أدرك «الإخوان» منذ بداية تأسيسهم أنه لا فرصة لهم لتحقيق هدفهم بالوصول إلى السلطة سوى بالارتهان لقوة أكبر يستخدمونها كرافعة للوصول إلى غرضهم الأهم، فارتضوا لأنفسهم أن يكونوا سكينًا فى أيدى خصوم الأمتين العربية والإسلامية جماعة «الإخوان» كانت تتلقى أموالاً من جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانى المعروف ب MI6 وقد ساعدت تلك الأموال الجماعة على أن تظل قادرة على أن تشكل «تهديدًا وخطرًا حقيقيين لنظام عبدالناصر فى الخمسينيات والستينيات» من يقرأ تاريخ «الإخوان» لن يكون بحاجة إلى دليل على خيانتهم واستعدادهم الدائم للعمالة لصالح أية قوة تقربهم خطوة نحو السلطة، حتى لو كانت تلك القوة هى إسرائيل نفسها(!!) إنه بالفعل تاريخ موصوم بالدم والعمالة، يقود فى النهاية إلى ما آلت إليه الجماعة اليوم من مستوى غير مسبوق من «الوضاعة السياسية» تمارس فيه أحط أشكال الخيانة. فى أحد الأيام، أراد عقرب أن يعبر النهر، ولأنه لا يستطيع السباحة، فقد طلب من ضفدع أن يحمله على ظهره ليعبر النهر. رفض الضفدع فى البداية متشككًا فى نية العقرب قائلاً: - أخاف أن تلدغنى وتقتلنى. رد العقرب بخطاب يبدو مقنعًا: - لماذا أفعل ذلك؟ إن لدغتك سأغرق أيضًا، لأننى لا أستطيع السباحة. فكر الضفدع قليلاً، وجد الحديث معقولاً فوافق على حمل العقرب، وفى منتصف الطريق، شعر الضفدع بوخزة الموت تخترق ظهره. قال الضفدع للعقرب وهو يحتضر: - لماذا فعلت ذلك؟ الآن سنموت نحن الاثنان! أجاب العقرب بأسف: - عفوًا... إنها طبيعتى. هذه القصة الرمزية تجسد معنى عميقًا لتأصل الغدر والخيانة فى البعض، حتى وإن بالغوا فى إظهار براءتهم ونقائهم، كما تحمل أيضًا تجسيدًا لقدرة بعض الجماعات والتنظيمات على ممارسة الخيانة حتى لو كانت العاقبة هى نهاية تلك التنظيمات نفسها، لكن الطبع دائمًا أقوى من التطبع! وبالتأكيد فى مقدمة تلك التنظيمات «الإخوان» التى لا تتورع عن بث سمومها فى قلوب الشعوب والأوطان، أملاً فى الوصول إلى هدفها الأهم وهو السلطة، ومن أجل ذلك الهدف لا تتورع الجماعة الإرهابية عن استخدام كل الأدوات المتاحة، حتى لو ستؤدى إلى تمزيق الأوطان وتشريد الشعوب!! ■ ■ ■ لم أشعر بالمفاجأة عندما بلغت جماعة «الإخوان» الإرهابية مستوى جديدًا فى رحلة سقوطها السياسى والأخلاقى بوقوفها فى الخندق الإسرائيلى، وتظاهر عناصرها أمام عدد من السفارات المصرية بدعوى المطالبة بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة. صحيح أن الأمر كله عبثى منذ البداية، لكن المشهد الأكثر فجاجة كان يجرى فى قلب «تل أبيب» عندما تظاهر عناصر «الإخوان» بمباركة من مرشدهم الجديد «بن غفير» أحد رموز التطرف والعنصرية الصهيونية فى زماننا، لكن لماذا لم أندهش أو أشعر بالمفاجأة جراء ما تفعله الجماعة من عمالة وخيانة مكتملة الأركان؟ الإجابة ببساطة لأننى قرأت وتعمقت فى تاريخهم على مدى سنوات طويلة ماضية، وبخاصة فى سنوات إعداد أطروحة الدكتوراه التى تناولت صورة الإسلام السياسى فى أعقاب ما يسمى ب«الربيع العربي». اقتضى البحث الغوص فى تاريخ تلك الجماعة وقراءة مسارها منذ البداية لكى أفهم بعمق مشهدى الصعود إلى الحكم، ثم السقوط إلى هاوية لا يبدو- إلى الآن- أن لها قرارًا، فالإخوان دخلوا دائرة السقوط منذ سنوات طويلة، لكن فقدانهم للسلطة ضاعف من لوثتهم وترديهم فانغرسوا بأقصى طاقتهم فى مستنقع الخيانة، حتى وصل بهم الحال إلى أن يكونوا أداة فى يد إسرائيل!! يزعم «الإخوان» دائمًا أنهم يتعرضون لحملة «شيطنة» و»تشويه» متعمدة، والحقيقة وبكل موضوعية أن من يقرأ تاريخهم بفهم ودون انحياز، سيصل إلى أن ماضيهم الأسود وترديهم فى مهاوى الخيانة والارتهان لكل أعداء الأمة العربية والإسلامية، وسعيهم المحموم نحو السلطة بأى ثمن يجعل منهم «شياطين» دون الحاجة إلى حملات للنقد أو الهجوم، فماضيهم وأفعالهم الراهنة أكبر دليل إدانة وأسوأ وصمة عار على جباههم لو كانوا يعقلون! ■ ■ ■ السؤال الأبرز الذى ينبغى أن نجيب عنه كى نفهم ما تقوم به الجماعة فى ماضيها وحاضرها هو: لماذا يريد «الإخوان» السلطة؟ ولماذا هم مستعدون لبذل كل غالٍ ونفيس من أجل تحقيق هذا الهدف، حتى لو كان الثمن هو النوم فى فراش الأعداء؟! الإجابة تقتضى فهم البعد النفسى لشخصية «المتأسلم»، فهى المفتاح الأهم لتحليل بقية السلوكيات التى تبدو عبثية فى نظر الكثيرين، لكنها تمثل من وجهة نظر ذلك المتأسلم عملاً منطقيًا ومبررًا(!!) سعى المتأسلم (فردًا أو جماعة) من أجل الوصول إلى السلطة مرتبط بإحساسه العميق بالاستعلاء والأفضلية على جموع المسلمين، فالمتأسلم لديه شعور دائم ومتأصل بأنه أفضل وأعلى من كل مَن حوله، وإذا استعان المتأسلمون ببعضهم البعض وكونوا جماعة لتحقيق أهدافهم، انتقل ذلك الإحساس بالتعالى من الفرد إلى الجماعة ككيان. هذا الإحساس بالتعالى على بقية المسلمين والانتماء إلى جماعة أفضل من كل المجتمع المسلم، يصيب أعضاء تلك التنظيمات بحالة من الانعزال عن الواقع، ويرسخ بداخلهم يقينًا بأنهم يخدمون «الإسلام» وليس بالضرورة المسلمين الذين هم فى تصورهم أقل وأدنى فى الدرجة والمنزلة من أعضاء الجماعة، وبالتالى يختلق هؤلاء المتأسلمون لأنفسهم كل الذرائع والمبررات لاتخاذ أى فعل أو عمل مهما كان منكرًا كالكذب، السرقة، القتل، الخيانة... إلخ، لأنه فى النهاية يسعى نحو هدف أسمى من وجهة نظره وهو «خدمة الإسلام»، وبالتالى لا مجال لأن يتأثر بحكم جموع المسلمين العاديين عليه، طالما هو يراهم دائمًا فى منزلة أدنى لا ترقى لتقييم أفعاله أو الحكم عليه!! ■ ■ ■ إذا استوعبنا تلك الفكرة وفهمنا هذا التكوين النفسى المعقد لشخصية «المتأسلم» بات من السهل فهم أسباب جنوحه لامتلاك السلطة بأى وبكل ثمن، فالسلطة فى زعمهم «أداة إصلاح» مستندين إلى مقولة «من لا يزع بالقرآن يزع بالسلطان»، أى أن بعض الناس لا يرتدعون عن ارتكاب المعاصى والأخطاء بسبب الوازع الدينى والأخلاقى المتمثل فى القرآن، ولكنهم يرتدعون عن ذلك بسبب قوة السلطة والخشية من العقوبة الدنيوية. ومن هنا ينشأ لدى المتأسلمين نزوع خفى لكنه دائم