بينEnter و Delete يتحدد مستقبل الكثير من النشطاء والمواطنين علي مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما بات ما يكتبه المرء علي العالم الافتراضي عرضة للمراقبة من قبل وزارة «الداخلية»، وفقاً لما أشيع علي مواقع التواصل الأسبوع الماضي، ما فجر موجة غضب ساخرة من فكرة المراقبة في عصر مابعد انفتاح حرية التواصل والتعبير، ف «Delete» قد تنجي صاحبها من خطر الوقوع في مصيدة المراقبة، أما «Enter» أي نشر التعليق والبوست فقد تذهب بصاحبها إلي أقرب قسم شرطة. السخرية من الرقابة الأمنية علي العالم الافتراضي، عبرت بصراحة عن مخاوف من استخدام الفضاء الإلكتروني للتخلص من النشطاء أو المعارضين للسلطة القائمة بحجة الرقابة المجتمعية والأخلاقية، واستخدام الرقابة الهلامية في فرض «جمهورية خوف» علي رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين شاركوا منذ 25 يناير 2011 في إسقاط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك بعدما شاخ النظام وفاحت رائحة فساده، ثم عاد فيس بوك وتويتر في قيادة الثورة ضد الرئيس الأسبق محمد مرسي، بعدما ظهر مخطط التمكين الإخواني حاملاً الإقصاء للجميع. نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، بدأوا في الاحتشاد وتنظيم الصفوف لمواجهة الهجمة الأمنية المرتقبة، ودشنوا «هاشتاج» ساخراً تحت عنوان «إحنا متراقبين»، لرفض حجج وزارة الداخلية لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي بحجة الكشف المبكر عن صانعي المتفجرات ومتابعة شبكات الإرهابيين التي تستغل تلك المواقع لنشر أفكارها الهدامة. «الهاشتاج» لاقي نجاحاً بارزاً بعدما شارك فيه الآلاف من رواد «فيسبوك» و«تويتر»، فيقول أحمد جلال «قوم راقب علي الصعيدي وابن أخوك البورسعيدي والشباب الإسكندراني الحبسة دي حبسة رجال»، وقال ناشط «لكل اللي مراقبني..قدامك خيارين وطماطميتين وفلفلاية أعملهم سلطة وبالهنا والشفا»، بينما قال آخر «قوم نادي ع الليبرالي و ابن عمه الاشتراكي و الإبريلي و الإسلامي ..الحبسة دي حبسة رجال»، في محاكاة ساخرة لأغنية «بشرة خير» لحسين الجسمي. موجة السخرية التي انتشرت كالنار في الهشيم، استمرت علي مدار الأسبوع الماضي، حيث قالت يارا الشيخ «أنا فلول بتراقبوني ليه؟.. إلي من مراقبني»، بينما يعتزم أحد النشطاء تغيير نشاطه السياسي قائلاً: «أنا بفكر أكتب شعر غزل ومدح نهديه للداخلية بتاعتنا والجيش المصري..ما تساعدوني يا جماعة». وبدأت محاولات بعض النشطاء في التخلي عن تاريخهم الثوري بشكل ساخر، فقال أحد النشطاء: «إلي من يهمه الأمر هذا الأكاونت مسروق منذ 25 يناير 2011 وكل ما عليه من كتابات لا تخص صاحب الأكاونت، وتم بحمد الله استعادته اليوم.. والله الموفق والمستعان»، بينما قال آخر: «أنا أصلا فلول وكنت عضو حزب وطني، أنا وناس كتير واستخبينا وسط الثوار كنوع من الاندساس مش أكتر»، فيما أشار آخر إلي جوانب غامضة في شخصيته قائلاً: «أنا كنت بنزل مع الثوار عشان أبلغ عنهم..إحنا متراقبين»، وأضاف مدون آخر: «تخيل حضرتك يا باشا أنا كنت عامل ثوري وبتاع عشان أعرف الناس دول وحساباتهم وصورهم واسلمهم لك شوفت أنا كنت وطني إزاي». وقال باسم حمدي، الخبير في استخدام الانترنت، ل«آخرساعة» إن مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، من الصعوبة بمكان ما يجعل إمكانية مراقبة جميع المشتركين شبه مستحيلة، لأن الملايين يشاركون يومياً علي تلك المواقع ولا تمتلك الأجهزة الأمنية القدرة أو الكفاءة لمراقبة جميع الحسابات الشخصية، لذلك ستظل المراقبة محصورة علي الصفحات العامة فقط». المشهد المصري العبثي في طريقة التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي، لم تكن تخطر علي بال مؤسس «فيس بوك» مارك زوكربيرج، الذي لم يكن يتصور أن اختراعه سيقلب الدنيا وسيزيل أنظمة ديكتاتورية بقيت علي رأس السلطة لسنوات الطويلة، من كان يصدق أن شابا صغيرا يجلس أمام جهاز كمبيوتر يستطيع أن يحرك شعبا بأكمله.