فى قلب الزحام، وعلى أطراف الأحياء، تنبض الحياة الشعبية كل يوم فى مكان مختلف... إنها الأسواق الشعبية الأسبوعية، التى باتت جزءًا من ملامح المجتمع المصري، حيث يتنقل الباعة والزبائن والبضائع ما بين السبت والخميس، فى دور منتظم يعكس حيوية الشارع المصرى وقدرته على التكيف مع التغيرات الاقتصادية. ففى سوق الأحدبشبرا الخيمة والثلاثاء بكفر طهرمس، والخميس بالمطرية، والجمعة بإمبابة، والسبت بوسط البلد، وغيرها من الأسواق الأسبوعية، تتجمع الأسر البسيطة، ويصطف الباعة، فى مشهد يتكرر أسبوعيًا، يحمل معه كل ملامح الحياة: البيع، الشراء، التفاوض، والفرح حين تقل الأسعار. ورغم طابعها الشعبي، تلعب هذه الأسواق دورًا اقتصاديًا مهمًا، حيث توفر السلع بأسعار أقل من مثيلاتها فى المحلات بنسب كبيرة تتراوح بين 20-50%، وتمنح الباعة المتجولين فرصة لكسب الرزق، وتصبح متنفسًا حقيقيًا للأسر التى تبحث عن الجودة والسعر المناسب فى آنٍ واحد. فى هذا الملف، ترصد جريدة «الأخبار» أبرز ملامح الأسواق الشعبية الأسبوعية، من قلب الشارع، ومن واقع الناس... من الزبائن الذين يترقبونها كل أسبوع، إلى الباعة الذين يحملون أرزاقهم على عربات يدوية ويفترشون الأرض بالأمل. اقرأ أيضًَا | لتسهيل الوصول إلى سوق السيارات الجديد..انتظام أتوبيسات «النقل العام» يومي الجمعة والأحد أسبوعيًا سوق السبت ب «وسط البلد».. متحف مفتوح أنتيكات وكاميرات وساعات حائط ولوحات فنية وسط زحام شوارع القاهرة القديمة، وتحديدًا فى أحد شوارع وسط البلد القريبة من ميدان العتبة، كانت «الأخبار» على موعد مع رحلة مختلفة داخل عالم مدهش من النوادر، حيث تتناثر ذكريات الزمن الجميل على الأرصفة والطاولات البسيطة. هنا سوق السبت، قبلة عشاق التحف والانتيكات والأشياء التى تحمل فى طياتها عبق الماضي. يبدأ السوق نشاطه منذ ساعات الصباح الأولى يوم السبت فقط، ويتحول الشارع الهادئ إلى معرض مفتوح، يضم كل ما هو قديم ونادر. ما بين كاميرات تصوير عتيقة، وساعات جيب من طراز ملكي، وتحف نحاسية وخزفية، ولوحات فنية نادرة، تتجول العيون بشغف، وتبحث الأيدى بين الكنوز عن قطعة مميزة تضيف لمسة كلاسيكية إلى الحياة العصرية. يقول عم سيد، أحد أقدم البائعين فى السوق، إنّه يعمل فى هذا المكان منذ أكثر من 20 عامًا، ويعتبر السوق ملتقى لهواة التحف والفنانين والمصممين والباحثين عن القطع الفريدة مضيفا «فيه ناس بتيجى مخصوص من المحافظات ومن برّه مصر علشان السوق ده. بنبيع حاجات نادرة، منها الأصلى ومنها المقلد القديم، بس الأكيد إن كل حاجة ليها حكاية.» أما الحاجة زينب، سيدة خمسينية تبيع أوانى قديمة ونحاسيات، فتقول «الناس بقت تحب الحاجات القديمة أكتر من الجديدة... كل حاجة ليها طابع وزمن، وبتفكرهم بأيام حلوة.» وفى جولة الأخبار، التقينا المهندس كريم سامي، أحد الزبائن الدائمين لسوق السبت، حيث كان يتفقد إحدى الطاولات التى تعرض كاميرات قديمة حيث يقول «أنا هاوى تصوير، وكل كاميرا هنا ليها قصة. السوق ده بالنسبة لى مش مجرد مكان للشراء، هو مصدر إلهام.» فيما قالت نهى جمال، طالبة بكلية الفنون الجميلة، إنها تأتى إلى السوق كل شهر تقريبًا بحثًا عن تحف تستخدمها فى مشروعاتها الدراسية موضحة أن «الأسعار مناسبة، والقطع أصلية أو شبه أصلية، وفيه بائعين عندهم خبرة كبيرة فى التاريخ والفن.» بخلاف كونه سوقًا شعبيًا، أصبح