويقول الدكتور عاطف العوام نائب رئيس جامعة عين شمس إن الكهرباء تعتبر عصب العديد من المجالات الحيوية, وللخروج من هذه الأزمة لن نجد سوي ترشيد الاستخدام مع تنظيم كيفية استخدامها, فلا مانع من تحديد مواعيد لإغلاق المحال التجارية للترشيد بصرف النظر عن رغبات البعض فلابد من وضع مجموعة ضوابط لأن الحرية بلا ضوابط حولت الأمور الي فوضي. أما فيما يخص تخفيض أعمدة الإنارة الي50% فلا مانع ايضا ولكن بشرط ألا يخل خفض الإنارة في الشوارع بالأمن, وأن يكون ذلك بالتنسيق بين وزارة الكهرباء والداخلية بالاضافة الي الترشيد في مظاهر الزينة الخاصة بالأعياد والمواسم, ويبرر د.عاطف القطع المفاجئ الذي تعرضت له العديد من المحافظات بالضغط الشديد علي الأحمال وارتفاع درجات الحرارة مؤكدا أنه علي الوزارة اتخاذ الاحتياطات اللازمة في حالة الانقطاع, لانه في حال تأزم الموقف أكثر من ذلك سيدفع المواطن ثمنا مضاعف للخروج من الأزمة للمساهمة في تمويل وانشاء محطات كهرباء جديدة لتغطية الاستهلاك. ويري الدكتور سلطان ابو علي وزير الاقتصاد السابق أن هناك نقصا في معروض الكهرباء مقارنة بالاستهلاك, بالإضافة الي الزيادة السكانية الكبيرة مما تسبب في انقطاع الكهرباء بالعديد من المناطق وهذا يتطلب العديد من الاجراءات للموازنة بين العرض والطلب من خلال برامج تحسين استخدام الطاقة مثلما نجحت الصين في زيادة الانتاج وتخفيض الاستهلاك من خلال برامج متخصصة في قطاع الصناعة ونجحت في خفض الاستهلاك بنسبة10% خلال عشر سنوات وهذا يحتاج الي إجراء دراسات عملية بالمصانع لترشيد الاستهلاك باستخدام وسائل تساعد علي ترشيد استخدام الطاقة ولا تؤثر علي الإنتاج في نفس الوقت بالتعاون مع مراكز الأبحاث لإيجاد سبل جديدة للتوفير في استخدام الكهرباء, مضيفا ان تحديد شرائح للفئات يعد سببا رئيسيا للترشيد ويجب رفع أسعارها بالنسبة للشرائح الكبيرة لان أغلبهم يستخدمون أعدادا كبيرة من أجهزة التكييف كنوع من الرفاهية ومن يرد الرفاهية فعليه أن يدفع من أمواله الخاصة, وألا يكون ذلك علي حساب المواطن البسيط الذي يستخدم مروحة واحدة في شقته, ومن العدل ان تتحمل الفئات العليا النصيب الأكبر من تكلفة الانتاج وأن تقوم وزارة الكهرباء بالدعم التبادلي لهذه الشرائح والعمل علي برامج متكاملة بالتعاون مع وزارة البترول. وتشاركه في الرأي الدكتورة عالية المهدي رئيسة مركز البحوث الاقتصادية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية مؤكدة ان تطبيق فكرة الشرائح لأنماط الاستهلاك ضروري, فليس من العدل ان يتساوي ما تدعم به الحكومة الفقراء مع الأغنياء مؤكدة أن منظومة الدعم في مصر تعاني من سوء الإدارة لأن الدعم لا يصل في كثير من المجالات إلي مستحقيه, وتعتبر د. عالية أن الكهرباء أحد النماذج الصارخة لذلك فعند دفع الفاتورة يتساوي محدود الدخل مع ميسور الحال في قيمة الشريحة وعند حدوث انقطاعات الكهرباء خلال الأيام الماضية في بعض المحافظات كان المتضرر الأكبر هم البسطاء والمواطنين العاديين رغم استهلاكهم المتواضع للكهرباء, ويجب ان نعمل