أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    أبرز رسائل الرئيس السيسي للمصريين في ذكرى تحرير سيناء    السفير التركي يهنئ مصر قيادة وشعبا بذكرى عيد تحرير سيناء    أنغام تحيي احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية بعيد تحرير سيناء    المجلس القومي للأجور: قرار رفع الحد الأدنى إلى 6 آلاف جنيه بالقطاع الخاص إلزامي    وزارة قطاع الأعمال: إقامة مجمع صناعي بالعريش للاستفادة من منتجات «المحلول المر»    سيناتور أمريكي ينتقد سياسات الحرب غير الأخلاقية لإسرائيل    لأول مرة، دي بروين يسجل هدفا برأسه في البريميرليج    قرارات عاجلة من النيابة بشأن حريق شقة سكنية في التجمع    استعد للتوقيت الصيفي.. طريقة تعديل الوقت في أجهزة الأندرويد والآيفون    أنغام تتألق في احتفالية عيد تحرير سيناء بالعاصمة الإدارية الجديدة (صور)    «لا تحاولي إثارة غيرته».. تعرفي على أفضل طريقة للتعامل مع رجل برج الثور    تجنبوا شرب المنبهات من الليلة.. الصحة توجه نداء عاجلا للمواطنين    طريقة عمل الكيكة العادية، تحلية لذيذة وموفرة    وزير الصناعة الإيطالي: نرحب بتقديم خبراتنا لمصر في تطوير الشركات المتوسطة والصغيرة    محافظ الإسكندرية يستقبل الملك أحمد فؤاد الثاني في ستاد الإسكندرية الرياضي الدولي    "الأهلي ضد مازيمبي".. كل ما تريد معرفته عن المباراة قبل انطلاقها مساء الجمعة    محمد الباز: يجب وضع ضوابط محددة لتغطية جنازات وأفراح المشاهير    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    كرة يد - إلى النهائي.. الزمالك يهزم شبيبة سكيكدة الجزائري ويضرب موعدا مع الترجي    عضو «مجلس الأهلي» ينتقد التوقيت الصيفي: «فين المنطق؟»    حمادة أنور ل«المصري اليوم»: هذا ما ينقص الزمالك والأهلي في بطولات أفريقيا    عبد العزيز مخيون عن صلاح السعدني بعد رحيله : «أخلاقه كانت نادرة الوجود»    رغم ضغوط الاتحاد الأوروبي.. اليونان لن ترسل أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا    التنمية المحلية تزف بشرى سارة لأصحاب طلبات التصالح على مخالفات البناء    «القاهرة الإخبارية»: دخول 38 مصابا من غزة إلى معبر رفح لتلقي العلاج    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على مواقيت الصلاة غدًا في محافظات الجمهورية    جوائزها 100ألف جنيه.. الأوقاف تطلق مسابقة بحثية علمية بالتعاون مع قضايا الدولة    انخفضت 126 ألف جنيه.. سعر أرخص سيارة تقدمها رينو في مصر    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    فيديو.. مسئول بالزراعة: نعمل حاليا على نطاق بحثي لزراعة البن    أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية بالاستفزازية    المغرب يستنكر بشدة ويشجب اقتحام متطرفين باحات المسجد الأقصى    10 ليالي ل«المواجهة والتجوال».. تعرف على موعد ومكان العرض    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    إدريس: منح مصر استضافة كأس العالم للأندية لليد والعظماء السبع أمر يدعو للفخر    حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    بيان مشترك.. أمريكا و17 دولة تدعو حماس للإفراج عن جميع الرهائن مقابل وقف الحرب    هل تحتسب صلاة الجماعة لمن أدرك التشهد الأخير؟ اعرف آراء الفقهاء    تحرير 498 مخالفة مرورية لردع قائدي السيارات والمركبات بالغربية    النيابة العامة في الجيزة تحقق في اندلاع حريق داخل مصنع المسابك بالوراق    «الداخلية»: ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب 42 مليون جنيه خلال 24 ساعة    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    مشايخ سيناء في عيد تحريرها: نقف خلف القيادة السياسية لحفظ أمن مصر    "ميناء العريش": رصيف "تحيا مصر" طوله 1000 متر وجاهز لاستقبال السفن بحمولة 50 طن    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    التجهيزات النهائية لتشغيل 5 محطات جديدة في الخط الثالث للمترو    خبير في الشؤون الأمريكية: واشنطن غاضبة من تأييد طلاب الجامعات للقضية الفلسطينية    معلق بالسقف.. دفن جثة عامل عثر عليه مشنوقا داخل شقته بأوسيم    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. إيقاف قيد الزمالك وبقاء تشافي مع برشلونة وحلم ليفربول يتبخر    الهلال الأحمر يوضح خطوات استقبال طائرات المساعدات لغزة - فيديو    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزير الأوقاف: الثوابت لا مساس بها لا عقديا ولا تعبديا
خلال افتتاح دورة الأئمة بالجزائر..