سوق السبت مزارًا ثقافيًا وسياحيًا مصغرًا، يستهوى محبى التاريخ والفن. كما يشكل مصدر رزق لعدد كبير من البائعين الذين ورثوا المهنة أبًا عن جد، ويحرصون على الحفاظ على هذا التراث. وتختلف أسعار المعروضات من بائع لآخر، ومن قطعة لأخرى، فهناك ما يُباع بعشرات الجنيهات، وهناك ما يصل لآلاف، بحسب ندرة القطعة وسلامتها وحكايتها. وتقول أسماء حمدى، إنها مغرمة بشراء الأنتيكات والمقتنيات القديمة، وتحرص على زيارة السوق مرتين شهريًا لمتابعة المعروض ومعرفة كل جديد. وأوضحت أن السوق يتميز بتنوع القطع المعروضة، من تحف وزجاجيات وساعات وأدوات منزلية قديمة، ما يجعله وجهة مفضلة لهواة اقتناء الأشياء النادرة ذات الطابع التاريخي. وأضافت: «كل مرة بلاقى حاجة مختلفة، والسوق له طابع خاص بيخلينى أرجع له دايمًا». ويقول محمد، بائع فى سوق السبت، إنه يعمل فى هذا المجال منذ 20 عامًا، ويحرص على التواجد لعرض بضاعته التى تضم مقتنيات قديمة وتحفا تراثية تلقى اهتمامًا من الزبائن والمقتنين. وأوضح أن السوق يجمع بين عشاق التراث وهواة جمع القطع الفريدة، ويشهد حركة بيع وشراء جيدة، خاصة من المهتمين بالأنتيكات ذات الطابع التاريخى أو الشعبي. ويضيف أحمد، بائع آخر فى سوق السبت، إنه يشارك فى السوق منذ أكثر من 10 سنوات، ويعرض قطعًا متنوعة ما بين أدوات منزلية قديمة، وساعات حائط، وتحف تراثية. وأضاف أن الزبائن يأتون من مختلف المناطق، وبعضهم من السائحين المهتمين بالتراث المصري، مشيرًا إلى أن الأسعار تختلف حسب حالة القطعة وندرتها. «الجمعة» بإمبابة.. «ويك إند» الغلابة قطع غيار وخردة وأدوات كهربائية وحيوانات أليفة فى قلب حى إمبابة الشعبي، وعلى مساحة مفتوحة لا تخلو من العشوائية المنظمة بطريقتها الخاصة، ينشط كل يوم جمعة سوق شعبى كبير يُعرف باسم «سوق الجمعة». سوق عمره عشرات السنين، ومهما تغيّرت معالمه أو تغيرت الوجوه، يبقى موعده ثابتا: كل جمعة، من الصباح الباكر وحتى غروب الشمس. «الأخبار» تجولت فى الميدان، وعاينت السوق عن قرب، والتقت البائعين والمتسوقين، لرصد حالة البيع والشراء فى واحد من أقدم الأسواق الأسبوعية فى القاهرة. يقع السوق فى شوارع متفرعة من منطقة إمبابة، ويدب النشاط فيه منذ فجر الجمعة. يبدأ الباعة فرش بضائعهم على الأرض، وعلى الأرصفة، أو فوق عربات صغيرة، فيما يتزاحم الزبائن للبحث عن «لقطة» أو «صفقة مربحة». البضاعة متنوعة بشكل مذهل؛ من الملابس المستعملة إلى الأدوات المنزلية، من المفروشات الرخيصة إلى الأجهزة الكهربائية المستعملة، من الحيوانات الأليفة والطيور، إلى التحف، و«الخردة»، وقطع الغيار، بل وحتى الهواتف القديمة! عم شعبان، بائع أدوات منزلية مستعملة، قال لنا وهو يضع الأوانى القديمة بعناية: «أنا بشتغل طول الأسبوع فى تصليح الحاجات، وباجى الجمعة أبيع... الزبون هنا بيدور على الرخيص، ومش مهم جديد ولا لا، المهم يمشى حاله.» أما أم عبده، وهى بائعة ملابس أطفال مستعملة، فتقول: «سوق الجمعة هو رزقى الوحيد... بشترى البالة من وسط البلد، وأنزل أبيع هنا الجمعة، فيه ناس بتاخد ب10 جنيه و15 جنيه ويمشوا مبسوطين. ويؤكد الباعة أن الإقبال كبير، لكن السوق يفتقر إلى التنظيم، ويحتاج لتدخل من الحى لتقسيم الأماكن، ومنع تكدس البضاعة فى الطرقات، وتوفير خدمات أساسية مثل النظافة ودورات المياه. الزبائن الذين التقيناهم