لم يكن القتال فى الإسلام أو المعارك التى خاضها المسلمون يومًا من الأيام بهدف الاعتداء على الغير، بل كان لرد العدوان الذى يتعرض له المسلمون، من خلال هذا الباب وعلى مدار أيام شهر رمضان المبارك نقدم لك عزيزى القاريء معركة فى ذاكرة التاريخ الإسلامى خاضها المسلمون دفاعا عن أنفسهم وعن دينهم وعن أرضهم. تعتبر معركة «اليرموك» التى وقعت فى 15ه/ 636 م إحدى أهم المعارك فى تاريخ العسكرية الإسلامية، والتى تدل على عبقرية وذكاء القائد الفذ «خالد بن الوليد»، رحمه الله. اقرأ أيضًا| وزير الأوقاف يهنئ وكيل الأزهر بتجديد ثقة الرئيس يقول د. محمد سالم الأزهرى أستاذ التاريخ الإسلامى بجامعة الأزهر: تعد معركة «اليرموك» تجسيدا عمليا للعبقرية العسكرية، وفن الحرب، من جوانب عدة، ومن المعارك الحاسمة فى تاريخ الصراع العربى الإسلامى الرومانى، ولعل أول ما يسترعى النظر فى تلك المعركة الحاسمة الفاصلة، طبيعة الأرض، والتكتيك العسكرى الذى استخدمه القائد العظيم خالد بن الوليد لأول مرة فى تاريخ العسكرية الإسلامية، وذلك من ناحية التوقيت الزمانى، والتحديد المكانى، واتباع خطة عسكرية عرفت باسم «الكراديس» أو الكتائب، أما عن اليوم فكان فى يوم ضبابى، يسهل على المسلمين مواجهته ويصعب على الطرف الآخر حيث هبت عاصفة جنوبية حارة محملة بالرمال، شديدة الحرارة، أما عن طبيعة الأرض والمناخ، فتلك المنطقة من الناحية الجغرافية مفتوحة على الشمال الشرقى فقط ناحية حوران، بينما نراها محاصرة بحدود طبيعية صعبة الاختراق من باقى الجهات، كذلك التوقيت الذى تمت فيه وهو شهر أغسطس، بجانب تلك العوامل العامل النفسي، وقد تجلى هذا فى قول ملك الروم نفسه لما قال: وإنى أريد أن أسألكم وأريد منكم الجواب! فقالت العظماء والملوك: اسأل أيها الملك. اقرأ أيضًا| اطلبوا العلم | رحمة الله من روسيا ينير القلوب بتلاوته الخاشعة للقرآن الكريم قال: إنكم اليوم أكثر عدداً وأغزر مدداً من العرب وأكثر جمعاً وأكثر خياماً وأعظم قوة فمن أين لكم هذا الخذلان، وكانت الفرس والترك والجرامقة تهاب سطوتكم وتفزع من حربكم وشدتكم، والآن قد علا عليكم العرب وهم أضعف الخلق عراة الأجساد جياع الأكباد ولا عدد ولا سلاح، وقد غلبوكم على بصرى وحوران وأجنادين ودمشق وبعلبك وحمص؟! فسكت الملوك عن جوابه، فعندها قام قسيس كبير عالم بدين النصرانية، وقال: أيها الملك أما تعلم لم نصرت العرب علينا؟! قال: لا وحق المسيح. فقال القسيس: أيها الملك لأن قومنا بدَّلوا دينهم وغيَّروا ملتهم وجحدوا بإجابة المسيح عيسى ابن مريم صلوات الله وسلامه عليه، وظلموا بعضهم، وليس فيهم عدل ولا إحسان، ولا يفعلون الطاعات، وأكلوا الربا وارتكبوا الزنا وفشت فيهم المعاصى فلما سمع الملك هرقل ما قاله القسيس، قال: وحق المسيح لقد صدقت، بهذا نصرت العرب.