الشاعر الغنائى الكبير محمد حمزة الذى ألف مئات الاغانى والقصائد لكبار المطربين والمطربات المصريين والعرب كان ايضا كاتما لاسرار الوسط الفنى ! .. جمعتنى به صداقة طويلة وشاء القدر ان يكون لقاؤنا الاخير هو اطول اللقاءات واكثرها اثارة دون ان يعلم كلانا انه لقاء الوداع ! كان حديثه دائما كوكتيل من الاسرار.. لكن شدنى حديثه عن صديقة عمره وردة الجزائرية حينما قال لى انه كاد يذهب وراء الشمس ذات يوم وكانت وردة هى السبب !!! وتوالت الاسرار وطال اللقاء ثم كان الرحيل رحمه الله !! سألت محمد حمزة : تقول انك كدت تدخل السجن الحربى بسبب وردة .. ايه الحكاية ؟؟؟ قال حمزة : ** كانت أول شائعة انطلقت حول وردة في منتصف الستينات عن وجود علاقة بين وردة والمشير عبدالحكيم عامر ولم تخمد هذه الشائعة إلا عندما سافرت وردة الى الجزائر وتزوجت. والغريب أن الذي ساعد على انتشار هذه الشائعة هو مدير مكتب المشير علي شفيق لأنه كان يمهد لإعلان زواجه من الفنانة مها صبري علما بأنها لم تلتقي بالمشير إلا مرة واحدة فقط عقب إحيائها حفل للقوات المسلحة فشكرها المشير بعد انتهاء الحفل كأي فنان يقوم بإحياء حفل للقوات المسلحة.. والطريف أنه في هذه الفترة تم استجوابي في إدارة المخابرات عندما قمت بنشر خبر بحسن نية يقول لماذا استبدلت وردة بمطربة أخرى في حفل القوات المسلحة التي كانت وردة مرشحة لإحيائه والذي نشر عنه العديد من الأخبار في الصحف دون أن أعرف ما يدور في الكواليس وان القيادة السياسية فى مصر غضبت من شائعة غرام وردة والمشير عامر وكان استبعاد وردة من الحفل لهذا السبب الذى كنت اجهله فى هذا الوقت .. وقد تفهم الضابط الذي قام باستجوابي حسن نيتي عند نشر هذا الخبر والا كنت شرفت فى السجن الحربى .. والطريف أنه بعد استجوابي لمدة ربع ساعة قام هذا الضابط بدعوتي على أكلة كباب في مكتبه !! سألت حمزة : الم تكن وردة فى هذا الوقت تحب بليغ حمدى وتقترب من الزواج منه ؟؟! قال : ** بالتحديد في عام 1964 كنت أجلس مع الشاعر الكبير كامل الشناوي وبليغ حمدي والصحفي عدلي فهيم وعازف الكمان أحمد الحفناوي في كافتيريا "نايت أند داي " بفندق سميراميس وكان بليغ حمدي في حالة قلق مما جعل الشاعر الكبير كامل الشناوي يقترح ذهابي أنا وعازف الكمان أحمد الحفناوي الى منزل وردة الكائن بمنطقة جاردن سيتي وذلك للاستفسار عن عدم حضور وردة وشقيقها مسعود دعوة كامل الشناوي وبليغ حمدي على العشاء بفندق سميراميس وقد اختارني كامل الشناوي أنا وأحمد الحفناوي لهذه المهمة لأنه يعرف الصداقة التي تربطني بمسعود شقيق وردة والصداقة التي تربط أحمد الحفناوي بوردة وأسرتها وقد قام أحمد الحفناوي بأخذ سيارة بليغ حمدي وذهبنا الى منزل وردة وكم كانت المفاجأة عندما وصلنا أمام منزل وردة، فقد شاهدنا مسعود شقيق وردة وهو يساعدها على النزول من البلكونة الى الأرض أما عن سبب عدم خروجها من الباب والنزول من البلكونة فقد كانت أسرة وردة في ذلك الوقت منقسمة الى فريقين، فريق