► د. حسن عماد : الدستور يعاقب الإعلامى فى «التحريض» على العنف والتمييز والسب والقذف ► شرشر: أرفض سيطرة الدولة حتى لا نعيد إنتاج الأنظمة القديمة ولا بد من آليات محاسبة ► حسن حامد : غياب وزارة الإعلام ترك فراغا كبيرا.. ولا بد من ملئه بالمجالس التى نص عليها الدستور ► نجوى الفوال : الإعلام بحاجة إلى كوادر وطنية مهنية ► فوزية عبد الستار : العقوبة المالية تمثل رادعا للسب والقذف والتعرض للخصوصيات
من المسئول عن المحاسبة القانونية عندما يرتكب الاعلامى جرائم فى حق المهنة ؟ وما هى آليات المحاسبة؟ من المسئول عن المشهد الاعلامى المرتبك ازاء قضايا وطنية تتعلق بسيادة الدولة وأمنها القومي؟ من يحاسب من ينتهك حرمات الوطن والمواطن سباً وقذفاً وبلبلة. وعلينا أن نعلم أن قلة من ذوى المصالح يلهبون المشهد ويشيعون الفوضى ويطلقون عبارات رنانة يراد بها باطل، وهم مجردون من المهنية والموضوعية، وبدلاً من أن يركزوا جهودهم لخروج قانون تنظيم الاعلام وكذلك قانون حرية تداول المعلومات الذى سيوفر لهم المادة الاعلامية، وهى أساس العمل الاعلامى الى النور، غرقوا فى قضايا جانبية بعيداً عن المهنة ودورها العظيم. ولكن ورغم هذا المشهد المرتبك، سنظل ندعو جميع الفرقاء الى الحوار من أجل مصلحة المهنة وزملائهم الذين يعيشون بالكاد حياة لا يمكن وصفها أبداً بالكريمة. فلتجمعنا معاً مصلحة الوطن والبلاد، ولنشكل معاً جبهة قومية تكون ظهيراً اعلامياً للدولة، بعيداً عن التصفيق والمحاباة فما نحن إلا دعاة حق ولسان صدق وحملة رسالة التنوير الى مصر والمصريين وفرق كبير بين معاول الهدم ومعاول البناء. بداية يقول د. رفعت السعيد رئيس المجلس الاستشارى لحزب التجمع : منذ فترة طويلة وعندما كنت عضواً بالمجلس الأعلى للصحافة وضعنا ميثاق شرف جيدا، ولم ينفذ منه حرف واحد لعدة أسباب منها: أن البعض يستخدم الاعلام كذراع له وبالتالى يعطى المتحدثين به نوعاً من الحماية والسلطة. وأحياناً يتم تجاوز الذين تجرى حمايتهم فيتم التضحية بهم.. السبب الثانى أن كثيرا من الصحفيين - وأنا واحد منهم - لديهم إحساس بأن على رأسهم ريشة لدرجة أن صحفيا كان يسب الحزب ورئيس مجلس الادارة ويستقوى بالنقابة وهو ما حدث مع أحد الصحفيين الذين يعملون معي. حيث تمادى فى استخدام ألفاظ غير لائقة واستعان بالنقابة وهدد بالانتحار فبعثوا لى بصلاح عبد المقصود ليحقق معى وقلت له: لا أعتقد أنك الشخص الذى يصلح للتحقيق معي، باعتبارك خصما سياسيا وقمت بقص كارنيه نقابة الصحفيين الخاص بى أمام عينه. ويضيف: أما المسألة الثانية هى الخلط بين القذف والتهكم وبين الاعتداء بالقول..وهنا لا أستطيع المعاقبة بناء على التهكم، وعلى الصحفى أن يربط لسانه فالصحافة مهنة محترمة. الصحفى لا بد أن يكون أداة لتلقين المواطن قيما واخلاقيات وأدوات. وهناك صحفيون محترمون يمكن أن يتهكموا ويكتبوا هذا التهكم بطريقة محترمة. لكن هناك صحفيين من صنف آخر. ولا أحب تعذيب الصحفيين لأننى جربت التعذيب، ولا أحب الفصل أيضاً لأننى فصلت أكثر من مرة فى عهد عبد الناصر والسادات.. والسؤال الذى لا بد أن يثار هو كيف نرسى قواعد صحفية للاعلام المصري؟ المشكلة ليست فى الاعلام الورقى ولكن فى الفضائيات حيث لا يستطيع أحد أن يطالهم. لهذا أرى أننا دخلنا فى مأزق اعلامى حقيقى يتمثل فى تشكيل الرأى العام بالشتائم والتنابذ بالألقاب وصراع الديكة فى الاعلام المصري. والاعلاميون يخضعون لمعيارين: المعيار الأول مالك القناة. والثانى الاعلانات التى تتزايد وفقاً لزيادة عدد المشاهدين. يستنكر: للأسف أصبحت برامج التوك شو مصدراً للكآبة. وأنا أعرف أن كبار أساتذة الطب النفسى يكتبون روشتات للمرضى بضرورة الابتعاد عن مشاهدة التوك شو. ممنوع الحبس يؤكد: علينا أن نتعامل مع الصحفى مثل أى فرد. صحيح أن الدستور لا يجيز حبس الصحفى فى جرائم الرأى العام، لكن فى فرنسا مثلاً هناك جريمة القذف وتصل الغرامات المالية فيها الى 3 ملايين يورو يتحملها الصحفى وجريدته. أما هنا فاذا فعلنا ذلك، يخرج علينا من يقول لنا أتكبلون ألسنتنا؟. ولكننى أرى أن هذه الألسنة لا بد أن تقطع. والقانون يجب أن يطبق على الجميع، اعلامى حكومى واعلامى فضائى واعلامى تابع واعلامى متبوع. واحترام حرية الرأى يسرى على الجميع . ولا بد من تغليظ الغرامات المالية اذا تحول الرأى الى قذف ولا أحد على رأسه ريشة ولا أحد فوق القانون. تنظيم مهنة الاعلام يقول د. حسن عماد مكاوى عميد كلية الاعلام جامعة القاهرة سابقاً: ان ميثاق الشرف الاعلامى جزء من تنظيم مهنة الاعلام ويتضمن القوانين والتشريعات الملزمة لكافة المؤسسات والأفراد وهى فى مجملها لا تنص على تقييد الصحفى باعتبار أنه ينشر المعلومات الدقيقة ويوفر حق المواطن فى المعرفة. والدستور المصرى ينص على العقاب فى 3 حالات الأولى تتعلق بالتحريض على العنف. والثانية التمييز بين المواطنين بسبب النوع والجنس والطبقة وهذا أمر يجرمه القانون. الثالثة الخوض فى الأعراض. وفيما عدا ذلك يحق التعبير دون التعرض لتقييد حريته. مدونة السلوك يضيف : على الجانب الآخر هناك بعض المشكلات التى تنجم عن النشر نتيجة اختراق قيم وآداب وتقاليد المجتمع ونتيجة لانتهاك المعايير المهنية الخاصة بالممارسة التى لا يحكمها القانون وانما ميثاق الشرف الصحفي. وهذا الميثاق عبارة عن مدونة للسلوك الواجب اتباعه عند تغطية الأحداث وينطوى على مبادئ اخلاقية أكثر منها قانونية. القانون لا يعاقب أصحاب المهنة وانما يعاقب الصحف على أساس التجاوز. يوضع الميثاق من خلال النقابة ويضم مجموعة المبادئ الأساسية المتعارف عليها دولياً ومن يخترقها يتعرض للعقاب من خلال مجلس تأديبى وغرامات وعقوبات تصل الى حد الفصل عن العمل. ومن أبرز المبادئ الأساسية فى الميثاق: لا يجوز الخلط بين الخبر والرأي، فالخبر يعبر عن حقيقة مجردة بينما الرأى يعبر عن اتجاه فكرى أو سياسي. كذلك لا يجوز العمل فى الاعلان مع التحرير. هذا ومن الضرورى الاعلان عن مصدر المعلومات. لا بد ايضاً من التحقق من المعلومة من أكثر من مصدر. كلما كانت مؤيدة بأدلة ووثائق وتسجيلات كان أفضل. وفى حالة ارتكاب أخطاء لا بد من الاعتذار عنها أو اتاحة حق الرد فى نفس المساحة والمكان وكذلك وضع الابراز الاعلامي. لا يجوز أن يحصل الصحفى على مزايا نتيجة عمله. ومن يفعل ذلك يسىء لعمله. والعقوبات متدرجة من انذار وغرامات وايقاف لفترة محدودة، ثم الفصل والمنع من ممارسة العمل. وعندما يكرر الصحفى جريمة ما، فان هذا هو الجريمة الكبري. فى هذه الحالة لا توقع عليه عقوبات الا بعد تحقيق تجريه النقابة كى يدافع الصحفى عن نفسه بكل الوسائل