بعد أن أثبتت منصات التواصل الاجتماعي والفضاء الرقمي فعاليته، كأحد أبرز مصادر التوثيق المباشر في فضح الممارسات الإسرائيلية خلال الحرب علي غزة، من خلال نقل الناشطون والصحفيون المستقلون صورًا ومقاطع فيديو كشفت حجم الدمار الذي تعرض له القطاع والاستهداف الممنهج للمدنيين والبني التحتية، ما دعي المنظمات الدولية إلي توجيه الاتهامات وملاحقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد من وزرائه لارتكاب جرائم حرب. ومع تصاعد التأثير الرقمي علي مجريات الأمور، تسعي إسرائيل للسيطرة علي محتوي هذه المنصات أو التأثير علي صانعيه وهو ما ظهر خلال زيارة بنيامين نتنياهو الأخيرة إلي نيويورك، ومقابلة عدد من المؤثرين بالقنصلية الإسرائيلية هناك، قائلا" كان مهمًا السيطرة علي "تيك توك" علينا أن نستخدم أدوات المعركة فالأسلحة تتغير مع الزمن .. الآن جاء الوقت لكسب المزيد من الأصدقاء" ، في محاولة لإعادة صياغة السردية أمام الرأي العام العالمي. اقرأ أيضًا| «بوابة أخبار اليوم» تنشر رسالة تشارلي كيرك إلى نتنياهو قبل اغتياله: «4 تهديدات تواجه إسرائيل» إسرائيلية شات جي بي تي وماهية مشروع 545 ووسط موجة الاحتجاجات والانتقادات التي طافت العالم مطالبة الكيان الصهيوني، بوقف الحرب وعمليات الإبادة، بعد فشل سرديته الرسمية لتبرير العمليات العسكرية بأنها دفاعًا عن النفس، كشفت مجلة «ريسبونسبل ستاتكرافت»، عن تعاقد إسرائيل مع عدد من الكيانات ذات صدي بالفضاء الرقمي ضمن مشروع أطلق عليه 545 تحسينًا لصورتها وتعزيز الاتصالات الاستراتيجية والدبلوماسية العامة لها. يرأس المشروع، إران شايوفيتش رئيس ديوان وزارة الخارجية الإسرائيلية بخبرة تتجاوز 7 سنوات في التسويق عبر الإنترنت وشراء وسائل الإعلام، إضافة إلى معرفة بمجالات مثل تحسين محركات البحث (SEO)، والتسويق بالبريد الإلكتروني، والتسويق عبر الهاتف المحمول، وحملات الفيسبوك. وبموجب عقد جديد تبلغ قيمته 6 ملايين دولار، ستتولي شركة " Clock Tower X " بإنشاء محتوي عبر المنصات ومساعدة خوارزميات الألعاب بالإضافة إلي إدارة أطر الذكاء الاصطناعي لجعلها أكثر ملاءمة للرواية الإسرائيلية. ووفق المجلة سوف يستهدف 80% من المحتوي التي تنتجه الشركة جمهور الجيل" زد" عبر المنصات ، بما في ذلك TikTok وInstagram وYouTube والبودكاست وغيرها من المنافذ الرقمية والإذاعية ذات الصلة" بهدف لا يقل عن 50 مليون ظهور شهريًا. كما يتضمن المشروع، إنشاء مواقع إلكترونية جديدة ومحتوي للتأثير علي كيفية قيام نماذج AI GPT مثل Chat GPT والتي تدرب علي استيعاب كميات رهيبة من البيانات في كل ركن من أركان الانترنت، بتأطير الموضوعات وتوجيهها والاستجابة لها بما يخدم الرواية الإسرائيلية. الدمج والتكيف مع الخوارزميات وكجزء من هذا المشروع، تشير المجلة إلى أن الشركة ستستخدم برنامج MarketBrew AI، وهو نظام ذكاء اصطناعي تنبؤي لتحسين محركات البحث، يساعد العملاء على التكيف مع الخوارزميات الرقمية وتعزيز انتشار أعمالهم على محركات البحث مثل Google وBing، وذلك بهدف رفع مستوى الظهور وتحسين ترتيب السرديات ذات الصلة في نتائج البحث. كما ستعمل شركة Clock Tower X على دمج