حديث الرئيس السيسى عن «المخطط الجهنمى» لا يجب أن يثير القلق، بقدر ما يتطلب استفزاز القوى الكامنة المعطلة باتجاه التفكير والتدبر، ثم امتلاك خطة للعمل والانجاز، فوحدهما يؤهلان مصر للمواجهة سواء على الصعيد الخارجي، أو فى الداخل الذى يمثل الداعى الأكبر لقلق الرئيس بأكثر مما تمثله محاولات الخارج للهدم. الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والثورة التشريعية، والاصلاح الإدارى الجاد، أربع دعائم لضبط ايقاع المجتمع المصرى وترشيده خلال المرحلة القريبة المقبلة، من شأنها ابعاد شبح «الانتحار القومى» الذى حذر الرئيس من خطورة تفشى اعراضه، واذا كان هناك ما يستدعى ضرورة التدرج فى الاستجابة لمتطلباته من تلك الدعائم، فلا بديل عن الشفافية والمكاشفة بشأن الأسباب الداعية لبعض الصبر، شرط أن يكون المدى الزمنى معلوما ومقبولا من اصحاب المصلحة والحق فى التغيير الذى طال انتظاره. واذا كانت المؤامرة حاضرة عبر كل مراحل التاريخ، فإن التحذير منها لا يكفى وحده لاتقاء عواقبها أو التصدى للقوى المحركة لها، فالحذر واجب لكن الأهم امتلاك القدرة على فعل المواجهة الايجابية، غير ان ممارسة النقد الذاتي، وتفعيل آليات الرقابة، تظل ضرورتين لا يمكن تغييبهما، تذرعا بشبح المؤامرة، لأن غياب النقد والرقابة لا يصب إلا فى مصلحة من يتآمر، ويضعف الجبهة المستهدفة بالمؤامرة، ومن لا يصدق عليه أن يراجع التاريخ.