خلال فترة قصيرة استطاع حزب مستقبل وطن أن يحتل مكانة مهمة وسط الأحزاب المصرية إن لم يكن الأهم بينها الآن، ويوم عن آخر تتضح عبقرية بناء هذا الحزب التى تستمد جوهرها من عنصر الشباب الذين يشكلون ملامح وتفاصيل هذه التجربة الحزبية الرائدة بشهادة المتابعين للمشهد السياسى الراهن، ومحمد الجارحى أمين اللجان المتخصصة ل «مستقبل وطن» هو كادر شبابى واعد لا تشعر خلال حواره مع «الأخبار» الذى يأتى عبر السطور التالية بأنها التجربة السياسية الأولى بالنسبة له، فرغم أنه فى بداية الثلاثينيات من عمره إلا أن ثقته النابعة عن وعى وإدراك سياسى بالغين تعكس نضجا سياسيا لا تتسم به شخصيات عديدة لها جولات سياسية عبر عهود مختلفة من العمل العام والسياسي، ويتحدث الجارحى عن تصورات وتطلعات الحزب فى الحياة السياسية المصرية وخطة الإصلاح التشريعى والسياسى التى يتبناها عبر نواب الحزب داخل البرلمان ودور اللجان المتخصصة داخل الحزب وإلى نص الحوار. كيف تنظر إلى الخريطة الحزبيَّة، وهل تغيرت بالفعل للأفضل أم للأسواء بعد 25 يناير؟ الحياة الحزبيَّة بشكلٍ عام أُعيد صياغتها منذ يناير 2011، وبعد 30 يونيو تمَّ إعادة صياغة الخريطة الحزبيَّة، ومع عودة الحياة البرلمانيَّة تبين أن من أهم مكتسبات ثورة 30 يونيو إتاحة الفرصة للعمل الحزبى ولوجود قُوى حزبيَّة فَاعلة على الساحة السياسيَّة، وبالتأكيد سوف يتبين التواجد الحقيقى للأحزاب التى قد تشكل منافسا قويّا لحزب مُستقبل وطن، وذلك خلال اﻻستحقاقات الانتخابية القادمة سواء فى انتخابات البرلمان أم فى انتخابات المحليات.. ومن المؤكد أن التَّجربة الحزبيَّة فى مِصر تتطور إلى اﻷفضل فى ظل الاستقرار السياسى الذى تعيشه مِصر حاليًا.. والناس تحتاج إلى وجود حياة حزبيَّة فعلية وأحزاب قويَّة على أرض الواقع، فمن أهم المُعوِّقات التى تواجه العمل الحزبى عزوف الكثير من الناس عن العمل الحزبى، وما ترتب على ذلك من ضعف المشاركة فى العمل السياسي، وكان من أهم ما أنجزه حزب مُستقبل وطن أنه استعاد ثقة الكثير من الناس، وعلى اﻷخص الشباب فى المشاركة الحزبيَّة، واتسعت دوائر المشاركة السياسيَّة. المشهد السياسى وما هو تقييمك لأداء الحزب فى المشهد السياسى الحالى، ودوره فى البرلمان؟ «مستقبل وطن» أصبح من أهم الأحزاب السياسية فى مصر، فلديه عدد كبير من الأعضاء لاسيما الشباب، ويمتلك مقرات فى جميع المحافظات، كما يحاول تطوير هياكله بشكل دائم، وبالتالى يتمتع بوجود واضح على الساحة السياسية.. كما أن حزب مستقبل وطن يمتلك كتلة برلمانية كبيرة ومؤثرة تبذل جهدا كبيرا فى عملية الإصلاح التشريعى، وقد حرص نواب الحزب منذ تشكيل المجلس على القيام بالمهام التشريعية المنوطة بهم فى ظل أحداث سياسية واقتصادية متسارعة، وساهموا بالعديد من اقتراحات القوانين ومناقشاتها، كما شاركوا بشكل مؤثر فى أعمال اللجان المختلفة، إلا أننى أرى أن لدى الحزب من الإمكانيات والقدرات