تكريم الرئيس عبدالفتاح السيسي لعدد من علماء مصر مطلع الأسبوع الجاري بمنحهم أوسمة رفيعة، المجال أمام تساؤلات ملحة بشأن مدي إمكانية الاستفادة من علماء ومخترعين كثر في مصر مازالت أبحاثهم واختراعاتهم حبيسة الأدراج، خاصة في ضوء السعي إلي الارتقاء بمصر وتحقيق نهضة حقيقية لا يمكن أن تحدث من دون الاهتمام بالعلم والعلماء، وربط البحث العلمي بزيادة الكفاءة الانتاجية. "آخرساعة" التقت مجموعة من المخترعين بالمركز القومي للبحوث وكان لنا معهم هذا التحقيق. حفيد الرافعي يخترع قماشاً مقاوماً للمياه.. وآخر ينقي الماء بملوثات البيئة.. وثالث يخترع «سيراميك زجاجي» الدكتور محمد حسين الرافعي أستاذ بقسم النسيج بالمركز القومي للبحوث يقول: أنا حفيد الأديب مصطفي صادق الرافعي، وعائلتي بالكامل تعمل في مجال البحث العلمي، فابنتي في قسم النباتات الطبية والأخري في كلية العلوم، وسني تجاوزت 70 عاماً قضيتها في محراب البحث العلمي، وفوجئت بنشر خبر يزعم أنني اخترعت قماشا مقاوما لمرض "إيبولا" وهو ما أثار موجة من السخرية ضدي، علي الرغم من أن هذا غير صحيح بالمرة فما اخترعته هو قماش مقاوم للماء شاركت به في معرض العلوم بالجامعة الأمريكية. وتابع: هذا القماش لا يتأثر بالمياه وذلك بتعديل خصائصه الكيميائية فلم أتطرق إلي فكرة الإيبولا ولم أتحدث عنها لأنه ليس تخصصي فأنا أستاذ بقسم النسيج بالإضافة إلي أن الصحيفة الإلكترونية التي نشرت الخبر المفبرك ذكرت أنني "رئيس شعبة" وهذا غير صحيح. وعن تفاصيل اختراعي فقد اخترعته منذ عامين في إطار مشروع الحملة القومية للنهوض بالصناعات النسجية الذي يرأسه الدكتور علي حبيش رئيس أكاديمية البحث العلمي الأسبق، وأنتجت قماشاً مقاوما للمياه بخامات مختلفة، وكانت الحكومة أعلنت وقتذاك عن إنشاء 150 صوبة زراعية للقمح من القماش فكان هدفي هو إمداد الحكومة بهذا القماش لأنه سميك ويتحمل الأمطار حتي يحافظ علي المحصول، وسر التركيب الكيميائي للقماش هو الشمع فأقوم بصهر كمية من الشمع بين أنسجة القماش وعند درجة حرارة معينة يخترق النسيج فيجعله لا ينفذ المياه ولا يتأثر بها، وأجريت التجربة علي خامات مختلفة منها ما يناسب الخيام وهو سميك يمكن أن يقام بها خيام المجندين بالجيش ليقاوم المياه، أو أن يكون غطاء للأسلحة للحفاظ عليها، وخامة أخري خفيفة للغطاء الخارجي لحفاضات الأطفال بدلاً من البلاستيك، وأيضاً للشاش حتي لا يسرب المياه للجرح وفي نفس الوقت ينفذ الدم منه. والآن أشارك في مشروع بحثي مشترك لتحضير المعادن النانومترية واستخدامها في مجال النسيج والطب والصيدلة وذلك باستخراج دقائق الفضة والذهب للعلاج الطبي ومقاومة السرطان بدقائق الذهب ومقاومة الفيروسات وذلك بإستخدام الطحالب البحرية. والمشكلة التي تواجهني هي كيف نسوق للمنتج فمشكلة البحث العلمي التي نعاني منها هي أن العلماء يتفانون في استخراج المنتج ويُنشر كبحث وفي النهاية يظل البحث حبيس الأدراج فعلي الدولة أن تجبر المستثمرين علي رعاية المشروعات البحثية وتطبيقها. التقينا باحثا آخر من جيل الشباب ابتكر من الوسائل الملوثة للبيئة مواد تنقي المياه من عظام الأسماك وحطب القطن وقش الأرز، وهو الدكتور إيهاب مصطفي زايد الباحث بقسم الكيمياء التحليلية والكيمياء الخضراء بالمركز القومي للبحوث، والذي قال لنا: يعد التلوث البيئي التي تحدثه الصناعة عبئاً كبيرا وخطرا جسيماً علي صحة الإنسان والحيوان والزروع، وهي العناصر الثقيلة مثل الرصاص والكوبالت والحديد والزئبق وبعض المواد المسرطنة. لذا كان اتجاهنا إلي تقليل وإزالة هذه الملوثات وقمنا بإعداد الأبحاث والمشاريع التي تهدف إلي تحضير مواد مستخلصة من الطبيعة وموجودة كمخلفات، حيث يتم تحضير هذه المواد بواسطة التطعيم المباشر بالإشعاع "لمونومر البيوتيل أكريلات" علي عظام