يهود إثيوبيا »الفلاشا« منذ قيام الدولة الإسرائيلية وبعد الاستقلال السياسي لإسرائيل عام 1948 توافد علي البلاد أعداد هائلة من اليهود الجدد مما أدي إلي تضاعف عدد السكان اليهود في السنوات الأولي إلي 1.3 مليون نسمة بعد أن كان 650 ألفا وبالتالي تغير بنيان المجتمع الإسرائيلي ونسيجه وأصبح تكوين المجتمع يعتمد علي مجموعتين أساسيتين : الأشكيناز وهم الأغلبية وتضم هذه المجموعة اليهود القدامي الذين نجوا من براثن النازية في أوروبا، والسفارديم وهم اليهود القادمون من الدول الإسلامية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وفقا لما أوضحه أحد المتحدثين بصفحة وزارة الخارجية الإسرائيلية فقد بدأت هاتان المجموعتان محاولة التعامل مع بعضهما البعض ولكن اليهود الشرقيين "السفارديم" وجدوا صعوبة في التكيف مع متطلبات المجتمع الديموقراطي والاندماج مع الاقتصاد الإسرائيلي سريع النمو، وعاشت المجموعتان دون أي تفاعل اجتماعي أو ثقافي وعبر السفارديم عن شعورهم بالإحباط والغربة مما أدي إلي ممارستهم للنشاطات الاحتجاجية من أجل لفت أنظار الحكومة إلي مطالبهم . في الفترة ما بين الستينات والسبعينات تحولت مطالبهم إلي الرغبة في المشاركة في العمل السياسي ومع بداية الثمانينات أصبحت هذه الاحتجاجات مجرد ظاهرة هامشية وأصبحت الزيجات المختلطة بغض النظر عن الخلفية العرقية أمراً مألوفاً ، وأنشأ اليهود الشرقيون حزبا خاصا بهم "شاس" وبمرور السنوات أصبح حزبهم في الوقت الحالي ضمن أكبر ثلاثة أحزاب داخل الحلبة السياسية الإسرائيلية. - واتفق هذا الحديث إلي حد ما مع رأي الصحفية الحاصلة علي ماجستير في الإعلام الإسرائيلي "سارة شريف" فهي تقول: علي الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية استطاعت بشكل كبير أن تجد حلولاً لمشكلة اليهود الإشكيناز والسفارديم إلا أن المشكلة مازالت قائمة ، فقد نفذت الحكومة ومراكز الهجرة الإسرائيلية الوعود التي كانت قد وعدتها للسفارديم بمنحهم منازل وفرص عمل لكي يعيشوا حياة كريمة أسوة باليهود الإشكيناز ولكن لم يكن التنفيذ علي قدر الوعود وكان هذا وارد الحدوث نظرا لكونها دولة كانت تبدأ في بناء نفسها . ولكن بعد أن أصبحت إسرائيل دولة كبيرة بدأت تتجه إلي محاولة إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة قبل أن تتفاقم وتتحول إلي نقطة ضعف تتمثل في الإنقسام بين اليهود لأنها تعلم جيدا أن الفتنة والعنصرية كفيلة بأن تقوم بتدمير دولة فقامت بإدخال السفارديم نفس المدارس مع الإشكيناز وكل من يعمل بجد منهم تتم ترقيته وأصبح عدد كبير من السفارديم أعضاء في الكنيست الإسرائيلي بل ومنهم من دخل ليعمل داخل جيش الدفاع الإسرائيلي . وتضيف سارة أنه إذا أردنا أن ننظر إلي المشكلة الحقيقية في إسرائيل والتي لاتزال الحكومة الإسرائيلية تحاول إيجاد حلول لها هي مشكلة اليهود الروس وهم الذين هاجروا من روسيا ولكنهم رفضوا الانخراط مع المجتمع الإسرائيلي لرغبتهم في المحافظة علي هويتهم. ومن المتوقع أن تنهي إسرائيل هذه المشكلة في غضون العشرين عاما القادمة لأن الجيل الذي ولد وتربي داخل إسرائيل لن يكون كالجيل الذي عاش فترة الهجرة ، ومتوقع أيضا ألا يكون لهم أي انتماء للعرب لكنهم سيكونون أقل عداءً. - وأشار دكتور محمد أبو غدير رئيس قسم الدراسات الإسرائيلية السابق بجامعة الأزهر تأكيداً للحديث السابق إلي أن التمييز العلمي والعملي والسيطرة والمال دائما ما تكون لليهود الأوروبيين، فمن المنطقي ألا يتساوي من أتي من ألمانيا متخرجا في أعلي الجامعات مع من جاء دون أي تعلم.. ويري د.أبو غدير أن التفرقة بين اليهود الإشكيناز والسفارديم لاتزال قائمة ولكن الفجوة بينهما بدأت تقل بسبب ارتفاع المستوي التعليمي والمستوي المهني والمعيشي لليهود الشرقيين، ولكن سوف يظل هناك بعض الحساسية ولو قليلة بين المجموعتين . - وأضاف أحمد شمس الدين المُعيد بكلية الآداب جامعة عين شمس عن اليهود الروس ويهود الفلاشا الذين هاجروا إلي إسرائيل من إثيوبيا سوف نجد فارقا كبيرا بين الطائفتين من حيث كون أصل يهود الفلاشا يعتبر سفاردي وبالتالي فهم في مرتبة أدني بكثير من حيث حقوق المواطنة في إسرائيل وقلة فرص العمل بالرغم من أن عددهم في إسرائيل وصل إلي حوالي 120 ألف يهودي إثيوبي بعد موجات الهجرة خلال العقود الثلاثة الماضية مثل يهود العراق والمغرب واليمن وباقي يهود الدول العربية، أما اليهود الروس فوضعهم مختلف فبالرغم من مواجهتهم صعوبات الاندماج إلا أن الجزء الذي بدأ يتعايش مع الإسرائيليين قام بالانضمام إلي حزب سياسي "إسرائيل بيتنا" وهو حزب يميني متطرف يرأسه أفيجدور ليبرمان والذي هدد مصر في وقت سابق بهدم السد العالي . - وتحدثت فرناس حفظي الصحفية المتخصصة في الإسرائيليات عن اليهود الروس قائلة إنهم يمثلون 17٪ من اليهود في إسرائيل وقد هاجروا من روسيا بسبب الأزمة الاقتصادية حينذاك وكانت أكبر عقبة بالنسبة لهم في إسرائيل هي عدم توفر فرص عمل إلي جانب معاناتهم من التمييز العنصري ، ولكن البعض منهم قام بإنشاء صحف ومحطات إذاعية وتليفزيونية باللغة الروسية ، ومنهم من أقام محلات لبيع الأطعمة المستوردة. وعلي الصعيد السياسي قاموا بتأسيس حزب خاص بهم لكي يتمكنوا من المشاركة في صناعة القرارات لأنهم لا يرغبون في أن يكونوا أقلية بل يريدون أن يصبحوا صناع قرار . أما يهود الفلاشا فتعتبرهم الحكومة الإسرائيلية مواطنين من الدرجة الثالثة بالرغم من أنها تتجه إلي جلب المزيد منهم إلي إسرائيل ، وحتي الآن لم تنجح هذه الشريحة من اليهود في الاندماج مع المجتمع اليهودي. ومن هنا نجد أنه بعد مرور عقود من الزمان مازال بعض اليهود في إسرائيل يعانون من التمييز العنصري ولو قليلا رغم محاولتهم إظهار عكس ذلك ويتناقض هذا تماما مع مبادئ العدالة التي يجب أن تكون أساس أي بلد ديموقراطي.