في أجواء مفعمة بالترحيب والرمزية التاريخية، شهدت القاهرة واحدة من أبرز الزيارات الرسمية هذا العام، حيث استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي وقرينته السيدة انتصار السيسي، العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس والملكة ليتيزيا، في زيارة دولة تعكس عمق الروابط بين القاهرةومدريد، وتفتح آفاقاً رحبة لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي والسياحي. اقرأ أيضًا | الرئيس السيسي يُقيم مأدبة عشاء لملك إسبانيا وقرينته بمنطقة الهرم الزيارة، التي اتسمت بمزيج من الطابع الرسمي والبعد الإنساني، جاءت لتؤكد أن العلاقات المصرية–الإسبانية تتجاوز البروتوكولات الدبلوماسية، لتصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة، والتاريخ الممتد، والدعم المتبادل لقضايا السلم والاستقرار في المنطقة. - تفاصيل الزيارة الرسمية * مأدبة غداء رئاسية بروح الصداقة استهل الرئيس عبد الفتاح السيسي برنامج الزيارة بمأدبة غداء رسمية أقامها وعقيلته في قصر الاتحادية على شرف الملك فيليبي السادس والملكة ليتيزيا، بحضور وفدي البلدين. وفي كلمته الترحيبية، أعرب الرئيس عن تقديره لموقف إسبانيا الداعم للسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن ذلك الموقف يعكس التزام مدريد بمبادئ الأخلاق والعدالة، ويحظى بتقدير عميق لدى الشعب المصري. وأكد الرئيس السيسي أن مصر تتطلع إلى مواصلة هذا التعاون في سبيل تحقيق سلام دائم لشعوب المنطقة، مجدداً شكره وامتنانه للعاهل الإسباني والملكة على زيارتهم لمصر. * دفعة للشراكة الاستراتيجية من جانبه، ثمّن الملك فيليبي السادس حفاوة الاستقبال المصري، مشدداً على عمق العلاقات بين البلدين. وأوضح أن زيارته إلى القاهرة تمثل فرصة لتجديد العهد على تطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين. * مباحثات موسعة: الاقتصاد والثقافة والسياحة محور الاهتمام - التعاون الاقتصادي والاستثماري شهدت المباحثات بين الرئيس السيسي والملك فيليبي السادس استعراض آفاق التعاون في المجالين الاقتصادي والاستثماري، حيث تسعى القاهرة إلى جذب المزيد من الاستثمارات الإسبانية في قطاعات البنية التحتية والطاقة المتجددة والنقل، في وقت يولي فيه المستثمرون الإسبان اهتماماً متزايداً بالسوق المصرية التي تمثل بوابة للأسواق العربية والأفريقية. - العلاقات الثقافية الممتدة ولم يغب البعد الثقافي عن جدول المباحثات، حيث أشاد الرئيس بالتعاون الثقافي القائم منذ ستينيات القرن الماضي، مؤكداً على أهمية توسيع نطاقه ليشمل الفعاليات الفنية والتعليمية، بما يعزز جسور التواصل بين الشعبين. كما شدد الجانبان على أهمية التعاون في قطاع الآثار، خاصة مع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يتوقع أن يشكل نقلة نوعية في قطاع السياحة الثقافية. * السياحة: ركيزة للتقارب الإنساني التعاون في قطاع السياحة كان محوراً أساسياً، إذ ناقش الطرفان تبادل الخبرات وزيادة حركة السياحة بين مصر وإسبانيا، في ظل ما يتمتع به البلدان من مقومات سياحية استثنائية، سواء من حيث الشواطئ والمنتجعات أو من حيث المواقع الأثرية والثقافية. - الأهرامات: مشهد غير رسمي يلامس وجدان الضيوف في بادرة لافتة عكست خصوصية العلاقة، اصطحب الرئيس السيسي وعقيلته الملك فيليبي السادس والملكة ليتيزيا إلى منطقة أهرامات الجيزة، حيث أقيمت مأدبة عشاء غير مدرجة في البرنامج الرسمي للزيارة. هناك، اجتمع التاريخ بالحاضر في أجواء مبهرة، إذ تجول الضيوف في محيط الأهرامات وأبو الهول، واستمعوا إلى شرح موجز حول التاريخ المصري القديم ورمزية هذه الآثار الخالدة. وقد التُقطت صور تذكارية وثقت هذه اللحظة، ما أضفى بعداً سياحياً وإعلامياً مهماً للزيارة، خاصة في ظل الاهتمام العالمي المستمر بالحضارة المصرية. * الأبعاد السياسية والدبلوماسية للزيارة - دعم السلام في الشرق الأوسط إحدى النقاط البارزة في كلمات الرئيس السيسي كانت الإشادة بالدور الإسباني في دعم السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، وهو ما يتماشى مع موقف مصر الثابت في دعم الحقوق الفلسطينية وضرورة تحقيق الاستقرار الإقليمي. - توافق في الرؤى الدولية المباحثات عكست توافقاً في المواقف إزاء القضايا الإقليمية والدولية، لاسيما ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، والتغير المناخي. ويُتوقع أن يفتح هذا التوافق الباب أمام تعاون أوثق في المحافل الدولية، سواء داخل الاتحاد الأوروبي أو الأممالمتحدة. * التأثير السياحي والإعلامي للزيارة زيارة ملك وملكة إسبانيا إلى الأهرامات وأبو الهول لم تكن مجرد جولة بروتوكولية، بل شكلت رسالة مباشرة إلى العالم بأن مصر بلد آمن ومستقر، وقادر على استضافة ضيوف رفيعي المستوى وسط أجواء حضارية ساحرة. الصور التي نُشرت للزيارة، بما تحمله من مشاهد إنسانية راقية، تساهم في الترويج للسياحة المصرية في الأسواق الأوروبية، وتؤكد أن المزج بين الدبلوماسية والسياحة يمكن أن يشكل أداة قوية لدعم الاقتصاد الوطني. * انعكاسات الزيارة على مستقبل العلاقات من المتوقع أن تؤدي هذه الزيارة إلى: 1- توقيع اتفاقيات جديدة في مجالات الاستثمار والبنية التحتية. 2- توسيع التعاون السياحي عبر برامج مشتركة بين شركات الطيران والقطاع الخاص. 3- تطوير برامج التبادل الثقافي بين الجامعات المصرية والإسبانية. 4- تنسيق أكبر في المحافل الدولية لتعزيز المواقف المشتركة تجاه قضايا المنطقة. زيارة الملك فيليبي السادس والملكة ليتيزيا لمصر، بما حملته من رسائل سياسية وإنسانية وثقافية، تؤكد أن العلاقات المصرية–الإسبانية تتجه نحو مرحلة جديدة من العمق والفاعلية. فهي زيارة جمعت بين الرسمية والرمزية، بين السياسة والتاريخ، بين الاقتصاد والثقافة، لتقدم للعالم صورة ملهمة عن مصر التي تجمع بين الأصالة والتحديث، وتفتح أبوابها دائماً أمام أصدقائها.