حزمة جديدة من التسهيلات الضريبية أعلنتها وزارة المالية بعد النجاح الكبير الذى حققته الحزمة الأولى وساهم فى زيادة ملحوظة بالحصيلة الضريبية دون مساس بقيمة الضريبة، بالإضافة إلى ضم ممولين جدد وإغلاق ملفات قديمة.. وتأتى الحزمة الجديدة وفقا لوزير المالية أحمد كجوك فى إطار استراتيجية متكاملة للتيسير على المجتمع الضريبى.. يقول أحمد كجوك وزير المالية، إن النظام الضريبى المبسط والمتكامل مستمر للأنشطة التى لا يتجاوز حجم أعمالها 20 مليون جنيه سنويًا، وإنه يتم التنسيق مع جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر؛ لتحفيز أول 100 ألف ممول ينضمون للنظام الضريبى المبسط والمتكامل، وكذلك التعاون مع وزارة «الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات»؛ لتشجيع رواد الأعمال للانضمام للقاعدة الضريبية، ومساعدتهم على التوسع والنمو. اقرأ أيضا | مديرالقاهرة للدراسات الاقتصادية يكشف أهمية التسهيلات الضريبية وتأثيرها| خاص كما أوضح وزير المالية أن «الحزمة الثانية للتسهيلات الضريبية» تستهدف مساندة شركائنا من الممولين الملتزمين والدائمين بعدد كبير من المزايا، بما فى ذلك استحداث «قائمة بيضاء» و»كارت تميز»، وأولوية فى الحصول على الخدمات المتخصصة، وحوافز إضافية، للممولين الملتزمين، موضحًا أنه سيتم إعادة هيكلة إدارات «رد ضريبة القيمة المضافة»؛ لتبسيط وتسريع الإجراءات لتوفير السيولة لدى شركائنا، مع الرد السريع للضريبة خلال أسبوع للمنضمين للقائمة البيضاء، ومضاعفة عدد الحالات والمبالغ المالية. أشار «كجوك» إلى أن إجمالى ما تم رده من ضريبة القيمة المضافة خلال العام المالى 2024/ 2025 بلغ 7,2 مليار جنيه بمعدل نمو 151٪، ونستهدف زيادة هذا الرقم لتوفير السيولة المطلوبة للممولين. وفى الوقت نفسه، أوضح الوزير أننا نقترح تجديد العمل بقانون إنهاء المنازعات الضريبية، ونستهدف فى نفس الوقت العمل على تحسين اللجان الداخلية، ولجان إنهاء المنازعات لضمان سرعة حل المشاكل، لافتًا إلى أنه سيكون هناك تعديل تشريعى لإعفاء توزيعات الأرباح للشركات المصرية التابعة للشركة القابضة المقيمة بمصر. كما أعلن وزير المالية، أيضا أنه سيتم استحداث مراكز ضريبية للخدمات المتميزة للممولين والمكلفين، من خلال شركة «إى. تاكس»، وستكون البداية بالقاهرة الجديدة والشيخ زايد، والعلمين الجديدة؛ لإحداث نقلة نوعية فى مسار التيسير على المجتمع الضريبى وتطوير الخدمات المقدمة إليهم، لافتًا إلى أن هناك تشريعًا جديدًا يسمح باستفادة الفترتين الضريبيتين 2023 و2024 من نظام الضريبة «القطعية» و»النسبية». وقال إنه سيتم التحول لضريبة الدمغة بدلًا من الأرباح الرأسمالية، لتحفيز الاستثمار المؤسسى فى البورصة المصرية، كما سيتم بالتنسيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية منح مزايا ضريبية لتحفيز قيد الشركات بالبورصة لمدة 3 سنوات، مع ضمان تحقيق تحسن ملموس فى حجم التداول وزيادة الاستثمارات. «موبايل أبليكيشن» كما أشار الوزير إلى أنه سيكون هناك «موبايل أبليكشن» للتصرفات العقارية، للإخطار وسداد قيمة الضريبة المستحقة بسهولة، مع إقرار ضريبة 2,5٪ من قيمة بيع الوحدة للشخص حتى إذا قام بأكثر من تصرف عقارى، مشيرًا إلى أنه يحق للممولين والمكلفين استرداد الرصيد الدائن من واقع الإقرار الضريبى لتوفير السيولة، مع السماح بإجراء «المقاصة» بين