نحو السلطة، تغذيه حالة الاستعلاء والظن أن المسلم العادى هو شخص ناقص دينيًا إما فى أفكاره أو فى أعماله أو سلوكه وأخلاقه (فما بالك بنظرته لغير المسلم؟!) يحتاج إلى أن يقوده ذلك المتأسلم، لذلك يسعى الأخير دائمًا إلى السلطة باعتبارها من وجهة نظره «تكليفًا إلهيًا» له بالمسئولية عن جموع الضالين من المسلمين العاديين، ويظل لدى المتأسلم غير الحاكم شعور بالنقص وبأنه منزوع الأدوات وفى وضع مختل حتى يصل إلى الحكم. لذلك ستجد دائمًا المتأسلمين غاضبين وحانقين على أى سلطة غير أنفسهم، وعندما يدخلون فى تحالفات مع قوى أو تيارات غير متأسلمة، سرعان ما ينزعون إلى الاستئثار بالسلطة بأية وسيلة ويستعجلون الصدام من أجل الهيمنة، وغالبًا ما تكون الخسارة هى مصيرهم، لأنهم يفتقرون لأى تصور أو مشروع حقيقى يعقب وصولهم إلى السلطة، ليبدأوا رحلة هروب تحت الأرض أملاً فى انتهاز أية فرصة لاحقة لتكرار مسعاهم من جديد، وهكذا يظلون فى الدائرة المفرغة ذاتها. ومَن يتأمل تجربة «الإخوان» فى العديد من دول العالم، سواء فى مصر خاصة عقب ثورة يوليو 1952 أو بعد 2011، وكذلك تجربتهم فى تونس والمغرب والسودان وليبيا سيكتشف «غباء» متكررًا وإصرارًا عبثيًا على انتهاج نفس الأخطاء وانتظار نتائج مختلفة. ■ ■ ■ الكارثة الحقيقية فى هذا النمط الفكرى الذى يتبعه المتأسلمون وفى القلب منهم جماعة «الإخوان» أنه يبرر ويشرعن لنفسه استخدام كل السبل من أجل الوصول إلى السلطة، فمن وجهة نظره «الغاية تبرر الوسيلة»، أى أن هدفه المزعوم بخدمة الدين تجعله يبرر لنفسه ما لا يقبله الدين نفسه، فتظهر أفكار مثل «التقية» أى استحلال الكذب من أجل الوصول إلى الهدف، فضلاً عن استحلال دماء الخصوم والمخالفين فى الرأى، وتتفاوت درجات ذلك الاستحلال من جماعة إلى أخرى لتصل إلى استحلال تكفير الجماعات المتأسلمة لبعضها البعض، علاوة على تكفيرهم لجموع المسلمين وغير المسلمين وبالتالى تبرير انتهاك حرماتهم واستلاب ممتلكاتهم وأرواحهم. وقد وضعت جماعة «الإخوان» الإرهابية لبنة تلك الفكرة الكارثية باستحلال دم المخالفين استنادًا إلى «جاهلية المجتمع»، وباتت تلك الفكرة هى الأساس الذى قامت عليه كل التنظيرات التكفيرية لاحقًا، فالجميع خرج من نفس العباءة، وما «داعش» و»القاعدة» وقبلهما «التكفير والهجرة» و»الجهاد» سوى تنويعات على الفكرة ذاتها وفروع للنبت الإخوانى. وحتى لو حاول «الإخوان» التبرؤ من كل تلك التنظيمات التكفيرية، وادعاء النأى عن ممارسات تلك الجماعات الإرهابية، إلا أن الحقيقة الدامغة هى أنهم من أرسوا البنية الفكرية والتنظيمية لكل ما جاء من تنظيمات القتل وجماعات الإرهاب الأسود عبر ممارسات «التنظيم الخاص»، فضلاً عن التنظير الفكرى الذى وضعه المرشد الحقيقى للجماعة «سيد قطب»، وسيبقى تاريخ القتل الإخوانى عبئًا ثقيلاً على كاهل الجماعة ما يجعلها شريكا فى كل نقطة دم أريقت استنادًا لأفكارهم وشرعنتهم للقتل بداية من النقراشى باشا والخازندار، وصولاً إلى دماء الأبرياء فى كل مكان طالته يد الإرهاب