ساهمت كاميرات المراقبة في ضبط العديد من منفذي عمليات إرهابية عديدة خلال الشهور الماضية، ما يعكس أهميتها في مواجهة الجريمة علي اختلاف أنواعها، وجاء القرار الأخير الذي اتخذته محافظة القاهرة الجمعة الماضية باشتراط حصول المحال التجارية الجديدة علي ترخيص بتثبيت كاميرات مراقبة عليها، ليعكس خطة الدولة الرامية إلي تأمين الشارع المصري، وتقليص معدلات الجريمة. اللواء فؤاد علام:؛ نفذتُ الفكرة بنجاح في بورسعيد عقب اغتيال السادات اللواء رضا يعقوب:؛ خطوة جيدة ويجب فضح جرائم الإخوان في "مجلس الأمن" كاميرات المراقبة التي تصادف وجودها في نطاق عمليات إرهابية خلال الفترة الأخيرة ساعدت بنسبة كبيرة في فك ألغاز هذه العمليات، وكشف هوية منفذيها أو علي الأقل الطريقة التي نُفذت بها، وكان من بينها تحديد هوية المتهم بوضع قنبلة في محيط قسم شرطة المنتزه ثان بمحافظة الإسكندرية في فبراير الماضي، وكذا كشف المتهم في التفجير الذي وقع أمام "القضاء العالي" في مارس الماضي، في وقت أكدت مصادر أمنية أن كاميرات المراقبة ستكشف هوية منفذي تفجير مبني الأمن الوطني في شبرا الذي وقع الأسبوع الماضي. المسألة لا تبدو في غاية الصعوبة مثلما يظن البعض، فهناك العديد من دول العالم مثل انجلترا والولايات المتحدة ومدينة دبي في الإمارات العربية المتحدة استطاعت أن ترصد كل ما يدور في الشوارع والمباني المختلفة عبر كاميرات مراقبة، بل إن لدينا في مصر تجربة مماثلة تقريباً نفذها خبير أمني في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي. وكيل جهاز المخابرات الأسبق اللواء فؤاد علام ثمَّن قرار محافظ القاهرة، ودعا إلي تعميمه في باقي محافظات الجمهورية، علي أن يشمل - إلي جانب المحال التجارية - البنوك والشركات الكبري وحتي العمارات السكنية، لافتاً إلي ضرورة أن يتم هذا العمل المهم تحت إشراف وزارة الداخلية، وبالتنسيق مع تقنيين ماهرين في التعامل مع تكنولوجيا كاميرات المراقبة الحديثة. يضيف اللواء علام في تصريحات ل"آخرساعة": بعد اغتيال الرئيس أنور السادات في العام 1981، نفذت فكرة تأمين الشوارع والشركات الكبري بكاميرات المراقبة في محافظة بورسعيد حين كنت مديراً لمديرية أمن المحافظة، وتم ذلك تحديداً في أكبر مجمع تجاري اسمه "سوق الهيلتون"، استخدمنا فيه كاميرات مراقبة وأشعة ليزر، بعد التنسيق مع المواطنين أنفسهم وتوعيتهم بأهمية الخطوة، وكانت المديرية تقوم بتدريب الأفراد وتربط الكاميرات بغرف علميات للانتقال السريع إلي موقع أي حادث أو جريمة ترصدها الكاميرات. يواصل: هناك أنواع حديثة من الكاميرات الذكية يمكنها إخطار غرفة المراقبة تلقائياً بما ترصده من أي تصرف أو فعل غريب وغير معتاد، مثل رصد شخص يضع حقيبة ويتركها في الشارع أو شخص يتحرك ذهاباً وإياباً، وهنا تتلقي غرفة العمليات الإشارة وتبدأ في التحرك الفوري للموقع بما يسهل ضبط أي عملية إجرامية قبل وقوعها، إلا أن هذه الكاميرات مرتفعة الثمن، ويمكن استبدالها بأخري عادية تفي أيضاً بالغرض. تجربة اللواء علام في بورسعيد لم تخل أيضاً في التفكير الابتكاري علي مستوي الفكرة، حيث دشن ما سماه وقتذاك ب"الدورية الراكبة" لتعويض