أجمعوا على أن السوق يُعد فرصة لشراء مستلزمات بأسعار زهيدة، لا تتوافر فى المحال أو المولات. مدام عايدة، ربة منزل، تقول: أنا باجى كل جمعة... بشوف حاجات للمطبخ، أو فوط، أو ملابس ولادي... مش كل حاجة مستعملة، فيه جديد كمان بس بأسعار أرخص. وقالت عبير محمد، إحدى المتسوقات بسوق الجمعة فى إمبابة، إنها اعتادت المجيء إلى السوق منذ سنوات، حيث تجد فيه كل ما تحتاجه بأسعار فى متناول اليد. وأضافت عبير أن السوق يعتبر فرصة حقيقية لأصحاب الدخول المحدودة، قائلة: «اللى معاه 100 جنيه ممكن يشترى طقمين ملابس هنا، بعكس المحلات اللى برا، بقت الأسعار فيها خيالية. وكمان فى حاجات جديدة وماركات لو عرفتى تدورى كويس. وأشارت إلى أن رغم الزحام، إلا أن السوق فيه حركة ونشاط، وكل من يأتى يعرف أنه سيجد احتياجاته دون أن يرهق ميزانيته. قالت أم محمد، إحدى المتسوقات، إنها جاءت خصيصًا لشراء مستلزمات لتجهيز ابنتها العروس، وعلى رأسها الستائر، مشيرة إلى أن السوق معروف بأنه فرصة حقيقية لمن يُجهز بيته بأقل التكاليف. و«أنا من الناس اللى بتستنى يوم الجمعة كل أسبوع... جهزت بنتى العروسة من السوق هنا، من أول المطبخ للمفروشات، والنهاردة جاية اشترى ستاير لغرفتها. الأسعار هنا بجد بتفرق عن بره، فرق كبير.» وأوضحت أن سوق الجمعة رغم بساطته، إلا أنه يوفّر كل ما تحتاجه الأسر المصرية من مستلزمات بأسعار تناسب مختلف الفئات، وأضافت: «فى محلات برا بتطلب أرقاما خيالية، لكن هنا بتشترى بالسعر اللى على قدك، وفيه اختيارات كتير... المهم إنك تدوري. السوق ده ستر ونعمة لناس كتير، خصوصًا اللى عندهم بنات وبيجهزوهم.» وأكدت أن التزاحم لا يُثنى المتسوقين عن الحضور، بل يزيد من إقبالهم، خاصة أن معظم البائعين متعاونون، والأسعار قابلة للتفاوض، مما يجعل السوق ملاذًا شعبيًا مميزًا للأسر متوسطة ومحدودة الدخل. وقالت أم محمود أحمد إنها جاءت سوق الجمعة بإمبابة خصيصًا لشراء مستلزمات المطبخ، مشيدة بتنوع المعروضات والأسعار المناسبة لجميع الفئات. مضيفة : «أنا باجى سوق الجمعة كل فترة لما أكون محتاجة حاجات للبيت، والنهاردة جاية اشترى مستلزمات المطبخ من أطقم طاسات ومعالق وصواني. هنا الأسعار أرخص من أى محل برا، وفيه اختيارات كتير.» وأضافت: «الميزة فى السوق إنه متنوع... بتلاقى الحاجة الغالية والرخيصة، الجديدة والمستعملة، وكل واحدة بتختار حسب إمكانياتها. أنا اشتريت حاجات كتير بنص تمنها لو كنت اشتريتها من أى مول أو محل كبير.» وأشارت إلى أن السوق لا يقتصر على البيع فقط، بل يتحول يوم الجمعة إلى حالة اجتماعية، حيث تتوافد السيدات من مختلف المناطق للتسوق والتعرف على الجديد، قائلة: «سوق الجمعة مش مجرد سوق، ده يوم بنستناه علشان نشترى ونشوف الناس، وأحيانًا كمان نلاقى عروضا حلوة وتخفيضات من البائعين.» وأكدت أن السوق رغم بساطته، إلا أنه يلبى احتياجات عدد كبير من الأسر، ويمنحهم الفرصة للتوفير، خاصة فى ظل ارتفاع الأسعار فى الأسواق التقليدية. وقال عبد الرحمن، أحد الباعة بسوق الجمعة فى إمبابة، إنه يشارك فى السوق منذ سنوات، مؤكدًا أن لكل بائع مكانه الثابت الذى يفرش فيه أسبوعيًا، دون صراعات أو تجاوزات، وهو ما يمنح السوق نوعًا من النظام العفوى والتفاهم بين البائعين. واضاف : أنا باجى من الجمعة للجمعة، وعندى نفس المكان اللى بفرش فيه كل أسبوع، وكلنا هنا عارفين