افتتح الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف الدورة العلمية المتخصصة لأئمة ووكلاء وزارة الشئون الدينية والأوقاف بدولة الجزائر الشقيقة بالقاعة الرئيسية الكبرى بمركز التدريب الرئيسي بمسجد النور بالعباسية اليوم الخميس 8/ 12/ 2022م، بحضور د.شوقي علام مفتي الجمهورية، والشيخ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية.
ورحب الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بأئمة ووكلاء وزارة الشئون الدينية والأوقاف بدولة الجزائر الشقيقة في بلدهم الثاني مصر، مؤكدًا أن هذا اللقاء أشبه بلقاء تعريفي سيكون بعده عدة لقاءات موسعة على مدار الدورة، وستكون هناك محاضرة علمية متخصصة مشتركة بين الأئمة الواعظات المصريين، وأشقائهم من دولة الجزائر الشقيقة مع فضيلة المفتي في لقاء مفتوح بعنوان: "الفتوى في زمن متغير" للإجابة على جميع الأسئلة سواء في المجال الشرعي أم المجال الإداري في شأن الوقف، مؤكدًا أن الهدف من هذه الدورات هو تبادل الخبرات.
وأشار إلى أن معظم الإشكالات جاءت من عدم التفرقة بوضوح بين الثوابت والمتغيرات، مؤكدًا أن الثوابت لا مساس بها لا عقديًّا ولا تعبديًّا، فإنزال الثابت منزلة المتغير هدم للثوابت وهم للدين، وإنزال المتغير منزلة الثابت عين الجمود والتخلف، وأنه يجب الوقوف على ذلك ببصيرة وأناة وتمييز دقيق، فالنص المقدس ثابت، والشروح والحواشي والآراء التي كتبت أو قيلت حول النص اجتهادات تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص والمستفتين، وما كان راجحًا في عصر وفق ما اقتضته المصلحة في ذلك العصر قد يكون مرجوحًا في عصر آخر إذا تغيرت ظروف هذا العصر وتغير وجه المصلحة فيه، والمفتي به في عصر معين، وفي بيئة معينة، وفي ظل ظروف معينة، قد يصبح غيره أولى منه في الإفتاء به إذا تغيّر العصر، أو تغيّرت البيئة، أو تغيّرت الظروف، ما دام ذلك كله في ضوء الدليل الشرعي المعتبر، والمقاصد العامة للشريعة ؛ وكان صادرًا عن من هو أهل للاجتهاد والنظر.