القانونية. أى أن النقابة تقوم بعملية تنظيم ذاتى للمهنة. أما الجزء القانونى فقد تم تقديم مشروع قانون موحد لتنظيم الصحافة والاعلام يشمل جميع الوسائل مقروءة، مسموعة، مرئية والكترونية، وكذلك المملوكة للدولة أو الحزبية أو الخاصة. وقد أدخل القانون الاعلام الالكترونى ضمن منظومة التنظيم وكانت هذه الوسيلة لا تخضع قبل ذلك لأى قانون وكانت تحصل على الترخيص من هيئة الاستثمار التى لا علاقة لها بالاعلام على الاطلاق. وهنا سنضمن تنظيم ما لا يقل عن 80% من هذه الوسائل وكانت من قبل تخترق القانون وتحرض على العنف وانتهاك الأعراض. سب وقذف يضيف: فى قانون العقوبات هناك مواد تواجه من يخترق معايير المجتمع والسب والقذف. وقانون الاعلام يعاقب المؤسسات وليس أفرادا فى حالة التجاوز.. وعقوبات القانون الجديد ليس بها تقييد للحرية أو اغلاق المؤسسات أو اغلاق للقناة وانما يمكن أن تحجب برامج. فضلاً عن عقوبات مالية متدرجة توقع بقيمة مالية رادعة لمن يخترق القوانين. ومن المتوقع أن تتم مناقشة القانون فى مجلس النواب فى الفترة القادمة. وهذا القانون جاء نتيجة جهود اللجنة الوطنية التى مثلتها جهات عدة كالمجلس الأعلى للصحافة وأعضاء من نقابة الصحفيين ونقابة الاعلامين تحت التأسيس والاعلام الخاص صحفا وقنوات. هناك أيضاً خبراء القانون مثل عصام الاسلامبولى ونور فرحات وعلى عبد العال. هذا ويلزم القانون الجديد أصحاب الصحف الخاصة والقنوات الخاصة بدفع رواتب الصحفيين والعاملين الذين تم الاستغناء عنهم لمدة عام. تودع المستحقات فى البنوك، ويباشر المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام هذه العملية حتى يحصل الصحفى الذى فقد عمله وأصبح فى العراء على ما يعينه لتأمين حياته وأسرته. غفلة الجماهير يشرح:الدول الديمقراطية لا تدار بغفلة عن الجماهير. وهو ما حدث مثلاً فى التعاطى مع مسألة جزيرتى تيران وصنافير. الأخطاء كثيرة وظهرت كذلك بوضوح فى التصريحات المتضاربة فى موضوع الشاب الايطالي. إن جزءا كبيرا من المعلومات المغلوطة والشائعات يعود مصدرها الى حجب المعلومات الحقيقية من جانب السلطات المختصة. لذلك اذا كنا نسعى الى منظومة حرية الاعلام، لا بد من مشروع حرية تداول المعلومات وبموجبه يعاقب أى مسئول يمتنع عن توفير المعلومات اللازمة للاعلامى حتى تكون مسألة شفافية المعلومات متاحة ويتمكن من أداء عمله. ومشروع هذا القانون تم أيضاً اعداده منذ تسعة اشهر وتقاعست الحكومة عن مناقشته وفاض الكيل وطفح من سوء الأداء الاعلامي. ومؤخراً انتبهت الحكومة الى ذلك وتم مراجعة القانون من خلال لجنة مصغرة برئاسة د. أشرف العربى وشارك فى هذا القانون ممثلون عن وزارة العدل، والشئون المالية وتم التوافق الكامل على الصياغة النهائية لهذا المشروع ومن المتوقع أن يتم تمريره الى مجلس النواب. جدير بالذكر أن المشاركين فى اعداد القانون كان من بينهم جلال عارف، صلاح عيسى وأنا باعتبارى عضوا فى المجلس الأعلى للصحافة وضياء رشوان وكارم محمود ويحيى قلاش كممثلين عن نقابة الصحفيين وحمدى الكنيسى من نقابة الاعلاميين تحت التأسيس وعصام الأمير رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون سابقا وعلى عبد الرحمن رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون الأسبق، تضمن