افتتاح معهد المقراني الأزهري غدًا بمركز يوسف الصديق لخدمة قرى الفيوم النائية    البابا تواضروس يهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصار أكتوبر    رئيس جامعة طنطا يتابع انتظام العملية التعليمية بكلية التجارة    وزير الإسكان يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية المطورين العقاريين    أسعار الحديد اليوم الاثنين 6-10-2025 في الدقهلية    عاجل- الرئيس السيسي يتلقى اتصالًا من نظيره التونسي قيس سعيّد للتهنئة بانتصارات أكتوبر وبحث الأوضاع الإقليمية    عاجل - تصاعد الغضب الشعبي في إسرائيل.. أغلبية تطالب بإنهاء حرب غزة ورحيل نتنياهو    نيويورك تايمز: ترامب فرض خطة إنهاء حرب غزة ونتنياهو نسبها لنفسه ليعلن «النصر» على حماس    حقيقة فتح تأشيرة "عمرة الترانزيت"    عفت السادات: السعودية لعبت دوراً تاريخياً في حرب أكتوبر وتواصل دعمها لليوم    عماد النحاس يتمسك بأفشة ويعد بإعادته للتألق في الأهلي    وليد سليمان: قطاع الناشئين بالأهلي يضم عناصر مميزة.. وخبرة «لانجلير» سوف تصنع الفارق    تعرف على حالة الطقس المتوقعه غدا الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    مطالبا بكادر خاص.. زاهي حواس: مرتبات مرممي الأثار أقل من موظفي التموين    رئيس جامعة أسيوط يهنئ الدكتور خالد العناني لتوليه منصب مدير عام اليونسكو    مهرجان الإسكندرية السينمائي يختتم فعاليات دورته ال41 بتكريم نجوم مسابقة الأفلام    "علي كلاي والست لما".. محمود البزاوي يتألق بين السينما والتلفزيون    مواقيت الصلاه غدا الثلاثاء 7 اكتوبر 2025فى المنيا.....تعرف عليها بدقه    أفضل 3 فواكه طبيعية لتحسين النوم والتخلص من الأرق    نورا سمير حكما لمباراة الأهلى والمصرى.. والمغربى للزمالك ومودرن بدورى السيدات    الأهلي يفوز على الأولمبي في دوري المرتبط للسلة    منافسة عالمية على «تلال الفسطاط» |تأهيل 5 تحالفات دولية لتشغيل أكبر «حدائق الشرق»    صناع فيلم هيبتا يكشفون تفاصيل الجزء الثاني قبل طرحه في دور العرض    الوثائقية تكشف أسرار الجمسي مهندس الحرب والسلام احتفاءً بنصر أكتوبر المجيد    عندهم شرف ويقفون بجانب الغلبان.. 5 أبراج تتمتع بصفات نبيلة (هل أنت منهم؟)    جيل يتحدث مع الآلة    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    هل الزواج العُرفي يكون شرعيًا حال اكتمال جميع الشروط؟.. نقيب المأذونين يوضح    الكرملين: تصريحات ترامب حول تمديد معاهدة ستارت الجديدة تبعث على التفاؤل بالحفاظ على الاتفاق النووي    جولة مفاجئة لنائب وزير الصحة بمستشفى أم المصريين: استبعاد المدير ونائبه ونقل المدير المناوب    مواقيت الصلاة غدا الثلاثاء 7 أكتوبر 2025 في محافظة قنا    سوسن بدر للوثائقية: الجبهة الداخلية هى الجبهة الأولى فى ضهر قائدها    هل يحق للزوج الحصول على أموال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قرية كفر عين شمال رام الله    تأجيل استئناف المتهم بقتل شقيقه فى الجيزة على حكم المؤبد لجلسة 6 نوفمبر    آية سويلم تحصد الذهب في بطولة نيويورك للقوة البدنية    ذا أثلتيك تكشف طبيعة إصابة ريس جيمس    «البترول» تستعد لحفر بئر جديدة في البحر المتوسط    شاهد فرحة 2735 نزيلا مفرج عنهم بعفو رئاسى فى ذكرى انتصارات أكتوبر    «العمل» تعلن 720 فرصة عمل بسلسلة محلات شهيرة    وزارة الشباب والرياضة تُحيي اليوم العالمي للشلل الدماغي    منافسة شرسة بين 8 لاعبين على جائزة نجم الجولة السابعة فى الدوري الإنجليزي    الأهلي يحدد 16 أكتوبر موعدا مبدئيا لرحلة بوروندي    "Taskedin" تطلق مبادرة لدعم 1000 رائد أعمال بالتزامن مع انطلاق قمة "تكني سميت" بالإسكندرية    الجريدة الرسمية تنشر عدة قرارات لرئيس مجلس الوزراء    خطوات التسجيل في برنامج الهجرة العشوائية إلى أمريكا 2026.. كل ما تحتاج معرفته عن اللوتري الأمريكي    ممثلًا عن إفريقيا والشرق الأوسط.. مستشفى الناس يشارك بفريق طبي في مؤتمر HITEC 2025 العالمي لمناظير الجهاز الهضمي العلاجية المتقدمة    مصرع طفل سقط من علو في إمبابة    نجم الزمالك السابق يعتذر لمحمد مجدي أفشة    «الداخلية»: ضبط متهم بالنصب على مواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    نائبا رئيس الوزراء يشهدان اجتماع مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية.. تفاصيل    «عبد الغفار» يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    مياه القناة: تجارب عملية لمواجهة الأمطار والسيول والأحداث الطارئة في الشتاء    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو يُظهر اعتداء على مواطن وأسرته بدمياط    رئيس جامعة المنوفية يتفقد سير العملية التعليمية بالمعهد الفني للتمريض    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أساطير النيل
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 15 - 08 - 2021


آية فؤاد
النيل بالنسبة إلى المصريين هو مصدر السعادة، لأنه شريان الحياة، فقد ساعدهم تاريخياً على تنظيم مواعيد الري، وحفر الترع للزراعة، مما شكل مجموعة من الأساطير حوله تمحوَّر معظمها بين تمجيده تارة، والخوف منه تارة أخرى، لكن فى النهاية يبقى النيل جزءاً رئيسياً من حياة المصريين وحضارتهم العتيقة وحاضرهم الجميل.