وتابع: وإذا كانت العبادات في جملتها تدخل في نطاق الثابت فهي علاقة تتصل بخاصة العبد فيما بينه وبين الله (عز وجل)، فإن الشريعة الإسلامية ومرونتها قد فتحت أبواب المرونة والسعة واسعة أمام معالجة المتغيرات فيما يتصل بمعاملات الناس بعضهم مع بعض بيعًا وشراءً، وإقامة مجتمع، ونظام حكم، بما يحقق المصلحة الشرعية المعتبرة، ولا يتجاوز الثوابت، شريطة أن يقوم بعملية الاجتهاد والتجديد أهل النظر من العلماء المتخصصين المستنيرين غير المنعزلين عن واقعهم، كما أنهم اعتبروا بالعادة والعرف إلى حد كبير في معالجة المتغيرات والمستجدات، يقول الإمام الشاطبي(رحمه الله ): إن الأصل في العادات الالتفات إلى المعاني، وبالاستقراء وجدنا الشارع قاصدًا لمصالح العباد والأحكام العادية تدور عليه حيثما دار , فترى الشيء الواحد يُمنَع في حال لا تكون فيه مصلحة , فإذا كان فيه مصلحة جاز .
ويقرر الإمام القرافي (رحمه الله) : أن إِجراءَ الأحكام التي مُدْرَكُها العوائدُ مع تغيُّرِ تلك العوائد فهو خلافُ الإِجماع وجهالةٌ في الدّين... بل لو خرجنا نحن من ذلك البلد إِلى بلَدٍ آخر، عوائدُهم على خلافِ عادةِ البلد الذي كنا فيه أفتيناهم بعادةِ بلدهم، ولم نعتبر عادةَ البلد الذي كنا فيه, وكذلك إِذا قَدِمَ علينا أحدٌ من بلدِ عادَتُه مُضَادَّةٌ للبلد الذي نحن فيه لم نُفتِه إِلَّا بعادةِ بلدِه دون عادةِ بلدنا.
ويقول ابن القيم (رحمه الله): وَمَنْ أَفْتَى النَّاسَ بِمُجَرَّدِ الْمَنْقُولِ فِي الْكُتُبِ عَلَى اخْتِلَافِ عُرْفِهِمْ وَعَوَائِدِهِمْ وَأَزْمِنَتِهِمْ وَأَمْكِنَتِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ وَقَرَائِنِ أَحْوَالِهِمْ فَقَدْ ضَلَّ وَأَضَلَّ.
ويقول ابن عابدين (رحمه الله ) إن المسائل الفقهية إما أن تكون ثابته بصريح النص وإما أن تكون ثابته بضرب من الاجتهاد والرأي، وكثير منها يبنيه المجتهد على ما كان في عرف زمانه بحيث لو كان في زمان العرف الحادث لقال بخلاف ما قاله أولا ولهذا قالوا في شروط الاجتهاد : إنه لا بد من معرفة عادات الناس , فكثير من الأحكام تختلف باختلاف الزمان لتغير عرف أهله.
مؤكدًا أن هناك ما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) بصفته نبيًا ورسولًا، ففما تصرف فيه باعتباره نبيًّا ورسولاً، وهناك ما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) بصفته نبيًّا ورسولًا وحاكمًا، ففيما يتصل بشئون العقائد والعبادات والقيم والأخلاق وصح نسبته إليه (صلى الله عليه وسلم) أُخذ على النحو الذي بينه (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه، ولا يختلف أمر البيان فيه باختلاف الزمان أو المكان كونه من الأمور الثابتة سواء اتصل بأمر الفرائض كصوم رمضان، والصلاة، والزكاة، والحج، أم اتصل بأمر السنن الثابتة عنه (صلى الله عليه وسلم) كصوم عرفة أو صوم عاشوراء .
أما ما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) بصفته نبيًّا وحاكمًا أو بصفته نبيًّا وقائدًا عسكريًّا، أو بصفته نبيًّا وقاضيًا، فهو تصرف باعتبارين : باعتباره (صلى الله عليه وسلم) نبيًّا واعتباره (صلى الله عليه وسلم) حاكمًا أو قائدًا أو قاضيًا.