القانون 210 مواد وينقسم الى 6 أبواب. ضبابية وشائعات يقول الاعلامى أسامة شرشر عضو مجلس النواب: لا بد أن يكون هناك ميثاق شرف عام لكل وسائل الاعلام حتى لا تحدث فوضى وينشر كل اعلامى حسب مصالحه وأجندته وحتى لا تكون هناك ثغرات ينفذ منها البعض محاولاً اختراق القوانين. أرى ان يكون هناك تشريع موحد فى البرلمان حتى يتم ضبط المشهد الاعلامى وحصار الفوضى الاعلامية. هناك نوع من الضبابية والشائعات تحدث بلبلة وهى خطيرة لأنها تهدد الأمن القومى للمواطن وللوطن. وقد تناولت بعض القنوات الفضائية مسألة تيران وصنافير بشكل أحدث بلبلة لا تستند الى وثائق تاريخية عندما أكدت ان هاتين الجزيرتين تابعتان لمصر. خلق بعض القائمين على المشهد الاعلامى نوعاً من البلبلة وهؤلاء لا يملكون خبرات ومؤهلات معرفية.ولا يتم اختيارهم على حصيلة ما يملكون من الفكر والمعرفة. يضيف: ولأن الاعلام هو صوت الشعب فأنا ضد سيطرة الدولة عليه حتى لا نعيد انتاج الأنظمة القديمة. أنا مع الاعلام الهادف البناء، الذى يكون لديه رؤية تعتمد على وقائع وحقائق حتى لا يعطى صورة معتمة. ولكن صورة بها ايجابيات وسلبيات. وباعتبارى عضواً فى البرلمان فقد طالبت بسرعة ادخال قانون الصحافة للمناقشة. وقف ومنع وينتهي: لا بد أن يكون القانون به آليات قابلة للتنفيذ وتتضمن العقاب والوقف والمنع. فقانون بلا عقوبات كأن لم يكن. وأنا صحفى قبل أن أكون نائباً فى البرلمان، فنحن لسنا بحاجة الى مهاترات اعلامية من المجهول الاعلامى تهدد الأمن القومى المصرى والعربى وتؤثر على الوطن. يقول حسن حامد رئيس مدينة الإنتاج الإعلامى الأسبق: أنا مع أن يكون هناك ميثاق شرف عام يتكلم عن كل الوسائل الاعلامية مع فروق بسيطة لكل وسيط اعلامى على حدة وخصوصية الاذاعة والتليفزيون. والنقابات بالطبع لا بد أن تكون مسئولة عن محاسبة الاعلاميين عندما يخرجون على ميثاق الشرف الاعلامى المرئي. والاعلام المرئى والمسموع ليس له نقابة او نقابتهم لا تزال تحت التأسيس، كما أن غياب وزارة الاعلام قد ترك فراغاً لا بد أن يملأ بالمجالس التى نص عليها الدستور. فمن غير المعقول أن ينص الدستور على آلية من الآليات ولا توجد على الأرض خطوات فعلية لتنفيذ هذه الآليات التى من شأنها أن تعلى من شأن المهنة والمهنيين. يضيف: وميثاق الشرف عموما هو بالأساس عبارة عن ارتباط معنوى أكثر منه أى شىء آخر. وعلى كل من يرتبط بعمل مهني، يرتبط من خلال ميثاق شرف وهذا من شأنه اعلاء قيمة المهنة ما يجعل الانسان يتعامل فى مهنته بأمانة وصدق ويبعد تماماً عن الانحراف لأن ضميره هو ميثاق الشرف لديه. وعلى هذا يكون من الواجب على النقابة معاقبة أبنائها غير الملتزمين. ظهير الدولة تقول د. نجوى الفوال: نحن بحاجة الى اعلام قوى يكون ظهيراً للدولة وعلى وعى بالاستراتيجية الوطنية للدولة، وبالتالى يخدم مصالح غالبية المواطنين وليس فئة معينة. نحن لا نريد الاعلام الرسمى صاحب الأجندة الموسمية ولا الاعلام الذى يغطى الاحداث. وعندما تقوى الدولة اعلامها فاننا نهيب به أن يكون بوقاً من أبواقها ولكن يبصر الدولة بنقاط الضعف الموجودة ويحيى مصر الأصيلة قبل حدوث التشوهات. هذه التشوهات خارجية ولا تمس جوهر الشخصية المصرية الذى يظهر وقت الشدة. هذا الاعلام عليه أن ينمى جوانب ايجابية فى الشخصية المصرية ويحافظ على وسطية المصريين بمسلميه واقباطه ويحافظ على وحدة النسيج المصرى . تضيف: يتساءل البعض عن صمود مصر وأنها لن تنهار كسوريا؟ والاجابة بمنتهى البساطة لأن لنا نسيجا يحمينا. نحن نريد من اعلامنا أن ينمى روح الشهامة ويعمل على قيم ابن البلد وهى قيم تحتم على الاعلام أن يضع المواطن فى بؤرة اهتمامه ويرفع مطالب المواطن لصانع القرار. وأن يكون لمواثيق الشرف كوادر تحميها وألا تكون مجرد نصوص على ورق . الاعلام المصرى بحاجة الى كوادر شابة جديدة وطنية مهنية. اعلام قصر النيل تضيف: نحن لا نريد أيضاً اعلام كوبرى قصر النيل الذى كان يحمى النظام فقتله، لكننا نريد اعلاما يخدم مصر ويحافظ عليها.فلعله لا يخفى علينا أنه بعد الثورتين تعالت أصوات الفضائيات الخاصة سواء المصرية أو العربية أو العالمية، وتعاظمت القوى التى كانت تتزايد شيئاً فشيئاً لشبكة المعلومات وتغلغلت فى المجتمع المصرى الذى حدث به تغيرات كثيرة بظهور فئات اجتماعية وتراجع فئات اجتماعية أخرى وبروز تيارات سياسية على الساحة وتراجع تيارات أخري. ثم سقط النظام، ومع سقوطه نشأ فراغ فكرى وسياسي. كان أولى بالاعلام المصرى سواء الخاص أو الحكومى أن يتولى قيادة سفينة الثورة وتوجيه الرغبات والطموحات والآمال المصرية فى اتجاه وسطى يقود المجتمع من أقصى التسلط لأقصى درجات الحرية كما عهدنا المجتمع المصرى على مر العصور أنه مجتمع وسطى مستقر، ولكن الاعلام المصرى وضع نفسه أمام العديد من الاتهامات لأنه لم يلب طموحات الشعب المصرى فى نظام اعلامى يليق بثورتين قامتا بتغيير الواقع المصري. تضيف: بعد أن كانت مصر هى المصدر الرئيسى لصناعة الاعلام وتصدره للبلاد المجاورة، تراجع هذا الدور وتولت كوادر فاقدة للأهلية مناصب مؤثرة فى الاعلام المصرى وظهرت الشعبوية ولجأ الاعلام الى مماثلة الأفكار والرغبات المتدنية الموجودة حالياً فى المجتمع ومحاولة غرسها فى المجتمع. وأشير الى أن دور الدولة هنا هو محاولة احياء الاعلام الرسمى مرة أخرى وليس التحكم فى الاعلام غير الرسمي. محاسبة المؤسسات تؤكد: ان أهمية الاعلام الرسمى تنبع من مصدرين، أولهما الدور الذى يلعبه الاعلام فى تشكيل وعى المتلقي، وبخاصة فى المناطق المهمشة وفى الريف. فالتحدى هو كيف يمكن الوصول لرجل الشارع عبر اعلام ينمى فى مواطنيه قيم الانتماء والحفاظ على الوطن. والثانى يرتبط بالأول: فطالما أن الاعلام يدخل كل بيت، فمن الضرورة تقنينه بأن توضع المواثيق الأخلاقية الملزمة له، وفى هذا الصدد لا بد من التعامل بحكمة مع الاعلام، وتحديد من يخول له حق وضع مواثيق الشرف، من له حق محاسبة المؤسسات الاعلامية اذا خالفت القواعد والمبادئ. تنتهي: نحن فى حاجة الى أن نعلن عن مواقفنا وقضايانا فى العالم، ولنا فيما حدث أثناء وبعد ثورة الثلاثين من يونيو نموذج. رأينا قنوات عالمية عرفنا عنها الحياد والموضوعية، اذ بها تصور الأوضاع فى بلادنا على غير حقيقتها. ومن الضرورى تطوير التليفزيون الرسمى على النحو الذى يمكنه من منافسة القنوات الفضائية، التى يصفها البعض بقنوات رجال الأعمال، حيث تنتمى لملاك هذه القنوات وتدافع عن مصالحهم دون النظر للمصلحة الوطنية. فهذه القنوات لا تعمل للمصلحة الوطنية، بل لخدمة رجال الأعمال. مجلس أعلى لتنظيم الإعلام ويشير د.