لم يكن القتال فى الإسلام أو المعارك التى خاضها المسلمون يومًا من الأيام بهدف الاعتداء على الغير، بل كان لرد العدوان الذى يتعرض له المسلمون، من خلال هذا الباب وعلى مدار أيام شهر رمضان المبارك نقدم لك عزيزى القاريء معركة فى ذاكرة التاريخ الإسلامى خاضها المسلمون دفاعا عن أنفسهم وعن دينهم وعن أرضهم. اقرأ أيضًا| مستشار شيخ الأزهر تشارك في الحفل الختامي للمشروع الوطني للقراءة تعد «كاشغر» إحدى أهم البقاع الواقعة فى بلاد الصين، وتقع ضمن حدود دولة تركستان الشرقية حاليا، والتى كان فتحها ضمن مشروع بدأه الخليفة الأموى «الوليد بن عبد الملك»، تحت قيادة «الحجاج بن يوسف الثقفى»، والذى أسنده إلى أحد قواده الكبار، والذى سطر التاريخ اسمه بحروف من نور، ألا وهو «قتيبة بن مسلم الباهلى»، هذا القائد المغوار، الذى ينبغى أن تدرس خططه وأن يقدم كنموذج من النماذج المضيئة فى سماء الحضارة الإسلامية. اقرأ أيضًا| وكيل الأزهر: في الصيام تدريب للنفس للوقوف على حدود الله تعالى يقول د. محمد سالم الأزهرى، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر: كان فتح «كاشغر» ضمن مشروع الفتوحات الإسلامية للقائد العظيم «قتيبة بن مسلم»، حيث جاء هذا الفتح المبين بعد سلسلة عظيمة من الانتصارات فى بلاد ما وراء النهر وداخل الإمبراطورية الصينية، وكانت الغاية الكبرى والهدف الأسمى نشر الدعوة فى أقصى بقاع الأرض، وقد كان قتيبة على حق وموفقا جدا فى فتوحه لتلك المناطق، التى غلب عليها النزاع والخلاف، وهذا ما احسن قتيبة استغلاله، أضف لذلك المخزون المعرفى والثقافى له، وتجاربه فى تلك البقاع، وقدرته على الوصول لقلوب هؤلاء من خلال التجارة وغيرها، كل ذلك مهد له وجعله يتمكن من فتح الصين، ويدخل مدائن كثيرة منها مدعوما من الخليفة الذى أرسل إليه يثمّن عمله ويقول: قد عرف أمير المؤمنين بلاءك وجدك فى جهاد أعداء المسلمين، وأمير المؤمنين رافعك، وصانع بك الذى يجب لك، فأتم مغازيك وانتظر ثواب ربك، ولا تغيّب عن أمير المؤمنين كتبك، ولا شك أن هذه الرسالة أحدثت أثرا طيبا فى نفس «قتيبة» وأعطته دفعة قوية من العزم والتصميم، فعاود نشاطه ورغبته فى الجهاد ونشر الدين الإسلامى، فخرج من مدينة «مرو» ليواصل فتوحاته، حيث وصل إلى كاشغر، والتقى فيها بجيش ضخم من الصينيين عام 96ه/ 714م، كان النصر فيها حليفا للمسلمين، وعقب هذه المعركة توغل فى بلاد الصين وأحرز فيها نصرا عظيما، وغنم منها غنائم كثيرة، ولما كانت العلاقة بين «قتيبة» وبين الخليفة الجديد «سليمان بن عبد الملك» على غير ما يرام اكتفى بما أحرزه من نصر ولم يتوغل أكثر، ليسطر اسمه بحروف من نور فى صفحات التاريخ والحضارة الإسلامية.