الرسائل المؤيدة لإسرائيل ضمن محتوى شبكة Salem Media Network، وهي مجموعة إعلامية مسيحية محافظة تمتلك شبكة واسعة تضم 117 محطة إذاعية في 38 سوقًا داخل الولاياتالمتحدة، من بينها 89 محطة في أكبر 25 سوقًا. وتُعرف الشبكة بإنتاجها لبرامج سياسية مؤثرة مثل The Hugh Hewitt Show وThe Larry Elder Show وRight View with Lara Trump. وفي أبريل الماضي، أعلنت الشبكة أن نجلا الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب جونيور ولارا ترامب أصبحا من المساهمين الرئيسيين فيها. ووفق ما أوردته المجلة، لم تكشف الشركة بعد عن الطريقة التي ستُدمج بها الرسائل المؤيدة لإسرائيل داخل برامجها الإذاعية، والتي يُعتقد أنها تستهدف التأثير في توجهات الرأي العام الأمريكي. اقرأ أيضًا| بعد عامين من القصف... «إسرائيل تخسر الحرب» |أغلبية يهود أمريكا: تل أبيب ترتكب جرائم حرب فى غزة حلقة الوصل ويعد براد بارسكال، مدير حملة ترامب السابق والمستشار الذي وظف شركة كامبريدج أناليتيكا المثيرة للجدل عالميًا والتي استهدفت الناخبين بتحليل بياناتهم بشكل دقيق علي الفيسبوك، خلال حملة ترامب عام 2016، محور الصفقة الجديدة للحكومة الإسرائيلية، حيث يقود بارسكال شركة كلوك تاور، كما أنه أيضًا الرئيس التنفيذي الجديد لمجموعة سالم ميديا. في عقدها، لا تكشف كلوك تاور الكثير عن أنواع الرسائل التي سيتم الترويج لها نيابة عن إسرائيل. ووفقًا لملفها بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، تتمثل مهمتها في تنفيذ حملة وطنية في الولاياتالمتحدة لمكافحة "معاداة السامية"، وما قد يتضمنه من رسائل تعزز من الرواية الإسرائيلية. استهداف جيل زد وفي سياق أهمية جيل زد والذي كان له دورًا في الاحتجاجات المناهضة للممارسات الاسرائيلية، إذ تستهدف عمل " كلوك تاور" قطاعًا من الشعب الأمريكي انفصل بشكل حاد عن دعمه لإسرائيل. حيث تُظهر استطلاعات رأي انخفاضًا في شعبية إسرائيل بشكل عام بين الجمهور الأمريكي. إذ يرى استطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب في يوليو أن 9٪ فقط من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا يؤيدون العمل العسكري الإسرائيلي في غزة. كما أظهر استطلاع سُرب إلى Drop Site، وجد أن 47٪ من الأمريكيين يعتقدون أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية. وفي اجتماع مع المؤثرين المؤيدين لإسرائيل بنهاية سبتمبر الماضي، أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن وسائل التواصل الاجتماعي هي أهم سلاح تمتلكه إسرائيل، وقال: "سيتعين علينا استخدام أدوات المعركة، فالأسلحة تتغير بمرور الوقت". "لا يمكنك القتال اليوم بالسيوف، هذا لا يعمل بشكل جيد للغاية ... أهمها هي وسائل التواصل الاجتماعي". واستخلاصا لما سبق، التحرك الإسرائيلي يعكس قناعة متزايدة بأن معركة الرواية العالمية هي ساحة حاسمة، رغم تأثيره علي مصداقية من يقومون بتحسين صورتها، لذلك تضخ موارد مالية كبيرة في "التأثير الرقمي"، لكنه أيضًا يكشف عن قلق عميق من خسارة المعركة الإعلامية أمام الانتشار الواسع لمحتوى يوثق جرائم الحرب والانتهاكات على منصات التواصل الاجتماعي.