علي بناء محطات توليد الكهرباء مؤكدة أن هناك إسرافا في استهلاك الكهرباء وكان يجب الالتفات اليه من البداية مثل أعمدة الإنارة المضاءة في النهار ويتحمل المواطن هذه الأخطاء ويتكبد فاتورة كهرباء مرتفعة. ويوضح الدكتور إبراهيم فوزي أن السبب في الانقطاعات المستمرة للكهرباء جاء نتيجة عدم توافر الصيانة الكافية والدورية للكهرباء فضلا عن زيادة الأحمال أكثر من المتوقع وأن وزارة الكهرباء لم تأخذ الاحتياطات اللازمة وهذا يستلزم بناء محطات جديدة ويتوقع ارتفاع أسعار الكهرباء خلال الفترة القادمة لحل الأزمة مؤكدا أن دعم الكهرباء مطبق للشرائح البسيطة الدنيا التي لا يتعدي استهلاكها للكهرباء من5 إلي10 كيلو وات لذلك لا يشعر المواطنون به. أعمدة الإنارة مسئولية الأحياء وأرجع الدكتور أحمد السيد مصطفي السبب في نقص الطاقة الكهربائية المولدة لإفراط استهلاك الشركات الصناعية مما تسبب في نقص المعروض مضيفا أن أعمدة الإنارة هي السبب الثاني في الكارثة وألقي المسئولية علي رؤساء الأحياء. ويضيف قائلا الأعمدة مضاءة بالشوارع والميادين مننذ20 عاما نتيجة استهتار وتقصير أعضاء الحكم المحلي كما أن الإعلام لم يقم بدور فعال في أزمة الكهرباء حتي الآن من حث الناس علي الترشيد, فيجب ان تتعاون وسائل الإعلام مع وزارة الكهرباء لصياغة إعلانات تحث علي الترشيد لتدارك الأزمة والدعوة إلي استخدام اللمبات الموفرة بالإضافة الي إعلانات توعية خلف ايصالات الكهرباء. وتوضح الدكتور نوال النظاوي وزيرة الاقتصاد السابق انه في ظل نوبة ارتفاع درجات الحرارة والاستهلاك المفرط لأجهزة التكييف والأحمال المتزايدة في اوقات الذروة يصبح انقطاع الكهرباء أمرا طبيعيا ومن الأفضل استحداث محطات التوليد واللجوء تدريجيا الي مصادر الطاقة المتجددة موضحة أن فكرة تطبيق مواعيد محددة للمحال التجارية واجبة ومطبقة في عدد من الدول. استهلاك المنازل يفوق المصانع ومن جانبها تقول الدكتور يمن الحماقي وكيلة اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري إن الارقام تؤكد أننا استهلاكيون اكثر من اللازم حيث يمثل الاستهلاك المنزلي من الكهرباء39% والمصانع تمثل33% مما يثبت الخلل في منظومة الكهرباء, وتؤكد أن كثرة الأعطال في الفترة الأخيرة تثير العديد من التساؤلات أهمها كيف تغطي الكهرباء هذه التوسعات وتحقق مكاسب بدلا من الخسارة وكيف نحافظ علي الاستثمار بالمناطق الصناعية, فللأسف لاتقوم الوزارات المعنية باتخاذ التدابير اللازمة والتوصيات المقدمة فهناك توسعات مستقبلية وفرص للتنمية مهددة بالخسارة, وفي مناقشات المجلس لقضايا الطاقة طرحنا فكرة توافر خط ثان للغاز باعتباره المصدر الرئيسي للكهرباء وهذا يحتاج الي تكاتف العديد من الجهات لتوفيره والأخذ بالتوصيات والإجراءات والجدية في تنفيذها ومتابعتها والبحث عن بدائل مثل الطاقة الشمسية وتشجيع الأبحاث العلمية والابتكارات للحفاظ علي فرص الاستثمار ورفع الطاقات الإنتاجية القادرة علي المنافسة. وتتابع قائلة علي مدار كل دورة بمجلس الشوري شهدنا توقيع عدة اتفاقيات او منح دولية لزيادة