وإذا كان أمر النبوة والرسالة قد ختم بقول الله تعالى: "مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا"، وقوله (صلى الله عليه وسلم) : ( فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ )، فإن ما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) باعتباره حاكمًا أو قائدًا عسكريًّا أو قاضيًا بقي من شروط وضرورات التصرف فيه توفر الصفة الأخرى وهي كون المتصرف حاكمًا أو قائدًا عسكريًّا أو قاضيًا بحسب الأحوال، ولنأخذ أنموذجًا لكل صفة من هذه الصفات :
مما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) باعتباره رسولاً وحاكمًا معا قوله (صلى الله عليه وسلم) : ( مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ )، يقول الإمام أبو حنيفة (رحمه الله) : "هذا منه (صلى الله عليه وسلم) تصرف بالإمامة – أي بصفته حاكمًا-، فلا يجوز لأحد أن يحيي أرضًا إلا بإذن الإمام، لأن فيه تمليكًا، فأشبه الإقطاعات، والإقطاع يتوقف على إذن الإمام فكذلك الإحياء".
وعليه فلا يجوز لأحد أن يضع يده على قطعة من الأرض ويقول أحييتها فهي لي وبيني وبينكم حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، نقول له : إن النبي (صلى الله عليه وسلم) تصرف في ذلك بصفته حاكمًا، فلا يجوز لغير الحاكم إصدار مثل هذا القرار المتعلق بالحق العام، أو المال العام أو الملك العام، وإلا لصارت الأمور إلى الفوضى وفتح أبواب لا تسد من الفتن والاعتداء على الملك العام، وربما الاحتراب والاقتتال بين الناس، إنما يجب أن يلتزم في ذلك بما تنظمه الدساتير والقوانين التي تنظم شئون البلاد والعباد .
ومما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) باعتباره قائدًا عسكريًّا قوله (صلى الله عليه وسلم) : (مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ)، فلا يجوز لأحد الآن أن يفعل ذلك، فإذا قتل إرهابيًّا في مواجهة إرهابية فلا يجوز له أن يقول : أنا أولى بسلاحه أو سيارته وهاتفه وما كان معه من أموال، لأن تصرف النبي (صلى الله عليه وسلم) كان بصفته حاكمًا وقائدًا عسكريًّا، إنما يلتزم في ذلك بما تنظمه القوانين والدساتير العصرية ونظام الدولة وقواتها المسلحة.
ومما تصرف فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) باعتباره قاضيًا قوله (صلى الله عليه وسلم) في قضية الخلع حيث أتت امرأة ثابت بن قيس النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالت : يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( أتردين عليه حديقته )، قالت: نعم، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : (اقبل الحديقة وطلقها تطليقة )، فقد تصرف (صلى الله عليه وسلم) باعتباره نبيًّا وقاضيًا، وهو أيضًا من الأمور التي ينظمها القانون في عصرنا ويجب الالتزام فيها بما ينظمه القانون، وهو ما يعرف في الفقه الإسلامي بتطليق القاضي، وله ضوابطه الشرعية والقانونية.
مؤكدًا على ضرورة فهم المقاصد، فمثلًا : هل العبرة في قضية السواك بعين أداة السواك؟ أو العبرة بنظافة الفم وطهارته وما يحقق ذلك سواء كان بالفرشاة، بالمعجون، بالغاسول؟ العبرة بالمقاصد والغايات، وكذلك قوله (صلى الله عليه وسلم): " إذا أوى أحدكم إلى فراشه فَليَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إزَارِهِ فإنَّهُ لا يدري ما خلفه عليه"، وقد علل بعض شراح الحديث التوجيه بالأخذ بطرف الثوب بأنه (صلى الله عليه وسلم) وجَّه بذلك حتى لا تصاب اليد بأذى من آلة حادة أو طرف خشبة مدببة، أو حية أو عقرب أو غيرهما من المؤذيات، أو عود صغير يؤذي النائم وهو لا يشعر، أو نحو ذلك لو عمد الإنسان إلى نظافة مكان نومه بيده، وهو ما يؤكد المعنى الذي ذهبنا إليه، وبعضهم قال إنما عبر بطرف الثوب والمعنى: ولو كان ذلك بطرف ثوبك.