أماكن بعض. عمرى ما شفت حد جه خد مكان غيره، لأن فى احترام متبادل بينا كبائعين. وأشار عبد الرحمن إلى أن السوق يتميز بأسعاره المناسبة التى لا تُقارن بالمحلات أو المولات، قائلاً: الفرق فى الأسعار كبير جدًا، إحنا بنبيع بسعر أقل بكتير علشان الزبون يلاقى اللى يناسبه. الزبون هنا مش جاى يتفرج، جاى يشترى فعلاً لأنه عارف إنه هيلاقى حاجة على قده. وأضاف أن طبيعة السوق تجعل البائعين يحرصون على تقديم أفضل الأسعار والخدمات، لأن التنافس فيه يوم واحد فقط، ويعتمدون على الزبائن الدائمين الذين يأتون خصيصًا كل أسبوع للشراء. وقال محمد، أحد الباعة إن الزبائن يقبلون على السوق بسبب الأسعار المناسبة والتنوع الكبير فى البضائع، مؤكدًا أن الثقة بين البائع والمشترى هى أساس النجاح فى السوق.. الناس بتيجى عشان الأسعار مختلفة عن أى مكان تاني، هنا بيلاقوا الحاجة اللى على قدهم، سواء جديدة أو مستعملة، والمهم إنهم بيشتروا وهم مطمنين. وأضاف محمد أن الكثير من الزبائن أصبح لديهم ثقة كبيرة فى البائعين لأن السوق ثابت ومكانه معروف، قائلاً: أنا ليّا مكان ثابت كل أسبوع، ولو حد اشترى حاجة وطلع فيها غلطة أو عايز يبدلها، بييجى الجمعة اللى بعدها يلاقينى فى نفس المكان... ودى حاجة بتدى مصداقية، الزبون عارف إنه مش هيتضحك عليه. وأوضح أن السوق لا يقتصر فقط على البيع، بل فيه علاقات إنسانية طيبة بين البائعين والزبائن، وكثيرًا ما تتحول العلاقة إلى معرفة دائمة. وتابع: «فيه ناس بتيجى كل جمعة حتى لو مش عايزين يشتروا، بس بيعدّوا ياخدوا لفة ويسلموا علينا... بقينا نعرف الزباين بالاسم، وده بيخلّى السوق ليه روح مختلفة عن أى مكان تاني. وقال فتحى علي، بائع شرابات رجالى فى سوق الجمعة بإمبابة، إنه يحرص على الحضور إلى السوق أسبوعيًا لعرض بضاعته، مشيرًا إلى أن السوق يُعتبر مصدر رزق أساسى له ولعدد كبير من البائعين الذين يعتمدون على يوم الجمعة فقط. وأشار إلى أن الزبائن أصبحوا على دراية بالبائعين المنتظمين فى السوق، ويعودون إليهم كل أسبوع، مما يخلق علاقة من الثقة والاحترام. «الثلاثاء» فى كفر طهرمس.. « البسطاء أولا» |أسعار لمحدودى الدخل ..والمنتجات تشمل ما لذ وطاب فى قلب منطقة كفر طهرمس بمحافظة الجيزة، يتجدد المشهد الشعبى كل أسبوع مع انطلاق سوق الثلاثاء، أحد أبرز الأسواق الأسبوعية التى تعتمد عليها الأسر فى شراء احتياجاتها الأساسية بأسعار مخفضة تناسب الجميع. منذ الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، يفترش الباعة الأرصفة والشوارع الجانبية، لتتحول المنطقة إلى ما يشبه مركزًا تجاريًا مفتوحًا، تتنوع فيه البضائع وتعلو فيه أصوات البائعين، الذين يتسابقون لجذب الزبائن. قالت إيمان سلطان، من سكان منطقة فيصل، إن سوق الثلاثاء فى كفر طهرمس يُعد من الأسواق الشعبية المهمة التى تخدم عددًا كبيرًا من الأهالى فى فيصل وكفر طهرمس والمناطق المجاورة. وأضافت: السوق بيلبّى احتياجاتنا الأسبوعية بأسعار مناسبة مقارنة بالمحلات العادية، وفيه كل حاجة ممكن نحتاجها من خضار وفاكهة لحد ملابس وأدوات منزلية. وأكدت أن السوق أصبح جزءًا من روتينها الأسبوعي، حيث تجد فيه تنوعًا كبيرًا فى المعروض وسهولة فى التفاوض مع الباعة، مما يتيح لها شراء كميات أكبر دون إرهاق الميزانية. وأشادت بروح البساطة والتعاون داخل السوق: الناس هنا ودودة، والبياعين