ونحن مازلنا نعيش هذه الأيام في رحاب الذكري الخامسة لثورة الثلاثين من يونيو،..، نحاول القيام بإطلالة فاحصة علي ما جري وما كان في تلك الثورة الفارقة في تاريخ مصر المعاصر، بشهادة كل مراكز وهيئات المتابعة والرصد الموضوعية لمجريات الأمور وتطورات الأوضاع في هذه المنطقة الهامة من العالم. وفي ذلك لابد أن نذكر ما اتفقت عليه هذه المراكز وتلك الهيئات، من أن ما جري في الثلاثين من يونيو 2013، قد أنقذ مصر من المصير المظلم الذي كانت تنحدر إليه وتهوي تجاهه، علي أيدي جماعة التطرف والإرهاب، التي سيطرت علي البلاد واحتلت مراكز الحكم بها طوال عام أسود كادت فيه البلاد أن تفقد هويتها تماما. وإذا كانت هناك ملامح أكثر بروزا من غيرها في ذلك اليوم المجيد، الذي كنا نحن أيضا شهودا وحضورا ومشاركين فيه، فهو ذلك المشهد الرائع والمهيب للخروج الكبير لكل المصريين من أبناء هذا الوطن، الذين هبوا من كل مكان من أرضها للتعبير عن رأيهم وتأكيد إرادتهم في رفضهم القاطع لاستمرار هذه الطغمة الباغية والمتطرفة في حكم البلاد والتحكم في مصير العباد. ولقد كان هذا الخروج وبحق خروجا غير مسبوق في تاريخ الأمم والشعوب، فلم يسجل التاريخ المعاصر بعالمنا بكل شعوبه ودوله خروجا لأي شعب من الشعوب يماثل خروج الشعب المصري في تلك الثورة. ولم يذكر التاريخ علي كثرة ما ذكر من أحداث الهبات، والاحتجاجات الشعبية ووقائع الثورات الاجتماعية في المشرق أو المغرب، وفي كل الأمم والشعوب القوية والمعاصرة خروجا مماثلا علي الإطلاق. لقد كان وبحق يوما مشهودا منذ خمس سنوات، أعلن فيه الشعب إرادته وثورته علي ما كان قائما، وأكد رفضه لاستمراره ورغبته في عودة مصر من غربتها، واستعادتها لهويتها ولطبيعتها الخيرة والسمحة والوسطية والكارهة للغلو والتطرف، والساعية للحرية والديمقراطية والعدالة والاجتماعية.