أماني عبدالله فجرت القضية علي الفضائيات وبدأت إجراءاتها القانونية الفتيات: المساواة حق دستوري.. ودفاعنا عن الوطن ضد الإرهاب شرف كبير الفكرة تتعارض مع قانون الخدمة العسكرية 127 لسنة 1980 الذي يُقصر أداء الخدمة الإلزامية في الجيش علي الذكور سيدة مصرية تعشق بلادها وتقدر الدور العظيم الذي يقوم به الجيش في محاربة الإرهاب، قررت أخيراً ترجمة هذا الحب إلي خطوة إيجابية بأن تطالب رسمياً بالالتحاق بالخدمة العسكرية أسوة بالرجال، ولم تكن أماني عبدالله (33 سنة) ابنة محافظة الدقهلية وحدها التي تسعي لنيل هذا الشرف الوطني، بل إن تجربتها التي عرضتها علي شاشة إحدي القنوات الفضائية الأسبوع الماضي، فتحت باب الأمل أمام الكثير من الفتيات اللواتي يشاركنها الحلم ذاته، علي الرغم من موجة السخرية التي طالتها. «آخرساعة» التقت أماني عبدالله في مسقط رأسها بمدينة المنصورة، كما تمكنا من الوصول إلي بعض الفتيات المؤيدات للفكرة من محافظات مختلفة، لنتعرف علي الأسباب التي دفعتهن جميعاً إلي الإفصاح عن رغبتهن في الالتحاق بالخدمة العسكرية، واستعدادهن لاتخاذ الإجراءات القانونية التي تتيح لهن ذلك، علي الرغم من تعارض الفكرة مع قانون الخدمة العسكرية 127 لسنة 1980 الذي يُقصر أداء الخدمة الإلزامية في الجيش علي الذكور. علي الرغم من أنها متزوجة ولديها طفلة، إلا أن حماس «أماني عبدالله عبدالقادر» للانضمام إلي المؤسسة العسكرية وخدمة بلادها كمجندة يسيطر عليها تماماً، ولا تجد غضاضة ولا حرجاً في أن تواجه المجتمع كله بذلك طالما كان أمراً مشروعاً، ولا يخالف الشريعة الإسلامية. أماني الحاصلة علي بكالوريوس التجارة من جامعة المنصورة، صارت حديث الفتيات والنساء في مصر خلال الأسبوع الماضي، بين مؤيد للفكرة ومتهكم عليها، لكنها قالت ل«آخرساعة»: حماسي لفكرة الانضمام إلي الجيش كمجندة تأتي من ضرورة تحقيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة التي يكفلها الدستور، لافتة إلي تجارب دول عربية ناجحة في تجنيد المرأة مثل الأردن وليبيا وفلسطين. وتابعت: أي فكرة جديدة في بادئ الأمر تبدو غريبة، تماماً مثل قيادة المرأة للسيارة قديماً التي أضحت أمراً عادياً ومألوفاً في عصرنا الراهن، مشيرة إلي أنها تحركت قانونياً من خلال «مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية»، وقامت بعمل توكيل لرئيس المركز المحامي الحقوقي رضا الدنبوقي، وحتي لو فشلت في الوصول إلي مبتغاها فهي تدق بقضيتها تلك جرساً تلفت به الأنظار إلي الواقع المؤلم الذي تعيشه المرأة في مجتمع ذكوري، لافتة إلي أنها تحلم بفتح باب التجنيد أمام الإناث ولو بشكل اختياري وليس إلزامياً، حتي تتمكن المرأة من مشاركة الرجل في خدمة الوطن عبر الوقوف في صفوف الجيش ومحاربة الإرهاب الذي تشهده البلاد. قانون الخدمة العسكرية كان ضرورياً أن نلتقي رضا الدنبوقي باعتباره المحامي الذي تولي القضية وتبناها من خلال مركزه الحقوقي، حيث يقول: أقوم حالياً بتجهيز عريضة دعوي قضائية لرفعها أمام مجلس الدولة وسنختصم فيها رئيس الجمهورية