متفاهمين، ولو فى حاجة مش مناسبة ممكن تبدليها أو ترجعيلهم الأسبوع الجاي... السوق فيه روح شعبية جميلة. قال عم سيد عبد الغني، أحد الباعة فى سوق الثلاثاء بكفر طهرمس، إنه يعمل فى هذا السوق منذ أكثر من عشر سنوات، ويعتمد عليه كمصدر رزق أساسى له ولأسرته. وأضاف: «كل يوم ثلاثاء بنفرش من الفجر، السوق بيبقى مليان ناس من كل المناطق حوالينا... الحمد لله البيع فيه حركة، والناس بتشترى حسب قدرتها، بس السوق دايمًا بيكون أرحم من المحلات. وأشار إلى أن حركة البيع تختلف من أسبوع لآخر حسب الموسم وحالة الطقس: «لو الجو كويس والناس قبضت معاشات أو مرتبات، بيكون فيه حركة كويسة، ولو الجو وحش أو فيه مناسبة، بنلم فرشنا على خفيف. وأكد أن السوق يتميز بالتنوع وتعدد المستويات: «فيه كل حاجة، من الجديد للمستعمل، من الغالى للرخيص، وكل زبون بيلاقى اللى على قد جيبه.». واختتم حديثه قائلاً: «إحنا بنشيل السوق على كتفنا... بنفرش ونلم، وبنستنى رزقنا، واللى ربنا كاتبه لينا بنرضى بيه. من جانبه، قال الحاج رمضان السعدني، بائع أدوات منزلية فى سوق الثلاثاء: «أنا بشتغل فى السوق ده من زمان، وكل ثلاثاء باجى على الفجر أفرش وأجهز البضاعة... السوق ده هو رزقنا وربنا بيبارك فيه. وأوضح أن الزبائن يعتمدون على هذا السوق بشكل كبير لأنه يوفّر كل ما يحتاجه البيت المصرى بأسعار مناسبة: «الناس بتيجى تدور على السعر المناسب، وكلنا بنراعى ظروف الناس... بنحاول نوفر بضاعة كويسة وسعرها على قد الحال.. وأضاف أن التنافس بين الباعة يجعل كل منهم يسعى لتقديم الأفضل: الزبون هنا بيبقى ملك، ولو مش عاجبه السعر بيلاقى عند غيرك، وده بيخلينا نراعى ربنا فى الأسعار والجودة.». واختتم قائلاً: «السوق رغم إنه بسيط، لكن بيشيل بيوت كتير،وكل ثلاثاء بيكون يوم الرزق والدعوة الحلوة من الزبون. «الأحد» ب«شبرا الخيمة».. من الإبرة للصاروخ |ملابس تبدأ من 100 جنيه.. وأحذية وشنط تنافس الماركات مع أولى ساعات شمس يوم الأحد، تتحول شوارع شبرا الخيمة إلى معرض شعبى مفتوح، يضم كل ما تحتاجه الأسرة المصرية بأسعار تناسب كل المستويات. سوق الأحد الذى يقام أسبوعيًا، يُعد من أبرز وأكبر الأسواق فى محافظة القليوبية، ويشهد إقبالًا كبيرًا من المواطنين، خاصة فى ظل موجات الغلاء التى تعانى منها الأسواق الرسمية.. يمتد السوق من مناطق قريبة من ميدان المؤسسة، ويمر بعدة شوارع جانبية، حيث يفترش الباعة الأرصفة، ويقيمون طاولاتهم الخشبية أو حتى يعرضون بضائعهم على الأرض. حالة من الزحام والبيع والشراء تملأ المكان، وسط أصوات البائعين التى تنادى لجذب الزبائن، وأجواء شعبية خالصة. تنوع فى المعروضات وأسعار لا تُقارن والسوق يضم مجموعة واسعة من السلع، أبرزها: ملابس جديدة ومستعملة بأسعار تبدأ من 100 جنيه وأحذية وشنط بأسعار أقل من المحلات بنسبة كبيرة وأدوات منزلية بلاستيكية، وصوانٍ، وأوانٍ من الألومنيوم ولعب أطفال وهدايا واحتياجات مدرسية وخضراوات وفاكهة طازجة من الفلاح مباشرة.. ويقول عم سيد، بائع أحذية: «بقالى 15 سنة باجى هنا، ده يوم رزقي... الزبون بييجى عارف مكانا، ولو عنده حاجة عايز يبدلها بيلاقينا تانى أسبوع.».. وأضاف أبو كريم، بائع أدوات منزلية: «الأسعار هنا نص تمن أى محل... إحنا بناخد من مصانع صغيرة ونبيع بسعر الجملة، ومكسبنا فى حركة البيع مش فى السعر العالي.».. وتقول