لم ينجح رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وحكومته فى إخفاء خطة سرعان ما تم تسريبها لوسائل الإعلام وتكشف كيف تدور حرب شعواء لا تقل سخونة عن الحرب الجارية فى غزة.. هذه الحرب الموازية لا تحصد أرواحا، بل تحصد العقول.. ولا تستهدف قتل الأجساد لكنها تستهدف قتل الوعى وما تبقى من شعور الضمير الإنسانى الذى أيقظته مجازر وإبادة غزة فى عقول وقلوب الشعوب الغربية. كشف تقرير نشرته صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية أن شارلى كيرك، مؤسس منظمة «Turning Point USA» البالغ من العمر 31 عامًا، الذى اغتيل الشهر الماضى كان قد بعث برسالة الى نتنياهو فى مايو الماضى حذر فيها من أن إسرائيل تخسر «حرب المعلومات» بين الشباب الأمريكي، داعيًا إلى تدخل فورى فى مجال الاتصال. اقرأ أيضًَا | لماذا أنت متشائم دائما؟.. «أكسيوس»: مكالمة متوترة بين ترامب ونتنياهو ورسالة كيرك كانت أكثر من مجرّد نقد، بل قدّمت تصورًا واضحًا عن ساحة المعركة الإعلامية التى تجد إسرائيل نفسها فيها اليوم وأوصى بضرورة الاعتماد على المؤثرين فضلًا عن إشراك أصوات شبابية إسرائيلية قادرة على التحدث بلغة «تيك توك» لا لغة المؤتمرات الصحفية. كما حذّر أيضًا من الاتكال المفرط على داعمين أمريكيين للدفاع عن إسرائيل، معتبرًا أن المعركة تدور فى ساحة يتصدرها الجيل الجديد على منصات التواصل، وليس فى غرف الأخبار. ووفق تقارير متقاطعة، لجأت وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى شركات اتصالات سياسية أمريكية لمواجهة هذه الأزمة فقد كشفت منصة «Responsible Statecraft» أن شركة «Bridge Partners» تدير برنامجًا يضم 14 إلى 18 صانع محتوى أمريكيا، يتقاضون ما بين 6000 إلى 7000 دولار لكل منشور، بإجمالى فواتير بلغ نحو 900000 دولار خلال عدة أشهر. أما نتنياهو، فقالها صراحة: «المؤثرون لدينا مهمون للغاية»، مشيرًا إلى تحوّل الاستراتيجية من المنصات الرسمية إلى تغذية الخوارزميات. وفى صفقة منفصلة، وقّعت وزارة الخارجية الإسرائيلية عقدًا بقيمة 6 ملايين دولار مع شركة «Clock Tower X LLC» التى يديرها براد بارسكال، المستشار السابق لحملة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب. ويشمل الاتفاق إنتاج 100 مادة محتوى شهريًا، مع ما يصل إلى 5000 نسخة مصممة لجماهير مختلفة، مستهدفة 50 مليون «تفاعل» ، معظمها موجه لجيل «زد» عبر «تيك توك»، «إنستجرام»، «يوتيوب»، والبودكاست ..الجديد فى هذه الحملة ليس فقط حجم الأموال، بل استخدامها للذكاء الاصطناعي. اذ يشمل نطاق عمل شركة بارسكال إنشاء مواقع ويب تضمن نتائج محسّنة لمحركات البحث وللمحادثات مع أنظمة الذكاء الاصطناعى (مثل شات بوتات)، للتأثير على ما «يتعلمه» الذكاء الاصطناعى ويعيد ترديده للمستخدمين. وسبق أن كشفت منصة «The Verge» عن شبكة سرية مرتبطة بوزارة شئون الشتات الإسرائيلية استخدمت شخصيات وهمية ومنشورات مُنتجة بالذكاء الاصطناعى للتأثير على أعضاء الكونجرس الأمريكى. هذه الحملات تستهدف جيل الشباب، لا سيما «جيل زد»، لأن الأرقام مقلقة لتل أبيب، فاستطلاع أخير لجالوب أشار إلى أن 9% فقط من الأمريكيين بين 18 و34 عامًا أيّدوا الحملة العسكرية الإسرائيلية. كما تُظهر الاستطلاعات أن هذا الجيل يميل إلى الحراك الرقمى والميدانى مدفوعًا باعتبارات أخلاقية لا ولاءات حزبية. وهو جيل لا يقبل الرسائل المعلّبة، يشكّك فى النوايا، ويكافئ الصراحة ويعاقب الصياغة الزائفة.