ووزير الدفاع، مطالبين بتجنيد الفتيات ابتداءً من سن 18 عاماً، علي أن يكون اختياريا وحسب قدرات الفتاة المتقدمة بعد خضوعها لاختبارات مناسبة. يضيف الدنبوقي: لاحظنا إقبال الكثير من الفتيات علي الفكرة حتي إن بعضهن دشن صفحة علي موقع التواصل «فيسبوك» في إطار حملة تحت اسم «جندونا»، كما أن الدستور الحالي يؤكد علي المساواة، ونحن نري أن قانون الخدمة العسكرية 127 لسنة 1980 يتعارض مع الماده 11 من الدستور، التي تنص علي أنه لا تمييز بين الذكور والإناث في حين أن مواد 1و 14 و15 من قانون الخدمة العسكرية والوطنية قصر الخدمة علي الذكور دون الإناث، رغم أنه شرف يجب عدم قصره علي أحد دون غيره علي أساس النوع، وعليه سنستمر في الدعوي واثقين من نجاحها. خدمة الوطن نجلاء إبراهيم عبدالفتاح (25 عاماً) متحمسة للفكرة ذاتها، وهي أيضاً من مدينة المنصورة، حاصلة علي بكالوريوس الخدمة الاجتماعية، وتستكمل حالياً دراساتها العليا للماجيستير في «علم نفس الإعلام». تقول نجلاء ل«آخرساعة»: تراودني الفكرة منذ سنوات، بسبب المجتمع الذكوري الذي نعيش فيه، وبخاصة في المناطق الريفية، محبذة أن يكون التحاق الإناث بالخدمة العسكرية تطوعياً في بادئ الأمر، فالموضوع بالنسبة لها خدمة للوطن أكثر من كونه مساواة بين الرجل والمرأة. تضيف بنت المنصورة التي تزوجت قبل ثلاث سنوات ولا يتقبل زوجها الذي يشتغل بالتجارة هذه الفكرة مطلقاً: لديّ رغبة في تغيير المجتمع بحيث تحصل المرأة علي كامل حقوقها، كما أنني أتمتع بلياقة بدنية تؤهلني للالتحاق بالخدمة العسكرية حيث أمارس رياضة الكاراتيه، ولديّ قدرة كبيرة علي التحمل، ولا أري نفسي أقل من أي شخص يمكن أن يلتحق بالجيش، حتي لو أتيحت لي الفرصة لشغل وظيفة إدارية في أي موقع بالقوات المسلحة لخدمة بلادي. هل تجرئين؟ ومن الدقهلية إلي القاهرة التقينا وفاء فرج الله (40 عاماً) والتي خاضت تجربة مماثلة أملاً في الالتحاق بالجيش، حيث تقول: ذهبت إلي وزارة الدفاع وتقدمت بطلب للعمل في الجيش لكن لم أصل لشيء، مشيرة إلي أنها عملت لمدة 17 عاماً في مجال إدارة أعمال الشركات، مؤكدة أن المرأة تستطيع أن تؤدي بالطريقة ذاتها التي يؤدي بها الرجل، بل إنها تتفوق عليه أحياناً، فلِمَ لا تشاركه مهام الدفاع عن الوطن، من خلال الخدمة في المؤسسة العسكرية، وبخاصة أنني تربيت تربية عسكرية فوالدي رحمه الله قضي في الجيش 22 عاماً، بعدما تطوّع وشارك في حربي اليمن وأكتوبر 1973 وخرج برتبة مساعد أول. وفاء التي ألفت كتاباً طُرح أخيراً بالأسواق بعنوان «هل تجرئين؟» يلقي الضوء علي قضايا المرأة، قالت إنها لا تمانع أن تكون خدمة المرأة في الجيش إلزامية، وبخاصة في ظل الحرب التي تواجهها القوات المسلحة حالياً ضد الإرهاب وجماعات العنف المسلح، لافتة إلي أنها ستقوم خلال الأسبوع الجاري بعمل توكيل للمحامي رضا الدنبوقي للانضمام إلي القضية ذاتها كإحدي الراغبات في الالتحاق بالجيش، وهي الفكرة التي شجعتها عليها والدتها، كما أن أعز صديقاتها مستعدة هي الأخري لخوض التجربة حال إتاحة المجال