ما أن تلتقيه إلا ويترك لديك أثرًا جليًا، من خلال كلماته، ومعارفه، الواسعة، وحجته القوية، هو كاتب صحفي أردني، ومحاضر، وخبير في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة، وعضوًا باللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة. إنه الكاتب الصحفي يحى شقير، والمدرب بمجالات قوانين الإعلام وأخلاقيات المهنة، التحقيقات الاستقصائية، وحقوق الإنسان لدى عدد من الجمعيات والمنظمات الدولية والعربية. وأكد يحى شقير، خلال حواره مع "بوابة أخبار اليوم" على أن الأصل تربية المواطن وتحصينه وليس فرض وصاية عليه عبر حجب المواقع وإلا نكون كما الماضي عندما كان يتم استخدام "حزام العفة" الحديدي مع النساء. ويرى شقير، "أن وضع حقوق الإنسان لا يسر في العالم العربي، وأدت انتهاكات حقوق الإنسان في تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن، إلى تحرك الجماهير مثل "تسونامي" دمّر الكثير، والهدم سريع لكن البناء أصعب". - في البداية .. عرفنا بنفسك أكثر بالإضافة إلى كونك كاتبا صحفيا؟ قبعتي الأولى صحفي ودرست الصحافة قبل ثلاثين سنة، ولي اهتمامات أخرى وقد حصلت على درجة ماجستير قانون عام 2012 ولي عدة مؤلفات منها: كتاب "قانون ضمان حق الحصول على المعلومات في الأردن والمعايير الدولية"، "مقترحات لتعديل القوانين الناظمة لصحافة والإعلام في الأردن"، محرر كتاب "مقدمة إلى التشريعات والسياسة الإعلامية في الأردن"، إصدار برنامج تدعيم الإعلام في الأردن بالتعاون مع كلية الاتصال بجامعة بنسلفانيا الأمريكية 2010 . كما أنني مدرب بمجالات قوانين الإعلام وأخلاقيات المهنة، التحقيقات الاستقصائية، وحقوق الإنسان لدى عدد من الجمعيات والمنظمات الدولية والعربية، دربت في أغلب من الدول العربية أكثر من 150 ورشة عمل، ومن آخر النشاطات والتدريبات المشاركة كخبير في إعداد منهجية تقييم قوانين الحصول على المعلومات بدعوة من مركز كارتر الذي يقوده الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، وتدريب صحفيين في سلسلة ورش عمل بدعوة من كلية الدراسات الدولية والسياسات العامة بالجامعة الأميركية في القاهرة، وأتكلم الإنجليزية والإسبانية. - لاحظت اهتمامك أكثر بالقانون رغم كونك صحفي، فهل كنت تريد أن تكون محاميًا ولم تأت الفرصة لذلك؟ القانون هواية عندي لأنه ينظم أفعال الإنسان وأقواله كما أن معرفة الصحفي بالقانون تجنبه الكثير من المشاكل وكيفية السير في حق ألغام القوانين العربية ومعرفة حقوقه هي أول وسائل دفاعه. - ما هو مفهوم الحريات الإعلامية، من وجهة نظرك؟ الحريات الإعلامية هي مجموعة حريات أولها حق كل إنسان التماس وتلقي وبث المعلومات، وهذه الكلمات الثلاث منصوص عليها في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان حتى اتفاقية حقوق الطفل في مادتها ال13، كما تتضمن الحريات الإعلامية حق الحصول على المعلومات التي بحوزة الحكومة والتي لا تقع ضمن التقييدات المنصوص عليها في العهود السابقة وحرية الانتساب للنقابات وغيرها. - هل تغيير آداء الإعلام العربي، خاصة بعد ما يمسى "ثورات الربيع العربي"؟ نعم حدث تغيير كبير وإن كان في جزء منه كان سلبيا من ناحية قلة المهنية وخرق أخلاقيات المهنة، لكن في المجمل حدث سوق حر للمعلومات وأصبح المواطن يرى روايات متعددة للقصة الواحدة غير الرواية الحكومية الرسمية. - هل يحتاج الإعلام العربي إلى تشريعات جديدة؟ نعم فهناك إعلام جديد وخاصة عبر تكنولوجيا المعلومات والقوانين القديمة لا تصلح للتكنولوجيا الجديدة. - بعض حكومات الدول العربية، تعتقد أن الانترنت وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، يمثل تهديدًا لأمنها القومي، هل تتفق مع ذلك؟ الانترنت مثل غيرها من الصناعات غذا أحسن استخدامها ففيها خير كثير كما أنها مثل السيارة إذا أسيىء استخدامها قد تصبح أداة للقتل، والانترنت وسيلة جديدة من وسائل الاتصال كالتلفون تماما الذي نتحدث به ويمكن استعماله أيضا لشتم الناس. - تميل بعض الدول إلى وضع قيود على استخدام الانترنت، فما رأيك؟ الأصل تربية المواطن وتحصينه وليس فرض وصاية عليه عبر حجب المواقع وإلا نكون كما الماضي عندما كان يتم استخدام "حزام العفة" الحديدي مع النساء. - بصفتك متخصصًا في مجال الحريات، هل يتم تطبيق الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي أقرته قمة تونس 2004 وبدأ نفاذه 2008 ؟ بعد عدة معوقات ومسودات خرج الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي أقرته قمة تونس 2004 وبدأ نفاذه مطلع عام 2008. وعلى الرغم من المآخذ على الميثاق إلا أن وجوده أفضل من عدم وجوده. ومن أهم المآخذ عليه عدم النص فيه على تشكيل محكمة عربية لحقوق الإنسان على غرار المحاكم الإقليمية الأخرى كالأوروبية والأمريكية والإفريقية، كما أنه يخلو من كلمتي ديمقراطية وانتخابات. ولأنه لا توجد آلية لمراقبة تطبيقه يمكن تشبيه بميثاق أخلاقي وليس معاهدة دولية ملزمة للدول الأطراف. - الأردن كان الدولة العربية الأولى في إقرار قانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات، على أرض الواقع هل هي كذلك؟ للأسف التطبيق شىء آخر وليس كما نتمنى، قضية حجب المعلومات أو المماطلة والتسويف في تقديمها للإعلاميين والمواطنين كانت دائما مدار شكوى من الجسم الإعلامي. وهناك وزارات ومؤسسات عامة مشمولة بتطبيق أحاكم القانون لا تعرف بوجوده أصلا. - مصر والمغرب أيضًا أقرت في دستورهما حق الحصول على المعلومات، كيف ترى التجربة الواقعية بعيدًا عن الدساتير؟ ينص الدستور المصري على هذا الحق في المادة 68: المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلف، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد القانون عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمداً. كما نص الدستور المغربي على هذا الحق في المادة 27 منه تنص على أن للمواطنين الحق في الحصول على المعلومات وأن هذا الحق لايمكن تقييده إلا بمقتضى قانون. وينص الدستور التونسي على هذا الحق في الفصل 32: تضمن الدولة الحق في الإعلام والحق في النفاذ إلى المعلومة. حق الحصول على المعلومات موضوع جديد في العالم العربي والنص على هذا الحق في الدستور شىء مهم لكن الأهم إقرار قانون لتطبيق الحق وحمايته على أرض الواقع. هناك ثقافة وممارسة شائعة لدى الحكومات في سرية أعمالها إلا فيما ندر وإذا تم الكشف عن المعلومات يتم بالتسامح وليس حقا للمواطنين. نأمل أن يتم ترجمة هذا الحق الدستوري بقوانين بعد حوارات مع المجتمع المدني والخبراء والبناء على المعايير الدولية في حق المعرفة والممارسات الفضلى في هذا المجال. - طرحت في أحد مقالاتك سؤال: "لماذا لا يتقاعد المسؤولون العرب؟ ويستقيلون كمدربي كرة القدم؟ فماذا تعني بذلك؟ أعني أنه بعد آخر مونديال الذي أقيم في البرازيل خرجت فرق بطريقة مهينة كالبرازيل وإسبانيا، فقدَّم مدرباهما استقالتيهما فورا، تماما مثل الأحزاب المحترمة التي تفشل في الانتخابات. في كوريا تجنح سفينة ويغرق طلبة فيقوم وزير النقل بالانتحار وفي اليابان يصطدم قطار بآخر فينتحر وزير النقل،أما عندنا فلا يستقيل المسؤول إنما قد تتم إقالته أو محاكمته وهذا نادر الحدوث، وفي أغلب الحالات يتقاعدون فقط عند ذهابهم للمقبرة، وهناك حالات يتم فيها توريث المناصب من الآباء لأبنائهم وكأن الوظيفة ورثة. - قلت أن " الجزيرة – القناة - هي الحُطَيْئَة حيث كان يخشاه الكريم قبل الوضيع والشجاع قبل الجبان" فماذا تعني؟ وبماذا تقيم التغطية الإعلامية للجزيرة لما يحدث في مصر؟ سبق أن كتبت مقالا بعنوان "دولة الجزيرة" قلت فيه أن فضائية الجزيرة وسعت مساحة قطر على الخريطة لا بل وضعت قطر نفسها على الخريطة. وقال لي أحد كبار صحفييها لدى زيارتي مقرها في الدوحة أن أمير قطر السابق الشيخ حمد اصطحب الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في زيارة مفاجئة لمقر الجزيرة فتعجب مبارك من صغر مبناها وقال: «هذه الطابة اللي مجننتنا؟ وكان يقصد شعار الجزيرة، ويقال أن شعار الجزيرة أصبح خامس أقوى علامة تجارية في العالم. الجزيرة ماكينة إعلامية ودول كبرى أصبحت تخشاها، ودول أكثر ثروة وسكانا وإمكانات تحسب حسابها. لقد قيل سابقا "لا تعادي من يشترون الحبر بالأطنان" كان سابقا، أما الآن فلا تعادي فضائية حجم مشاهديها ستين مليونا. نعم الجزيرة هي الحُطَيْئَة حيث كان يخشاه الكريم قبل الوضيع والشجاع قبل الجبان، هي الأعشى إذا مدح رفع وإذا هجا وضع. أما عن التغطية الإعلامية للجزيرة لما يحدث في مصر فأمر خلافي بين المشاهدين والخبراء فهناك من يؤيد ومن يعارض ولكل حججه والمطلوب أن نسمع ونرى بعقل ناقد. - كيف تقيم احترام حقوق الإنسان في عالمنا العربي، وما هو وضعنا على الخريطة الدولية ؟ وضع حقوق الإنسان لا يسر في العالم العربي، ورأينا كيف أدت انتهاكات حقوق الإنسان في تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن إلى تحرك الجماهير مثل "تسونامي" دمّر الكثير، والهدم سريع لكن البناء أصعب. أن احترام حقوق الإنسان هو وسيلة تمنع التمرد لأنه عندما تنغلق الخيارات أمام الإنسان ولا يجد ما يخسره قد يتصرف بمقولة "عليّ وعلى أعدائي"، على غرار ما جرى في تونس وليبيا ومصر وسورية واليمن، ولماذا لم تحدث مثل هذه الأمور في التشيك والسلوفاك أو حتى في اسكتلندا مؤخرا. فعندما تعامل الحكومات مواطنيها على أنهم لا يفهمون مصالحهم وأنهم "حمير" فلا يجب لومهم إذا تصرفوا على هذا الأساس. - هل صحيح أن الانترنت يختصر المسافات بين البشر، وكيف ذلك؟ طبعا، الانترنت أهم طرق التواصل في التاريخ حتى الآن، خذ "سكيب" مثلا فبشكل مباشر تستطيع التحدث مع صديق في تشيلي أو كوريا الجنوبية فورا، ولربما بعد أشهر تستطيع التحدث مع الآخرين الذين لا يتقنون اللغة العربية وأنت لا تتقن لغتهم لكن "سكايب" سيتولى الترجمة الفورية. وأخيرا.. كيف ترى الأوضاع في مصر كمراقب وكثير الزيارات لها؟ من باب المحبة لمصر التي زرتها أكثر من ثلاثين مرة كانت آخرها الأسبوع الماضي، أتألم كثيرا لما آلت إليه الأوضاع في قلب العروبة. تألمت كثيرا وأنا أقرأ وأشاهد ما حدث من مذبحة لجنود وضباط من الجيش المصري في اعتداء آثم بكرم القواديس في شمال سيناء لا يمكن تبريره إلا بحجج يستخدمها الشيطان. كما تألمت لمشاهدة كيفية ترحيل السكان المصريين القاطنين بمحاذاة الحدود مع غزة لعمل منطقة عازلة وأسوار، وهو الأمر الذي يمكن أن يشكل مخالفه للقانون الدولي. وتألمت وأنا أقرأ تحليلات ودعوات مبطنة في الصحف والتلفزيونات لربط ما حدث ببعض الفلسطينيين في استباق للتحقيقات ومحاكمة المتهمين وإنزال حكم القانون بهم مهما كانوا. أضف إلى ذلك إغلاق معبر رفح لأجل غير مسمى قد يحمل في طياته عقابا لأبرياء من محتاجي عبوره من مرضى وطلاب. كما تألمت للتصفيق لتوسيع اختصاص المحاكم العسكرية ولربما بطريقة تتعارض مع الدستور المصري نفسه الذي تم الاستفتاء عليه منتصف كانون الثاني- يناير الماضي وكنت في القاهرة آنذاك. أما إعلان حالة الطوارئ المؤقتة بثلاثة أشهر في أغلب سيناء وحظر التجول ليلا وان كان القانون الدولي يجيزه والتزامات مصر التعاهدية فلم أكن أتمنى اتخاذ هذه الخطوة لعدة أسباب أولها أنها تعطي حجما أكبر للجماعات الإرهابية أكثر مما كانت تتمناه، وسبق مثلا أن واجهت بريطانيا في ايرلندا تفجيرات الجيش الجمهوري الايرلندي، واسبانيا كذلك من حركة "ايتا" إلا أنهما لم تقوما بإعلان حالة الطوارئ لأن شرها أكبر من نفعها. ففي آخر مائة سنة كانت حالة الطوارئ شبه دائمة في مصر ولم يتم رفعها سوى فترات لا يزيد مجموعها على ثلاث أو أربع سنوات. أتألم عندما أقرن وضع مصر بما كان عليه الأمر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وأتذكر حجم النفوذ المصري في العالم العربي والإسلامي والعالم الثالث وكيف كانت تتصدى مصر لرسالتها القيادية في العالم وبعد أن انكفأت للداخل لم تتناقص التحديات أمامها بل تفاقمت مشاكلها. الكاتب الصحفي يحي شقير خلال حواره ل"بوابة أخبار اليوم" ما أن تلتقيه إلا ويترك لديك أثرًا جليًا، من خلال كلماته، ومعارفه، الواسعة، وحجته القوية، هو كاتب صحفي أردني، ومحاضر، وخبير في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة، وعضوًا باللجنة المعنية بحقوق الإنسان بالأمم المتحدة. إنه الكاتب الصحفي يحى شقير، والمدرب بمجالات قوانين الإعلام وأخلاقيات المهنة، التحقيقات الاستقصائية، وحقوق الإنسان لدى عدد من الجمعيات والمنظمات الدولية والعربية. وأكد يحى شقير، خلال حواره مع "بوابة أخبار اليوم" على أن الأصل تربية المواطن وتحصينه وليس فرض وصاية عليه عبر حجب المواقع وإلا نكون كما الماضي عندما كان يتم استخدام "حزام العفة" الحديدي مع النساء. ويرى شقير، "أن وضع حقوق الإنسان لا يسر في العالم العربي، وأدت انتهاكات حقوق الإنسان في تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن، إلى تحرك الجماهير مثل "تسونامي" دمّر الكثير، والهدم سريع لكن البناء أصعب". - في البداية .. عرفنا بنفسك أكثر بالإضافة إلى كونك كاتبا صحفيا؟ قبعتي الأولى صحفي ودرست الصحافة قبل ثلاثين سنة، ولي اهتمامات أخرى وقد حصلت على درجة ماجستير قانون عام 2012 ولي عدة مؤلفات منها: كتاب "قانون ضمان حق الحصول على المعلومات في الأردن والمعايير الدولية"، "مقترحات لتعديل القوانين الناظمة لصحافة والإعلام في الأردن"، محرر كتاب "مقدمة إلى التشريعات والسياسة الإعلامية في الأردن"، إصدار برنامج تدعيم الإعلام في الأردن بالتعاون مع كلية الاتصال بجامعة بنسلفانيا الأمريكية 2010 . كما أنني مدرب بمجالات قوانين الإعلام وأخلاقيات المهنة، التحقيقات الاستقصائية، وحقوق الإنسان لدى عدد من الجمعيات