غابت البهجة.. انطفأت جذوتها.. هجرت زهوتها حياتنا اليومية وطقوس أعيادنا التي تزين الوجود ليتم إحلال الكآبة التي أتقنها المصريون الجدد المفعول بهم. فقدوا حيويتهم، فضيلة مشاركة الآخر والسعي وراء العدل فكان فقدان البهجة وتابعها وجود علي هامش الوجود لا حياة ولا موات، البقاء في أردأ أحواله طفيلي، فلنتأمل لبنان حروب أهلية، مآس يومية ولكن الشغف بالحياة دوما من أجل اكتناز البهجة، فرنسا في ذروة الحروب الضارية عرفت المتعة وبهجة الحياة وسط أشلاء الجثث، فكانت مايطلق عليها السنوات المجنونة في أقبية باريس في الهواء المرصع بالفكر المتجدد علي إيقاع البارود والشمبانيا، دخان السيجار ودخان الحرب موسيقي الجاز، الشفاه الوردية والعطور المزهرة، الرقص علي إيقاعات العشق والموت، أما هنا في البداية عرفنا النكتة بديلا للثورة ثم الجريمة بديلا للحراك الاجتماعي النزيه، الجريمة العائلية بديلا للانتحار فهي نوع من قتل الذات، الاستسلام، لركام الخرافة، في ديسمبر ألوذ بذكرياتي.. أنهل من خزائن الطفولة المسحورة، الكريسماس، أعياد الميلاد لافرق بين مسيحي ومسلم.. الكل في واحد، مازالت هناك بقايا البقايا شجرة خضراء مجوهرة موشاة بالثلج بالنجوم والشموع والألوان الزاهية ووهج اللعب تحاكي أقراط المليحات من النساء، أزينها أنا وأمي وجدتي. لم تكن البهجة دخلت المحاق لتضاهي القمر المدبر، صغيرة كنت أكتب رسالة إلي بابا نويل أضعها تحت الوسادة أبوح وأحلامي.. أمل في المجهول، أن يلبي، قد تفشت ، شم النسيم طقوس أشبه بحفلة نلون البيض.. قرمزي، وردي، أرجواني، بلون زهر الليمون، الرمان والياقوت فردوس القبطية صديقة أمي الحميمة حياتها مأساة ولكنها دوما ضاحكة مبتهجة مولعة بالقهوة، والماء محلي بالزهر ومربي الورد استدعيها، تلك الأيام مخصصة لصنع مربي الورد وماء الورد والزهر المنزل يتحول إلي حديقة وشذا الورود يسكن في نسيم العصر والقيلولة، بائعة الورد تجلس القرفصاء أمام المدرسة فيما مضي حتي الفقر، الحاجة والبؤس، كانت لها رهبة، هالة وشموخ كل صباح أشتري منها الزهور، أين ذهبت رائحة الورد البلدي تري ذهبت معها البهجة.