فهذه الأمور من قبيل العادات وليست من قبيل العبادات، وقد ذكروا أن امرأةً فقيهةً عالمةً متمكنة نزلت على قوم فرأت فيهم تشددًا وميلًا نحو الشكل على حساب الجوهر، قالت من شيخكم؟ من عالمكم؟ من الذي يفتيكم؟ قالوا : فلان، قالت له يا هذا : كيف تأكل؟ قال : اسمِ الله، وآكل بيميني، وآكل مما يليني، كل هذا من آداب الإسلام، "يا غلام : سَمِّ اللَّه، وكُلْ بِيَمِينكَ، وكُلْ مِمَّا يَلِيكَ"، قال : وأصغر اللقمة، وأحسن المضغة أي لسهولة الهضم، كل هذه الآداب قالت : ما هكذا يكون الأكل، فاندهش الرجل! كيف يكون إذًا؟ وماذا تركت من الآداب؟ وماذا بقي؟ قالت : "كل حلالًا وكل كيف شئت"، فإذا أكلت حلالًا لا يضيرك إن نسيت بعض الآداب، أما إن أكلت حرامًا وبدئت بكل الأذكار والآداب ؛ "فكُلَّ جسد نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ"، قالت له وكيف تنام؟ قال : آوي إلى فراشي، فآخذ بطرف ثوبي، فأنظف منامي أي مكان النوم، وأضطجع على يميني، وأتلوا أذكاري، قالت: وما هكذا يكون النوم، فاندهش! وماذا إذًا؟ ما الذي أفعله بعد؟، قالت : نم نقي الصدر سليم الصدر ونم كيف شئت، فالعبرة ليست بالمظهر وحده إنما بالجوهر والغايات والمقاصد، أما إنزال الثابت منزلة المتغير هدم للثوابت وهم للدين، وإنزال المتغير منزلة الثابت عين الجمود والتخلف، أما الفقه الحقيقي فهو رخصة من ثقة، وهو التيسير بدليل، وهو السماحة بيعًا وشراء، وقضاء واقتضاء، وإيمانًا بحق التنوع والاختلاف، ولم يقل أحد من أهل العلم المعتبرين إن الفقه هو التشدد؛ ذلك لأن الله (عز وجل) يقول: "‌يُرِيدُ ‌اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"، ويقول سبحانه: "‌وَمَا ‌جَعَلَ ‌عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ".
وفي كلمته رحب فضيلة أ.د/ شوقي علام مفتي الجمهورية بالحضور جميعًا وبضيوف مصر الأجلاء من دولة الجزائر الشقيقة، موجها خالص الشكر والتقدير للدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على الدعوة الكريمة والتي أتاحت هذا اللقاء حول مائدة العلم للتحاور والنقاش في قضايا المسلمين بقواعد علمية راسخة.
