فى الوقت الذى تحولت فيه حكومة نتنياهو إلى «حكومة أقلية» بعد أن فقدت الأغلبية البرلمانية بانسحاب الأحزاب الدينية على خلفية أزمة تجنيد «الحريديم»، ومع دعوة زعيم المعارضة «لابيد» لانتخابات مبكرة مؤكدًا أنه لا يمكن لحكومة أقلية أن ترسل الجنود إلى ساحة الحرب لأنها حكومة غير شرعية.. كان مجرم الحرب نتنياهو لا يكتفى بالمذابح اليومية فى غزة ولا بجرائم الاستيطان والمستوطنين فى الضفة، بل كان يرسل طائراته لتقصف دمشق وتستهدف وزارة الدفاع وقصر الرئاسة مستغلًا الأحداث المأساوية فى «السويداء» وماضيًا فى طريقه لإشعال المنطقة وفرض الهيمنة الإسرائيلية حيثما تصل مدافعها أو تحققه مؤامراتها؟! أحداث «السويداء» وقبلها أحداث أخرى شبيهة هى «أولًا» مسئولية النظام السورى الذى ترك الباب مفتوحًا للحروب الطائفية فى دولة لا يمكن أن تستقر إلا بشراكة وطنية تستوعب كل أبنائها. لكن ذلك كله لا يمكن أن يبرر جريمة إسرائيل الجديدة ولا أن يكون سببًا للتسامح مع احتلال إسرائيل لأرض سوريا، ولا فى الزعم بأنها حامية الدروز العرب، ولا فى انتهاك سيادة دولة سوريا أو استباحة سماء دمشق!! والأخطر هنا أن العدوان الإسرائيلى الخطير على سوريا لم يكن مجرد «سوء تفاهم» كما وصفه وزير الخارجية الأمريكى «روبيو» بل هو تصعيد مدروس لتثبيت الاحتلال الإسرائيلى الذى تمدد فى الجولان والجنوب السورى منتهزًا فرصة إسقاط النظام السابق لتدمير جيش سوريا دون مقاومة!! والآن يريد مد نفوذه إلى «السويداء»، ويريد فرض إرادته على كل سوريا، وتنفيذ مخططاته القديمة التى لا ترى مستقبل إسرائيل إلا بتدمير الدول المحيطة بها وتحويلها إلى كيانات صغيرة ممزقة يسهل لإسرائيل أن تتعامل معها!! تقسيم سوريا هدف أساسى فى مشروع التوسع الصهيوني. وهو -للأسف الشديد- محل ترحيب من أطراف إقليمية ودولية! وفى المقابل تتأكد حقيقة أن وحدة سوريا واستقلالها مصدر قوة وضمانة أمن للعالم العربى كله. لا نريد أن ننكأ الجراح ولا أن نثير الجدل فى غير موضعه. لكن علينا أن ندرك حجم المخاطر، وأن يدرك الأشقاء فى سوريا الحبيبة أنه لا بديل عن شراكة حقيقية بين كل أبناء الوطن، وأن يدرك الجميع أن العدو واحد والمصير مشترك، وأن مجرد البدء فى طريق التطبيع كانت «المكافأة» عليه هى قصف دمشق!! لا ننكأ الجراح، ولكن لابد أن ينتبه الجميع للخطر. ما حدث مع سوريا ليس هروبًا من حرب إلى حرب كما تعود نتنياهو أن يفعل!! وليس موقفًا «إنسانيًا»، من الكيان الصهيونى الذى احترف «الإبادة الجماعية»، تحت حكم مجرمى الحرب المطاردين من العدالة الدولية!! وليس مجرد «سوء تفاهم» كما أخبرنا وزير أمريكى!! ما حدث هو كشف لحجم التآمر على سوريا وعلى المنطقة العربية كلها، مواجهة المشروع الصهيونى الإجرامى لا تأتى إلا بالدولة القوية الموحدة، وليس بحكم الميليشيات وصراعاتها، ولا بالتدين الزائف و«الجهاد» المسموم ضد أبناء الوطن!! سلمت سوريا شريكة الوحدة مع مصر التى تآمر عليها الجميع، وشريكة النصر فى أكتوبر العظيم، وشريكة كل نصر عربى قادم بإذن الله.