عقد الرئيس مبارك اجتماعاً مع رئيس الوزراء د.أحمد نظيف، ووزيري البترول والكهرباء، قالت بعض المصادر إنه تطرق في جانب منه إلي انقطاع خدمات الكهرباء في العاصمة والمحافظات، وأن الرئيس طلب إيجاد حل عاجل لا يحمل المواطنين مزيداً من الأعباء. لسنا في حاجة الي القول إن الرئيس مبارك حريص باستمرار علي مصلحة المواطن المصري وأنه شعر بمعاناة المواطنين بسبب انقطاع الكهرباء ثم المياه ووصلت اليه الشكاوي المتصاعدة بهذا الشأن. لذلك أتصور أن الاجتماع مع السيد الرئيس تناول الموضوع بحزم يضع الحكومة أمام مسئوليتها أمام الشعب، فليس لديها عذر علي الاطلاق، بعد الإنفاق الضخم علي المرافق علي مدي ثلاثين سنة، كما أن الأعذار غير مقبولة حين تتعلق الأمور بمصالح ومرافق حيوية للمواطنين.. لا تقبل منطق المفاجأة. شهر رمضان له موعد معروف يأتي فيه كل عام، يعني لا يأتي فجأة، فهو الشهر التاسع في ترتيب الشهور الهجرية، يأتي بعد شعبان ويعقبه شوال، ويسير الأمر علي هذا المنوال منذ آلاف السنين ونظرا لاختلاف التقويم الهجري الذي يعتمد علي الشهور القمرية، عن الميلادي الذي يعتمد علي الشهور الشمسية، فإن الشهر التاسع الهجري وهو رمضان يأتي أحيانا في الصيف الحار وأحيانا أخري يأتي في البرد القارس في دورة منتظمة تتكرر مرة كل نحو ثلاثة وثلاثين سنة. نعرف اذن كما تعرف الحكومة المسئولة عن ادارة شئون الدولة أن رمضان يأتي في موعده، وأن دورة الشهر الفضيل أتت به في عز الحر في شهر أغسطس، وتعرف أيضا أن شهر أغسطس هو موسم الرطوبة والحر المقبل من منخفض الهند الموسمي المستمر دون فاصل أو انقطاع، يعني لا أظن أن في الأمر أي مفاجأة من نوع ارتفاع أسعار الغذاء عالميا فجأة أو ظهور نيزك علي وشك الارتطام بكوكب الأرض. في الصيف الحار يزيد الطلب علي المياه والكهرباء، ذلك شيء طبيعي، في رمضان تزداد حاجة الناس الي المياه والكهرباء نظرا لزيادة النشاط والحركة الاجتماعية، في هذه الظروف بالذات تنقطع الكهرباء والمياه وتبتسم الحكومة وهي في حالة استغراب من استنكار المواطنين واستيائهم من تردي الخدمات الاساسية التي ظلت الحكومة تتباهي بها من عدة عقود، أين المرافق ياجماعة، أين المياه، اين الكهرباء؟ أين مئات المليارات التي أنفقتها الدولة علي خطط التنمية؟ الإجابة: أعذار وتبريرات، وأصل اللودر كسر الماسورة، وأصل الناس بتحب تقعد في التكييف وتنور نور كثير، ياسلام علي الكلام الذي تستعد به حكومة الحزب الوطني للدخول في انتخابات جديدة بعد عدة أسابيع. هل هذا ما يستحقه المواطنون من وزراء حكومة الحزب الذي عزم علي الحصول علي الأغلبية الكاسحة وأعد البرنامج الانتخابي لمرشحيه بعناية كما أعلن السيد الأمين العام. هل يتضمن البرنامج الانتخابي للحزب في الانتخابات المقبلة اعتذار السادة المرشحين للمواطنين عن تعذيبهم في شهر رمضان في عز الصيف بقطع المياه والكهرباء، والوعد بعدم حدوث ذلك مستقبلا. ربما كانت مؤامرة خبيثة ضد الحكومة وضد الحزب لاضعاف موقفه وتشويه صورته أمام الناخبين في الانتخابات المقبلة، ولست أعرف طريقة لإفساد علاقة الحزب والحكومة بالناس أكثر من إفساد صومهم في شهر رمضان بتردي الخدمات العامة وقطع المياه والكهرباء. فكثيراً ما تباهت الحكومات المصرية المتعاقبة خلال العقود الثلاثة الماضية بتطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، مقارنة بفترات زمنية سابقة لم ينعم فيها المصريون بتوافر المياه والكهرباء طوال اليوم، لكن هذا تغير فجأة مع تكرار انقطاع الكهرباء خلال اليوم، فضلاً عن انقطاع المياه لأيام متتالية في مناطق عدة، مما فتح الجدل واسعاً في شأن العمر الافتراضي للبنية التحتية، «الإنجاز الأكبر» الذي تتحدث عنه الدولة باستمرار. إن زيادة الأحمال في فترة الذروة لا يبرر انقطاع الكهرباء إلا إذا كان المسئولون في هذا القطاع مشغولين بأشياء أخري غير طاقة الكهرباء التي تفاخر الحكومة بتصديرها، وإضافة محطات توليد جديدة. واللودر الشارد الذي حطم المواسير لا يبرر انقطاع المياه، لأن المعني الكامن في هذه الأحداث هو التراخي والاهمال وعدم المتابعة الذي يغري بالاعتداء علي حقوق المواطنين.