فى لحظة فارقة فى تاريخ الشرق الأوسط، عاد الصوت المصرى يتردد من منصة السلام بشرم الشيخ، باعتباره «خريطة طريق» تحمل إرث التاريخ ومسئولية الجغرافيا ، معلناً ميلاد موقف عربى جديد.. موقف تعيد فيه القاهرة دورها كضامن ومحدد لمعادلات الإقليم.. مؤكداً عودة مصر إلى موقع القيادة الإقليمية. الرئيس عبدالفتاح السيسى فى كلمته تحدث من سطور التاريخ وهو يضع محددات واضحة للسلام، فى إطار معادلة توازن دقيق بين الأمن والحق.. استخدم خطاباً محسوباً، هادئاً فى نبرته، لكنه حاسم فى معناه. الرئيس تحدث بلهجة من يعرف قيمة اللحظة وتكاليف الغياب عنها، دعا إلى سلام عادل وشامل.. لا سلام يتحقق على حساب دماء الأبرياء، أو تنازلات تقايض الحق بالهدنة. كلمة الرئيس أسست لمعادلة شرق أوسطية جديدة، ونقطة تحول فى الصراع.. وأعادت صياغة الدور المصرى فى زمن الفراغ العربى.. كلمة مفصلية فى لحظة فارقة، ووثيقة لموقف مصرى ينبض بالضمير القومى، كلمة لا تعبر فقط عن موقف سياسى، بل عن رؤية استراتيجية تحفظ الكرامة الوطنية وتعيد التوازن فى زمن مضطرب.. لقد وضع الرئيس خارطة جديدة لمفهوم السلام، لا سلام بدون عدالة، ولا عدالة دون إنهاء الاحتلال. فهل تلتقط الأطراف الرسائل المصرية؟.. هل ستفهم إسرائيل أن الدم الفلسطينى ليس رخيصاً؟.. وأن الغطاء الدولى ليس دائماً؟.. وهل يدرك العرب أن الصمت لم يعد ترفاً سياسياً بل صار خيانة للضمير؟.. ما حدث فى شرم الشيخ ليس مجرد اتفاق، بل هو عملية سياسية مدروسة، أُطلقت فى لحظة انسحاب أمريكا من دورها التقليدى كحارس للمشروع الصهيونى الغربى . ويبقى التحدى الحقيقى فى تنفيذ هذا الاتفاق.. وفى القدرة على إلزام الأطراف بتنفيذ ما تم التوقيع عليه.. وهنا يأتى السؤال، هل يمكن ضمان آليات حقيقية للرقابة؟.. وهل ستقبل تل أبيب انكماش رغبتها التوسعية مقابل عودة الهدوء؟.. وهل لدى حماس القدرة على الاستمرار فى خيار التسوية دون خسارة قاعدة شرعيتها. إن مؤتمر السلام هو بداية لحرب إثبات الجدارة بالسلام، وصياغة شرق أوسط جديد لا يدار من واشنطن أو تل أبيب، بل من العواصم العربية ذات القرار والسيادة .