إنتاج الطاقة لكن جهود الحكومة لا تواكب زيادة الاستهلاك بدليل الانقطاعات المتكررة التي تعرضت لها جميع المحافظات مما أصاب الحياة بالشلل حيث انقطعت الهواتف وتعطل العمل بالمستشفيات والهيئات الحيوية, والسنوات الخمس عشرة الأخيرة شهدت تضاعف معدلات إنتاج الكهرباء نتيجة التوسع في إنشاء المصانع بالمدن الصناعية الجديدة كما تضاعف عدد الوحدات السكنية وبالتالي زاد استهلاك الطاقة سواء للأغراض التجارية والصناعية أو المنزلية بمعدلات أعلي من الطاقة الكهربائية المنتجة وتجب إعادة النظر في دعم أسعار الكهرباء والطاقة للصناعات كثيفة الاستخدام مثل الحديد والأسمنت والأسمدة ليتم إلغاء الدعم بشكل تدريجي نظرا لان هذه الصناعات تحقق أرباحا كبيرة كما أن رجال الأعمال والصناعة يحصلون علي دعم سنوي للطاقة والكهرباء يقدر بنحو7 مليارات جنيه, وفي حالة رفع الدعم عنها جزئيا سيتم توفير موارد لدعم أسعار الكهرباء للفقراء أما محاولات الترشيد من تخفيض إنارة الشوارع والإغلاق المبكر للمحلات فليست هي الحل الأمثل حتي لا تزداد الجريمة في الشوارع, خاصة وأننا كبلد سياحي لا يليق أن تكون شوارعنا مظلمة. التكييف.. المتهم الأول ويقول محمد المرسي رئيس النقابة العامة للعاملين بالمرافق ان أجهزة التكييف هي سبب الكارثة ففي2008 كان عدد أجهزة التكييف70 ألف جهاز أما في2010/2009 فوصلت الي3 ملايين جهاز تكييف, ومع استخدامها بكثرة في أوقات الذروة يحدث التحميل الزائد علي الدوائر الكهربائية وتستهلك العديد من الكيلو وات وينصح المرسي المواطنين بألا يستخدموا جميع الأجهزة في نفس الوقت مؤكدا أنه عند التمييز في شرائح الكهرباء بين الأغنياء والفقراء سنجد ثقافة الترشيد بدأت تفرض نفسها علي المواطنين. ويؤكد جلال غراب وكيل لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب أنه لمس تأثير انقطاع التيار بالعديد من المناطق أثناء زيارته للعديد من الدوائر ويقول علي مسئوليتي مصر تملك طاقة كهربائية تكفي كل الاستهلاك ويزيد ايضا ولأن أغلب المحطات تعمل بالغاز أو المازوت يفضل كميات الغاز وقد تكون المحولات غير سليمة وتحتاج الي إعادة توزيع مرة أخري. وفكرة الاستعانة بالطاقة المتجددة لن تجدي لأن الرياح أو الشمس توفر150 ميجا فقط أما ما تولده محطتان حراريتان فيصل الي200 ميجا أي أن طاقة كل منهما تساوي ما يتولد من السد العالي فالازمة تنحصر في العجز في الغاز أو ضرورة تجديد المحولات. ويؤكد الدكتور أكثم ابو العلا وكيل أول وزارة الكهرباء أن أوقات الذروة من الساعة8 الي10 مساء تمثل أكبر ضغط خلال شهر رمضان وعلي الوزارة حث المواطنين علي الترشيد, ويقول إذا خفض كل مواطن استهلاكه5% ستنتهي أزمة الكهرباء وتقوم الوزارة بالاهتمام بكل المحافظات بنفس المستوي وهناك اجراءات صارمة للحفاظ علي التغذية الكهربائية خلال الشهر الكريم وظاهرة تخفيف الاحمال لن يتم اللجوء اليها إلا في أضيق الحدود, وشهد استهلاك الكهرباء طفرة وصلت الي20% وهي زيادة غير مسبوقة وهناك إجراءات مشددة لمواجهة أية مشاكل في الشبكة الكهربائية خلال شهر رمضان,