من التدهور تدعو للقلق تسيطر علي البورصة المصرية، رغم المُحفزات الاقتصادية العديدة، التي قامت بها الحكومة مؤخراً، والأنباء الإيجابية بافتتاح قناة السويس، وضخ استثمارات جديدة في الاقتصاد المصري في مختلف القطاعات الهامة. البورصة المصرية تتعرض لخسائر فادحة منذ فترة طويلة، ورغم قدرة إدارة البورصة السيطرة علي الأمور مؤخراً بعد نزيف الخسارة، وتزايد الآمال حول دفعة جديدة للسوق خلال الفترة المقبلة، إلا أن البورصة سرعان ما عادت للخسارة من جديد، وتضاعف نزيف الخسائر ليصل إلي 68 مليار جنيه خلال عشرة أيام، وأكثر من 120 مليار جنيه في 6 أشهر، وفقدت الأسهم ما بين 50 إلي70% من قيمتها، فضلاً عن تدمير ما يقرب من 11 مليون مستثمر بالبورصة نفسياً نتيجة أحوال السوق السيئة والخسائر الفادحة التي يتعرض لها. عُمران: تأثرنا بالاقتصاد العالمي.. والسوق يعمل بشكل طبيعي وزير التخطيط: أداء الاقتصاد المصري إيجابي بشهادات عالمية وزير الاستثمار: تنقية المناخ الاقتصادي لتحفيز المستثمرين رئيس البورصة، الدكتور محمد عمران، أكد أن أداء الاقتصاد العالمي يؤثر علي أداء أسواق المال، مشيراً إلي أننا نحتاج إلي إعداد دراسة لرؤية الاقتصاد العالمي، وتوقعات معدلات نموه خلال الفترة القادمة، مشيراً إلي أن الأزمات المالية علي مستوي أسواق المال في العالم أصبحت تتكرر كل عدة سنوات. عمران، أوضح أن البورصة المصرية شهدت موجات صعود علي مدار عام 2015، ورغم ذلك المستثمرون نسوا ارتفاعات السوق ويتم التركيز فقط علي الهبوط، وأكد أن الكثير يرجع خسائر السوق إلي أن هناك مؤامرة تحدث علي السوق، ولكن نحن نري أن عمليات الشراء تتم بشكل طبيعي. ودعا المستثمرين إلي القيام بعملية شراء للأسهم التي هبطت أسعارها حتي يساعد ذلك علي دفع السوق إلي الأمام، وأشار إلي أنه لا توجد عمليات موجهة داخل البورصة، فالسوق يعمل بشكل طبيعي، مُشدداً علي أن البورصة أحد أهم مصادر التمويل، حيث تساعد الشركات علي زيادة رؤوس أموالها من خلال البورصة، مضيفاً أن البورصة قدمت 100 مليار جنيه لتمويل المشروعات العام الماضي. خبراء البورصة، تباينت آراؤهم حول أسباب تدهور السوق خلال المرحلة الحالية، حيث أكد البعض أن ظروف الأسواق العالمية وتدهور الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، كذلك هبوط أسواق جنوب شرق آسيا، إضافة إلي عدم قدرة البنوك المصرية علي توفير الدولار للمستثمرين، تُعد هي الأسباب الرئيسية للهبوط، فيما يري البعض الآخر أن السوق يتعرض لمؤامرة، وأن ما يحدث في السوق من هبوط أمر غير طبيعي وأن جماعة الإخوان لها يد كبير في هبوط السوق. وائل أمين، خبير أسواق المال، قال إن هبوط السوق يرجع إلي أسباب داخلية وخارجية أبرزها تأثر البورصة بالبورصات العالمية وانخفاض سعر النفط، حيث وصل سعر البرميل إلي الحد الأدني له، كذلك انخفاض بورصات شرق آسيا، مما كان له تأثير سلبي علي البورصة، وأوضح أن إغلاق إحدي شركات الأوراق المالية أثار المخاوف من إغلاق مزيد من الشركات مما أثر علي هبوط السوق، مشيراً إلي أنه من السابق لأوانه توصيف ما تشهده أسواق المال العالمية بأنه «أزمة» أو «تصحيح عنيف»، لافتاً إلي أن الدولار