يؤيد زواج وردة من بليغ وفريق آخر يعارض فكرة زواجهما وهذا الفريق مكون من الأخت الكبيرة نظيرة والأخ الكبير حميدو وهذا ما دعا وردة وشقيقها مسعود الى التسلل عبر البلكونة لتلبية دعوة بليغ حمدي وكامل الشناوي أشد المتحمسين لزواج وردة وبليغ. ولكن تنجح الجبهة المعارضة لزواجهما حيث تسافر وردة الى الجزائر وتتزوج هناك وتنجب رياض ووداد وتبتعد عن الفن لعدة سنوات ! وعدت اسأل حمزة : * لكن وردة عادت الى الفن والى مصر والى بليغ بعد وفاة عبد الناصر كيف حدث ذلك ؟؟! ** في يناير من 1972 وصلني خطاب من الجزائر على الرغم من أن الراسل كتب على المظروف أحمد حمزة بدلا من محمد حمزة ولكن لأن الخطاب أرسل على عنوان روز اليوسف مقر عملي فقد قام موظف الاستعلامات بالمؤسسة بتسليم الخطاب وأعتبر أحمد بدلا من محمد مجرد خطأ غير مقصود. وقد قمت بفتح الخطاب فعرفت أن الراسل هو مسعود شقيق المطربة وردة وقد كان الخطاب يحتوي على عدة كلمات قليلة يقول فيها مسعود شقيق وردة: الأخ أحمد حمزة أرجو إبلاغ بليغ حمدي بالحضور الى الجزائر على العنوان التالي أو الاتصال تليفونيا برقم الهاتف وذلك لأن وردة قررت العودة مرة أخرى لنشاطها الفني وقد كانت وردة قد ابتعدت عن الغناء عدة سنوات عقب زواجها فقمت على الفور بتسليم الخطاب الى بليغ الذي بدأ يستعد للسفر الى الجزائر. كانت وردة قد انفصلت عن زوجها لكي تعود مرة أخرى الى الغناء وتأتي الى القاهرة مع بداية عام 1972 و تبدأ مشوارها الغنائي من جديد من خلال حفل تحييه الإذاعة وتقدم فيه أغنيتين من ألحان بليغ حمدي الأولى بعنوان "قد العيون السود باحبك" والثانية بعنوان "والله يا مصر زمان" وبعد الحفل بأيام تتزوج بليغ حمدي وعقب الزواج قامت وردة بإحياء حفل بسينما قصر النيل قدمت فيه أغنيتها الجديدة "خليك هنا بلاش تفارق" وقبل أن تصعد وردة على المسرح لكي تقدم أغنيتها الجديدة يفاجأ الجمهور بالفنان عبدالحليم حافظ يقف على المسرح فصاح الجمهور مطالبا عبدالحليم بالغناء ورد عبدالحليم حافظ ضاحكا أنا الليلة دي مستمع فقط وقد جئت لأستمع الى أغنية جميلة لوردة استمعت الى بروفاتها الموسيقية وأعجبتني جدا وأرجو أن تعجبكم أيضا وصفق الجمهور لعبدالحليم حافظ ووردة عندما ذهبت الى المسرح بعد أن قدمها عبدالحليم حافظ ونجحت الأغنية نجاحا كبيرا. * وماذا عن الشائعات التى تعرضت لها وردة وكانت تشكو اليك منها ؟؟؟ ** دعنى اروى اولا كيف خاضت وردة مشوارها الفنى حتى وصلت الى قمته حيث حاربوها بالشائعات .. استطاعت وردة أن تفرض حضورها في وجدان المستمع العربي من المحيط الى الخليج بأغنيات عاشت ومازال الناس يرددونها في كل مكان.. لكن البداية كانت صعبة .. هناك فى باريس حيث ولدت في حي "مونمارتر" من أب جزائري وأم لبنانية.. كان والدها محمد فتوكي يمتلك فندقا ومطعما في الحي اللاتيني سجلت أول اسطوانة لاختيار الصوت وكانت أغنية يا ظالمني لأم كلثوم. وبعدها بخمس سنوات تنقلت الأسرة بين باريس وبيروت والجزائر.. حيث استقرت. و