السمك والذي يعتبر ملوثا للبيئة ثم أجرينا عملية المعالجة الكيميائية بمادة المونومرات المطعمة، ثم دراسة العوامل المؤثرة علي عملية التطعيم الإشعاعي مثل الجرعة الإشعاعية، تركيز المونومر وتركيز المذيب، ثم دراسة الخواص الفيزيائية للمواد المطعمة بمونومر BA بواسطة الأشعة تحت الحمراء، الديناميكا الحرارية والميكروسكوب الإلكتروني، وقد تم استخدام المواد المطعمة في عملية إزالة بعض الملوثات مثل الرصاص بنسبة تصل إلي 80%، وقمت بالتجربة نفسها علي قش الأرز وحطب القطن فبدلاً من حرقه والتسبب في التلوث الهوائي يمكن استخدامه كمنق للمياه بنفس الطريقة. وأضاف: نحن المخترعين نعاني من تسويق منتجاتنا فهنا بالمركز مكتب المستثمرين لكنه مكتب غير مفعل، لذا نريد إقامة معارض دورية لعرض أبحاثنا لجذب المستثمرين وإجبار أصحاب المصانع علي الاستعانة بعلماء البحث العلمي في تدوير مخلفاتهم لتقليل من نسبة التلوث. المشكلة ذاتها تواجه الباحث الدكتور جمال أبوالغيط أستاذ مساعد بقسم الصناعات الزجاجية بالمركز القومي للبحوث الذي حاز علي جائزة التميز في معرض القاهرة الدولي الأول للابتكار المنعقد بالجامعة الأمريكية في الفترة من 19-20 نوفمبر الماضي، وقد ابتكر سيراميكا زجاجيا يقول عنه: انتشرت في السنوات الأخيرة خاصة في الولاياتالمتحدة وأوربا تصنيع مواد من الزجاج السيراميكي متعدد الاستخدامات في كثير من المجالات الصناعية والإنشائية والمنزلية والحربية والطبية وغيرها، ويعزي ذلك إلي مدي ما تتمتع به هذه المنتجات من صفات كيميائية وحرارية وكهربائية وميكانيكية متميزة تتفوق بها كثيراً علي نظائرها المصنعة من السيراميك أو البورسلين، وقد أظهرت الأبحاث العلمية أن هذه المواد المتبلورة تتفوق علي نظائرها من الرخام الطبيعي والجرانيت في جميع خواصها وخاصة الصلابة والمقاومة الكيميائية وامتصاص الماء ، والزجاج السيراميكي عبارة عن مكونات من الصخور الطبيعية المحلية والمتوفرة والمنتشرة في القشرة الأرضية تم صهرها وتحويلها إلي زجاج تم تحويله بالمعالجة الحرارية عند درجات حرارة ملائمة إلي مواد متبلورة تتميز بنسيج متجانس دقيق التحبب. وتعتمد صفات وجودة الزجاج السيراميكي المراد تحضيره علي نوعية ونسبة ومدي تجانس ودقة البللورات المتكونة والتي يمكن التحكم فيها عن طريق كل من التركيب الكيميائي للمواد الداخلة في تحضيره والمعالجة الحرارية ونوعية عوامل التنويه المستخدمة وبالرغم من عدم سهولة الحصول علي الرخام الطبيعي الذي يحمل نفس خواص الزجاج السيراميكي إلا أن هناك طلبا متزايدا علي هذه المواد، وبالتالي فإن تصنيع مواد مشابهة وأكثر جودة وأرخص سعراً ستجد إقبالاً كبيراً في السوق المصري. ويضيف: عملية تصنيع وإنتاج رخام صناعي تعتمد علي فكرة تحويل المواد الخام المحلية والمنتشرة في القشرة الأرضية إلي منتجات عالية الجودة وذات صفات متميزة ومتعددة الاستخدامات، وتشتمل عملية التصنيع عدة مراحل أساسية وهي كالآتي: تعتمد الخلطة علي التركيب الكيميائي المطلوب، حيث تجهز المواد الخام والمواد الكيميائية وبعد وزن الكميات المطلوبة تخلط جيداً ثم تعبأ لتنقل إلي وحدة الصهر ثم نقوم بعملية الخلط، تشمل هذه الخطوة صهر المواد التي تم وزنها وخلطها في أفران كهربائية ثم يصب الزجاج مباشرةً في الماء ليتحول إلي ما يعرف ب"الفرت"، ثم يجفف ويطحن ثم يرسل إلي وحدة التشكيل والمعالجة الحرارية لتحويله إلي "جلاس سيرام" المعروف علميا بالزجاج السيراميكي. أما المرحلة النهائية فهي تحويل "الفرت" من الزجاج إلي سيراميك ويشكل الفرت المطحون في قوالب ذات أبعاد وأحجام مختلفة حسب المطلوب ويتم كبسها بمكابس خاصة. يلي ذلك إدخالها في أفران معالجة حرارية قبل تبريدها تدريجيا، وبعد ذلك يمر المنتج علي وحدة التلميع ثم بعد ذلك ينقل إلي وحدة التغليف والتعبئة.