العجز في الأفراد، وهي عبارة عن دورية أمنية تضم 4 شرطيين يستقلون "تريسكل" لحفظ الأمن في الشارع، والوصول سريعاً إلي أي موقع حادث أو مشاجرة.. إلخ والتعامل أمنياً مع الموقف قبل تفاقم الأمور. في السياق ذاته، أشاد مدير إدارة التدريب ومكافحة الإرهاب الدولي سابقاً اللواء رضا يعقوب، بالخطوة التي اتخذها محافظ القاهرة، وقال في تصريحات ل"آخرساعة": "إلزام المحال التجارية بوضع كاميرات مراقبة خطوة جيدة، وهو إجراء متبع منذ سنوات طويلة في العديد من دول العالم"، مضيفاً: صاحب المحل حين يدفع جزءاً من ربحه وهو بالمناسبة ليس كبيراً لشراء كاميرا مراقبة سوف يستفيد لأنه سيؤمّن محله ضد السرقة في المقام الأول، كما أنه سيخدم وطنه أيضاً حين تساعد هذه الكاميرا في رصد أي عنصر إرهابي أثناء تنفيذه لجريمته. مسألة أخري لا تقل في الأهمية لفت إليها خبير مكافحة الإرهاب الدولي حين شدد علي ضرورة أن يتم تجهيز ملف بجرائم جماعة "الإخوان" طوال السنوات الماضية وتقديمه إلي لجنة مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن، فهذا من شأنه أن يترتب عليه محاكمات للإخوان المتورطين في أعمال عنف وإرهاب، وكذا التمكن من مصادرة أموالهم في الخارج، وإلغاء الملاذ الآمن لقياداتهم في بعض الدول مثل قطر وتركيا وغيرهما، والأهم أيضاً هو أن هذه الخطوة القانونية سوف يستتبعها تزويد مصر بتقنيات حديثة لمكافحة الإرهاب. علي الوتيرة ذاتها، رحب غالبية أصحاب المحال التجارية بالفكرة، وإن طالب بعضهم بضرورة أن يتم ذلك تحت إشراف وزارة الداخلية حتي لا يتعرضوا للنصب من جانب الشركات الخاصة التي توفر هذه الكاميرات بأسعار قد تكون أعلي بكثير من سعرها الأصلي، علي حسب قولهم. صلاح الزين صاحب محل ملابس في منطقة المهندسين بمحافظة الجيزة، قال إن الخطوة جيدة، وتساعد بشكل كبير في تقليص نسبة الجرائم في الشارع، فالمجرم حين يعلم أن المحل مراقب بالكاميرات سيفكر ألف مرة قبل أن يقدم علي سرقته، بل ربما يتراجع من الأساس، وهذا في حد ذاته مكسب كبير لأصحاب المحال التجارية، مطالياً بضرورة تعميم القرار علي جميع المحال وعدم اقتصاره علي الجديد منها فقط، ويمكن أن توفر الدولة هذه الكاميرات بالتقسيط المريح لمن ليست لديه القدرة علي شراء كاميرا "كاش". يتفق في الرأي محمد شوقي صاحب "ميني ماركت" في شارع الملك فيصل مؤكداً أنه فكر جدياً في اتخاذ الخطوة بتركيب كاميرا علي باب محله، لكنه تردد حين وجد تفاوتاً في أسعار الكاميرات وتنوع موديلاتها بين العادي والذكي، كما أنه خشي ألا يصبح قادراً علي تشغيلها فيكون قد أنفق مالاً من دون فائدة. وعلي الرغم من قلق البعض من احتمال أن تكون أسعار الكاميرات عالية، بما يحول دون إمكانية حصولهم عليها أو حتي عدم القدرة علي تشغيلها، فإن الواقع يؤكد عكس ذلك، حيث يقول أحد مسوقي كاميرات المراقبة "المخفية" علي موقع "فيسبوك" طلب عدم ذكر اسمه إن الكاميرات المخفية يمكن أن تغطي مساحة كبيرة داخل المحل دون أن يراها أحد، ومنها كاميرا علي هيئة "فيشة" سعرها 900 جنيه وتعمل بالريموت كونترول، وسعة تخزينها تكفي لتصوير مستمر علي مدار 24 ساعة، وهو الحال ذاته بالنسبة للكاميرا