الأرصدة الدائنة والمدينة للممولين والمكلفين؛ لتيسير سداد الأعباء الضريبية. وكشف الوزير عن الاتجاه لإجراء تعديل تشريعى فى قانون الإجراءات الضريبية الموحد؛ للسماح بإصدار بطاقة ضريبية مؤقتة لمدة 4 أشهر؛ من أجل تسريع إجراءات تأسيس الشركات. الاقتصاد غير الرسمى وقال كجوك، إن هناك حزمة إجراءات لتحقيق العدالة الضريبية ودمج الاقتصاد غير الرسمى، بما فى ذلك تسهيل جميع إجراءات العمل الضريبى للممولين الملتزمين مثل: الفحص، ورد الضريبة، واعتماد التكاليف والمصروفات، لافتًا إلى خصم عوائد القروض الخارجية من الوعاء الضريبى، لشركات القطاع الخاص المساهمة فى المشروعات الاستراتيجية، واستثناء هذه الشركات من الحد الأقصى لاعتماد «عوائد القروض»؛ لتسهيل تمويل المشروعات الاستراتيجية دون أعباء إضافية. تحول منطقى مجتمع الأعمال من جانبه رحب بالحزمة الجديدة من التسهيلات الضريبية ويرى أنها خطوة إيجابية تساهم فى تنفيذ رؤية الدولة لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، فى البداية يرى رامى فتح الله رئيس لجنة المالية والضرائب بالجمعية المصرية اللبنانية، أن توسيع نطاق الحوافز الضريبية ليشمل قطاعات الصناعة والتكنولوجيا والمصدرين يعكس تحولاً منطقيًا نحو سياسة اقتصادية تركز على تحقيق أكبر معدلات من النمو، وأكد أن الحزمة ستعزز قدرة مصر على جذب الاستثمار الأجنبى عبر خفض تكلفة دخول السوق وتحسين القدرة على التنبؤ بالمسار المالى، إلى جانب دعم الشركات المتوسطة والصغيرة التى ستكون المستفيد الأكبر من تخفيف الضغطين المالى والإدارى. وأشار إلى أن تطبيق الحوافز الضريبية بشكل مرحلى ومدروس سيسهم فى خلق بيئة أكثر استقرارًا للمستثمرين، خاصة فى القطاعات التى تعتمد على ضخ رؤوس أموال كبيرة قبل تحقيق العائد، واعتبر أن وضوح السياسات المالية خلال الفترة المقبلة سيكون عنصرًا حاسمًا فى بناء الثقة، بما يساعد على إعادة تنشيط دورة الاستثمار والإنتاج داخل السوق المصرية. وأضاف «فتح الله» أن الحزمة الجديدة يمكن أن تمثل نقطة انطلاق لإعادة صياغة علاقة الدولة بالقطاع الخاص على أساس الشراكة وليس العبء، موضحًا أن تقليل التدخلات الإدارية وتيسير الإجراءات سيمنح الشركات فرصة أكبر للتوسع ورفع الإنتاجية، وأكد أن مثل هذه الخطوات لا تخفف الضغط عن الشركات فحسب، بل تفتح الباب أمام نمو اقتصادى أكثر استدامة قائم على الابتكار والصناعة والتصدير. وشدد على أن نجاح الحوافز الضريبية يتطلب دمجها مع سياسات داعمة مكمّلة مثل تحسين البنية التحتية اللوجستية وتوفير أدوات تمويل ميسرة، لافتًا إلى أن هذه المنظومة المتكاملة هى التى ستشجع المستثمرين على التوسع طويل المدى، وأضاف أن تهيئة بيئة أعمال أكثر تنافسية ستسهم فى رفع قدرة القطاعات الإنتاجية على خلق فرص عمل وتعزيز حصيلة الصادرات، بما ينعكس فى النهاية على قوة الاقتصاد الكلى واستدامة النمو. شراكة حقيقية بينما أوضح النائب أحمد إسماعيل صبرة، عضو مجلس النواب وعضو غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، أن الحزمة الجديدة من التسهيلات الضريبية تعكس تحولاً مهمًا فى منهج الدولة تجاه الصناعة والاستثمار، وتؤكد أن الحكومة بدأت تتعامل مع التحديات الاقتصادية بمنطق الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص، وأشار إلى أن ما يميز الحزمة الثانية ليس فقط معالجة التراكمات والفوائد