وامتدت إليه سموم أفكار الجماعة إلى يوم القيامة. ■ ■ ■ أدرك «الإخوان» أيضًا منذ بداية تأسيسهم أنه لا فرصة لهم لتحقيق هدفهم بالوصول إلى السلطة سوى بالارتهان لقوة أكبر يستخدمونها كرافعة للوصول إلى غرضهم الأهم، فارتضوا لأنفسهم أن يكونوا سكينًا فى أيدى خصوم الأمتين العربية والإسلامية، وخاصة فى يد قوى الاستعمار القديم (بريطانيا) والجديد (الولاياتالمتحدة)، مهما حاولوا أن يتبرأوا أيضًا من ماضيهم ويتنكروا لحاضرهم، ومهما بالغوا فى إظهار كراهيتهم للغرب، لكن وقائع التاريخ تدينهم وتفضحهم بأنهم لم يكونوا سوى أدوات استخدمتها أجهزة استخبارات غربية لضرب حركات الاستقلال الوطنى فى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى، وأدوات للنيل من حركة الوحدة العربية فى ستينيات القرن العشرين. وامتد هذا الدور وصولاً إلى اتخاذهم «حصان طروادة» لاختراق المجتمعات العربية والإسلامية والحفاظ على حالة من التوتر والاضطرابات الداخلية تحول دون تحقيق أى استقرار طويل المدى يقود إلى تقدم وتطور شعوب المنطقة، بحيث تبقى أسيرة أزمات متلاحقة تصنعها الجماعة العميلة، وتمزيق فكرة الدولة الوطنية عبر متاجرة مكشوفة بقضية الدين وبمشاعر البسطاء الذين ينخدعون بمعسول الدعاية والخلط الممنهج بين الدين والسياسة، فيكون هؤلاء المخدوعون كالضفدع الذى يحمل العقرب فوق ظهره، بينما السم يسرى فى شرايينه من أثر لدغات العقارب الإخوانية. والأدلة على خيانة وعمالة «الإخوان» أكبر من أن تعد أو تُحصى، بل إنه ليس من قبيل المبالغة أن تاريخ الجماعة كله الذى يقترب من مائة عام يكاد أن يكون كله تاريخًا من الخيانة والكذب والتضليل، وهنا أسوق بعضًا مما قدمه باحثون ومؤرخون غربيون حول العمالة الإخوانية. ومن بين الكتب المهمة فى هذا الصدد كتاب أستاذ التاريخ الإنجليزى مارتن فرامبتون، والذى يحمل عنوان «الإخوان المسلمين والغرب.. تاريخ من العداء والمشاركة» وهو أول تاريخ شامل للعلاقة بين الجماعة والقوى الغربية التى هيمنت على الشرق الأوسط فى القرن الماضى وهما بريطانياوالولاياتالمتحدة. ويعترف فرامبتون أن الغرب كان ينظر بنوع من التوجس لتنظيم الإخوان منذ الثلاثينيات بسبب أيديولوجيتهم التى وصفها البريطانيون ب «الظلامية»، أو «المنغلقة»، والمعادية للآخر، إلا أن ذلك لم يحل دون استخدام القوى الاستعمارية ل»الإخوان»، فقد اعتبر المسئولون البريطانيون أن فكرة التواصل مع التنظيم تقوم على تحقيق مصالح سياسية آنية تتعلق بإضعاف الحركات المناوئة لهم. وبحسب الكاتب الإنجليزى مارك كيرتس مؤلف كتاب «العلاقات السرية بين بريطانيا والتنظيمات الأصولية» الصادر عام 2010، فقد مولت بريطانيا جماعة «الإخوان» فى مصر سرًا، وعبر أكثر من مرحلة، بدأت مع السنوات الأولى من عمر الجماعة، حيث كان من أوائل التبرعات التى تلقتها الجماعة تبرع من شركة قناة السويس، التى كانت تهيمن عليها بريطانيا وفرنسا فى ذلك الوقت، لكن التمويل الأكبر والأخطر كان من أجل إسقاط نظام حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر. كما