وأنت فى الطريق إلى لجنة الانتخاب لا بأس من أن تتسلى بهذه الحكاية.. هى حكاية شاب من الذين صنعوا لك هذه اللحظة، اسمه محمود محمد أمين فقد القدرة على الإبصار بالعين اليمنى فى بشاير الثورة، حين أصيب بطلق خرطوش استهدف عينه مساء 25 يناير 2011، نتج عنه انفجار بمقلة العين اليمنى، وانتشار لشظايا الخرطوش فى باقى مناطق الدماغ. محمود محبوس الآن متهما فى أحداث العباسية الأخيرة بأمر النيابة العسكرية لمدة 15 يوما أخرى بعد تجديد حبسه الأسبوع الماضى متهما بجرائم لا يقوى على تنفيذها الذين يتمتعون بكامل صحتهم البصرية والجسدية، ومنها التعدى على أفراد القوات المسلحة بالضرب ومهاجمة منشآت وقطع الطريق وتهم أخرى. ووفقا للتقارير والأوراق الرسمية فإن محمود ابن قرية دراو بأسوان من مصابى ثورة يناير ولايزال يواصل رحلة علاجه حتى الآن، وحين وصلته أنباء إراقة دماء المتظاهرين فى العباسية ذهب يتظاهر سلميا مع رفاق الثورة، فقبض عليه وهو يقف على مسافة بعيدة من خط النار وألقى فى غياهب المعتقل ليتم تجديد حبسه. وحسب تقرير طبى صادر فى 20 مارس الماضى من مستشفى الجلاء العسكرى للعائلات فإن محمود أمين يعانى من آثار ما بعد إصابة بطلق خرطوش منذ قرابة عام ويعانى من آلام مزمنة بعصب الوجه وتنص التوصية الطبية المرفقة على أنه « تم عرض المريض على البروفيسور جيل روبين (فرنسى الجنسية) وأوصى بأن المريض يعانى حاليا من آلام بعصب الوجه وضمور جزئى بعضلات الوجه وينصح بكى للعصب بواسطة استشارى لعلاج الآلام». ولو وضعت هذا التشخيص بجانب تقارير أخرى تؤكد أن الشاب فقد عينه اليمنى تماما، فلك أن تتخيل مدى خطورة هذا المجرم العتيد الذى يضرب أفراد القوات المسلحة بلا رحمة ويتربص بمنشآت حيوية بمنتهى الشراسة، ما يجعله خطرا على أمن مصر القومى واستقرارها وعجلة إنتاجها وجيشها وشرطتها.. ومن ثم استحق الاعتقال والحبس وتجديد الحبس وضربه بآلة حادة على عينه الأخرى التى لا تزال تحتفظ ببعض القدرة على الإبصار. إن قصة محمود ليست إلا واحدة من قصص أخرى عديدة تكشف إلى أى حد كانت موقعة العباسية مسرحا للكذب والتلفيق بدون حد أقصى، فى محاولة لتبرير القتل والتنكيل والتعذيب الذى مورس بكثافة على من جرى اختطافهم واعتقالهم عشوائيا والزج بهم فى ظلام المعتقلات. ولفضح هذا الكذب الاحترافى وللطرق على نوافذ الضمير كان الإضراب الرمزى عن الطعام لمدة 24 ساعة فى مقر نقابة الصحفيين تضامنا مع أسرى موقعة العباسية الذين دخلوا فى إضراب عن الطعام احتجاجا على القمع والتعذيب وتغييب أبسط قواعد العدالة فى التعامل معهم. ويبقى أن كل معتقلى الثورة من المحبوسين احتياطيا بأمر النيابة العسكرية، وبالتالى من حقهم المشاركة فى الإدلاء بأصواتهم فى عملية الانتخابات الرئاسية، وهو الحق الذى يكفله لهم الدستور والقانون.