والغرامات، بل توجيه الحوافز نحو القطاعات الإنتاجية، وفى مقدمتها الصناعة، بما يمنح المصانع خاصة الصغيرة والمتوسطة فرصة لإعادة الهيكلة والتوسع وخلق فرص عمل جديدة. وقال إن التخفيضات والتسهيلات المرتبطة بالضرائب تمثل دعمًا مباشرًا لقطاع الصناعات الكيماوية، الذى يتحمل تكاليف تشغيل مرتفعة ويحتاج إلى سيولة مستمرة لاستمرار الإنتاج، وقال إن تبسيط الإجراءات والاعتماد المتزايد على الرقمنة سيقللان من الاحتكاك المباشر بين الممول والإدارة الضريبية، مما يرفع مستوى الشفافية ويحدّ من الخلافات. ولفت إلى أن توقيت الحزمة جاء دقيقًا، لأنها ترسل رسالة واضحة للمستثمرين المحليين والأجانب بأن الدولة جادة فى خلق مناخ تنافسى، وأنها تدعم المصانع القائمة وتحفز على ضخ استثمارات جديدة، وهو ما ينعكس إيجابًا على النمو والتشغيل وزيادة الصادرات. معالجة التشوهات بينما شدد الدكتور أشرف حجر المحاسب القانونى عضو جمعية رجال الأعمال المصرية على أن الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية تمثل خطوة عملية لمعالجة التشوهات المتراكمة فى العلاقة بين الممولين والإدارة الضريبية، خاصة أنها تتعامل بجدية مع الفوائد والغرامات والملفات العالقة منذ سنوات. وأضاف أن التوسع فى الرقمنة وتبسيط الإجراءات سيوفران بيئة أكثر انضباطًا للشركات عند التخطيط المالى، ويقللان النزاعات الضريبية، مع انحياز واضح لدعم الصناعة والإنتاج. وأضاف أن الأشهر المقبلة ستكشف مدى قدرة هذه الحزمة على إحداث أثر واسع فى تحسين تنافسية الاقتصاد المصرى، وتعزيز ثقة المستثمرين، ودفع الشركات نحو التوسع، خصوصًا إذا واصلت الدولة مسار الإصلاح الضريبى والرقمى بوتيرة ثابتة. وقال إن الحزمة الجديدة للتسهيلات الضريبية تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الانضباط المالى للشركات، مشيرًا إلى أن التركيز على تيسير الإجراءات وتسوية الملفات القديمة سيخفف الضغوط على الممولين ويحفزهم على الالتزام الضريبى. وأوضح أن دمج الرقمنة فى عملية التحصيل والإبلاغ الضريبى سيساعد على توفير بيانات دقيقة، ما يسهم فى تخطيط مالى أفضل وتقليل المخاطر القانونية والمالية على الشركات. وأضاف أن الأثر الاقتصادى للحزمة يتجاوز مجرد معالجة الملفات العالقة، إذ إنها تخلق بيئة محفزة للاستثمار والصناعة، مع زيادة قدرة الشركات على التوسع والنمو. وأكد أن استمرار الدولة فى تبنى سياسات إصلاحية واضحة ومستدامة فى مجال الضرائب والرقمنة سيكون عاملاً رئيسيًا لتعزيز تنافسية الاقتصاد المصرى وبناء ثقة مستدامة لدى المستثمرين المحليين والأجانب. التحفيز الاقتصادى وأكدت الدكتورة منى وهبة، أستاذ الاقتصاد الدولى، أن الحزمة الجديدة تعتبر نقلة نوعية فى سياسات التحفيز الاقتصادى، إذ تستهدف تعزيز سيولة الشركات، وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، ومعالجة التراكمات الضريبية عبر تبسيط غير مسبوق للإجراءات، وأشارت إلى أن صدورها فى توقيت حساس جعل رد فعل مجتمع الأعمال إيجابيًا، باعتبارها رسالة ثقة قوية بأن الدولة تستجيب لاحتياجات القطاع الخاص. وأضافت أن الحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية التى أعلنتها الحكومة تمثل واحدة من أهم محطات الإصلاح المالى خلال السنوات الأخيرة، لما تتضمنه من انتقال واضح من مرحلة تخفيف الأعباء إلى مرحلة دعم النمو وجذب الاستثمار.