اختتم مجمع البحوث الإسلاميَّة، مساء اليوم، فعاليَّات الأسبوع الدعوي الحادي عشر، الذي نظَّمته اللجنة العُليا للدَّعوة في الجامع الأزهر، بندوةٍ تحت عنوان: (واجب الأمَّة تجاه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم)، في إطار حملة فاتَّبِعوه التي أطلقها المجمع بمناسبة الذِّكرى العطرة لمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبإشراف فضيلة أ.د. محمد الضويني، وكيل الأزهر، وفضيلة أ.د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة. وحاضر في النَّدوة: فضيلة أ.د. عبَّاس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر، والدكتور حسن يحيى، الأمين العام المساعد للجنة العُليا لشئون الدَّعوة. اقرأ أيضًا | البحوث الإسلاميَّة يفتتح الأسبوع الدعوي ال11 بالجامع الأزهر وفي كلمته أكَّد الدكتور عبَّاس شومان أنَّ مهمَّة النبي صلى الله عليه وسلم كانت من أعظم وأصعب المهام؛ إذْ واجه أُمَّةً غارقةً في ظُلمات الجاهليَّة، تحكمها قوانين الغابة، ويأكل القويُّ فيها الضَّعيف، وتنتشر فيها عادات قاسية؛ كوأد البنات، ومعاملات اقتصاديَّة قائمة على الرِّبا أفضت إلى فساد شامل؛ فجاءت رسالتُه صلى الله عليه وسلم لتكون شعاع النُّور الذي بدَّد الجهل، وأرسى قواعد العدل والرَّحمة، وانتقل بها من الانحطاط إلى القِيَم السَّامية. وأوضح د. شومان أنَّ رسالة النبي صلى الله عليه وسلم كانت عالميَّةً موجَّهةً للنَّاس كافَّة، رغم قِلَّة الوسائل وصعوبة الانتشار في ذلك الزمن، لكن بفضل العون الإلهي وجهود الصَّحابة الكرام تحقَّقت معجزة نَشْر الإسلام في أقلَّ من ربع قرن؛ إذْ تحوَّلت من أُمَّة متفرِّقة إلى جماعة متماسكة على قلب رجل واحد، مشيرًا إلى أنَّ تواضُع النبي صلى الله عليه وسلم كان سرًّا من أسرار نجاح دعوتِه؛ إذْ عاش بين أصحابه بلا تمييز، وغرس فيهم القِيَم التي جعلتهم النموذج العملي للإسلام. وحذَّر فضيلته من خطورة ابتعاد الأُمَّة اليوم عن المنهج النبوي؛ ممَّا أدَّى إلى تفشِّي الظُّلم وتراجع القِيَم، في ظلِّ محاولات مشبوهة للتشكيك في ثوابت الدِّين تحت شعارات (التَّنوير)، مؤكِّدًا أنَّ إحياء ذِكرى المولد النبوي لا يكون بالاحتفالات الشكليَّة؛ بل بالاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في السلوك والعمل، والتكاتف على وَحدة الأُمَّة، وتربية الأجيال على مكارم الأخلاق؛ لتظلَّ سيرتُه صلى الله عليه وسلم منهاجَ حياةٍ وضمانةً حقيقيَّةً لنهضة المجتمعات. مِن جانبه، قال الدكتور حسن يحيى: إنَّ أعظم واجب على الأُمَّة تجاه نبيِّها الكريم صلى الله عليه وسلم هو تعظيمه ومحبَّته محبَّةً صادقةً تُترجَم إلى عملٍ واقتداءٍ بمنهجه، مشدِّدًا على أنَّ المحبَّة تكون بالالتزام العملي بتعليماته، والحرص على التخلُّق بأخلاقه الكريمة، والقيام بما دعا إليه من رحمةٍ وعدلٍ وإحسان، وأنَّ محبَّة النبي صلى الله عليه وسلم جزءٌ أصيلٌ من الإيمان، ودونها لا يكتمل دِين المسلم ولا تستقيم حياتُه. وأشار د. يحيى إلى أنَّ مِنْ واجب الأُمَّة أيضًا الدِّفاع عن سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ضدَّ حملات التشويه والتشكيك، والوقوف أمام محاولات تفريغها من محتواها، مبيِّنًا أنَّ إحياء ذِكرى المولد النبوي ينبغي أن يكون فرصةً لتجديد العهد على نُصرة رسالته، والتكاتف لحماية هُويَّة الأُمَّة وقِيَمها، لافتًا إلى أنَّ الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في حياتنا اليومية هو أعظم تكريم له وأصدق برهان على محبَّته. ونفَّذت اللجنة العُليا للدَّعوة بمجمع البحوث الإسلاميَّة فعاليَّاتِ الأسبوع الدَّعوي الحادي عشر بالجامع الأزهر تحت عنوان: (سيرة ميلاد وبناء أمجاد)، في إطار مشروعٍ دعويٍّ متكاملٍ استلهم السيرةَ النبويَّة، وربط الحاضر بمقاصدها الخالدة، وقد تناولتِ الندواتُ خلال أيام هذا الأسبوع قضايا متنوِّعةً أبرزتْ مكانةَ محبَّة النبي صلى الله عليه وسلم ووجوب الأدب معه، وألقتِ الضَّوءَ على إشراقات بيت النبوَّة وما يمثِّله مِنْ قدوة في بناء الأسرة المسلمة، كما وقفتْ عند معجزات النبوَّة، موضِّحةً كيف تحوَّلت مِنْ آياتٍ مشاهَدة إلى دلالاتٍ راسخة على الإيمان، كما أبرزتْ صور التأهيل الإلهي الذي هيَّأ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لحَمْل رسالته الخاتمة، وصولًا إلى تذكير الأمَّة بواجبها العملي تجاه سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.