بعد منتصف الليل، يخلد من فى البيت إلى النوم، وتدخل علياء مرسمها بكوب شاى، تستمتع بتجاهل الأغانى التى تقوم بتشغيلها بشكل عشوائى، وهى تشهر الفرشاة لتهاجم لوحة فارغة بمختلف الألوان، تفعل ذلك بشراسة أحيانًا، وبوداعة أحيانًا أخرى، وبحيادية فى كثير من الأحيان. لوحات علياء هاشم متحررة من اليقين؛ هادئة كخطوات الأقدام الحافية على الدرج، وصاخبة كأنغام الجيتار التى تخرج من أنامل بنت ليس لديها ما تخسره، منعشة كالنسمات، ومخيفة كالرياح، شقية كطرحة تتزحلق على شعر امرأة بملامح قديسة، ومستكينة كزهرة عبّاد الشمس المغروسة فى مفرق أنثى تساوى فى قلبها الحزن مع السعادة، متحررة كفتاة تستعرض رشاقتها برقصة غجرية، ومقيدة كسيدة هزمتها الظروف. لوحاتها بمثابة ذاكرة لمشاعرها الحية والميتة، ترسم إذا أحست بالغضب، وإذا وصلت إلى ذروة السعادة، وإذا أرادت التعبير عن شىء بداخلها يتمرد على الكلمات، وعندما يُطلب منها أن ترسم. بأسلوب «المدرسة الوحشية»، تفرض علياء على لوحاتها نفوذ البساطة، تمنح الألوان أسبقية على الرسم، وتتغافل عن عنف التباينات، تهمل التفاصيل، وتنشغل بتجانس الضوء، لتقدم فنًا «شعبويا» يرضى النخبة، ولا ينحاز ل «كلكعة» النقاد. تعتقد علياء أن لوحاتها أطفالها، عاطفة لديها ما يبررها، وتجد من ينكرها، رفضت فترة من الزمن التفريط فيها، والآن تنتقم من قناعتها السابقة وتعرض لوحاتها للبيع، وإن كانت توصى من يشتريها بالحفاظ عليها، وعدم التفريط فيها، حتى تقتطع منه وعدًا بألا يتخلص منها عندما يقوم بتغيير الديكور! علياء التى تخطئ دائمًا بغسل فرشة الألوان فى كوب الشاى، تتمنى تصحيح أوضاع الفنانين، بتنحية العلاقات، والحصول على فرص متساوية، وتحلم بالمشاركة فى معارض عالمية، وبيع اللوحة الواحدة من لوحاتها ب«عشروميت ألف جنيه».