لا أحد يعرف علي وجه الدقة تلك العلاقة الغريبة والغامضة بين الديمقراطية والحمير! ففي الولاياتالمتحدة، احدي الديمقراطيات الكبري في عالمنا، اختار الحزب الديمقراطي، وهو حزب الرئيس الحالي باراك اوباما، الحمار رمزا له وشعارا لجذب اصوات الناخبين. اختيار الحمار رمزا للديمقراطيين الامريكيين يرجع لقصة طريفة حدثت خلال حملة انتخابات الرئاسة الامريكية عام 1828. في ذلك الحين كان اندرو جاكسون هو مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة واطلق عليه خصومه ومعارضوه ومنافسوه لقب "الحمار" بعد ان اتهموه بالحماقة والغباء. الغريب ان جاكسون لم يعترض علي هذا الوصف بل اعلن التحدي واخذ يتحدث في حملته الانتخابية عن صبر الحمار وقدرته الهائلة علي التحمل واستعداده الدائم لخدمة الاخرين دون شكوي او تذمر. واصدر جاكسون اوامره بطبع صورة الحمار علي كل لافتاته ومنشوراته الانتخابية. واكتسب الحمار شعبية هائلة حتي أصبح شعارا رسميا للحزب مما دفع الحزب الجمهوري المنافس لاختيار حيوان آخر وهو الفيل كرمز له. اما في العراق، فقد اعلن فصيل من الاكراد في الشمال تأسيس حزب الحمير الكردستاني، وقالوا ان الحزب ظهر لاول مرة في سبعينيات القرن الماضي ولكن النظام السابق حظر نشاطه. وبعد سقوط صدام حسين عاد الحزب مرة اخري. الطريف ان شرط عضوية حزب الحمير الكردستاني ان يتلقي طالب العضوية "رفسة" من حمار. بعض العراقيين وصفوا هذا الحزب بانه اكبر دليل علي الفوضي الحالية والتي سمحت للمعتوهين فكريا بالترويج لمفاهيم حمقاء تحت ذريعة الحرية والديمقراطية. أما غريبة الغرائب فهي ذلك الخبر الذي طيرته وكالة أنباء صوفيا البلغارية قبل أيام ونقلته عنها مختلف صحف العالم حول موافقة لجنة الانتخابات الرسمية في بلغاريا علي قبول ترشيح "حمار" لمنصب عمدة مدينة فيرونا في الانتخابات التي ستجري يوم 23 اكتوبر الحالي! تفاصيل الخبر تشير الي تصاعد استياء سكان المدينة من العمدة الحالي كيريل يوردانوف بسبب خضوعه الكامل للحكومة وفساد ادارته وهو ما دفع حزب "مجتمع بلغاريا الجديد" المعارض لترشيح حمار ضد العمدة الفاسد. وقال الحزب انه لا فرق بين مرشحهم الحمار والعمدة يوردانوف واذا كان الحمار ركوبة أو مطية للشعب فإن العمدة ركوبة ومطية لرئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف. وأشار بيان ترشح الحمار، الذي يدعي ماركو، الي انه من مواليد 10 نوفمبر 1989 وهو نفس اليوم الذي سقط فيه نظام الدكتاتور الشيوعي السابق تيودور جيفكوف. وفي أول مؤتمر انتخابي للحمار ماركو حضر عدد كبير من الصحفيين ونقل المؤتمر علي الهواء حيث تباري المتحدثون في الاشارة الي مميزاته وخصاله الحميدة. وقال انجيل ديانكوف مدير حملته الانتخابية إن المرشح الحمار يتمتع بشخصية قوية ولا يسرق ولا يكذب ويعمل بجد دون كلل ولا ملل! اما العمدة الحالي يوردانوف الذي يمثل حزب يمين الوسط الحاكم في بلغاريا فقد وصف منافسته للحمار ماركو في الانتخابات بأنها "امر مهين". ورد عليه انصار خصمه بقولهم "حقا انه لأمر مهين، ولكن للحمار المحترم ماركو، ان ينافس مرشحا مثل العمدة يوردانوف". ومازال السؤال مطروحا علي الجميع، سواء مرشحين أو ناخبين، هل تدركون الان مغزي العلاقة الوطيدة بين الديمقراطية والحمير؟