عماد عبد المقصود خبير اعلام بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية: لابد للاعلام المصرى من دورهام ومفصلى وهذا ما أكدت عليه فى حلقة نقاشية حول المسئولية الاجتماعية والمهنية لوسائل الاعلام المصري، حيث تجمع آراء الباحثين الى أن وضع ميثاق الشرف وضبط العمل الاعلامى فى مصر بصفة عامة لا بد وأن يسبقه خطوة وتتمثل فى اعادة النظر فى قوانين تنظيم تداول المعلومات وقانون نقابة الصحفيين، وقانون الاذاعة والتليفزيون، والمنطقة الاعلامية الحرة وغيرها من القوانين التى تمس الموضوع وتحتاج الى تعديلات، وذلك بهدف الحد من تأثير العوامل المتصلة بأشكال ملكية وسائل الاعلام فى مصر وتنظيمها القانونى الى درجة الالزام بأبعاد وحدود المسئولية الاجتماعية والمهنية لوسائل الاعلام. وفى هذا السياق يمكن التأكيد على أن فرصة الاصلاح والتطوير مواتية الآن أكثر من أى وقت مضى وخاصة بعد اقرار دستور 2014 وما تضمنه من مواد حول انشاء المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام، وكل من الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للاعلام المسئولة عن ادارة المؤسسات الاعلامية المرئية والاذاعية المملوكة للدولة. فمن ضمن مهام المجلس وفقاً لنص المادة 2011 من الدستور تنظيم العمل الاعلامى وضمان التزام الصحافة ووسائل الاعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومي. وبالمثل تتضمن مهام الهيئتين الوطنيتين طبقاً لنصوص المادتين 212 و213 ضمان التزام الصحف المملوكة للدولة بأداء مهنى رشيد. فوضى وانفلات يضيف: على الرغم من اقرار الدستور المصرى ومع تعدد الأزمات المتصلة بوسائل الاعلام المصرية وتكرار استخدام مصطلحات الفوضى والانفلات والارتباك لوصف المشهد الاعلامي، فان التساؤل البديهى هنا يتمثل في: ما الأسباب التى تقف حائلاً دون البدء فى عملية الاصلاح واعادة بناء النظام الاعلامى المصرى وفقاً لمواد الدستور؟ فمع كل يوم تتأجل فيه عملية الاصلاح يتحمل الوطن هموما وأزمات جديدة تتصل بشكل مباشر بهبوط وتدنى معايير الأداء فى تلك الوسائل من خلال افتعال الأزمات وغلبة الاثارة على الحقيقة والخلط بين الخبر والرأى وتفضيل الصالح الخاص على العام. مصادر التمويل يقترح: حتى لا تتكرر أزمات الاعلام يكون من الضرورى منح صلاحيات كافية للمجلس تمكنه من تنظيم سوق الاعلام بشكل فعال وفرض القواعد المنظمة، على أن تتضمن هذه الصلاحيات مهام منح التراخيص ومراقبة مصادر التمويل وبيانات الملكية، ووضع معايير البرامج التليفزيونية، وآليات الرقابة، وفرض عقوبات على الشركات التى تخفى بيانات ملكيتها أو تقدم بيانات مغلوطة حول مصادر تمويلها. لا بد أيضاً من الاستقلالية عن الضغوط السياسية والتجارية، بما يضمن منع تدخل أى حكومة قائمة فى عمل المجلس المزمع انشاؤه، وبما يكفل فى نفس الوقت عدم تدخل القوى الاقتصادية ورجال الأعمال من أصحاب الصحف والقنوات الخاصة فى عمل وأنشطة هذا المجلس. وهو ما يمكن تحقيقه من خلال ضبط شروط العضوية ومعايير التعيين. ينتهي: لا بد من ادارة المؤسسات الصحفية والاذاعية المملوكة للدولة من خلال مجالس ادارة مستقلة عن الدولة تمثل الجمهور وتخضع للمساءلة أمام البرلمان، على أن يراعى فى شروط اختيار أعضاء تلك المجالس الكفاءة والاستقلالية