علي حافة الانفجار في السوق المحلي، مما سيكون له تأثيره السلبي علي السوق. أمين، أكد أنه رغم معارضة سياسات خفض قيمة الجنيه نظرا لتبعاتها علي المواطن والأسعار والتضخم والفقر، خاصة أنه لا يصاحبها أي إجراءات اقتصادية تخفف العبء علي المواطن، إلا أن خفض قيمة الجنيه بات ضرورة ملحة اقتصادياً، وأوضح أن البورصة تتعرض خلال الفترة الحالية إلي أكبر سلسلة هبوط في تاريخها، مشيراً إلي أنه يعد الهبوط الأكبر بين بورصات العالم في 2015، مضيفاً أن الخبراء يحاولون تتبع أداء السوق لتبرير خسائره، ولكن نجد أن هناك حركة غير طبيعية داخل السوق تسيطر علي أداء المؤشرات وتتحكم في مسار السوق. مارين عزمي، خبيرة أسواق المال، قالت إن هناك عدة أسباب أدت لهبوط السوق أبرزها أزمة الصين، وأزمة البترول حيث وصل سعر البرميل إلي 40 دولارا، متوقعة أن يكون تحسُن أوضاع بورصات العالم مؤثراً علي السوق المصري خلال الفترة القادمة، لافتة إلي أن أداء مجلس إدارة البورصة لا يرضي المستثمرين، وهو أمر يؤثر علي أداء السوق بشكل كبير، وأوضحت أن ما يقوم به الرئيس السيسي من جولات لعقد اتفاقيات في مختلف المجالات سيُساهم بشكل كبير في التأثير بالإيجاب علي البورصة والاقتصاد ككل. الدكتور صلاح جودة، الخبير الاقتصادي، قال إن البورصة المصرية تعاني من نزيف خسائر منذ فترة طويلة، ورغم مُحفزات الاقتصاد الإيجابية إلا أن السوق مازال غارقاً في خسائره، ويضيف إن البورصة بحاجة إلي دعم من قبل المستثمر المحلي، وعدم الانسياق وراء الشائعات والأخبار السلبية التي من شأنها التأثير سلباً علي السوق، مُشدداً علي ضرورة عدم اتباع سياسة القطيع والقيام بعمليات بيع عشوائية حتي لا يتسبب ذلك الأمر في مزيد من خسائر السوق. جودة، أكد أن خسائر السوق سببها جزء محلي يرجع إلي أزمة الدولار، وجزء يرتبط بالأسواق العالمية، وانخفاض البورصات العالمية، وجزء ثالث يرتبط بمؤامرة علي السوق من قبل أياد خفية تسعي إلي تخريب السوق، وأكد أن إدارة البورصة فشلت في التعامل مع الأزمة، حيث نجحت بورصة أمريكا في تقليص خسائرها الفادحة في ذات الجلسة التي حققت فيها البورصة المصرية خسائر كبيرة ونجحت في تقليص خسارة المؤشر من 8 إلي 1%، موضحاً أن البورصة الأمريكية نجحت في تلقين البورصات العالمية درسا في كيفية إدارة الأزمة بشكل صحيح وبطريقة فشلت إدارة البورصة المصرية في التعامل معه. الخبير الاقتصادي، أكد أن البورصة كانت قد بدأت في موجة تحسن خلال الفترة الماضية بسبب محفزات الاقتصاد الإيجابية، إلا أنها سرعان ما عاودت الخسائر من جديد حيث بلغت خسائر البورصة المصرية خلال الستة أشهر الماضية إلي نحو 120 مليار جنيه، بعد أن كانت قد بدأت في التحسن والاستقرار وموجات ارتفاع، وقال «إننا نأمل أن يعود السوق إلي الاستقرار من جديد بعد نزيف الخسائر الذي تعرضت له البورصة علي مدار الفترات الماضية، مشيرا إلي أنه لابد من استعادة دور السوق من جديد كأداة تمويلية هامة للشركات بما ينعكس علي الاقتصاد المصري ككل»، مشيراً إلي أن الاقتصاد بحاجة إلي دعم من كل الجهات حتي يستعيد عافيته من جديد، خاصة في ظل مساعي الرئيس السيسي وجولاته في عدة دول، والتي تهدف