يكشف الكتاب جانبًا مهمًا من العلاقات السرية التاريخية بين الجماعة والمخابرات البريطانية، حيث عملت الجماعة فى بداية نشأتها لصالح الاستعمار البريطانى، مستندًا إلى وثائق بريطانية رفعت عنها السرية قبل عدة سنوات، حول توطيد العلاقات من خلال التمويل والتخطيط لإفشال المنطقة العربية والإسلامية. ويؤكد الكاتب الإنجليزى أنه خلال العدوان الثلاثى عام 1956 على مصر أجرت بريطانيا اتصالات سرية مع «الإخوان»، وعدد من الشخصيات الدينية كجزء من خططها للإطاحة بعبد الناصر أو اغتياله، كما يكشف الكتاب أن جماعة «الإخوان» المصرية كانت تتلقى أموالاً من جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانى المعروف ب MI6 وأن تلك الأموال قد ساعدت الجماعة على أن تظل قادرة على أن تشكل» تهديدًا وخطرًا حقيقيين لنظام عبد الناصر فى الخمسينيات والستينيات». وعلى مدى عقود، تحولت العاصمة البريطانية لندن لتكون المعقل الأساسى للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان، فقد ساهمت بسخاء فى توفير الملاذ الآمن سواء لقيادات الجماعة أو لأموالهم، وتوسعت السلطات البريطانية فى منح عناصر التنظيم حق الحصول على اللجوء السياسى، حتى أطلق البعض على العاصمة البريطانية اسم «لندنستان». ■ ■ ■ يُضاف إلى مستنقع الخيانة الإخوانية أيضًا الأدوار التى قامت بها الجماعة فى خدمة الاستخبارات الأمريكية، سواء كذراع لمحاربة الشيوعية، أو لتمويل «المجاهدين» فى أفغانستان، ويكفى أن التاريخ يثبت أن الكثير من قادة تنظيم «القاعدة» قد سافروا إلى أفغانستان تحت مظلة منظمات إخوانية عديدة فى المنطقة العربية وحول العالم، ومنهم عبد الله عزام المرشد الروحى لأسامة بن لادن، وأيمن الظواهرى الزعيم السابق للتنظيم. إنه بالفعل تاريخ موصوم بالدم والعمالة، يقود فى النهاية إلى ما آلت إليه الجماعة اليوم من مستوى غير مسبوق من «الوضاعة السياسية» تمارس فيه أحط أشكال الخيانة، فالجماعة التى حاولت أن تصنع لنفسها تاريخًا زائفًا لمشاركة عناصرها فى حرب 1948 ارتضت اليوم أن تضع نفسها أداة فى يد دولة الاحتلال الإسرائيلى، تقاتل من أجل إنقاذ الاحتلال وتشتيت الانتباه عن جرائمه المخزية بحق أهلنا فى قطاع غزة وفى كل الأراضى الفلسطينية المحتلة، بعدما منح فرعها فى غزة حكومة التطرف فى تل أبيب فرصة تاريخية ليس فقط لتدمير غزة وتوسيع دائرة استهدافهم لجبهات عدة فى المنطقة، بل أحيوا أوهامهم القديمة فى إقامة «إسرائيل الكبرى». من يقرأ تاريخ «الإخوان» لن يكون بحاجة إلى دليل على خيانتهم واستعدادهم الدائم للعمالة لصالح أية قوة تقربهم خطوة نحو السلطة، حتى لو كانت تلك القوة هى إسرائيل نفسها(!!) وأرجو أن تكون تلك المشاهد المخزية لانكشاف الخيانة الإخوانية وافتضاح وجههم الحقيقى صفعة توقظ المخدوعين فى تلك الجماعة، وفرصة يمنحها لنا القدر من رحم الأزمة لنتخلص من أكبر كذبة عرفها العرب والمسلمون على مدى القرن الماضى، وكان وجودها فى أى دولة وبالاً وسببًا للخراب والدمار.