أكد وزير الخارجية سامح شكري أن المجتمع الدولي مطالب بالتصدي للتطرف أينما وجد، والتطرق إلى كافة الأسباب المؤدية له كونه الطريق الممهد للإرهاب. وتابع أن ذلك فضلاً عن العمل على إيلاء الشباب الاهتمام اللازم وتجنيبهم الوقوع في براثن التطرف والإرهاب، خاصة وأن الشباب يمثلون في الكثير من الدول النسبة الأكبر من السكان، وأخذا في الاعتبار الحملات الشرسة التي يتعرض لها الشباب من كل الدول، خاصة في الآونة الأخيرة، لتجنيدهم كمقاتلين في جماعات إرهابية تتخذ من الدين مظلة لتحقيق أهداف لا تمت إلي الأديان بصلة. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها شكري خلال مشاركته في جلسة النقاش المفتوح بمجلس الأمن حول دور الشباب في مكافحة التطرف العنيف ونشر السلام ، الذي دعت له المملكة الأردنية الهاشمية ، التي تتولي حاليا رئاسة مجلس الأمن للشهر الحالي ، حيث رأس الجلسة الأمير الحسين بن عبد الله ولي عهد الأردن وبحضور سكرتير عام الأممالمتحدة بانكي مون ووزير خارجية الأردن ناصر جودة وأعضاء مجلس الأمن. وفي بداية كلمته ، توجه شكري بالشكر للمملكة الأردنية الشقيقة على دعوتها لعقد هذه الجلسة الهامة، والتي تتناول احد أهم الموضوعات الذي يتعين على كافة الدول التعامل معه بالجدية اللازمة دون تهاون لما تشكله من تداعيات تهدد امن مواطنينا ودولنا، بل وتهدد السلم والأمن الدوليين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير بدر عبد العاطي أن الوزير شكري أوضح في كلمته أن هناك عدة عوامل أدت إلى ظهور فصائل وتيارات وجماعات اعتنقت أفكاراً وآراءً متطرفة بعيدة عن روح الدين وسماحته وأخذوا يلزمون الناس بها، مستهدفين الشباب بشكل خاص، حيث تعمدوا التركيز على إظهار نقاط الاختلاف وتضخيمها، ما أدى إلى الصراع والتناحر، وعمليات الإرهاب والقتل والعدوان. وفى هذا السياق ، أكد وزير الخارجية سامح شكري أن المجتمع الدولي مطالب بالتصدي الشامل للتطرف أينما ، وتناول شكري في كلمته دعوة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي مؤخراً بتجديد الخطاب الديني لمواجهة التطرف، وضمان وصول التفسير والفهم الصحيح للإسلام الحنيف وأحكامه إلى المتلقين، موضحاً بأن مصر بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات ملموسة وجادة في هذا الشأن، مضيفاً إنه يتعين مواجهة التطرف والإرهاب بالحجج الواضحة والبراهين القاطعة، إذ أن الأمر ليس قاصراً على المواجهات الأمنية ومن خلال اتخاذ الوسطية كمنهج لنا، علماً بأن الوسطية لا تعنى أنصاف الحلول، وإنما الاعتدال في التصورات والمناهج والمواقف. وفى هذا السياق، قال شكري إنه من الضروري وقف ظاهرة قيام الشباب، الذي يفتقد المؤهلات التي تؤهلهم للاجتهاد، بالاعتماد على أنفسهم في استقاء الأحكام مباشرة من القرآن والسنة، ناسين أن المتصدر للفتوى لابد وأن يكون على علم بالتأويل، وأسباب النزول، والأساليب اللغوية، وغيرها من القواعد العلمية حتى لا تكون الفتوى سببا لفتنة ولوقوع الشقاق. وأضاف إنه هناك أسبابا اجتماعية وسياسية عديدة تؤدى إلى تطرف الشباب ولجوئهم إلى العنف، من بينها تدهور مستوى التعليم، وانعدام أو محدودية فرص الحياة الكريمة، وانتشار البطالة والفقر، وتهميش الأجانب، واستمرار كافة أشكال الاحتلال الأجنبي، وعدم الاعتراف بالحق الشرعي للشعوب في تحديد مصيرها، وكلها عوامل يتعين على المجتمع الدولي أن يتعامل معها بكل جدية، سواء عن طريق تعزيز التعاون، وإقرار الاستراتيجيات ذات الصلة، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن المعنية، والامتناع عن التحريض وتوفير الدعم للمتطرفين والإرهابيين. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية بدر عبد العاطي أن الوزير شكري تناول في كلمته تنامي ظاهرة انضمام الشباب من الأقليات المسلمة وغيرها في الدول الغربية للتنظيمات المتطرفة، كمقاتلين إرهابيين أجانب، خاصة في العراق وسوريا وليبيا وفى أفريقيا ، ما يستوجب إعادة النظر في السياسات التي تتبناها تلك الدول لإدماج المسلمين في مجتمعاتهم، وحتمية احترام الثقافات المختلفة، ووقف التطاول على الأديان والرسل، فضلا عن أهمية تبنى رؤى واضحة للتعامل مع حملات التجنيد التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية، ومن ناحية أخرى حتمية تنفيذ كافة الدول لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومحاسبة الدول التي تقوم بالتحريض وتوفر التمويل والدعم المغذى لظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب. واستعرض شكري الخطوات التي اتخذتها مصر إدراكاً منها لأخطار التطرف والإرهاب، حيث دعت لحتمية تضافر الجهود الدولية للتصدي لتلك الظواهر من خلال استراتيجيات شاملة، وبالإضافة إلى الجهود على الصعيدين الدولي الإقليمي، اتخذت مصر بالفعل على الصعيد الوطني خطوات جادة وفعالة، تشمل ضمن أمور أخرى تبنى الأزهر الشريف، بمنهجه الوسطى والديني المستنير وبما يمثله من مرجعية دينية عالمية، العديد من المبادرات لدحض الأفكار المغلوطة، والأخذ بأيدي الشباب من خلال برامج توجيه ودورات تثقيفية. ولا يقتصر دور الأزهر على مصر فقط، بل يمتد إلى دول أخرى، إذ يتم إيفاد العديد من علماء الأزهر سنوياً إلى تلك الدول بهدف توضيح الأحكام الشرعية ومكافحة التطرف الفكري على أرض الواقع ونشر الفكر الوسطى فيها. وأضاف أن دار الإفتاء المصرية بادرت بإنشاء مرصد للفتاوى التكفيرية يعمل وفق منهجية علمية قائمة على ضوابط العلم والعمل الصحيح المنبثق عن الفكر الشرعي الصحيح المعتدل، حيث يقوم المرصد برصد كافة الفتاوى التكفيرية والمتطرفة ويعمل على توضيح أوجه العوار الفكري والديني. وأشار إلى أن الحكومة المصرية أطلقت العديد من المبادرات للارتقاء بمستوى التعليم الجامعي والفني، وإعادة تأهيل الشباب الباحث عن فرصة عمل، بما يساهم في تقليل فجوة البطالة، وتمكينهم من المشاركة الإيجابية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وعلى المستوى السياسي، تسعى الدولة إلى إشراك الشباب وتشجيعهم على الانخراط في العمل السياسي. وأكد الوزير شكري على أن الموضوع محل النقاش متعدد الجوانب ويستلزم أن يكون التعامل معه شاملا، بالإضافة إلى الاعتماد على الجهود القائمة بالفعل، بما في ذلك تلك التي تقوم بها الأممالمتحدة، مضيفاً إنه لربما سيكون من المفيد قيام السكرتير العام بإعداد تقرير شامل عن الموضوع من كافة أبعاده، بما في ذلك توصيات بشأن خطة العمل اللازمة للمضي قدما.