إلي عقد اتفاقيات في مختلف المجالات يستطيع من خلالها تحقيق معدلات نمو إيجابية وخفض معدلات التضخم وتقليص عجز الموازنة العامة للدولة. أزمة تهاوي البورصات العالمية ومن ضمنها البورصة المصرية جاءت بالتوازي مع توقعات بحدوث مخاطر وتقلبات تطال الأسواق المالية والاستثمارات.. فمن خلال متابعة أوضاع الاقتصاد العالمي أشارت أحدث بيانات صندوق النقد الدولي، إلي أن التوقعات تشير إلي انخفاض نمو الاقتصاد العالمي عام 2015 ليبلغ 3.3% مقارنة بما كانت عليه عام 2014، وفي اقتصادات الأسواق الصاعدة يعزي استمرار تباطؤ النمو إلي عدة عوامل بما فيها انخفاض أسعار السلع الأولية، وضيق الأوضاع المالية الخارجية، والاختناقات الهيكلية، واستعادة التوازن في الصين.. وأشارت توقعات صندوق النقد الدولي إلي أن مخاطر التطورات السياسية هي الغالبة علي توزيع المخاطر أمام النشاط الاقتصادي العالمي، ومن المخاطر علي المدي القصير تقلبات الأسواق المالية، كذلك يشكل انخفاض أسعار السلع الأولية مخاطر في الاقتصادات النامية منخفضة الدخل بعد سنوات طويلة من النمو القوي. وشهدت أسواق النفط العالمية تقلبات حادة، حيث انخفض سعر البرميل من النفط دون 40 دولارا للبرميل، ثم عاد ليرتفع في التعاملات الأخيرة ليدور حول 43 دولارا للبرميل.. وفي هذا الإطار يري خبراء البترول أن الانخفاض في سعر النفط عالميا جاء بسبب عوامل متشابكة منها زيادة المعروض نتيجة للمعروض من النفط الصخري وتراجع الواردات الأمريكية من النفط، إضافة إلي تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين وتراجع الطلب علي النفط، وكلها عوامل تضافرت ليتراجع سعر النفط بنسبة 50% خلال الشهور الأخيرة، بعد أن كانت الأسعار تدور ما فوق ال100 دولار للبرميل طوال السنوات الماضية. وحول آثار انخفاض أسعار النفط علي مصر، أكد الخبراء أن ذلك سيسهم بشكل ملموس في تراجع فاتورة استيراد المواد البترولية، مع الأخذ في الاعتبار أن جزءا من الواردات البترولية لمصر كان في شكل منح عينية خلال الفترة الماضية من الدول الخليجية الشقيقة. وحول أداء الاقتصاد المصري، يري الدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط، أن أداء الاقتصاد المصري جاء إيجابياً بشهادة مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية مثل ستاندرد آند بورز، وموديز وغيرها التي رفعت من التصنيف الائتماني لمصر نظرا لارتفاع ثقة المؤسسات المالية العالمية في أداء الاقتصاد المصري إلي جانب المؤشرات الإيجابية للاقتصاد المصري حيث تشير أحدث البيانات وفقا لوزارة التخطيط خلال التسعة شهور الأولي (يوليو مارس) من العام المالي 2014/2015 لتصل إلي 4.7% مقارنة ب1.6% خلال نفس الفترة من العام المالي السابق، وتشير التوقعات إلي أن معدل النمو يمكن أن يصل إلي أكثر من 3% خلال العام المالي 2014/2015. ويري أشرف سالمان، وزير الاستثمار، أنه يجري حاليا تنقية مناخ الاستثمار التي تحفز المستثمرين، وتوفير بيئة عمل نموذجية من خلال تقديم خدمات استثمارية للمستثمرين المصريين والعرب والأجانب لإصدار الموافقات والتراخيص والسجل التجاري والبطاقة الضريبية بالمكاتب الاستثمارية بالمحافظات.