مؤكدًا أن العلماء هم ذخيرة الأمة الإسلامية، وهم مصابيح الهدى في ليالي الدجى، وهم ملاذ الأمة الآمن الذي به تلوذ، وحصنها المنيع الذي به تحتمي، وهم الموقعون عن رب العالمين سبحانه، وورثة خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وسلم)، وهذا تكليف كبير للعلماء ليأخذوا الأمر بحقه، فالأمة في حاجة ماسة إلى توجيهات وإرشادات العلماء، ومن هنا أتت أهمية التكوين العلمي وتأهيل السادة العلماء لتجديد الخطاب الديني ومواكبة التطورات العصرية من الأفكار والأحداث والمتغيرات، ومجاوزة مرحلة التحصيل العلمي المكون للعقل العلمي إلى مرحلة إدراك الشأن العام والعلم بالزمان ومعرفة الضروري والمهم؛ من إدراك لثقافة العصر، والإلمام بهموم الناس وما يشغلهم حتى تكون الفتوى مواكبة ومحققة لمراد الله (عز وجل) وتجمع بين التأصيل الشرعي والتواصل المعرفي، مضيفًا أن الأحداث التي تمر بالأمة الإسلامية الآن وخاصة ما يتعلق بقضايا العنف والإرهاب وقضايا الإلحاد تحتاج إلى جهود السادة العلماء لدراسة الفلسفات المعاصرة دراسة معاصرة وافية، ووضع إجابات لكافة الإشكالات العصرية التي تشغل عقول أبنائنا، حفاظا عليهم من الإجابات غير المتخصصة لتحقيق التجديد الحقيقي للخطاب الديني والذي دائمًا ما يدعونا إليه سيادة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي.
مؤكدًا أن شرف ابتغاء العلم يستحق بذل كل غال ونفيس لتحقيق التكوين المعرفي والعلمي الذي يساعد على مواكبة العصر ومواجهة التحديات وتجديد الخطاب الديني والذي هو واجب الوقت.
وفي كلمته قدم الشيخ/ خالد الجندي عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية خالص الشكر والتقدير للدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف على الدعوة الكريمة، مرحبًا بالسادة الحضور جميعًا، داعيًا الله (عز وجل) أن يحفظ كل أقطار الإسلام في العالم، مبينًا أن قضية الواقع المتغير وعلاقته بالإعلام الديني قضية غاية في الخطورة، فالدين قضيته قضية إعلام، فلا فائدة من دعوة بغير إعلام، ولا فائدة من رسالة بغير بلاغها للمرسل إليه، بل إن وصول الرسالة للمرسل إليه هي من أوجب واجبات الشرع التي حرص الإسلام على إيضاحها، وحرص الإسلام على حمايتها، وحرص القرآن على بيانها قال تعالى: "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ"، وعند الوقوف عند قوله: "وقال" فهذا ينبه إلى أن القرآن لم يكتف بأن تكون صالحًا في نفسك فحسب؛ بل حوَّلك من صالح إلى مصلح، فلابد من الإعلام ولابد من الجهر لهذا اللواء الذي أنت تحت لوائه، قال تعالى: "فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ"، فلابد أن تكون هناك رسالة تبلغها فإن فشلت في إبلاغها فقد فشلت في دعوتك، وهي أشرف رسالة، وقد أشاد القرآن الكريم بهذا الرجل الذي دعا إلى الله (عز وجل) حيًّا وميتًا قال تعالى: "قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ"، فأنت داعية تتحدث عن الله سبحانه كما فعل الأنبياء (عليهم السلام) من قبل، قال تعالى: "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي"، فيجب أن تكون متبصرًا بالأحوال عندك وقد اصطفاك الله (عز وجل)، ويكفيك أن الله قدم العمل على الكلام في الحديث عن الدعوة، مبينًا أن أهل الباطل يتقاتلون لأجل إعلامك بما يعملون في كل موقع، لماذا يناضل من أجل باطله؟ إنهم يعلمون أن الإبلاغ مهم جدًا، وهنا سؤال لماذا يتباطأ أهل الحق في الإعلام عن دعوتهم؟ يجب أن يعلن أهل الحق عن دعوتهم وإبلاغها للناس لإخراج الناس من ظلم الإنسان إلى عدل الرحمن، هذه رسالتكم التي يجب أن تشرق بها وجوهكم، وتبيض بها صفحاتكم، ولتعلموا أن الله أراد لكم الخير بأن اختاركم لحمل هذا الخير.
اقرأ أيضا
وزير الأوقاف: السواك سُنة ومن يتطاول على الإفتاء جُهلاء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.