افتتح مجمع البحوث الإسلاميَّة، أمس الأحد، فعاليَّات الأسبوع الحادي عشر للدعوة الإسلاميَّة في الجامع الأزهر، الذي تُنظِّمه اللجنة العُليا للدعوة بالمجمع تحت عنوان: (سيرة ميلاد وبناء أمجاد)، في إطار حملة #فاتَّبِعوه التي أطلقها المجمع بمناسبة الذِّكرى العطرة لمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك برعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبإشراف فضيلة أ.د. محمد الضويني، وكيل الأزهر، وفضيلة أ.د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة. وقد استُهِلَّت فعاليَّات الأسبوع بندوة حاضر فيها: الدكتور حسن يحيى، الأمين العام المساعد للجنة العُليا لشئون الدعوة، والدكتور أشرف شعبان، الأستاذ في كليَّة الدعوة الإسلاميَّة بجامعة الأزهر، فيما أدار النَّدوةَ الشيخ يوسف المنسي، عضو أمانة اللجنة العُليا لشئون الدعوة. وفي كلمته، قال الدكتور حسن يحيى: إنَّ الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واجب شرعي؛ لأنَّه حرَّر رقابنا من النار، وأسدى إلينا كل الخير، وأقل ما نقدِّمه لمقامه الشريف هو الحب وحُسْن الاتِّباع والاقتداء، موضِّحًا أنَّ القرآن الكريم قد بيَّن مظاهر هذا الأدب؛ منها: خَفْض الصوت عند مخاطبته صلى الله عليه وسلم، وعدم الاعتراض على ما جاء به، والتنبيه إلى أنَّ سوء الأدب معه صلى الله عليه وسلم يُحبِط الأعمال، بينما يورث حُسْن الأدب مغفرة وأجرًا عظيمًا. وأشار د. يحيى إلى أنَّ الناس في هذا الباب فريقان: فريق سلَّم بكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فاستكمل الأدب معه، وآخر أنكر شيئًا من سُنَّته بحجَّة العقل والفكر، وهو في الحقيقة قد أخلَّ بالأدب إخلالًا كبيرًا؛ لأنَّ جوهر الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم هو التسليم المطلق لله ورسوله، مبيِّنًا أنَّ القرآن الكريم قد علَّمنا كيف نتعامل مع مقام النبي صلى الله عليه وسلم حتى في الأمور البسيطة؛ كالاستئذان في الدخول، أو الحديث مع أهله؛ ممَّا يدلُّ على عظمة مكانته، محذِّرًا مِنْ أنَّ التجرُّؤ على مقامه الشريف، أو إنكار شيء ممَّا جاء به- يُعدُّ ذنبًا عظيمًا يستوجب العذاب الأليم. مِن جانبه، أكَّد الدكتور أشرف شعبان أنَّ حُبَّ النبي صلى الله عليه وسلم شرطٌ أساسٌ لكمال الإيمان، مستشهدًا بحديثه الشريف: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه مِنْ والده وولده والنَّاس أجمعين»، موضِّحًا أنَّ فضل الرسول صلى الله عليه وسلم على البشريَّة عظيم؛ إذْ أخرجها من ظلمات الجهل والضلال إلى نور الهداية والإيمان، مصداقًا لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}. وبيَّن د. شعبان أنَّ الصحابة -رضي الله عنهم- جسَّدوا أعظم صور التوقير للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يرفعوا أصواتهم عنده، وجلسوا بين يديه في خشوع ووقار، وكانوا يخاطبونه ب(رسول الله)؛ تعظيمًا لشأنه، لافتًا إلى أنَّ الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم ومحبَّته طريق إلى رضوان الله ورفعة الدرجات، وأنَّ محبَّته الحقيقية تظهر في الاقتداء بأخلاقه وسلوكه في العبادات والمعاملات، ليكون المسلم قدوةً حسنة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم، فكل عمل يجمع بين العبادة والاتِّباع مضاعف الأجر والفضل.