نجوى، ربة منزل: كل احتياجات البيت بشتريها من هنا.. جبت طقم أوانى ومفارش وغسالة صغيرة للأطفال من السوق بسعر أقل من المحلات ب1000 جنيه.».. ويضيف محمود، شاب مقبل على الزواج «جهزت جزءا كبيرا من شقتى من هنا، المراتب، المطبخ، وحتى الستائر.. السوق هنا بيساعد اللى عايز يجهز نفسه بإمكانيات بسيطة». وتقول سحر علي، إحدى المتسوقات فى سوق الأحدبشبرا الخيمة، إنها جاءت خصيصًا لشراء طقم حِلَل للمطبخ، بعد سماعها عن جودة المعروضات وأسعارها المناسبة داخل السوق.. وأضافت: «بصراحة المكان جميل جدًا، فيه تنوع كبير فى البضائع والأسعار على قد الإيد، وده اللى شجعنى أشترى من هنا بدل المحلات، اللى أسعارها بقت غالية جدًا.» وأشارت إلى أنها وجدت ما كانت تبحث عنه بسهولة، لافتة إلى أن البائعين ودودون، والتفاوض على الأسعار متاح، وهو ما يجعل تجربة التسوق فى السوق الشعبى أكثر راحة وسهولة.. وأكدت أن سوق الأحد أصبح من وجهات التسوق الأساسية بالنسبة لها، خاصة لتجهيزات المنزل والمطبخ، لما يتمتع به من تنوع وجودة وأسعار تنافسية. وتقول هند عبد الحميد، من سكان شبرا الخيمة، إن سوق الأحد يُعد من العلامات المهمة فى حياة أهالى المنطقة، مؤكدة أن الجميع ينتظره أسبوعيَا. وأضافت: «إحنا متعودين كل أسبوع ننزل السوق، بقاله سنين طويلة، والناس بتعتمد عليه بشكل أساسي، سواء للملابس أو أدوات المطبخ أو الخضار والفاكهة.» وأوضحت أن الأسعار داخل السوق مناسبة جدًا مقارنة بالمحال التجارية، وأن هناك تنوعًا فى البضائع يلبّى احتياجات كل بيت مصري، من السلع الأساسية إلى الكماليات. وأكدت أن السوق أصبح عادة أسبوعية للكثير من الأسر: «حتى لو مش هشترى حاجة معينة، لازم أتمشى فيه، يمكن ألاقى حاجة ناقصانى أو حاجة سعرها مناسب.».. ويضيف خالد محمود، بائع متجول، إنه يتنقّل طوال الأسبوع بين الأسواق الشعبية المختلفة، حيث يتوجه كل يوم إلى السوق الخاص بكل منطقة، مثل سوق الأحد فى شبرا الخيمة، وسوق الجمعة فى إمبابة، وسوق السبت فى الخانكة وغيرها.وأضاف: بفرش ملابس الأطفال من الصبح بدري، وبلم فرشى مع غروب الشمس مع انتهاء السوق... وكل يوم فى مكان جديد ورزق جديد. «وأشار إلى أن العمل فى الأسواق الشعبية ليس سهلًا، لكنه يعتمد على الحركة والنشاط والرضا بالقليل»، مؤكدًا بابتسامة:«الرزق يحب الخفية... واللى يسعى يرزقه ربنا. إحنا بنعتمد على الناس البسيطة اللى بتدور على سعر معقول وجودة كويسة.» وأوضح أن الأسواق الأسبوعية أصبحت متنفسًا للباعة المتجولين ومصدر رزق رئيسيا لكثير من الأسر، مشددًا على أن التزام البائع بمكانه واحترام الزبائن هما أساس النجاح فى هذا المجال. «الخميس» بالمطرية.. معرض كبير ب «نكهة» شعبية |مفروشات للعرائس و لحوم ودواجن وأسماك فى قلب منطقة المطرية، ينشط صباح كل خميس أحد أقدم الأسواق الشعبية الأسبوعية فى القاهرة، وهو سوق الخميس، الذى يستقطب آلاف المواطنين من سكان المطرية والمناطق المجاورة، فى مشهد يعكس عمق الثقافة الاستهلاكية الشعبية. يقام السوق فى عدد من الشوارع الجانبية والفرعية المتفرعة من الميدان الرئيسي، وتبدأ ملامحه فى التكوّن مع بزوغ الشمس، حيث يفترش الباعة الأرصفة وينصبون مظلاتهم المؤقتة، لتتحول المنطقة إلى ساحة كبيرة مفتوحة للبيع والشراء. فى جولة ميدانية أجرتها جريدة الأخبار داخل سوق الخميس بالمطرية، التقت عددا من