الشهوة جامحة.. شهوة النساء الحزينات.. المتعطشات لدوار الحياة المُسكر مكبلة، هن أسيرات مجتمع منقسم، شائه عصفت بجذوره نبتة جهنمية اسمها التعصب المفضي إلي القهر، الكبت ووأد ذائقة الحياة. هاهو البحر، الرحم الأعظم لمتعة الوجود، للتحليق والانطلاق لم يعد كذلك للنساء سجينات المايوه الشرعي والحجاب هن أشبه بمحظيات عاجزات عن ارتشاف أكسير الحياة المجوهر.. الحرية والبهجة تلك هي صرخة المبهر حلمي التوني، استغاثة باللون والظل، معرضه في قاعة بيكاسو بمثابة طلقة متمردة علي الردة الجاثمة علي واقعنا. أجساد مسجاة.. نهود منتصبة، أرداف صاخبة، ألق. أنوثة يانعة، سخية ولكن الوجوه تبدو بائسة، منحنية، الأيادي علي الوجنات تبث انكسار الروح، غائصة في مرارة الأسي تحت وطأة مجتمع ذكوري مولع بنحر ملاحة النساء وآدميتهن.. ورغم أنف التيارات السلفية الألوان الزاهية تترنم بالبهجة، تتحدي الموات تلوذ بالشاطئ لبعث أوفوريا الوجود وسلم الإنقاذ الأسود برايته الحمراء تنذر بالخطر المحدق بكل مظاهر الحضارة، فالأمكنة حبلي بإرهاصات العدم وهاهي الأهرامات السرمدية تحولت إلي رمال مذهبة تطؤها الأقدام بفعل الجهل، غياب الوعي وتآمر المزايدين.. النساء في عالم التوني متوحدات يتجرعن هزيمة الروح، الدثار التكعيبي يحاكي لعبة الشطرنج فالوجود لعبة غامضة، في السياسة في العلاقات الإنسانية في خبيئة العقيدة كل شيئ يترنح بين الوضوح والقتامة، البهجة والأسي، الخفة والثقل، الباطن والظاهر، الشفيف والحالك المطلسم، والمتوحدات في عالمه يتقن الانتظار هن أشبه بنساء ديلڤو، هاهي أنثي مليحة، مهيأة تحاول فك شفرة المجهول ، ربما يكون القادم حبيبا، منقذا يصالحها علي سفرة الوجود، ربما أمل، ربما خبيئة مسحورة يجود بها القدر في أتون اليأس ورجل واحد فقط في معرض التوني يمتطي الحصان بكامل ملابسه يبدو منحوتا من خشب، متصلبا والأنثي صارخة الليونة، شبه عارية، تلقائية بينهما فجوة غربة تحاكي لوحة (غذاء علي العشب) لمانيه تعلن التضاد وفي لقائي مع حلمي التوني قال لي إن لأول مرة الأسماك التي ترصع لوحاته تحولت إلي هياكل نعم فلم يعد لدينا سوي البقايا واستدعي جبران »إن الأمة المستعبدة بروحها وعقليتها لاتستطيع أن تكون حرة بملابسها وعاداتها..