لم يكن القتال فى الإسلام أو المعارك التى خاضها المسلمون يومًا من الأيام بهدف الاعتداء على الغير، بل كان لرد العدوان الذى يتعرض له المسلمون، من خلال هذا الباب وعلى مدار أيام شهر رمضان المبارك نقدم لك عزيزى القاريء معركة فى ذاكرة التاريخ الإسلامى خاضها المسلمون دفاعا عن أنفسهم وعن دينهم وعن أرضهم. معركة وادى لكة 92ه/ 711م، وتعرف أيضًا باسم «شذونة» فى هذه المعركة انتصر الجيش الإسلامى بقيادة «طارق بن زياد» وقوام جيشه لا يتجاوز اثنى عشر ألفا على الجيش القوطى بقيادة الملك «لذريق» وعددهم مائة ألف مقاتل. يوضح تفاصيل تلك المعركة د. محمود عبد الفتاح أبو طه أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر حيث يقول: تعد معركة «وادى لكة» بداية قصة الإسلام فى الأندلس المفقود، حيث أسهمت الأوضاع المتوترة فى الداخل القوطى بإسبانيا، بعد تقلد لذريق الحكم بمساعدة كبار وأعيان «طليطلة» وعقب الإطاحة بالملك السابق، من زيادة حدة الانقسام والتوترات، وانتشار الفوضى، الأمر الذى أدى إلى دبَّ الضعف والوهن فى حكومة القوط وجيشها، عندئذٍ أدرك القائد «موسى بن نصير» أنها فرصة مناسبة لدخول الأراضى الأندلسية لنشر الإسلام، فعيّن «طارق بن زياد» وجهز له جيشا كانت عناصره «البربر» وكانوا على دراية بأرض إسبانيا وأهلها وحالها، ورغم انهيار الأوضاع داخل المملكة القوطية فإن «طارق بن زياد» لم يغامر بجنوده، فأرسل غارة استكشافية مكونة من أربعمائة جندى ومائة فارس إلى جنوب إسبانيا لمعرفة مدى مقاومة أهلها، وعهد بهذه الغارة إلى «أبى زرعة طريف المعافري» الذى قام بحملات عسكرية ناجحة، ترتب عليها أن غنم المسلمون من جرائها مغانم كثيرة، قبل أن يعودوا إلى المغرب ثانية، على إثر هذه النجاحات خرج «طارق بن زياد» بنفسه فى الحملة الثانية مع جيشه فكانت واقعة «وادى لكة»، وفى يوم 28 من شهر رمضان عام 92 هجرية/ 19 يوليو 711م، بدأت الموقعة وكأنها غير متكافئة ظاهريًّا، وعلى مدى ثمانية أيام متصلة دارت رحى الحرب، وبدأ القتال الضارى بين المسلمين والقوط، وانتهت بنصر مؤزَّر للمسلمين، وفى أثناء القتال سطر المسلمون بقيادة «طارق بن زياد» ملحمة من ملاحم الجهاد التى لم تشهدها بلاد المغرب والأندلس من قبلُ، ثمانية أيام تتلاطم فيها السيوف وتتساقط فيها أشلاء القتلى والشهداء، ثم هَزَمَ الله المشركين، فقُتِلَ منهم خلق عظيم، وبهذا النصر دخل الإسلام الغرب الأوربي، وتلا ذلك تأسيس حضارة إسلامية كبرى استمرت لثمانية قرون من الزمان، حتى أطلق بعض المؤرخين عليها بعد سقوطها فى يد الإسبان اسم: «الفردوس المفقود».