آمن المصريون القدماء بالنيل، الضامن لحياتهم من مهالك القحط والضيق، واعتبروه الفيض السماوى الذى يهطل على أرضهم بالخير، وتغنوا بأناشيده على آلاتهم الموسيقية، ورسموا به صورة جميلة شكلت معنى الحياة وجوهر الوجود، لذلك انتشرت حوله العديد من الأساطير بداية من أسطورة إيزيس وأوزوريس، والتى من خلالها ربط المصريون بين دموع إيزيس التى حزنت على مقتل زوجها "أوزوريس" على يد أخيه "ست" وفيضان النيل والبعث مرة أخرى، وامتد تمجيد المصريين للنيل فاعتبروه إله الرخاء وجلب السعادة.
فى هذا الصدد، يوضح حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، ل"آخرساعة"، أن نهر النيل كان مقدساً للغاية فى مصر القديمة، وكان النهر محمياً بشكل عظيم وكافٍ وبكل السبل والوسائل من المصريين القدماء ومن الأرباب المسئولين عن حمايته، وحرص المصرى القديم على حماية النهر وصيانته والإفادة من مياهه من خلال إنشاء السدود وشق القنوات والترع والمصارف واستخدام كل الوسائل الممكنة، مثل السقاية والشادوف والطنبور وغيرها، للاستفادة من مياه النهر الخالد وترشيدها واستهلاكها على النحو الأمثل، وكان المصرى القديم يقسم فى كتاب الموتى: "أنا لم ألوث ماء النهر"، مما يدل على المكانة العظيمة والحماية الكبيرة التى كان يكنها فى وجدانه وضميره لشريان الحياة فى مصر.
يتابع: الوازع الدينى للمصرى القديم صوَّر له أن روحاً تكمن وراء هذا النهر العظيم، تدفع مياه الفيضان حاملة الخصب، وهى روح الإله "حعبي" أو "حابي"، كما جاء فى نص أنشودة النيل "تحية لك يا حعبي، أخرج من هذه الأرض واحضر لتهب مصر الحياة"، وكان الإله حابى هو إله النيل عند المصريين القدماء، واعتبروه جالب السعادة، وأطلق المصريون القدماء على نهر النيل فى اللغة المصرية القديمة صفة "إيترو عا" بمعنى "النهر العظيم"، لتمجيد النيل؛ لأنه كان إله الخصب والنماء الذى يمنع عنهم القحط والجدب، وكانوا يذهبون إلى المعابد ليقدموا القرابين إن تأخر الفيضان عن موعده السنوي.
وأوضح أن المصريين كانوا يلقبون "حابي" بإله الخصب والأب المربي، وتم تصويره فى صورة إنسان يحمل فوق رأسه نباتات مائية، ويظهر جسده معالم الجنس الذكرى والأنثوى فى الوقت ذاته، فتظهر ملامح الذكورة فى عضلات أرجله وذراعيه، وتظهر ملامح الأنوثة فى الصدر والبطن، وهى ترمز إلى الأرض التى كان يتم تخصيبها بمياه الفيضان، وكانت تماثيل حابى تظهره وهو يحمل مائدة عليها مختلف أنواع القرابين، وكان من تماثيل النيل ما هو مختلف اللون، فبعضها أحمر، وبعضها أزرق يحمل على رأسه البردى واللوتس، رمزى الدلتا والصعيد، وبعض هذه المناظر مصوَّرٌ على جدران معبد سيتى الأول بأبيدوس ومعبدى إدفو ودندرة.