المواطنين الذين حرصوا على التواجد مبكرًا لشراء احتياجاتهم الأسبوعية، وأجمعوا على أن السوق بات جزءًا مهمًا من نمط حياتهم الاستهلاكي. قالت سلوى عبد الجواد، من سكان المطرية: السوق ده بيوفرلى كل طلبات البيت من خضار وفاكهة ولحوم واسماك ودواجن وأدوات مطبخ... كل حاجة موجودة وبأسعار أقل من أى مكان، وبشترى الكمية اللى تناسبنى بدون ما أحس بعبء مادي. فيما قالت منى فاروق، موظفة وأم لطفلين: «أنا باجى مخصوص بعد الشغل، السوق منظم والناس فيه محترمين... باشترى لبس للأطفال وخزين للبيت، السوق ده بيوفر عليا مشاوير كتير ومصاريف أكتر.» وأضافت أميرة محمد، شابة مقبلة على الزواج: جهزت جزءا كبيرا من جهازى من هنا... اشتريت أدوات مطبخ ومفروشات بأسعار مفيش زيها، وبياعين السوق بيتعاملوا بذوق، ولو فى حاجة مش مناسبة بيرضوا يرجعوها. وأشار عماد سعيد، موظف حكومي: «باجى كل خميس اشترى طلبات البيت... السوق حيوي، والمعروض كتير، وكمان فيه اختيارات متنوعة للسلعة الواحدة، فبقدر أقارن الأسعار وأختار المناسب.» وتقول هبة عبد السلام، طالبة جامعية: أنا بشترى لبس وأحذية من هنا، السوق رخيص وفيه موضة... مش لازم أدفع أرقاما كبيرة فى المولات وأنا ممكن ألاقى نفس الحاجة بسعر اقل هنا. من جانبه قال الحاج محمود جلال، أحد الباعة القدامى بسوق الخميس بالمطرية، إنه يعمل فى السوق منذ أكثر من 15 عامًا، ويعتبره مصدر رزق رئيسيا له ولعائلته. و« كل يوم خميس باجى من الفجر أفرش بضاعتى فى نفس المكان، الزباين عارفينّا وحافظينّا... فيه علاقة احترام ومحبة بين البياعين والناس.» وأضاف: «رغم إن السوق شعبى وبسيط، لكن فيه كل حاجة، من الخضار للملابس للأدوات المنزلية... وإحنا بنراعى الأسعار علشان ظروف الناس. وأوضح أن وجود السوق بشكل أسبوعى يساعد عددًا كبيرًا من الباعة المتجولين وأصحاب النشاط غير الدائم على كسب قوت يومهم: «ناس كتير بتعيش من السوق ده، وناس بتدور على حاجات بأسعار معقولة... السوق بيساعد الكل. وأشار إلى أن الزحام فى السوق دليل على نجاحه وثقة الزبائن فيه، لكنه ناشد الجهات المحلية بالتدخل لتحسين مستوى النظافة والتنظيم. خبراء: الأسواق الشعبية حصن أمان لمحدودى الدخل تعتمد الطبقة المتوسطة على الأسواق الأسبوعية لقضاء حوائجهم اليومية بأسعار مخفضة تصل إلى 20 و 30 ٪ و أحياناً أكثر من ذلك ، وفى هذا الإطار يقول د. رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إن الأسواق الشعبية الأسبوعية تلعب دورًا مهمًا فى الاقتصاد المصري، خاصة فى ظل الأوضاع المعيشية الصعبة وارتفاع الأسعار، حيث تمثل هذه الأسواق طوق نجاة لمحدودى الدخل. و أكد الأهمية الاقتصادية للأسواق الشعبية الأسبوعية وتوفير احتياجات المواطن بأسعار منخفضة حيث تعتمد الأسواق الشعبية على البيع المباشر من المنتج إلى المستهلك، دون وسطاء، مما يقلل من التكلفة النهائية للسلعة، ويجعلها فى متناول يد المواطن البسيط مشيراً إلى أهمية خلق فرص عمل لآلاف المواطنين و هذه الأسواق تستوعب عددًا كبيرًا من البائعين والعمال والحرفيين، خاصة من الفئات غير القادرة على الدخول فى الاقتصاد الرسمي، وهو ما يُقلل من معدلات البطالة. و أوضح أن وجود أسواق منخفضة الأسعار، يحقق التوازن ويخلق منافسة تؤدى إلى تراجع الأسعار أو ثباتها فى باقى قنوات البيع وتحريك عجلة الإنتاج المحلى فى الأسواق الشعبية