للإناث. دفاع عن النفس وفي القاهرة أيضاً وبالتحديد في منطقة «عين شمس»، التقينا هدي محمود (22 عاماً) خريجة كلية الحقوق جامعة حلوان، حيث تقول: منذ سنوات أفكر في هذا الأمر وأتساءل بدهشة لماذا يقتصر التجنيد علي الرجال فقط ولماذا هم وحدهم لهم حق الدفاع عن البلاد ! مؤكدة أنها ومعها نحو ست أخريات من زميلاتها سيتحركن قضائياً لطلب الانضمام إلي الخدمة العسكرية تطوعاً أو إتاحة العمل لهن في أي موقع إداري بالقوات المسلحة لخدمة هذه المؤسسة الوطنية والوقوف بجانب الجيش في حربه ضد الإرهاب. تتابع هدي: أثناء ثورة 25 يناير 2011 كان المصريون يحرسون المنازل والمحال التجارية والشوارع. جارتنا كان زوجها متوفياً ولديها أربع بنات، وكانت مرعوبة لعدم وجود رجل معها في البيت يحميها من أي اعتداء محتمل في ظل الفوضي وانسحاب الشرطة من الشوارع وقتذاك، لكن أظن أن بناتها لو كن التحقن بالخدمة العسكرية، لاستطعن حماية أنفسهن جيداً، كما أنه مع زيادة معدلات التحرش بالنساء ستكون المرأة قادرة علي صد أي اعتداء عليها إذا أدت الخدمة العسكرية وحصلت علي التدريبات الكافية التي تعينها علي الدفاع عن نفسها وعن الغير. حملة تطوع البنات ثمة فتيات أخريات لم يكتفين بالتحمس للفكرة، بل سارعن إلي حشد المئات وراءهن، ومن بين هؤلاء آيات علي (26 عاماً)، من مدينة الغردقة، تدرس في كلية الحقوق بالجامعة المفتوحة، والتي أسست قبل نحو ثلاثة أشهر صحفة علي موقع «فيسبوك» بعنوان «حملة تطوع البنات في الجيش المصري»، ضمت حتي الآن أكثر من 1300 عضو، لترويج فكرة إلحاق الفتيات بالخدة العسكرية. سبب تدشين آيات لهذه الحملة بحسب تصريحها ل«آخرساعة» هو أن التحاق المرأة بالخدمة العسكرية اختيارياً حق وواجب وطني، كما أن أوضاع البلاد بعد ثورة يناير تستدعي وقوف المرأة إلي جانب الرجل في كل شيء. أم وثلاث بنات ولا يقتصر الأمر علي حالات فردية داخل البيوت المصرية بل إن أسرة كاملة مكونة من أم وثلاث بنات من مركز «إدفو» بمحافظة أسوان يؤيدن الفكرة جميعاً، وقد تمكنا من التواصل مع إحدي الفتيات وهي أسماء عبدالباسط حامد (23 عاماً) متخرجة من المعهد الفني الصناعي، والتي قالت: والدتي الصحفية بجريدة «أسوان اليوم» زينب بشير لديها استعداد لخدمة الجيش، وتشجعنا علي ذلك، وشقيقتاي آية (27 عاماً) حاصلة علي دبلوم فني تجاري، وسارة (18 عاماً) تدرس بالصف الأول الثانوي الزراعي، تتمنيان موافقة وزارة الدفاع علي إلحاقهن بالخدمة العسكرية مثل الذكور. وتري أسماء أن الخدمة يجب أن تكون إجبارية إلزامية وليست اختيارية، قائلة: «لو ماخدمناش مصر ح نخدم مين؟». أؤيد رغبة ابنتي للآباء دور محفز لبناتهم علي خوض التجربة. هكذا الحال بالنسبة لرجل الأعمال جاسر محمد إبراهيم (43 عاماً) حيث يقول ل«آخرساعة»: ابنتي ندا عمرها 16 سنة تدرس في الصف الأول الثانوي، كشفت لي عن رغبتها في التطوع بالجيش، فرحبت أنا ووالدتها بوجهة نظرها، وبخاصة أن ابنتي رياضية متميزة في «كرة السلة»، كما أنها لا تمانع تلقيها تدريبات عسكرية علي حمل السلاح واستخدامه للدفاع عن مصر.