البشرية والعلمية والسياسية ما يمكننا من تحقيق ثورة تشريعية تساهم فى نهضة مصر وتشكيل ملامح مستقبل الوطن. وقد سعى الحزب للقيام بدوره المجتمعى على أفضل وجه خاصة أن أعضاء الحزب على تواصل دائم مع المجتمع ويعرفون حجم المشكلات التى يعانيها المواطن ويسعون إلى طرحها والمساهمة فى حلها كما قدم الحزب العديد من المبادرات المجتمعية لتخفيف اﻷعباء اﻻقتصادية عن المواطنين. ما رأيكم فى المقترح البرلمانى بحل الأحزاب غير الممثلة فى البرلمان؟ أعتقد أن هذه المقترح غير واقعي، فليس معنى عدم وجود ممثل للحزب فى البرلمان أن يتمَّ حل الحزب، فضلًا عن أن هذا المقترح مُخالف للدستور الذى يكفل حرية العمل الحزبى، وﻻ يقرنها بعضوية البرلمان.. وعلى الرَّغم من كثرة الأحزاب على الساحة السياسيَّة، إلا أن التجارب السياسيَّة فى المرحلة المقبلة قد يترتب عليها اندماج بعض الأحزاب التى تتفق فى المرجعيات أو البرامج الحزبيَّة؛ حتى تتمكن من أن يكون لها وجود فى الحياة السياسيَّة، أما الأحزاب التى لن تتواجد أو تقدم شيئًا ملموسًا للناس سوف تختفى من الساحة السياسيَّة.. وفى رأيى هذا أفضل من المنع أو إصدار قوانين بإغلاق الأحزاب؛ لأن من شأن ذلك أن يؤثر تأثيرًا سلبيًّا على صورة مِصر أمام الرأى العام العَالَمي. هل تعكف لجان بالحزب على صياغة عدد من التعديلات الدستوريَّة التى سيتمُّ الإعلان عنها قريبًا، وما أبرز تلك التعديلات؟ أنا على المستوى الشخصي: أرى أن هناك العديد من المواد فى الدستور تحتاج إلى دراسة واقتراح تعديلات لها، خاصةً وأننا جميعًا نعلم الظروف الاستثنائيَّة التى تمت فيها صياغة هذا الدستور.. وعلى المستوى العام: حزب مُستقبل وطن يعتبر المكون الرئيسى لائتلاف دَعم مِصر، وبالتنسيق قام عدد من أعضاء الائتلاف بالتقدم بطلب لرئيس مَجلِس النوَّاب بشأن تعديل بعض مواد الدستور، وسنرى ما ستسفر عنه الأيام القادمة. هناك مصادر بالحزب تؤكد الانتهاء من قانون انتخابات البرلمان، واعتماد نظام ثلثين للقائمة وثلث للفردي، ما رأيكم فى القانون؟ من المعلوم أن الدستور قد ضمن مواد انتقاليَّة - اشترطت نسب ال «كوته» - انتخابية فى أول برلمان بعد دستور 2014، وﻻشك أن البرلمان الحالى قد أصدر العديد من التشريعات، وقام بتعديل الكثير من القوانين التى استلزمتها المرحلة التى جاء فيها البرلمان بعد إقرار الدستور.. وبصفةٍ عامة فإن التعديلات المقترحة حسبما ورد من أخبار بشأن مشروع التعديل المُقدَّم من الحكُومة على قانون اﻻنتخابات سيكون من شأن هذه التعديلات توسيع مَجال المشاركة السياسيَّة بما سيترتب عليه من وجود برلمان يعبر بشكلٍ أكثرَ واقعيةً عن الشعب المِصري. العمل الخدمى الحزب يهتم بالعمل الخدمى وله نشاط واضح وضوح الشمس فى هذا المجال، ألا يعيب حزب سياسى خوضه فى خدمة المواطنين، مما يعرضه للنقد المستمر؟ المواطن المِصرى على رأس أولوياتنا فى حزب مُستقبل وطن، والعمل الحزبى فى مِصر له أدواته ومنها اﻷنشطة الخدميَّة، وفى ظل عدم وجود المجالس المحلية كان لزامًا علينا أن يقوم الحزب بدوره الخدمى، ولا يمكن أن يتمَّ تعليق هذا الدور انتظارًا ﻻنتخابات المحليات؛ لأن احتياجات الناس فى الشارع ﻻ يمكن تأخيرها والحزب الذى ﻻ يعى ولا يسعى لتلبية احتياجات الناس ﻻ يستحق أن يمثلهم.. والنقد أمر مفترض فى العمل العام، وسيتمُّ توجيه النقد فى كل الأحوال؛ لذلك من الأفضل أنْ تُنتَقد وأنت تقدم شيئًا لتحقيق مصالح الناس وتيسير حياتهم، من أن تنتقد لأنك ﻻ تفعل شيئًا. مُستقبل وطن وصل لمرحلة تنظيمية جيدة، فما السر فى نجاح العملية التنظيمة للحزب؟ لدى حزب مُستقبل وطن رُؤْية واضحة ورسالة يسعى إلى تحقيقها، ويقوم على العمل الحزبى والتنظيمى قيادات واعية تتسم بحبها للوطن ورغبتها فى تحقيق التنمية فى الحياة السياسيَّة المِصريَّة على أرض الواقع. كم لَجنةً متخصصة داخل الحزب، وما خُططتكم لدعم هذه اللجان؟ عدد اللجان 23 لَجنة متحصصة، وندرس زيادة عددها إلى 25 لَجنة متخصصة.. ولدينا خُطة متكاملة لدعم هذه اللجان فى القيام بعملها وتقوم اللجان - كل فى تخصصها - بتقديم أفكار خارج الصندوق - وتقديم المبادرات والمقترحات التى تتميز بفهم الواقع، وتقديم الحلول المميزة للمشاكل، إلى جميع أجهزة الحزب. كيف تقييم أداء أمانة اللجان المتخصصة لحزب مستقبل وطن؟ وما حققته خلال الفترة الماضية؟ اللجان المتخصصة إحدى أمانات الحزب المركزية التى تتولى دراسة وإعداد مشروعات ووثائق السياسات العامة فى جميع المجالات، لذا حرصت منذ تكليفى على وضع استراتيجية لها تنبع من استراتيجية الحزب، وتهدف إلى أن تكون الأمانة مصدرا للأفكار والمبادرات ومشروعات القوانين وغيرها، بالتنسيق مع هيئات الحزب.. ولتحقيق تلك الرؤية اخترت عددا من الشخصيات العامة والوزراء السابقين والأكاديميين والعناصر المتميزة فى مختلف المجالات ليكونوا رؤساء لجان وأعضاء فى الأمانة، بما يضفى مزيدا من الخبرة والتخصص والاحترافية فى أداء اللجنة وأعمالها، ودون أن يتعارض ذلك مع تمكين الأعضاء الشباب بالأمانة من رئاسة لجانها. أبرز الملفات ما أبرز الملفات التى قدمتها اللجان المتخصصة؟ وما أهمها؟ قامت اللجان المتخصصة بعمل العديد من الدراسات، وإعداد مشروعات القوانين، وعقد العديد من الندوات والاجتماعات التى تضمنت بحث العديد من المسائل فى مُختلف التخصصات. وشاركت اللجان فى إعداد مشروعات قوانين، مثل: مشروع قانون المجلس الأعلى للعمل الإنسانى، ومشروع قانون المحليات، وتعديلات قانون الاستثمار، ومقترحات تعديل قانون الرياضة.. كما شاركت اللجان فى إعداد ملفات مهمة جدًا مثل: ملف القرى الأكثر فقرًا، وملف كيفية معالجة الدَّين العام فى مِصر، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والإصلاح التشريعى. وكان من أهم الملفات التى تمَّ العمل عليها فى الفترة السابقة المشاركة مع القيادات وأعضاء البرلمان بالحزب فى دراسة برنامج الحكُومة وإعداد تقرير متكامل بشأنه. وأيضًا منتدى مُستقبل وطن «آفاق جديدة ضد التطرف». كيف يتم تشكيل هذه اللجان، وما هى المعايير لاختيار الأعضاء المنضمين لها؟ تم مراعاة أن تضمَّ اللجان قامات مشهودا لها بالكفاءة، وجمعت اللجان بين أهل العلم وأهل الخبرة. الحزب يعتمد على تولى هذه اللجان كوادر وشخصيات عامة ومتخصصة معروفة، مَن أبرز هذه الشخصيات؟ وهل ينعكس ذلك على أداء الحزب عمومًا؟ الحزب لديه الكوادر والقيادات والقامات الكبيرة فى جميع أجهزته، وأمانة اللجان المتخصصة جزء من أجهزة الحزب وكان لوجود هذه القامات الأثر البليغ فى أداء أمانة اللجان المتخصصة وبشكل عام أداء الحزب. تترأس مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية للحزب، كيف يستفيد الحزب من نتائج الأبحاث وخلاصتها، وما هى الآليَّة التى يتم التواصل بها مع الجهات التنفيذيَّة المعنية بهذه الدراسات؟ من ضمن أهم الأجهزة الحزبيَّة التى يتميز بها حزب مُستقبل وطن عن غيره من اﻷحزاب وجود مركز دراسات سياسيَّة وإستراتيجيَّة يقوم بإعداد ونشر الدراسات على جميع أجهزة الحزب فى جميع الموضوعات السياسيَّة والإستراتيجيَّة، وهناك تنسيق كامل مع جميع أجهزة الحزب بشأن إرسال الدراسات التى يتمُّ إعدادها فى المركز.. كما يتم التنسيق مع معظم الجهات المعنية والتنفيذيَّة وإرسال الدراسات التى ترتبط موضوعاتها بأى من تلك الجهات. الاستعانة بالشباب ما يميز الحزب منذ نشأته هو عنصر الشباب الذى وضح جليًّا فى قيادة الحزب من قبل المهندس «أشرف رشاد»، ما هى نسبة الاستعانة بالشباب داخل هذه اللجان؟ الدمج بين أصحاب الخبرات والشباب من أهم ما يتسم به تشكيل اللجان المُتخصِّصة ووجود العديد من العناصر الشبابيَّة المتميزة بنسبة تقارب 50% من تشكيل اللجان. هناك أمانات مركزية لحزب مُستقبل وطن تتعامل مع جموع المواطنين بشكلٍ مباشر، فهل تحظى هذه الأمانات باهتمام مُختلف؟ جميع أجهزة وأمانات الحزب تستهدف المواطن سواء بشكلٍ مباشر أم غير مباشر؛ ﻷن الأصل فى العمل الحزبى أنه من أجل المواطن، ومما يميز العمل المُؤسَّسى فى حزب مُستقبل وطن أنه توجد أمانة مركزية فى الحزب هى أمانة العمل الجماهيرى تتولى بالتنسيق مع أمانات أخرى ذات صلة ترتيب وتجهيز جميع الأنشطة التى تتعلق بالتعامل مع المواطنين. كيف كانت بداية عملكم بالسياسة، وهل حزب مُستقبل وطن هو أول حزب شجعكم على العمل السياسي؟ اهتمامى بالعمل فى المَجال السياسى نابع من رغبتى فى خدمة بلدى، وحزب مُستقبل وطن من حيث اعتماده الكوادر الشبابيَّة ومرجعيته المبنية على دَعم الدولة المِصرية كان العنصر المحفز للدخول إلى العمل السياسى. هل هناك نية لخوض الانتخابات البرلمانيَّة المقبلة والعمل من داخل البرلمان؟ القرار الخاص بخوض اﻻنتخابات داخل حزب مُستقبل وطن قرار مُؤسَّسى تتخذه قيادات الحزب، ومن هذا المنطلق أحرص دائمًا على تنفيذ ما يتمُّ تكليفى به من مهام فى الحزب.
