بين رؤية الرئيس وواقع الإعلام المصرى، هناك حقائق يجب الوقوف لنحقق أهداف الإصلاح ونضع خارطة طريق واضحة وكاشفة وقابلة للتنفيذ، دعونا نتساءل: هل يبدأ الإصلاح من تغيير الوجوه أم تغيير السياسات، أم كلاهما، فقط نحتاج قبل الشروع فى التغيير رؤية تعتمد فى الأساس على حرية تداول المعلومات وحرية النقد المسؤول ومتابعة متغيرات الإعلام، سيما فى عصر الذكاء الاصطناعي. الصحافة قبل عقود كانت تحمل لقب السلطة الرابعة، لأن تأثيرها فى التغيير كان يفوق الخيال، لكن اليوم ازدحمت الساحة الإعلامية بوسائل إعلام غير رسمية ومؤثرة، وأصبحت تتدخل فى تشكيل الوجدان بسبب تراجع تأثير وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة، حيث فقد القارئ الثقة فى المنظومة الإعلامية لأسباب معروفة، أهمها قصر النظر، وغيبة المعلومات، وغيابها طويلاً فضلاً عن البطء والعقم فى نقلها. تراجع الإعلام كان سببًا فى إفساح المجال أمام وسائل نشر الشائعات و الأخبار الكاذبة، وهو ما يؤثر بطبيعة الحال على القارئ أو المشاهد، والسؤال هنا: هل نحن بحاجة إلى كوادر جديدة، أم تدريب الكوادر الحالية، تقنية جديدة، أو تحديث الأنظمة والبرامج الحالية. الحق نحن بحاجة إلى وضع خارطة طريق شاملة يكون عنوانها الحرية الإعلامية المسؤولة التى تعتمد على وفرة المعلومات وصدقها ونقلها بكل مهنية ووطنية وشرف؟ فالحرية بدون مسؤولية قد تقودنا إلى طريق آخر بعيدًا عن الإصلاح. لقاء الرئيس السيسى مع قيادات الهيئات الإعلامية كان هدفه الرئيس إصلاح منظومة الإعلام وتطويرها لتستعيد الريادة المفقودة، وليس عيبًا أن نعيد تصحيح المسار لأننا نحن من صنعناه ثم انحرفنا عنه، وليس عيبًا أن نعترف بالأخطاء؛ العيب هو أن نكابر ونغض البصر عن مسار الإصلاح. أعتقد أن الرئيس ينتظر خارطة طريق قابلة للتنفيذ بعيدًا عن الكلام الشفاهى، ف أمراض المهنة معروفة وقابلة للعلاج بشرط العودة إلى أساس القاعدة فى الإعلام، وهى الحرية فى التعبير والمصارحة مع الأخذ فى الاعتبار أن مصلحة الوطن هى الأساس فى أى عملية إصلاح لضمان الحفاظ على الاستقرار والأمن والسلم الداخلي. أتوقع أن تنجح القيادات الإعلامية ومشهود لها بالكفاءة والخبرة والمهنية فى وضع خارطة طريق إصلاحية شاملة للإعلام المصرى تعتمد على الكادر البشرى الكفء المؤهل مع الرؤية المسؤولة المصحوبة بالوطنية والشرف، وأيضًا إتاحة الفرصة للحصول على المعلومات بكل سهولة، لأن غياب المعلومة وعدم نشرها بمصداقية يفتح الأبواب أمام تسلل الشائعات.المهمة قد تكون صعبة لكنها أبداً ليست مستحيلة. تحيا مصر.