يتابع: كانت تقام سنوياً أنواع عديدة من الاحتفالات والطقوس الدينية للإله حابى عند موقعين، الأول كهف حابى فى مضيق قرب أسوان، والآخر فى بيت حابى على مقربة من القاهرة، حيث كانوا يقذفون فى النيل الكعك وحيوانات الضحية والفاكهة والتمائم لتثير قوة الفيضان وتحافظ عليه، وكذلك تماثيل الإناث لتثير إخصاب النيل العظيم فيفيض فى أمواج عاتية معطياً الحياة للأرض.
أما أسطورة عروس النيل، فتحدث عنها المؤرخ اليونانى بلوتارك، وتناقلها عنه غيره، حيث قال: "اعتماداً على وحى أجيبتوس ملك مصر قدَّم ابنته قرباناً للنيل ليخفف غضب الآلهة، وأنه بعد فقد ابنته ألقى بنفسه فى النيل". وهذا القول هو أصل الاعتقاد بتقديم فتاة عذراء قرباناً للنيل كل سنة.
فيما يعلِّق هشام عبدالعزيز، الكاتب والباحث فى التراث الشعبي، أن نهر النيل كان مرتكزاً أساسياً فى منظومة العادات والتقاليد فى المجتمع المصرى من الميلاد إلى الممات، بل إن علاقة المصريين تبدأ بالنيل منذ فترات شهور الحمل الأولى حيث يكون وحم بعض المصريات عبارة عن أكل بعض من طين النهر، ثم تضع المصرية ولدها فلا تجد أمامها غير النهر لترمى خلاصها فيه، ليتمتع الطفل ب"العمر الطويل"، وكان يشترط أن تحمل الخلاص إحدى قريبات الأم، ولتكن أمها أو أختها، أو إحدى صديقاتها المقربات، وتذهب به إلى نهر النيل وترمى الخلاص فى النهر وهى تبتسم حتى يكون المولود سعيداً فى حياته بشوشاً بين أقرانه، والأمر نفسه تقريبًا يحدث مع شعر المولود أو أى شعر آخر غير شعر الحلاقة ترميه الأم أو صاحب الشعر فى نهر النيل راجين بذلك شعراً أطول وأغزر وأجمل، متخوفين من رميه فى الطرقات حتى لا يمر فوقه الناس فيصاب صاحبه بالقرع أو يأخذه خصمٌ فيعمل عليه عملاً من أعمال السحر.
يتابع: لم يكن رمى الخلاص والشعر فى مجرى النيل متعلقاً بالإنسان وحده، بل بمواشيهم أيضاً حين تضع مولودها يرمون "المشيمة" فى مجرى النهر راجين إدرار لبن الأم، على أن بعض قرى مصر ومنها قرى منطقة البحث تدفن خلاص الأم أو مشيمة البهيمة فى التراب ولا يفرقون بين النيل وتراب الأرض إلا باعتقادهم أن المولود إذا دُفِن خلاصه فى التراب طابت جروحه بوضع التراب عليها، أما إذا ألقى بخلاصه فى الماء فسوف تطيب جروحه بوضع الماء عليها.
ومثلما حضر النيل فى مشهد الميلاد، حضر وبقوة أيضاً فى مشهد الموت، فحينما يحتضر الفلاح المصرى ينسى الدنيا وينسى أهله، ولكنهم جميعاً يذكرون النهر الخالد، يتذكرون النيل فيستهدونه للمرة الأخيرة لمريضهم بجرعة أخيرة من الماء، كما أن عائلة المتوفى فى غمرة الحزن على متوفاهم لم ينسوا، وخاصة النساء منذ هيردوت وحتى وقت قريب أن يغطين وجوهن ب"النيلة" ذلك النبات النيلى المرتبط بالموت والفأل السيء، مشيراً إلى أن هذا الملمح فى نهر النيل يكاد يكون حالة متفردة، حيث إن مصادر المياه دائماً تكون محلاً للاعتقاد بوجود الجن كما أنها مصدر خوف، لكن نهر النيل هنا مصدر للاطمئنان والتطهر من الذنوب.
من جانبه، يؤكد عمرو عبدالعزيز، أستاذ مساعد تاريخ العصور الوسطى بكلية الآداب جامعة جنوب الوادي، أن المفكرين اهتموا فى جميع العصور منذ بدء التاريخ بنهر النيل ووصفه، وتتبع منابعه، وحوضه، ومصبه، وكثرت المحاولات لتفسير أحواله وظواهره المختلفة، وهذه الأمور جميعها هى ما يطلق عليها "جغرافيا النيل"، وسنجد أن رحلة اكتشاف منابع النيل فى الكتابات التاريخية استوعبت القصص والأساطير الشعبية الإسلامية مع الرواسب الأسطورية الفرعونية والقبطية، بجانب بعض قصص الإسرائيليات لتصب كلها فى مجرى واحد غايته فى المخيلة الشعبية اكتشاف منابع نهر النيل التى ظلت لغزاً محيراً لآلاف السنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.