المخفية علي هيئة "منبة" وسعره 500 جنيه. الكاميرات المخفية مفيدة لضبط أي محاولة سرقة داخل المحل، لكنها بالتأكيد لن تكون مجدية بالنسبة لتصوير أي واقعة تحدث خارج المحل أو إحدي الشركات العالمية لتصنيع كاميرات المراقبة مهندس الاتصالات محمود البكري، مضيفاً: هناك أنواع كثيرة جداً من كاميرات المراقبة، وأنصح أصحاب المحال التجارية بشرائها من شركات موثوقة تنتج ماركات معروفة، حتي لا يتعرضوا للنصب، مثلما يحدث الآن من جانب من يروّجون بضاعتهم من خلال الإنترنت بأسعار مبالغ فيها وماركات سيئة. يتابع: الأسعار تختلف من نوع كاميرا إلي آخر. الفيصل هو عدد الكاميرات المستخدمة والوحدات المرفقة معها، ومنها جهاز DVR الذي يسمح بإضافة أكثر من كاميرا عليه بحد أدني أربع كاميرات، وهناك "الهارد" الذي يختلف سعره حسب نوعه وسعته التخزينية. أما علي مستوي الكاميرا ذاتها فيلفت البكري إلي أن المسألة تختلف بحسب نوع العدسة ودرجة نقاء التصوير Resolution وزاوية التصوير وطول المسافة المراد تغطيتها بالمراقبة، فكلما زادت درجة الملِّيمتر في العدسة تكون قدرتها أكبر علي تغطية مساحة أطول، بينما يكون عرض الصورة أقل. وينصح البكري باختيار نوع كاميرا مناسب لنشاط المحل، فيما يتعلق بمواجهة أعمال السرقة فمثلاً محل لبيع المصوغات الذهبية والمجوهرات يتطلب كاميرا عالية الدقة لرصد التفاصيل الصغيرة داخل المحل، بينما مخزن فيه كراتين أو أجوله لا يتطلب ذلك، في حين أن كاميرات المراقبة عموماً ضرورية لكشف هوية منفذي العمليات الإجرامية والإرهابية في نطاق المحلات الموجودة بطول الشارع. ولا ينصح البكري بشراء الكاميرات الصينية، حيث يقول إن عمرها الافتراضي قصير مقارنة بنوعيات أخري منشؤها اليابان وإيطاليا وألمانيا، مشدداً علي ضرورة ألا يكتفي صاحب المحل بشراء كاميرا فحسب، بل يجب أن يُخضعها للصيانة الدورية مرة كل ثلاثة شهور علي الأقل، ليضمن عملها بكفاءة، خاصة أن هناك خواص تضعف الكاميرا بمرور الوقت مثل الرؤية الليلية، مشيراً إلي أن صاحب المحل بإمكانه أن يراقب محله جيداً بكاميرات ومعها الأجهزة المكملة لها بما قيمته من ألفين إلي 2500 جنيه فقط، شاملة أسعار التركيب.. في حين يقول المهندس حسين الوحش، صاحب شركة لاستيراد كاميرات المراقبة، إن قرار محافظ القاهرة إيجابي ويمنع ارتكاب الجرائم في الشارع، ويساهم في ضبط الإرهابيين حال تنفيذهم جرائم ترصدها الكاميرات، مشيراً إلي أن نوع الكاميرا لا يهم بس المواصفات المتاحة وكذا الفني الذي يقوم بتركيبها، موضحاً أن الكاميرا الأمريكية وبخاصة ماركة CBN هي الأفضل ويليها النوع الياباني وخصوصاً ماركةSONY ، لكن الأنواع الصينية يمكن الاعتماد عليها في حالة التأكد من مواصفاتها قبل استيرادها. وكشف الوحش عن قلق أصحاب شركات استيراد الكاميرات من احتكار جهات بعينها لبيع الكاميرات، بما يؤثر سلباً علي باقي المستوردين، في الوقت الذي نجحت شركات استيراد مثل شركته في تطوير أدائها عبر ربط التكنولوجيا بالمنظومة المرئية، بحيث يمكن لصاحب الشركة أو المحل متابعة عملية التصوير لحظة بلحظة عن بعد ومن خلال نقل الفيديو إلي شاشة عرض منزلي أو جهاز الموبايل.