والمنظمات الدولية والعربية، دربت في أغلب من الدول العربية أكثر من 150 ورشة عمل، ومن آخر النشاطات والتدريبات المشاركة كخبير في إعداد منهجية تقييم قوانين الحصول على المعلومات بدعوة من مركز كارتر الذي يقوده الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، وتدريب صحفيين في سلسلة ورش عمل بدعوة من كلية الدراسات الدولية والسياسات العامة بالجامعة الأميركية في القاهرة، وأتكلم الإنجليزية والإسبانية. - لاحظت اهتمامك أكثر بالقانون رغم كونك صحفي، فهل كنت تريد أن تكون محاميًا ولم تأت الفرصة لذلك؟ القانون هواية عندي لأنه ينظم أفعال الإنسان وأقواله كما أن معرفة الصحفي بالقانون تجنبه الكثير من المشاكل وكيفية السير في حق ألغام القوانين العربية ومعرفة حقوقه هي أول وسائل دفاعه. - ما هو مفهوم الحريات الإعلامية، من وجهة نظرك؟ الحريات الإعلامية هي مجموعة حريات أولها حق كل إنسان التماس وتلقي وبث المعلومات، وهذه الكلمات الثلاث منصوص عليها في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان حتى اتفاقية حقوق الطفل في مادتها ال13، كما تتضمن الحريات الإعلامية حق الحصول على المعلومات التي بحوزة الحكومة والتي لا تقع ضمن التقييدات المنصوص عليها في العهود السابقة وحرية الانتساب للنقابات وغيرها. - هل تغيير آداء الإعلام العربي، خاصة بعد ما يمسى "ثورات الربيع العربي"؟ نعم حدث تغيير كبير وإن كان في جزء منه كان سلبيا من ناحية قلة المهنية وخرق أخلاقيات المهنة، لكن في المجمل حدث سوق حر للمعلومات وأصبح المواطن يرى روايات متعددة للقصة الواحدة غير الرواية الحكومية الرسمية. - هل يحتاج الإعلام العربي إلى تشريعات جديدة؟ نعم فهناك إعلام جديد وخاصة عبر تكنولوجيا المعلومات والقوانين القديمة لا تصلح للتكنولوجيا الجديدة. - بعض حكومات الدول العربية، تعتقد أن الانترنت وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي، يمثل تهديدًا لأمنها القومي، هل تتفق مع ذلك؟ الانترنت مثل غيرها من الصناعات غذا أحسن استخدامها ففيها خير كثير كما أنها مثل السيارة إذا أسيىء استخدامها قد تصبح أداة للقتل، والانترنت وسيلة جديدة من وسائل الاتصال كالتلفون تماما الذي نتحدث به ويمكن استعماله أيضا لشتم الناس. - تميل بعض الدول إلى وضع قيود على استخدام الانترنت، فما رأيك؟ الأصل تربية المواطن وتحصينه وليس فرض وصاية عليه عبر حجب المواقع وإلا نكون كما الماضي عندما كان يتم استخدام "حزام العفة" الحديدي مع النساء. - بصفتك متخصصًا في مجال الحريات، هل يتم تطبيق الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي أقرته قمة تونس 2004 وبدأ نفاذه 2008 ؟ بعد عدة معوقات ومسودات خرج الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي أقرته قمة تونس 2004 وبدأ نفاذه مطلع عام 2008. وعلى الرغم من المآخذ على الميثاق إلا أن وجوده أفضل من عدم وجوده. ومن أهم المآخذ عليه عدم النص فيه على تشكيل محكمة عربية لحقوق الإنسان على غرار المحاكم الإقليمية الأخرى كالأوروبية والأمريكية والإفريقية، كما أنه يخلو من كلمتي ديمقراطية وانتخابات. ولأنه لا توجد آلية لمراقبة تطبيقه يمكن تشبيه بميثاق أخلاقي وليس معاهدة دولية ملزمة للدول الأطراف. - الأردن كان الدولة العربية الأولى في إقرار قانون ضمان الحق في الحصول على المعلومات، على أرض الواقع هل هي كذلك؟ للأسف التطبيق شىء آخر وليس كما نتمنى، قضية حجب المعلومات أو المماطلة والتسويف في تقديمها للإعلاميين والمواطنين كانت دائما مدار شكوى من الجسم الإعلامي. وهناك وزارات ومؤسسات عامة مشمولة بتطبيق أحاكم القانون لا تعرف بوجوده أصلا. - مصر والمغرب أيضًا أقرت في دستورهما حق الحصول على المعلومات، كيف ترى التجربة الواقعية بعيدًا عن الدساتير؟ ينص الدستور المصري على هذا الحق في المادة 68: المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلف، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد القانون عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمداً. كما نص الدستور المغربي على هذا الحق في المادة 27 منه تنص على أن للمواطنين الحق في الحصول على المعلومات وأن هذا الحق لايمكن تقييده إلا بمقتضى قانون. وينص الدستور التونسي على هذا الحق في الفصل 32: تضمن الدولة الحق في الإعلام والحق في النفاذ إلى المعلومة. حق الحصول على المعلومات موضوع جديد في العالم العربي والنص على هذا الحق في الدستور شىء مهم لكن الأهم إقرار قانون لتطبيق الحق وحمايته على أرض الواقع. هناك ثقافة وممارسة شائعة لدى الحكومات في سرية أعمالها إلا فيما ندر وإذا تم الكشف عن المعلومات يتم بالتسامح وليس حقا للمواطنين. نأمل أن يتم ترجمة هذا الحق الدستوري بقوانين بعد حوارات مع المجتمع المدني والخبراء والبناء على المعايير الدولية في حق المعرفة والممارسات الفضلى في هذا المجال. - طرحت في أحد مقالاتك سؤال: "لماذا لا يتقاعد المسؤولون العرب؟ ويستقيلون كمدربي كرة القدم؟ فماذا تعني بذلك؟ أعني أنه بعد آخر مونديال الذي أقيم في البرازيل خرجت فرق بطريقة مهينة كالبرازيل وإسبانيا، فقدَّم مدرباهما استقالتيهما فورا، تماما مثل الأحزاب المحترمة التي تفشل في الانتخابات. في كوريا تجنح سفينة ويغرق طلبة فيقوم وزير النقل بالانتحار وفي اليابان يصطدم قطار بآخر فينتحر وزير النقل،أما عندنا فلا يستقيل المسؤول إنما قد تتم إقالته أو محاكمته وهذا نادر الحدوث، وفي أغلب الحالات يتقاعدون فقط عند ذهابهم للمقبرة، وهناك حالات يتم فيها توريث المناصب من الآباء لأبنائهم وكأن الوظيفة ورثة. - قلت أن " الجزيرة – القناة - هي الحُطَيْئَة حيث كان يخشاه الكريم قبل الوضيع والشجاع قبل الجبان" فماذا تعني؟ وبماذا تقيم التغطية الإعلامية للجزيرة لما يحدث في مصر؟ سبق أن كتبت مقالا بعنوان "دولة الجزيرة" قلت فيه أن فضائية الجزيرة وسعت مساحة قطر على الخريطة لا بل وضعت قطر نفسها على الخريطة. وقال لي أحد كبار صحفييها لدى زيارتي مقرها في الدوحة أن أمير قطر السابق الشيخ حمد اصطحب الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في زيارة مفاجئة لمقر الجزيرة فتعجب مبارك من صغر مبناها وقال: «هذه الطابة اللي مجننتنا؟ وكان يقصد شعار الجزيرة، ويقال أن شعار الجزيرة أصبح خامس أقوى علامة تجارية في العالم. الجزيرة ماكينة إعلامية ودول كبرى أصبحت تخشاها، ودول أكثر ثروة وسكانا وإمكانات تحسب حسابها. لقد قيل سابقا "لا تعادي من يشترون الحبر بالأطنان" كان سابقا، أما الآن فلا تعادي فضائية حجم مشاهديها ستين مليونا. نعم الجزيرة هي الحُطَيْئَة حيث كان يخشاه الكريم قبل الوضيع والشجاع قبل الجبان، هي الأعشى إذا مدح رفع وإذا هجا وضع. أما عن التغطية الإعلامية للجزيرة لما يحدث في مصر فأمر خلافي بين المشاهدين والخبراء فهناك من يؤيد ومن يعارض ولكل حججه والمطلوب أن نسمع ونرى بعقل ناقد. - كيف تقيم احترام حقوق الإنسان في عالمنا العربي، وما هو وضعنا على الخريطة الدولية ؟ وضع حقوق الإنسان لا يسر في العالم العربي، ورأينا كيف أدت انتهاكات حقوق الإنسان في تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن إلى تحرك الجماهير مثل "تسونامي" دمّر الكثير، والهدم سريع لكن البناء أصعب. أن احترام حقوق الإنسان هو وسيلة تمنع التمرد لأنه عندما تنغلق الخيارات أمام الإنسان ولا يجد ما يخسره قد يتصرف بمقولة "عليّ وعلى أعدائي"، على غرار ما جرى في تونس وليبيا ومصر وسورية واليمن، ولماذا لم تحدث مثل هذه الأمور في التشيك والسلوفاك أو حتى في اسكتلندا مؤخرا. فعندما تعامل الحكومات مواطنيها على أنهم لا يفهمون مصالحهم وأنهم "حمير" فلا يجب لومهم إذا تصرفوا على هذا الأساس. - هل صحيح أن الانترنت يختصر المسافات بين البشر، وكيف ذلك؟ طبعا، الانترنت أهم طرق التواصل في التاريخ حتى الآن، خذ "سكيب" مثلا فبشكل مباشر تستطيع التحدث مع صديق في تشيلي أو كوريا الجنوبية فورا، ولربما بعد أشهر تستطيع التحدث مع الآخرين الذين لا يتقنون اللغة العربية وأنت لا تتقن لغتهم لكن "سكايب" سيتولى الترجمة الفورية. وأخيرا.. كيف ترى الأوضاع في مصر كمراقب وكثير الزيارات لها؟ من باب المحبة لمصر التي زرتها أكثر من ثلاثين مرة كانت آخرها الأسبوع الماضي، أتألم كثيرا لما آلت إليه الأوضاع في قلب العروبة. تألمت كثيرا وأنا أقرأ وأشاهد ما حدث من مذبحة لجنود وضباط من الجيش المصري في اعتداء آثم بكرم القواديس في شمال سيناء لا يمكن تبريره إلا بحجج يستخدمها الشيطان. كما تألمت لمشاهدة كيفية ترحيل السكان المصريين القاطنين بمحاذاة الحدود مع غزة لعمل منطقة عازلة وأسوار، وهو الأمر الذي يمكن أن يشكل مخالفه للقانون الدولي. وتألمت وأنا أقرأ تحليلات ودعوات مبطنة في الصحف والتلفزيونات لربط ما حدث ببعض الفلسطينيين في استباق للتحقيقات ومحاكمة المتهمين وإنزال حكم القانون بهم مهما كانوا. أضف إلى ذلك إغلاق معبر رفح لأجل غير مسمى قد يحمل في طياته عقابا لأبرياء من محتاجي عبوره من مرضى وطلاب. كما تألمت للتصفيق لتوسيع اختصاص المحاكم العسكرية ولربما بطريقة تتعارض مع الدستور المصري نفسه الذي تم الاستفتاء عليه منتصف كانون الثاني- يناير الماضي وكنت في القاهرة آنذاك. أما إعلان حالة الطوارئ المؤقتة بثلاثة أشهر في أغلب سيناء وحظر التجول ليلا وان كان القانون الدولي يجيزه والتزامات مصر التعاهدية فلم أكن أتمنى اتخاذ هذه الخطوة لعدة أسباب أولها أنها تعطي حجما أكبر للجماعات الإرهابية أكثر مما كانت تتمناه، وسبق مثلا أن واجهت بريطانيا في ايرلندا تفجيرات الجيش الجمهوري الايرلندي، واسبانيا كذلك من حركة "ايتا" إلا أنهما لم تقوما بإعلان حالة الطوارئ لأن شرها أكبر من نفعها. ففي آخر مائة سنة كانت حالة الطوارئ شبه دائمة في مصر ولم يتم رفعها سوى فترات لا يزيد مجموعها على ثلاث أو أربع سنوات. أتألم عندما أقرن وضع مصر بما كان عليه الأمر في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وأتذكر حجم النفوذ المصري في العالم العربي والإسلامي والعالم الثالث وكيف كانت تتصدى مصر لرسالتها القيادية في العالم وبعد أن انكفأت للداخل لم تتناقص التحديات أمامها بل تفاقمت مشاكلها. الكاتب الصحفي يحي شقير خلال حواره ل"بوابة أخبار اليوم"