تشجع على تصريف منتجات الحرفيين وصغار المزارعين، مما يُحفّز الإنتاج المحلي. و طالب الدولة بتحسين أوضاع الأسواق من حيث النظافة، المرافق، التأمين، وترتيب العرض، لتكون بيئة صحية وآمنة للجميع بالإضافة لدمج الاقتصاد غير الرسمى فى المنظومة الرسمية من خلال تقديم تسهيلات للبائعين، مثل التراخيص المؤقتة أو البطاقات التعريفية، بما يحمى حقوقهم ويوفر للدولة بيانات دقيقة و توفير دعم لوجستى وإشرافى كوجود رقابة على الأسعار والجودة، ومنع الاحتكار، وتنظيم العمل داخل السوق لضمان العدالة و التوسع فى إنشاء أسواق شعبية جديدة خاصة فى المناطق العشوائية والقرى، مع تحديد أيام ثابتة لها، مما يسهم فى تقليل الزحام وتسهيل الوصول إليها. وأوضح د. رشاد عبده أن هناك تجارب دولية ناجحة يمكن الاستفادة منها لتطوير الأسواق الشعبية فى مصر، موضحًا أنه فى الولاياتالمتحدةالأمريكية على سبيل المثال يوجد ما يُعرف ب «سوق يوم الأحد» (Sunday Market)، وهو سوق مفتوح يُقام أسبوعيًا، يسمح لأى مواطن لديه سلع أو أدوات لم يعد بحاجة إليها فى منزله، مثل أطقم الصينى أو الأجهزة الصغيرة أو الملابس أو غيرها، أن يعرضها للبيع بأسعار رمزية، بدلاً من تركها بدون استخدام. مؤكداً أن هذه الفكرة تتيح للناس الاستفادة من الممتلكات الزائدة، وتشجع على إعادة التدوير وخفض الهدر، كما أنها تخلق ثقافة اقتصادية جديدة بين الناس تعتمد على الاستفادة القصوى من الموارد، وهو نموذج يمكن تطبيقه فى مصر بنجاح، خاصة فى الأحياء الشعبية والمناطق التى تعانى من الغلاء.وأكد أن تبنّى مثل هذه الأفكار يُسهم فى تخفيف الأعباء عن المواطنين، ويعزز من الاقتصاد التشاركي، ويمنح الأسواق الشعبية بعدًا اجتماعيًا واقتصاديًا أكبر. بينما قال د. وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع السياسي إن الأسواق الشعبية تُعد متنفسًا لمحدودى الدخل، حيث توفر احتياجاتهم من السلع الأساسية بأسعار أقل من مثيلاتها فى المحلات التجارية والسلاسل الكبرى، بسبب انخفاض تكاليف التشغيل والإيجار من خلال دعم الاقتصاد غير الرسمى وتمثل الأسواق الأسبوعية جزءًا من الاقتصاد غير الرسمي، الذى يُساهم بنسبة كبيرة فى الناتج المحلي، ويوفر فرص عمل للآلاف من البائعين والحرفيين وتحقيق التوازن فى الأسعار من خلال وجود هذه الأسواق يساعد فى إيجاد منافسة حقيقية، مما يسهم فى خفض الأسعار وضبط الأسواق و تعزيز النشاط التجارى فى المناطق الشعبية حيث تساعد على تحريك عجلة التجارة داخل الأحياء والمناطق غير المركزية، وتخلق نوعًا من الرواج. وأكد ضرورة تطوير البنية التحتية للأسواق و توفير أماكن منظمة وآمنة للبائعين، بها خدمات مثل الكهرباء، المياه، ودورات المياه، بما يحافظ على كرامة البائع والمشترى ودمج الأسواق فى الاقتصاد الرسمى من خلال تسهيل إصدار التراخيص وتقديم دعم تقنى وتمويلى للبائعين، مع الحفاظ على الأسعار التنافسية. موضحاً انه يجب أن يكون تحت إشراف رقابى وتنظيمى ووجود رقابة من الجهات المحلية على جودة السلع، والالتزام بالأسعار، ومنع الاحتكار أو الاستغلال و تنظيم الحملات الترويجية والدعائية لتعريف المواطنين بمواقع وتوقيتات هذه الأسواق وتشجيعهم على التوجه إليها و تمكين المنتج المحلى والمزارع الصغير وربطهم مباشرة بهذه الأسواق دون وسطاء، لضمان تقليل تكلفة السلع ورفع هامش الربح للمنتِج.