ذكرت مجلة فورن بوليسي الأمريكية في نسختها الصادرة، الأربعاء 14 نوفمبر، أن ما يمكن تسميته ب"مشهد الإرهاب" العالمي قد خضع لخمسة تحولات جذرية منذ اندلاع هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. وأوضحت المجلة، في تحليل إخباري أوردته على موقعها على شبكة الانترنت، أن كل ما يتعلق بظاهرة الإرهاب أخذ منحنى بعيدا عن الأنماط التي عاهدناها خلال الأعوام التي تلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر،مشيرة إلى أن النموذج أو القالب الذي استخدم في إستراتيجية مكافحة الإرهاب منذ ذلك الحين قد طمس تحت وطأة الأحداث العالمية المتعاقبة. ولفتت المجلة إلى أن التغير الأول تمثل في طبيعة المجتمعات ونظام الحكم في المناطق التي تعد منبع القلق الراهن خصوصا في منطقتي جنوب آسيا والشرق الأوسط، وانه مع بداية التحول إلى الحكم المدني في باكستان عام 2008 وتصاعد وتيرة أحداث الربيع العربي على مدار العامين الماضي والجاري،حيث شهدت العديد من بلدان العربية تحولات سياسية ربما تضعهم ،في نهاية المطاف، على مسارات أقرب إلى القيم والمباديء الغربية،غير أن العديد من هذه الدول أصبحت أقل مرونة وقدرة او مشاركة في مكافحة التطرف وأقل تحالفا مع الولاياتالمتحدة. وأردفت المجلة تقول انه بمقارنة الوضع الراهن بالأعوام التي تلت هجمات 11 سبتمبر، يتبين أننا كنا نتعامل مع حكومات ذي طابع استبدادي، غير إنها كانت تحكم سيطرتها ومراقبتها على مجتمعاتها من خلال الأجهزة الاستخباراتية النفاذة والتي تسعى حاليا إما لإعادة تعريف أدوارها في المجتمعات "التعددية" أو إنها تناضل لتكريس أولوياتها من حيث الأهداف أو العلاقات الخارجية. واعتبرت المجلة الأمريكية أن هذه التوجهات تتجلى بطرق مختلفة في قطاع عريض من الدول يمتد من باكستان ومصر حتى تونس وليبيا،موضحة أنه في باكستان مثلا، يواجه الجيش الذي كان يتمتع بنفوذ واسع في السابق تحديا من قبل السلطة القضائية التي تنازع علانية،حق المؤسسة العسكرية في ممارسة اي دور سياسي. في الوقت ذاته، حسبما أبرزت الصحيفة، ما كان للحكومة الباكستانية المدنية "الضعيفة"، على حد وصفها، سوى الرضوخ للمعارضة الشعبية للسياسات الأمريكية في مكافحة الإرهاب. ورأت المجلة أن التغير الثاني يكمن في التغير الجذري الذي حدث في "خارطة" نفوذ الجماعات المتطرفة،مشيرة إلى أنه عقب وقوع هجمات 11 سبتمبر،امتلكت وكالة "الاستخبارات الأمريكية المركزية (سي.أي.إيه) خططا لمهاجمة تنظيم القاعدة في عشرات من دول العالم ،ولكن أدت المعلومات الاستخباراتية حول هذا الشأن إلى التركيز بشكل أساسي على أفغانستان ومناطق في باكستان وبعض من دول الخليج العربي على رأسها اليمن حيث تمكنت واشنطن من تحقيق تقدم جوهري. وأوضحت المجلة انه إذا ما تتبعنا نطاق نفوذ المتطرفين على الخريطة بالرغم من انكماش نشاط القيادة المركزية في تنظيم القاعدة،يتبين وجود حضور خطير ومؤثر للجماعات المتشددة في قطاع جغرافي أوسع مقارنة بمنتصف العقد الماضي. وأضافت "لقد أصبحت هذه الحركات تشكل تهديدات جمة في منطقتي شمال القارة الإفريقية وشرقها في ظل توسع فرع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي في الجنوب حيث مالي وجماعة بوكو حرام في نيجيريا وفي بؤر تقليدية مثل اليمن حيث بات فرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أكثر قوة ودهاء استراتيجيا". و فيما يتعلق بالتحول الثالث، من وجهة نظر المجلة، فإن ساحة المعارك على الأرض تخضع الآن لعمليات تحول تعد هي الأهم منذ عام 2001 بسبب انسحاب الجيش الأمريكي من العراق وأفغانستان،مشيرة إلى أنه سيتعين على الأمريكيين الآن تنفيذ مهامهم من مواقع بعيدة وبأقل درجات "الشفافية"،كما أن مثل هذه الانسحابات ستزيد عليهم عبء تجميع المعلومات الاستخباراتية نظرا لانكماش حجم المواقع الفعلية للجنود الأمريكيين أو حلفاءهم وخفض معدلات العمليات العسكرية والتي كانت تمثل واحدة من أفضل المصادر لتنفيذ عمليات استخباراتية ناجحة. وأشارت المجلة إلى أن التحول الرابع يتمثل في الطريقة التي يصيغ بها الإرهابيون وينشرون رواياتهم والفرص المتاحة أمامهم للتجنيد وتدريب عناصرهم لافتة إلى أن شبكة الانترنت تتيح القدرة على إجراء اتصالات سريعة وأفقية . وبالنسبة إلى التحول الخامس والأخير،كما قالت المجلة، فإنه يتمثل بغياب زعيم تنظيم القاعدة سابقا أسامة بن لادن و"هوسه بشن هجمات على الولاياتالمتحدة في عقر دارها "فصرنا الآن نرى هجمات إرهابية تركز على أهداف ناعمة مثل مقر البعثة الأمريكية في مدينة بنغازي الليبية في شهر سبتمبر الماضي. ونوهت المجلة إلى أن هذا التحول يمثل أحد قواعد لعبة زعيم التنظيم الحالي أيمن الظواهري كما تحبذه أفرع التنظيم في مختلف أنحاء العالم بما في ذلك تنظيم القاعدة في اليمن واستراتيجية القاضية ب"الموت بأقل الخسائر".