والتمثيل المتكافئ لمختلف الرؤى والاتجاهات، مع البعد عن أى ضغوط سياسية تمارس أثناء عملية الاختيار. كما يجب أن تكون هناك مدة زمنية محددة وواضحة لعضوية تلك المجالس. قانون العقوبات تقول د. فوزية عبد الستار استاذ القانون الجنائي: الصحفى الذى يلتزم بميثاق الشرف لن يخرج عن حدوده باعتباره شخصا يحترم هذا الميثاق وعلى هذا لاتكون عليه مسئولية. العيب يأتى ممن يخرج عن حدود هذا الميثاق والخروج عليه يمثل مخالفة تأديبية أو جنائية . نقابة الصحفيين هى التى تسأله عند خروجه عن ميثاق الشرف فى هذا الاطار. هناك أيضاً المسئولية الجنائية وهذا يعنى أن الصحفى لا بد أن يسأل مسئولية جنائية وأن قانون العقوبات تفادياً لحبس الصحفى قد حصر العقوبة فى الغرامة المالية ولا تمثل للصحفى عقوبة كبيرة ولكنها تمثل رادعاً له حتى لا يعود الى تكرار هذا الخروج عن ميثاق الشرف الذى تمثل فى صورة سب وقذف الأعراض والخصوصيات. هذا بالنسبة للقانون، لكن هناك دور للنقابة وتفعيل ميثاق الشرف وعليها مواجهة تصرفات الصحفى الذى لا يلتزم وتتخذ من التدابير ما يمكنها من فرض ميثاقها حتى يراعى الصحفى الله والمصلحة العامة. والاعلام المصرى بصفة عامة والصحفى بصفة خاصة لا ينال من حقوق الآخرين بدون وجه حق ويجب ان يفرض على المخالف جزاءً تأديبياً على مستوى رفيع من الشفافية والحيدة والمضمون. تنتهي: ان المشهد الاعلامى ضبابى والصورة غير واضحة أمام الرأى العام والنتيجة الطبيعية أن يكون الاعلام بهذا السوء وهذا ما رأيناه فى طريقة تعاطيه المخجل لموضوعات تمس سيادة الدولة كموضوع الجزيرتين. يقول الروائى على عبد الباقي: لا نستطيع أن نتكلم عن الاعلام ودوره التنويرى بمعزل عن ثقافة المجتمع العامة ولا بمعزل عن ثقافته الخاصة. ثقافة المجتمع العامة هى تلك المتمثلة فى العقل الجمعي. أما ثقافة المجتمع الخاصة فهى تلك التى تفرزها مؤسسات المجتمع المدنى فى الجامعات، الأزهر، الجامع والكنيسة وأدوات الثقافة بشتى وسائلها، الكتاب، السينما، الدراما ولذلك يتأثر بالطبع الاعلام بمستوى هذه الثقافة سلباً أم ايجاباً. يتساءل: هل الاعلام المصرى مهيأ بكوادره وبكونه الصوت المعبر لدولة رجال الأعمال ومصالحهم؟. وبالطبع نريد هنا أن نلفت النظر الى الطبيعة الخاصة لرجال الأعمال عندنا من حيث اختلافهم فى نظرتهم الى الدور المستوجب عليهم أداؤه عن طبيعة الراسمالية العالمية. ففى الرأسمالية العالمية نرى رجلاً مثل بيل جيتس يتبرع بمعظم ثروته للأعمال الخيرية فما هو القدر الذى أسهم به رجال الأعمال فى انقاذ مصر من عثرتها فى ضوء ما نعيشه من أزمة اقتصادية؟ ما الذى أسهموا به فى مجال التعليم والصحة وفى تقوية الجنيه مقابل الدولار . هل اذكركم بمطالبهم الأخيرة فى تخفيض سعر الغاز لمصانعهم، ليحققوا أرباحاً بالمليارات. أليس هذا تدليلاً لهم على حساب الشعب المطحون؟ ينتهي: ان ضعف نقابة الصحفيين ما هو الا انعكاس لضعف ثقافة النخبة وضعف قوى المجتمع المدنى بصفة عامة وبسبب ارتباط هؤلاء مع جهات أخرى بمصالح ضيقة..وهل كان لمثل هذه النقابة أن يعتريها مثل هذا الضعف لو كان النقيب فى حجم كامل الزهيري؟. وأخيرا ينبغى علينا القول ان الاعلام غفل عن دوره فى التثقيف وفرغ نفسه لبرامج التوك شو التى هى معدة أصلاً لخدمة اعلانات دولة رجال الأعمال.