قبل ساعات قليلة من اجتماعات الرياض بين وزيرى الخارجية الأمريكى والروسى يوم 18 فبراير الجارى، أطلق الرئيس ترامب تصريحات صاخبة، تضرب أوكرانيا ورئيسها فى مقتل، مؤكدًا أنها هى التى بدأت الحرب منذ ثلاث سنوات وليس روسيا. وأجهز ترامب على الرئيس الأوكرانى زيلينسكى بالضربة القاضية، قائلًا إنه لا يتمتع بأى شعبية مما يحتم الإطاحة به فى انتخابات جديدة، وحذر أوروبا من إرسال قوات لأوكرانيا حتى لا تندلع حرب عالمية ثالثة. تصريحات ترامب تمثل انقلابًا خطيرًا فى الموقف الأمريكى، فقد كانت إدارة «بايدن» تؤكد أن الحرب الكارثية بدأها الرئيس الروسى بوتن، وقدم دعمًا عسكريًا وسياسيًا كبيرًا لأوكرانيا لتحقيق ما أسماه النصر والسلام. الأوروبيون قلقون بشدة من تصريحات ترامب، واستنكروا استبعاد أوكرانيا من محادثات الرياض، ويعقدون اجتماعات طارئة لمناقشة تداعياتها، واعتبروها تهميشًا لدورها وتجاهلًا لتضحياتها المالية والعسكرية لدعم أوكرانيا، وطالبوا بمشاركة الاتحاد الأوروبى فى هذه المفاوضات لضمان تحقيق سلام عادل ودائم يحترم سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها. والهوة واسعة جدًا بين طرفى النزاع: روسيا تشترط إعادة ترسيم الحدود والاعتراف بضم أربع مقاطعات أوكرانية، وهى دونيتسك ولوجانسك وزابوريجيا وخاركييف 2022، وتطالب بقاء أوكرانيا دولة محايدة عسكريًا، مع عدم الانضمام إلى أى تحالفات عسكرية مثل حلف شمال الأطلسى (الناتو)، ومنع وجود أى قوات أو أسلحة أجنبية على الأراضى الأوكرانية. روسيا أيضا تشترط رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى وقف توسع الناتو نحو حدودها. وأوكرانيا تشترط استعادة السيطرة الكاملة على جميع أراضيها المعترف بها دوليًا، بما فى ذلك شبه جزيرة القرم والمناطق الشرقيةالمحتلة، وضمانات أمنية فعّالة من قبل المجتمع الدولى لحمايتها من أى اعتداءات مستقبلية، وتسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى وحلف الناتو كجزء من استراتيجيتها لتعزيز أمنها واستقرارها. ورغم الصعوبات فقد فتحت اجتماعات الرياض الطرق المغلقة منذ سنوات، وماراثون الألف ميل يبدأ من الرياض، فقد اتفق الجانبان على تشكيل فرق تفاوضية رفيعة المستوى للعمل على مسار يؤدى إلى إنهاء دائم ومستدام للصراع، مقبول من جميع الأطراف المعنية، وإعادة تفعيل البعثات الدبلوماسية بين البلدين، بما فى ذلك تعيين سفراء جدد وإزالة الحواجز التى تعيق عمل البعثات، وفرص التعاون الاقتصادى والاستثمارى التى قد تنشأ بعد إنهاء الصراع فى أوكرانيا، مع التركيز على المصالح الجيوسياسية المشتركة. لم تتناول المحادثات بشكل مباشر الوضع فى غزة أو الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى، ولكنها تجدد الآمال فى أن يكون تحسين العلاقات بين الولاياتالمتحدةوروسيا، فى صالح الاستقرار الإقليمى فى الشرق الأوسط، وتهدئة التوترات فى مناطق كثيرة أهمها غزة .