صرح الدكتور أشرف إبراهيم القصاص، المحلل السياسي الفلسطيني المقيم في قطاع غزة، بأن الأوضاع السياسية والميدانية في غزة غاية في السوء والتعقيد، مشيرًا إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة صار على المحك. وقال القصاص، في تصريحات ل"بوابة اخبار اليوم "، إن الاحتلال الإسرائيلي ينوي عدم الالتزام والمراوغة السياسية، تحت ذرائع أمنية مصطنعة. وأوضح القصاص أن اتفاق وقف إطلاق النار صار على المحك لأن الاحتلال الإسرائيلي يفرغ اتفاق وقف إطلاق النار من مضمونه عبر الخروقات المستمرة التي وصلت إلى 813 خرقًا بين قصف مدفعي واستهداف بالطيران وتوغل بالدبابات، واغتيالات آخرها اغتيال القيادي في القسام رائد سعد ومرافقيه. وأكد القصاص أن ما يجري على الأرض يعكس سياسة "تهرب تدريجي" من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتفريغه من محتواه وصولًا إلى تعطيل الوصول إلى المرحلة الثانية بشكل فعلي، مع تحميل بنيامين نتنياهو وحكومته الطرف الفلسطيني المسؤولية سياسيًا وإعلاميًا عبر حجج واهية. وأشار إلى أن المماطلة وعدم تنفيذ البنود المتعلقة بوقف إطلاق النار، وعدم تطبيق البرتوكول الإنساني، هي سلوك إسرائيلي وتشكّل مؤشرات واضحة على وجود تهرّب مقصود من الالتزامات من خلال قراءة ظالمة للاتفاق، متذرعًا بعدم تسليم آخر جثة والمطالبة بنزع سلاح المقاومة ورفض بقاء حماس في حكم غزة. وأضاف القصاص أن ذلك يأتي في وقت تعصف فيه الرياح والأمطار وظروف الشتاء القاسية بخيام النازحين الفلسطينيين في ظل ظروف جوية ومناخية غاية في السوء. كما لفت إلى أن ما يجري على الأرض من قبل الاحتلال لا يرقى إلى انسحاب أو هدوء شامل بل قصف متقطع والتلاعب بملف الوقود والغاز والسلع الإغاثية الأساسية دون الوصول إلى انهيار شامل للاتفاق. وربط القصاص هذا السلوك بالسياق السياسي الداخلي الإسرائيلي، مؤكدا أن آلية الانسحاب من قطاع غزة تمثّل عبئًا على اليمين المتشدد، وقد تعني خسارته في أي انتخابات مستقبلية. وتابع قائلًا: "ولذلك، يسعى الاحتلال إلى فرض وقائع جديدة داخل القطاع تخدم دعاية انتخابية مقبلة، وتُبقي حضوره العسكري والسياسي قائمًا من خلال بقاء حالة الاستنفار في غزة ولبنان وسوريا أطول فترة ممكنة". وأضاف القصاص أن الهدف الأساسي من هذا التهرّب هو كسب الوقت، لإعادة ترتيب الواقع السياسي الداخلي، وتعزيز الجاهزية العسكرية والأمنية خارجيًا، مع السعي إلى تنشيط الاتفاق شكليًا دون منح الفلسطينيين أي مكتسبات حقيقية. وحذر القصاص من أن استمرار هذا النهج سيقود إلى انهيار تدريجي للاتفاق، وتعطيل المرحلة الثانية، مع تحميل حركة حماس المسؤولية إعلاميًا. وواصل قائلًا: "بالتالي من البديهي أن نرى اليوم جهود الوسطاء والدول راعية الاتفاق في غزة تبذل ضغوطًا متزايدة على حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة من أجل إلزامها بتطبيق الاتفاق والتوقف عن سياسة الضم الزاحف والاستيطان ومصادرة الأراضي في الضفة الغربيةالمحتلة". وأتم حديثه قائلًا: "كما أن المرحلة المقبلة مرهونة بميزان الضغط الأمريكي ودور الوسطاء، إلى جانب صمود الشعب الفلسطيني، والانتقال من الرعاية الأميركية الشكلية إلى وجود ضامن دولي فعلي يفرض تنفيذ الاتفاق على أرض الواقع".