الحقيقة أن الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل دأب خلال أحاديثه وحواراته مع الفضائيات علي الاعلان ان استراتيجية الزعيم الراحل محمد أنور السادات هي ان حرب اكتوبر هي آخر الحروب مع اسرائيل وبالتالي فإن الرئيس السابق مبارك سار علي نهجه واستراتيجية مما ادي إلي تخاذل الدور المصري علي المستوي العربي والاقليمي والعالمي. وقبل ان أتطرق للموضوع الرئيسي لابد ان أعترف انني من الجيل الذي تفتحت أعينه علي مقالات »بصراحة« للاستاذ هيكل بأهرام الجمعة خلال حقبة الستينات والسبعينات ولم لا وهو كاتب ومحلل سياسي من الطراز الفريد في العالم لذا فانني وجيلي نكن عظيم الاحترام والتقدير له ولكننا علي اختلاف في تجنيه كلما تطرق الحديث الي الرئيس السادات ولعل آخرها موضوع فنجان القهوة الشهير الذي قدمه السادات لعبد الناصر بفندق الهيلتون عام 0791 أثناء مؤتمر القمة العربي والمعروف بمؤتمر أيلول الاسود علي الفلسطينيين بالاردن ومات بعد الناصر عد وداعه لأمير الكويت فأثار لغطاً كثيراً لا مبرر له حول وفاة الرئيس عبد الناصر كما يحدث الأن من لغط حول حديثه عن ثروة مبارك في حديثه للأهرام. أما ما دأب عليه الاستاذ هيكل من النقد اللاذع وغير الموضوعي للراحل السادات في الفترة الاخيرة وهي أن السادات أرسي استراتيجيته (أن حرب اكتوبر هي آخر الحروب مع اسرائيل) وذلك بعد مبادرته التاريخية وزيارته للقدس العربية وتوقيعه لاتفاقية كامب ديفيد للسلام مع اسرائيل فالحقيقة أنني هنا لست مدافعاً عن سياسة السادات رغم اقتناعي العميق بها ولكن ما أكتبه هو لتوضيح الحقائق التاريخية والتي أول من يعلمها الأستاذ هيكل والرئيس السابق مبارك. أن استراتيجية السادات كانت إستعادة الأرض المحتلة التي تسبب جيله بأخطائه إلي حدوث نكسة 7691 فأتاحت اغتصاب اسرائيل لها حرباً وسلاماً. انها سيناء المصرية أرض الفيروز الأرض المقدسة شاهدت حركة التاريخ الفرعوني والمسيحي والاسلامي افتداها المصريون بدمائهم فلابد من استعادتها. ذلك كان حلم السادات الأكبر وحلم كل وطني مصري ولعل السادات كسياسي عبقري قد أدرك انه بعد مؤتمر القمة العربي بالرباط عام 5791 الذي انتقلت فيه مسئولية تحرير الأراضي الفلسطينية »لمنظمة التحرير الفلسطينية« وإخراج مصر والأردن من اللعبة - وتلك قصة طويلة لسنا في مجال سردها وأن مسئوليته كحاكم لمصر هو إعادة سيناء المصرية العربية لأحضان الأم فبني استراتيجيته العاجلة - التي قد نتفق معها أو نختلف - علي استعادة الارض بالسلام ومن خلال المفاوضات المباشرة بعد نصر اكتوبر العظيم فكانت مبادرته التاريخيه بالسفر للقدس عام 7791 وتوقيعه لاتفاقية السلام مع اسرائيل في لعام 9791 المفاجأة جاءت في مارس عام 1891 في استراحة القناطر الخيرية ،لقاء الرئيس والشباب في حضور السيدة جيهان السادات وفيه سؤال من أحد الشباب للرئيس قال فيه »فخامتكم دأبتم علي الإعلان ان حرب أكتوبر هي آخر الحروب مع اسرائيل وإسرائيل دولة لا تحفظ العهود والمعاهدات وتتملص من اتفاقاتها.... إلخ رد السادات »حقيقة أنني أردد هذه العبارة فعلا ولكن يجب ان تعلموا ويعلم الجميع بما فيهم أبنائي في القوات المسلحة أن الصراع العربي الإسرائيلي صراع تاريخي يمتد إلي ستة آلاف سنة قبل الميلاد فهل يمكن ان ينتهي هذا الصراع بين يوم وليلة ومن خلال اتفاقية كامب ديفيد«. وأكمل »تلك استراتيجية السادات في استعادة الارض طالما أنا في الحكم ولكن لا يوجد أي قيد علي أي حاكم مصري من بعدي والجميع يعلم ذلك ممن يعملون معي فمن يأتي بعدي له كل الخيارات في التعامل مع إسرائيل حرباً أو سلماً وفقا للمتغيرات الاقليمية والدولية في المنطقة. اما الذي يزعجني ان الأستاذ هيكل يعلم استراتيجية السادات أكثر من أي فرد ممن عملوا معه أو عرفوه ولكنه لا يريد ان يصدق هذا ويصر علي استخدامه هذه العبارة ككلمة حق يراد بها باطل ولعل كتابه الشهير »خريف الغضب« يحوي الكثير من التجني علي الرئيس السادات. ولذا فقد وجدت من واجبي كشاهد إثبات أن أبرئ الرئيس السادات من بعض مما نسب إليه . رحم الله السادات وجزاه عنا خير الجزاء.