عاشت الاسرة في قلب العاصمة الجزائرية الاب و الأم وأربعة أبناء حسب الترتيب "حميدو" الابن الأكبر و"نظيرة" الأخت الأكبر ثم "مسعود" الابن الثالث ثم "وردة" آخر العنقود. وكانت الهواية التي تجمع هذه الأسرة هي حب فن الموسيقى والغناء فمعظم أفراد الأسرة.. منهم من يمتلك صوتا جميلا ومنهم من يجيد العزف على آلة موسيقية وكان الميلاد الفني الحقيقي لوردة عقب ثورة الجزائر حيث اتجهت أنظار الشعراء والملحنين الى موهبة وردة.. فبدأت تقدم أغنيات خاصة بها وكانت هذه الأغنيات في هذه الفترة تعبر عن ثورة الجزائر، فقدمت وردة أغنية "أنا من الجزائر"، "أنا عربية" ثم قدمت بعدها أغنية عن المناضلة الجزائرية جميلة ونجحت الأغنيتان نجاحا كبيرا وتم اعتمادها مطربة وهي مازالت في هذه السن الصغيرة. وبدأت توجه إليها الدعوات للغناء في أكثر من بلد عربي وأصبحت جميلة وأغنية أنا من الجزائر تذاعان في جميع الإذاعات العربية. ثم جاءت الى مصر وكانت البداية من خلال حفل أضواء المدينة حيث تعرف الجميع على مطربة جديدة اسمها وردة. وعقب غنائها في حفل أضواء المدينة دق جرس التليفون في منزلها وكان المتحدث هو الموسيقار الكبير رياض السنباطي الذي قرر أن يتبنى موهبتها الغنائية فقدم لها أول لحن لأغنية عاطفية بعنوان "حاقولك حاجة اسمعها وفكر فيها وانساها" وعقب نجاح هذه الأغنية قدم لها الأغنية الثانية بعنوان "لعبة الأيام" والتي قام التليفزيون المصري بتصويرها سينمائيا و قام بإخراجها محمد سالم كبير المخرجين في ذلك الوقت وكانت هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها التليفزيون بتصوير إحدى أغانيه سينمائيا خارج ستوديوهات التليفزيون. وتعرضت وردة طوال مشوارها الفني لأكثر من شائعة ففي أثناء زواجها من بليغ حمدي حاول البعض الوقيعة بينها وبين عبدالحليم حافظ من خلال شائعة تقول: ان وردة وراء تأخر بليغ في تلحين أغنية لعبدالحليم حافظ لكي تكون جميع ألحان بليغ حمدي من نصيبها هي فقط واستمرت هذه الأقاويل الى أن بلغت ذروتها عندما أبلغ البعض عبدالحليم حافظ بأن وردة وراء المجموعة التي حاولت إفساد حفلة نادي الترسانة والتي غنى فيها قصيدة قارئة الفنجان ورغم أن وردة بريئة من هذه الاتهامات تماما إلا أن علاقة عبدالحليم حافظ ببليغ حمدي أصيبت بشرخ ولم تعد كما كانت من قبل ولم تقتصر الشائعات على محاربة وردة لعبدالحليم حافظ فقط بل انتقلت أيضا لمجموعة من المطربات حيث قيل أن وردة تمنع بليغ حمدي من التلحين لعفاف راضي وقيل أيضا أنها تحارب المطربة الكبيرة فايزة أحمد رغم أنها كانت تتزاور معها. و يقول حمزة : رغم انفصال وردة عن بليغ حمدي إلا أنها انفصلت عنه فنيا لفترة قصيرة فقط بسبب وجود العديد من الألحان لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب مثل "في يوم وليلة" و"أنده عليك بالحب تجيني" و"بعمري كله حبيتك" ثم عادت للتعامل مع ألحان بليغ حمدي مرة أخرى والغريب ان اخر مالحنه بليغ لها كان لحن "باودعك".. ثم رحل !!!