فى أعقاب أول مكالمة هاتفية يعلن عنها رسمياً بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، والتى استمرت لمدة ساعة ونصف الساعة وفقا لما أعلنته الرئاسة الروسية «الكرملين» وناقش خلالها الزعيمان العديد من القضايا على رأسها سبل إنهاء الحرب فى أوكرانيا مع التشديد على ضرورة بدء مفاوضات فورية لتحقيق هذا الهدف، تزايدت التوقعات حول مستقبل الصراع الروسى الأوكراني. وفى تطور كبير على الحرب الأعنف على الأراضى الأوروبية منذ أكثر من 70 عامًا، أكد ترامب أنه أجرى مع بوتين حديثاً طويلاً ومثمراً جداً، وأعرب عن تفاؤله بالتقدم المحرز نحو السلام، وقال إنه اتفق مع بوتين على الرغبة فى وقف دائرة القتل فى حرب روسياوأوكرانيا، كما دعا الرئيس الروسى نظيره الأمريكى لزيارة موسكو لمناقشة احتمالات حل الصراع، وفى تطور لاحق أعلن ترامب فى تصريحات أنه عقد «محادثات رائعة» مع الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى أيضا وأن «هناك احتمال كبير لإنهاء هذه الحرب الدموية». اقرأ أيضًا | «الكرملين»: لا صحة لادعاءات «زيلنيسكي» بقصف روسيا لمحطة تشيرنوبيل ويبدو أن هذه التطورات أثارت قلق كييف وحلفائها الأوروبيين من إمكانية إتمام الاتفاق من دون علمهم وبدون إشراكهم، وهو ما دفع الرئيس الأمريكى إلى التأكيد على أنه سيتم عقد اجتماع فى السعودية الأسبوع الجارى بين مسئولين أمريكيين وروس كبار بمشاركة أوكرانيا.. كما أكد ترامب خلال العديد من التصريحات على أن أوكرانيا سيكون لها مقعد على الطاولة فى أى مفاوضات سلام مع روسيا بشأن إنهاء الحرب وذلك فى الوقت الذى نقلت فيه وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن المتحدث باسم الكرملين، ديميترى بيسكوف قوله إن أوكرانيا ستشارك «بطريقة أو بأخرى» فى أى محادثات لإنهاء الحرب، لكن سيكون هناك مسار أمريكى روسى منفصل للمحادثات. وبعد مرور أقل من 24 ساعة على الاتصال الهاتفى بين الزعيمين أبدت موسكو استعدادها التام لاتخاذ خطوات سريعة تلبى تطلعات واشنطن، حيث أعلن «الكرملين» أن روسيا بدأت الاستعدادات لتشكيل مجموعة تفاوضية لتسوية ملف أوكرانيا، وهو ما تسبب فى ردود فعل رافضة واستياء العديد من الدول الأوروبية بسبب ما وصفه المسئولون الأوروبيون بتقديم «تنازلات لبوتين قبل انطلاق المسار التفاوضي»، وهو ما يضعف سلفاً موقف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، فى أى مفاوضات مقبلة.. كما أكد وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وإسبانيا ، أن أى قرار حول أوكرانيا «لا يمكن اتخاذه بمعزل عن كييف ومن دون مشاركة الأوروبيين». وخلال مشاركته فى مؤتمر ميونيخ للأمن الجمعة، أكد نائب الرئيس الأمريكى جاى دى فانس أن الولاياتالمتحدة مستعدة للضغط على روسيا لإنهاء الحرب فى أوكرانيا، كما سعى فانس لطمأنة الدول الأوروبية عبر تأكيده أنها ستكون متواجدة فى أى مفاوضات وأنه لن يتم استثناؤها من أية محادثات رامية للسلام بين روسياوأوكرانيا.. وأكد فانس أن واشنطن قادرة على «الضغط عسكرياً» على روسيا فى حين أكد دعمه «لاستقلال أوكرانيا السيادي». وقال نائب الرئيس الأمريكى فى تصريحات صحفية إن واشنطن ستفرض عقوبات على موسكو وربما تتخذ إجراء عسكريا ما لم يوافق الرئيس الروسى على اتفاق سلام مع أوكرانيا يضمن استقلال كييف فى الأمد الطويل. وهيمن على مؤتمر ميونيخ القلق العميق من أن تكون واشنطنوموسكو تعملان باتجاه اتفاق سلام على حساب أوكرانيا، التى قد يُفرض عليها التخلى عن أراضٍ لروسيا مع حرمانها من فرصة الانضمام إلى ال«ناتو». وتحدث العديد من المحللين عن أن الرسائل الأمريكية خلال المؤتمر بدت مختلطة، حيث حذّر وزير الدفاع الأمريكى بيت هيجسيث مجدداً من أنه يجب على شركاء الولاياتالمتحدة الأوروبيين فى حلف شمال الأطلنطى (ناتو) القيام بالمزيد من أجل الدفاع عن أنفسهم، وضمان السلام فى أوكرانيا مستقبلاً، وأشار أيضاً إلى أنه لا يجب الوثوق ببوتين للتفاوض مع روسيا، وذلك بعد يومين على تسبب ترامب فى صدمة بين حلفائه الأوروبيين بعد اتصاله بالرئيس الروسى واتفاقهما على الاجتماع قريباً. من جانبه، أبدى زيلينسكى خلال مشاركته فى مؤتمر ميونيخ للأمن استعداده للقاء بوتين وجهاً لوجه بمجرد أن تتفق كييف وحلفاؤها (أوروبا وأمريكا) على خطة بشأن كيفية إنهاء الحرب، وشدد على أن مستقبل الأمن الأوروبى يتحدد الآن فى أوكرانيا، وكان زيلينسكى قد دعا إلى عدم الثقة بما أعلنه نظيره الروسى عن رغبته فى السلام. وشدد زيلينسكى مرة أخرى خلال كلمته فى مؤتمر ميونيخ للأمن على أن بلاده لن تقبل أبدًا أى اتفاقيات سلام يجرى التوصل إليها دون علمها أو مشاركتها، واعتبر أنه من «الخطير» أن يلتقى ترامب بنظيره الروسى قبل اجتماعه معه.. وفيما يتعلق بعضوية الناتو، قال إنه إذا لم تحصل أوكرانيا على عضوية الحلف، فيجب أن تكون هناك شروط لبناء «حلف شمال الأطلنطى آخر فى أوكرانيا»، ودعا أوروبا إلى الاتحاد عن طريق إنشاء قوات مسلحة خاصة بها «لأن ترامب لا يحب الضعفاء». وبالنظر إلى التطورات المتسارعة والمتتالية الطارئة على الحرب بين البلدين والتى تشير إلى إمكانية إعادة تشكيل موازين القوى فى الصراع الروسى الأوكرانى الذى دخل عامه الثالث، يبقى مستقبل الصراع الروسى الأوكرانى غير واضح، فى حين أن هناك جهودًا دبلوماسية جارية، إلا أن التحديات المتمثلة فى تلبية مطالب جميع الأطراف والحفاظ على سيادة أوكرانيا تجعل من الصعب التوصل إلى حل سريع.